مشاركة المرأة الصينية في قوات حفظ السلام
د. تمارا برّو
تشكل النساء تقريباً نصف سكان العالم، وبالتالي نصف إمكانياته. ومع تنامي الحركات النسائية والحقوقية عبر العالم من أجل تفعيل دور المرأة ومشاركتها في مختلف المجالات، خاصة بعد أن أثبتت نجاحها في كافة الميادين التي عملت فيها، وبعد أن رأى المجتمع الدولي أهمية دور المرأة في تعزيز سبل السلام والأمن، أصدر مجلس الأمن الدولي في العام 2000 القرار رقم 1325 الذي أكد فيه على أهمية مشاركة المرأة في جميع الجهود الرامية إلى حفظ السلام والأمن وتعزيزهما. ودعا القرار إلى زيادة مشاركة المرأة في جميع مستويات القرار، وفي عمليات حلّ الصراعات والمشاركة بقوات حفظ السلام.
ترجع جذور هذا القرار إلى منهاج عمل بيجين بشأن المرأة الذي تمّ اعتماده في المؤتمر العالمي الرابع للمرأة الذي عُقد عام 1995 في بكين. وأكد البرنامج على أهمية دور المرأة في مختلف ميادين الحياة ومساهمتها الكبيرة في تحقيق التنمية والسلم.
تقوم قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة حالياً بحماية ما يقرب من 125 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. ويبلغ عدد أفراد هذه القوات 87,324 حتى تاريخ 30/06/2019 من بينهم 2,534 امرأة. وتسعى المنظمة الدولية إلى زيادة عدد جنودها من النساء إلى نحو 5 آلاف بحلول العام 2020 وأكثر من 11 ألف في العام 2028. ففي العام 2018 دعا مجلس الأمن الدولي في قراره 2447 الأمين العام للأمم المتحدة إلى وضع استراتيجية لمضاعفة عدد النساء في وحدات الشرطة التابعة لعمليات حفظ السلام بحلول 2020. وقبل ذلك دعا في قراره رقم 2242 الصادر عام 2015 الدول الأعضاء إلى مضاعفة أعداد النساء في العناصر العسكرية والشرطة في عمليات الأمم المتحدة بحلول عام 2020.
أما الصين التي تعتبر أكبر مساهم في قوات حفظ السلام من بين الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي حيث يبلغ عدد أفرادها حتى أيار/ مايو 2019 حوالي 2,534 من الجنود والشرطة والمراقبين العسكريين، وتعدّ ثاني أكبر مموّل لميزانيات حفظ السلام في العالم بـ 10,25 ، فقد أرسلت أول فرقة من الضابطات العسكريات إلى الخارج للمشاركة في عمليات حفظ السلام في العام 2003. وفي العام 2014 أرسلت الصين كتيبة مشاة مع فرقة من المشاة النساء إلى المشاركة في عمليات حفظ السلام في جنوب السودان. وفي العام 2015، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في قمة المرأة العالمي على المساواة بين الجنسين وتنمية المرأة. كما أعلن في أثناء قمة الأمم المتحدة لحفظ السلام المنعقدة في العام نفسه عن عزم الصين القيام بعدة خطوات تعزز من دورها في عمليات حفظ السلام، ومن هذه الخطوات قيامها بتدريب ألفي شخص من قوات حفظ السلام خلال السنوات الخمس المقبلة. وتطبيقاً لذلك أقامت الصين في العام 2016، ولأول مرة، دورة تدريبية دولية مخصصة للنساء العاملات في قوات حفظ السلام، بمشاركة 40 امرأة من ضباط عسكريين آتين من 24 بلداً. وتولى عملية تنظيم الدورة مكتب شؤون حفظ السلام التابع لوزارة الدفاع الوطني الصينية ومركز حفظ السلام التابع لوزارة الدفاع الوطني الصينية بالإضافة الى الأمم المتحدة، وذلك من أجل تشجيع الدول المشاركة في عمليات حفظ السلام على إرسال النساء للمشاركة في هذه العمليات.
لقد حثّ الزعيم الصيني ماو تسي تونغ المرأة الصينية على المشاركة في تحمّل المسؤولية في المجتمع وأطلق مقولته الشهيرة النساء نصف السماء . وأخذت الصين تعمل على تعزيز مشاركة المرأة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية ومشاركتها في شؤون الدولة، وحرصت طوال السنوات الأخيرة على مخاطبة العالم بلسان امرأة وضمان وجودها كواحدة من المتحدثين الرسميين باسم وزارة خارجيتها، على سبيل المثال Hua chunying ، و Jiang Yu التي تتولى حالياً منصب سفيرة الصين في البانيا، وZhang Qiyue التي شغلت منصب سفيرة الصين في بلجيكا واندونيسيا، وبرزت نساء صينيات حديديات مثل Wu Yi نائبة رئيس الوزراء ما بين سنتي 2003 و2008 والتي اختارتها مجلة فوربس الأميركية 4 مرات من ضمن قوائمها السنوية لأكثر النساء تأثيراً في العالم.
وأثبتت المرأة الصينية جدارتها في العمل الإنساني من خلال مساعدتها لضحايا النزاعات، وكان لها دور مميّز في إطار تحقيق السلام والأمن، ولا أدلّ على ذلك منح الأمم المتحدة الضابطة الصينية Zhang Qiman ميدالية الأمم المتحدة لحفظ السلام في العام 2019.
يبلغ عدد أفراد القوات الدولية المؤقتة العاملة في لبنان اليونيفل 10,556 فرداً من بينهم 551 امرأة حتى تاريخ 14/07/2019 ، أما عدد أفراد الكتيبة الصينية 419 فرداً بينهم 18 امرأة، 6 منهن يعملن في الوحدة الهندسية المتعددة الوظائف، و6 في وحدة الهندسة، و6 في الوحدة الطبية.
تتولى المرأة في الكتيبة الصينية بشكل أساسي عملية الترجمة، العناية الطبية، توفير الأمن، إزالة الألغام.
ويُذكر في هذا السياق أنّ الصين وللمرة الأولى قد أرسلت مؤخراً مجنّدات صينيات مهمّتهن تطهير حقول الألغام في جنوب لبنان. وجاءت هذه الخطوة استجابة لدعوة الأمم المتحدة إلى رفع مشاركة المرأة في عمليات حفظ السلام وتحقيق المساواة بين الجنسين.
تقوم الصين حالياً بتعزيز دورها في عمليات حفظ السلام من خلال زيادة مساهمتها في الأفراد والأموال، ويقع عليها تبعاً لذلك زيادة نسبة مشاركة المرأة في بعثاتها لحفظ السلام كي تحثّ الدول الأخرى على أن تحذو حذوها.
موقع الصين بعيون عربية