«خلية عين الرمانة» تتنقل بين بيروت وشبعا
يوسف المصري
نهايات الأسبوع الماضي، انشغلت الأجهزة الأمنية اللبنانية بمتابعة حركة تنقل لمجموعة تكفيرية من عين الرمانة في بيروت إلى بلدة أساسية في البقاع ومنها جنوباً إلى بلدة شبعا. وبعد مطاردة طويلة أمكن القبض على المجموعة الإرهابية المؤلفة من 4 أشخاص سوريين ينتمون إلى «داعش».
اللافت في هذه المجموعة أنها تعطي نموذجاً جديداً عن طبيعة انتشار الخلايا الإرهابية التابعة لـ«داعش» في لبنان، وأيضاً نموذجاً غير مسبوق عن شبكة التواصل اللوجستية الموضوعة في خدمتهم والتي تغطي كامل المناطق اللبنانية.
وفي التفاصيل أن خلية إرهابية متشكلة من 4 سوريين يقيمون في لبنان على أساس أنهم عمال سوريون نازحون، أمكن أخيراً اكتشاف علاقتهم بـ«داعش».
ولقد بينت المعلومات انه مضى على اختباء هذه الخلية في حي عين الرمانة عدة أشهر، وذلك عن طريق استئجار أعضائها غرفة متواضعة وقيامهم بمزاولة أعمال من النوع الذي يزاوله العمال السوريون النازحون بالعادة.
ومن خلال رصد حركتها، لوحظ أن الخلية تتحرك في ثلاث مناطق: الأولى بلدة أساسية في البقاع والثانية منطقة عين الرمانة حيث اتخذت مقراً لها ومنها تتحرك باتجاه الضاحية الجنوبية والمنطقة الثالثة في شبعا ومنطقتها.
ولوحظ أيضاً أن الخلية تعمل مع مجموعة أشخاص ينتمون لـ«داعش»، وذلك بأسلوب التواصل الخيطي، بحيث أن عناصر المجموعة الأربعة لا يعرفون هوية السائقين الذين يقومون بنقلهم عبر سيارات أجرة بين المناطق الثلاث، ولا يعرفون أيضاً هوية الشخص الذي ينسق علاقتهم بالسائقين.
وتفيد المعلومات أن المتابعة الأمنية لا تزال جارية للإيقاع بكامل عناصر هذه المجموعة الإرهابية وذلك بعد التمكن من إلقاء القبض على إحدى خلاياها التنفيذية التي كانت تقيم في عين الرمانة.
خلايا بمزايا جديدة
ويسلط اكتشاف «خلية عين الرمانة» الضوء على حراك جديد للمجموعات الإرهابية الداعشية في عمق البلد، وذلك لجهة انه أخذ ينتقي أحياء مسيحية قريبة من الضاحية الجنوبية، وذلك لتجنب الاشتباه بها. ولكن الأمر الذي لا يزال قيد التحقيق هو عن السبب الذي جعل الخلية تنشط في ثلاث مناطق في وقت واحد إذ إن سيرة القبض عليها تلحظ أنها تقيم في عين الرمانة وتتعامل في تنقلاتها مع سائق في البقاع، فيما أنه لحظة القبض عليها كانت متواجدة في بلدة شبعا.
وبكل الأحوال فان خلية «عين الرمانة» تميط اللثام عن ثلاثة أمور هامة:
أولها- أن خلايا «داعش» باتت تعيش بين ظهراني أحياء المدن اللبنانية المختلفة، وذلك وسط العمال السوريين النازحين الذين يربو عددهم إلى 700 ألف عامل بحسب تقديرات شبه رسمية.
ثانيها- هذه الخلايا تعتمد على مجموعات لوجستية تؤمن لها الانتقال بأسلوب الخلايا الخيطية، بمعنى أن اكتشاف أي من أعضائها لا يؤدي إلى اكتشاف بقية المجموعة.
ثالثها – أن «داعش» أنشأ له في لبنان بنية عمل واسعة وذات قيادة تملك منظومة سيطرة تتحكم بحركتها وتقوم بتوجيه مفاصلها ضمن خطة عمل مدروسة ومعدة مسبقاً حول مهمات محددة.
والسؤال الذي يطرحه مراقبون جراء اكتشاف خلايا جديدة على طراز «خلية عين الرمانة»، هو هل بات «داعش» يملك جهازاً إرهابياً عملياتياً على مستوى مناطق واسعة في لبنان. وأيضاً هل القيادة العملياتية التي تحرك هذه الخلايا في لبنان موجودة داخل البلد أم خارجه، وبالحالتين فان ما تقدم يطرح تحدياً أمنياً جديداً على مستوى مكافحة الإرهاب في لبنان، أقله انطلاقاً من أن البلد يواجه نوعاً جديداً من العمل الإرهابي تشرف عليه قيادة تملك قدرات التحكم والسيطرة وتستطيع تحريك عناصر أكثر من مجموعة في مهمة واحدة، وذلك من دون اضطرارها لجعل عناصرها يتعرفون على بعضهم بعضاً، ما يضمن عدم انكشاف بنيان كامل جهازها في لبنان في حال تم إلقاء القبض على خلايا منه.