أرسلان يزور بري اليوم… والسباق بين «الحكومة» و«المحكمة» و«العدلي» و«التعادل» حردان: الفشل في معالجة الأزمات يؤكد الحاجة لبناء الدولة… والبداية من قانون الانتخابات

كتب المحرّر السياسيّ

شكل وصول بوريس جونسون لرئاسة الحكومة البريطانية حدثاً متوقعاً بمقدار ما شكل مصدراً لتساؤلات عن مفاجآت، فجونسون التركي الأصل متحمّس لـ»إسرائيل» ومعجب بدونالد ترامب، وجاهز للحماقات التي تمتلئ بها سيرته السياسية والمهنية منذ كان مراسلاً لصحيفة التلغراف وطرد بسس رواياته الكاذبة ثم في التايمز وطرد بسبب تزويره للاقتباسات التاريخية، ورئاسة بلدية لندن ووعده الكاذب بالجسر الحديقة الذي لم يُنفَّذ، وحافلاته الفاسدة التي تمّ بيعها بـ 10 من سعر الشراء، وليس غريباً أن يكون من حماقات جونسون المسارعة في الانسحاب من الإتفاق النووي مع إيران رغم وضعه القلق الحكومي الذي يشكل حاجزاً دون قدرته على التفرد بالقرارات، وحزبه يخشى خسارة الحكومة والدعوة للانتخابات التي لا يضمن الفوز بها، والتصويت النيابي لا يشجّع على خطوات متهورة فيما واشنطن نفسها تسعى للحصول على فرص تفاوض مع إيران، ومخاطر المواجهات العسكرية التي تتهرب منها واشنطن لا تبدو لندن جاهزة للتورط فيها بسبب حماقة جديدة لجونسون، الذي يشكل بنظر الكثيرين نسخة بريطانية لشخصية ترامب المتعالي والمغرور والأحمق، وغير المثقف والمدّعي.

في الخليج يزداد التوتر ويكثر الكلام عن ترتيبات دولية لضمان الملاحة أو عن أساطيل دعم أو قوات مشتركة، والسؤال يبقى هو نفسه، هل يمكن لأي قوة لا تعمل بالتنسيق مع إيران أن تقدّم ضماناً للملاحة دون خطر التصادم مع إيران، ومَن مِن بين الداعين للقوة الدولية مستعدّ لهذه المخاطرة؟

بالتوازي تبدو إيران أشدّ تمسكاً بمواقفها، فقد بلورت معادلتها للملاحة في الخليج بوضوح عبر تثبيت حقها السيادي في التدقيق بالعبور في مضيق هرمز، وبالتوازي فتحت ملفاً جديداً تمثل بالأحكام بحق المتهمين بالتجسس لصالح أميركا والذين صدرت بحق بعضهم أحكام بالإعدام قالت طهران إنها ستنفذ قريباً، فيما انشغلت واشنطن بتحريك خطوط الاتصال السويسرية والعمانية للتوسط لتأجيل تنفيذ الأحكام وفتح قنوات التفاوض، مع مواصلة النفي الأميركي العلني لتهم التجسس.

لبنانياً، تسجل المساعي لحل قضية حادثة قبرشمون تطوراً لافتاً اليوم عبر الزيارة التي سيقوم بها رئيس الحزب الديمقراطي النائب طلال أرسلان إلى عين التينة ليلتقي رئيس مجلس النواب نبيه بري. وهو اللقاء الأول بينهما منذ الانتخابات النيابية، ولذلك قالت مصادر مطلعة، إن الرئيس بري الذي يشكّل بيضة القبان في المساعي الهادفة للحلحلة بحكم المكانة التي يمثلها في العلاقة مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، الذي يعيش أسوأ أيام علاقته بحزب الله الداعم بقوة لموقف أرسلان والحليف الموثوق لبري، وفيما ينظر جنبلاط لعلاقته بالرئيس بري كعباءة سياسية يطمئن إليها بغياب علاقة مستقرة مع حليفه التقليدي رئيس الحكومة سعد الحريري الذي تصالح معه جنبلاط مؤخراً على مائدة بري، وفي ظل علاقة مأزومة مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الداعم لموقف أرسلان، وتوتر كبير يحكّ علاقة جنبلاط برئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي تحمّله الأوساط الجنبلاطية مسؤولية حادثة قبرشمون، ما يجعل موقف بري فاصلاً في رسم خريطة الحلول، بحيث يترتب على ما سينتج عن لقائه مع أرسلان، نقطة البداية لمرحلة جديدة تعقب التصعيد الذي رافق المرحلة السابقة، حيث السباق بين عقد الحكومة والإحالة إلى المحكمة العسكرية، لم يحقق النتائج المأمولة، وبقي السباق نحو التوازن بين الإحالة إلى المجلس العدلي التي يتمسك بها أرسلان وصياغة التعادل السياسي الذي يحرص عليه بري، وفقاً للمصادر.

رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان تحدّث عن مرحلة ما بعد الموازنة، فقال «البلد مثقل بالأزمات، وحتى الآن لا نرى حلولاً مجدية، حتى أن الموازنة التي أقرّت تحت عنوان خفض العجز ، أظهرت الدولة عاجزة عن صون حقوق الناس وتلبية مطالبها، وهذا أمر غير صحي، وعلى الجميع أن يتحملوا مسؤولياتهم، ونحن لا نرى إنقاذاً للبنان من أوضاعه المأزومة، إلا بسلوك طريق بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، وبداية هذا الطريق، قانون انتخابي يعتمد لبنان كله دائرة واحدة على أساس النسبية الكاملة ومن خارج القيد الطائفي».

وشدّد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان على أن «البلد مثقل بالأزمات، وحتى الآن لا نرى حلولاً مجدية، حتى أن الموازنة التي أقرّت تحت عنوان خفض العجز، أظهرت الدولة عاجزة عن صون حقوق الناس وتلبية مطالبها. وهذا أمر غير صحي، وعلى الجميع أن يتحمّلوا مسؤولياتهم، ونحن لا نرى إنقاذاً للبنان من أوضاعه المأزومة، إلا بسلوك طريق بناء دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية، وبداية هذا الطريق، قانون انتخابي يعتمد كل لبنان دائرة واحدة على اساس النسبية الكاملة ومن خارج القيد الطائفي».

ورأى خلال استقباله في دارته في راشيا الفخار وفداً من مشايخ البياضة ووفوداً شعبية من مختلف قرى وبلدات منطقتي حاصبيا ومرجعيون أن «معاناة الناس وأوضاعها وما يتعرّض له لبنان من ضغوط اقتصادية وسياسية، كلها، لن تثني اللبنانيين عن القيام بكل ما يصبّ في خانة تحصين وحدة لبنان وحماية سلمه الأهلي، خصوصاً أن الخطر الأكبر والمصيري على لبنان يتمثل بالعدو الإسرائيلي الذي لا يزال يحتل أرضاً لبنانية ويستمر في عدوانيته وانتهاكه لسيادة لبنان».

إلى ذلك، كل الاتصالات على خطَّيْ المختارة خلدة لحل قضية قبرشمون لم تحدث اي خرق. فكل اللقاءات والمساعي المتواصلة من قبل رئيس الحكومة شخصياً واللواء عباس ابراهيم المكلف من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا تزال تدور في حلقة مفرغة، ولم تنجح في فصل ملف حادثة الجبل عن عمل مجلس الوزراء، الذي يبدو أنه سيبقى خارج الانعقاد هذا الاسبوع والى أجل غير مسمى طالما ان المواقف لا تزال على حالها وأن أي بوادر إيجابية لم تطفُ على سطح المساعي.

وبينما عُقد لقاء صباحي في بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم استكمالاً لمخارج الحلّ لحادثة قبرشمون، كان لافتاً ما اشارت اليه قناة «المنار» من أنه في حال لم يأت قرار من الحكومة بإحالة ملف الجبل إلى المجلس العدلي، يصدر قاضي التحقيق العسكري قراره الظني ويحيل الملف إلى رئيس المحكمة العسكرية.

وفي السياق نفسه، أكدت مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي لـ «البناء» أن لا بوادر حلحلة حتى الساعة، فالنائب طلال أرسلان يرفض كلّ المساعي الجارية لحل الازمة عبر الركون الى المحكمة العسكرية، مستغربة كيف الرفض وفي الوقت عينه مستغربة إصرار الديمقراطي على عدم تسليم المطلوبين لديه، قائلة الرفض يعني التشكيك بهذه الجهة القضائية. وهذا لا يجوز ان يحصل، معتبرة في الوقت عينه ان اي مسعى جدي من تكتل لبنان القوي من شأنه ان يخلق ليونة عند المير طلال وهذا للاسف لم يترجم على أرض الواقع. ولفتت المصادر الى ان الرئيس سعد الحريري يبذل جهوداً جبارة لحل المشكلة وعودة مجلس الوزراء ويطرح الكثير من المخارج غير أن الفريق الآخر لا يزال مصراً على موقفه.

وأشار وزير الصناعة وائل ابو فاعور إلى «أننا سمعنا عن تحويل القضية الى المحكمة العسكرية في الإعلام. واذا كان الأمر اجراءً قضائياً قانونياً لا مانع لدينا فيه. القضاء يقرّر. واذا كان لدى البعض وهم محاولة الالتفاف على المجلس العدلي أو التعامل مع المحكمة العسكرية لتسهيل الوصول إلى المجلس العدلي، فهو واهم، لأن القرار يعود اولاً واخيراً الى مجلس الوزراء ولن يكون قرار حول المجلس العدلي في مجلس الوزراء».

في المقابل، ترى مصادر الحزب الديمقراطي اللبناني لـ»البناء» أن حادثة قبرشمون تملك من الأدلة التي باتت في يد القوى الأمنية ما يكفي لكي يجمع الفرقاء على ضرورة إحالتها من قبل مجلس الوزراء الى المجلس العدلي، معتبرة أنه لا يجوز التمييز بين الجرائم التي تحصل وأن ما يطالب به النائب طلال ارسلان يأتي في سياق حفظ أمن الجبل. فهناك دماء سقطت وكانت هناك محاولة لاستهداف وزير، لافتة الى أن الحزب الديمقراطي يطالب بانعقاد مجلس الوزراء والتصويت على إحالة حادثة البساتين الى المجلس العدلي، وأنه سيقبل بالنتيجة أياً كانت.

وكان النائب أرسلان أكثر من واضح أمس، عندما سأل في تغريدة له على «تويتر» لماذا التحايل اليوم؟! إلا إذا أردتم أن تدفعوا بالدروز إلى لعبة الثأر وإغراق الجبل في فتنة دموية لا يَعرف أحد نتائجها، مشيراً إلى أن جريمة قبرشمون التي استَهدفت وزيراً وموكبه ينطبق عليها كلياً توصيف المسّ بالأمن الوطني لو لم نضبط أنفسنا لمنع الحريق في الجبل ولبنان، وهي أكبر حجماً وتأثيراً من الجريمة الفردية التي حصلت مع الزياديْن في المصيطبة والجريمة الفردية التي حصلت في بتدعي، وكلتا الجريمتين أُحيلتا فوراً الى المجلس العدلي بقرار من مجلس الوزراء ولم يشترط المجلس يومها تقييماً من القضاء العسكري أو المدني.

وفي السياق، لفتت مصادر متابعة لاتصالات قبرشمون لـ»البناء» إلى أن الرئيس سعد الحريري تراجع عن دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد الخميس لتجنيب الحكومة أي هزة جديدة، خاصة أن إشارات وصلته أن رئيس الجمهورية قد يطرح ملف التصويت على المجلس العدلي من خارج جدول الأعمال. ولفتت المصادر الى ان الرئيس الحريري يراهن على نتائج التحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات خاصة أنه لا يزال على موقفه المؤيد للنائب السابق وليد جنبلاط بعدم إحالة حادثة الجبل الى المجلس العدلي. مع الاشارة الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تسلم ورئيس الحكومة ووزيرة الداخلية ريا الحسن نتائج تحقيقات ملف حادثة قبرشمون التي ختمتها الخميس الفائت شعبة المعلومات.

وكان القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش أعلن في حديث إذاعي عدم استبعاده «أن يعتكف الرئيس الحريري أو أن يستقيل». ولفت في تصريح الى ان «لا أحد يُنهي مهام الحريري، فإما أن ينهيها بنفسه أو نعود لنرى سيناريو سنة 2011 يتكرّر باستقالة 11 وزيراً».

وأكدت كتلة المستقبل أهمية ايجاد مخارج قضائية لحادث قبرشمون، والتجاوب مع المبادرات التي التقى عليها الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، ويعمل على ترجمتها اللواء عباس ابراهيم من خلال المساعي المستمرة مع طرفي النزاع.

واعتبرت أن محاولة التصويب على الحريري في هذا المجال والتغريد على وتر زجه في النزاع القائم، أمر مؤسف وغير مقبول من شأنه أن يحرف الأنظار عن الجهود الحقيقية التي تعمل على خط الحل. وأكّدت أنّه قد مضى أكثر من عشرين يوماً على الحادث، والبلاد ما زالت رهينة تداعياته السياسية والمواقف التي تدور في حلقات مفرغة حول جنس الحلول القضائية، وما يترتب عليها من تعليق لعمل مجلس الوزراء والانصراف لمواجهة الاستحقاقات المتعددة، مؤكدة أن المهلة التي أعطيت لابتكار الحلول والمخارج لا تحتمل مزيداً من التمديد والمراوحة في الدوائر ذاتها، وأن المسؤولية الوطنية والدستورية تقتضي مبادرة رئاسة مجلس الوزراء لحسم الأمر واتخاذ كل ما من شأنه تحريك عجلة العمل الحكومي.

وفي الشأن الاقتصادي والمالي اعتبر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن موازنة 2019 التي أقرّها مجلس النواب هي بداية جيدة، مطمئناً إلى أن «الوضع الاقتصادي يتجه نحو الأفضل وأن وضع الليرة مستقر وقال إن الأنظار تتجه نحو موازنة 2020».

على خط ترسيم الحدود البرية والبحرية، فإن اللافت في تقرير الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش الذي قدّمه لمجلس الأمن الدولي خلال جلسة مشاورات عن مدى تنفيذ لبنان القرار 1701، إشارته إلى مسألة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والأراضي المحتلة، حيث اعتبر أن أي تقدّم لم يتم إحرازه على هذا الصعيد. ورحّب التقرير بالمساعي التي تبذلها الديبلوماسية الأميركية للحصول على التزامات من الطرفين للدخول في مفاوضات في سبيل التوصل إلى حلّ نهائي. وأكد غوتيريش أن الأمم المتحدة مستعدّة لدعم الطرفين بناء على طلبهما، تيسيراً لهذه الجهود.

من ناحية أخرى، دخل الإضراب في مخيم عين الحلوة أسبوعه الثاني احتجاجًا على قرار وزير العمل كميل أبو سليمان بحق العمال الفلسطينيين، في ظل إقفال المحلات التجارية أبوابها وإغلاق المداخل الرئيسية للمخيم بالعوائق والإطارات المطاطية المشتعلة .

في المقابل، ذكّر أبو سليمان بعد لقائه وفد اتحاد عمال فلسطين بأنه تمّ تسجيل مخالفتين فقط لهما علاقة بالعمال الفلسطنيين من اصل 750 مخالفة مشدداً على أن الحصول على إجازة عمل له إيجابيات عدة للفلسطينيين لأنهم يستفيدون من نهاية الخدمة في الضمان الاجتماعي والقانون اللبناني.

وشدّد ابو سليمان على أن الإعفاء التام من الاستحصال على إجازة العمل يتطلب تعديل القانون فالقانون ساري المفعول ولا يمكن تعليقه.

وأعلن رئيس التيار الوطني جبران باسيل بعد اجتماع تكتل «لبنان القوي» أنه مع «تطبيق قانون العمل ومع التشدد في النصوص لحماية فرص عمل اللبنانيين، وكل ما يساهم في تطبيع الوجود الفلسطيني والسوري في لبنان هو شكل من اشكال التوطين». وقال باسيل «نحن مع القوات اللبنانية في ملف تطبيق قانون العمل ونأمل أن يستمروا بهذا الأمر.»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى