اتصالات رئاسيّة حول مخارج الموازنة… ومداخل عقد جلسة حكومية أرسلان لحسم أمر المجلس العدلي بالتصويت… وجنبلاط يطلب تحقيق قبل تعيين المحقق
كتب المحرّر السياسيّ
تحوّل كلام رئيس حكومة الاحتلال عن مفاجآت صادمة عبر ما تضمّنته برامج تطوير صاروخ حيتس، خصوصاً لجهة جهوزية جيش الاحتلال لخوض حرب جديدة، محور التعليقات التي تناوب عليها الخبراء العسكريون داخل جيش الاحتلال وخارجه، بمن فيهم ضباط سابقون تولوا مسؤوليات متعددة في قيادة وحدات متخصصة في جيش الاحتلال، ومعلقون بارزون في القنوات التلفزيونية، أجمعوا على أن كلام نتنياهو هو محاولة بائسة لتقليد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الحرب النفسيّة، لأن لا صحة لما قاله رغم الميزات الجديدة لتحديثات صاروخ حيتس إلا أن الجهوزية لخوض حرب بمعايير القدرة التقنية على تفادي تساقط الصواريخ أو بمعايير قدرة الجيهة الداخلية على تحمّل التداعيات، لا تزال أمراً بعيد المنال.
في المشهد الإقليمي برزت حال التوتر الإيراني البريطاني حول حرب الناقلات وانسداد طرق مقايضة ناقلتي النفط البريطانية والإيرانية المحتجزتين، مع تمسّك إيران بتثبيت معادلة حقوقها السيادية على مضيق هرمز بالتوازي مع الحقوق التي استندت إليها بريطانيا بقيام قضاء جبل طارق بوضع يده على ملف الناقلة الإيرانية رغم طلبها للأذونات اللازمة بالمرور العابر، رافضة التسليم باعتبار مضيق هرمز منطقة دولية مفتوحة، وبالتالي أحقية إيران بمطالبة الناقلات والسفن التجارية بأذونات المرور، خصوصاً عندما تقترب من النقاط الإيرانية في المضيق، واللافت كان حصول الموقف الإيراني على دعم روسي صيني من الزاوية القانونية وتوصيفهما للعمل البريطاني بالقرصنة ولموقف إيران بالمشروع.
لبنانياً، اتصالات مكوكية بين بعبدا وعين التينة يتوّجها وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي بزيارة رئيس المجلس النيابي نبيه بري اليوم حاملاً رسالة من رئيس الجمهورية، ومثلها كان لقاء رئيس المجلس برئيس الحكومة سعد الحريري، والمحور في اللقاءات والاتصالات البحث عن مخارج لعقدة المادة 80 من الموازنة التي تحفظ حقوق المتبارين الفائزين أمام مجلس الخدمة المدنية والاعتراضات الآتية من باب التمسك بالتوازن الطائفي بين موظفي الدولة بما في ذلك في الفئات ما دون الفئة الأولى خلافاً لنص الدستور في المادة 95، التي يُقدِّم لها المعترضون وفي مقدمتهم التيار الوطني الحر تفسيراً مخالفاً، وبالتوازي البحث عن مداخل موصلة لعقد اجتماع حكومي بعدما كاد التعطيل الحكومي ينهي الشهر الأول.
المصادر المتابعة توقعت أن تكون الحلحلة في ملف الموازنة أسرع منها في الملف الحكومي مع توقيع رئيس الجمهورية لقانون الموازنة، بينما دعت لترقب صيغة تقوم على تسريع صدور القرار الاتهامي عن المحكمة العسكرية، في قضية قبرشمون مع قيام المحكمة بطلب السماع لإفادات الشهود ووضع يدها على المطلوبين برضى الفريقين المعنيين، وصولاً لنقل القرار الاتهامي إلى الرؤساء ليبنى على الشيء مقتضاه في ملف الذهاب إلى المجلس العدلي بالتوافق أو بالتصويت، خصوصاً بعدما عقد النائب طلال أرسلان مؤتمراً صحافياً أعلن خلاله عدم مسؤوليته عن تعليق أعمال الحكومة معلناً الجهوزية للمشاركة بأي جلسة حكومية ووضع قضية الإحالة إلى المجلس العدلي كبند أول يناقش ويذهب للتصويت، بينما ردّ النائب السابق وليد جنبلاط برفض أن يبدأ المسار بالتصويت على الإحالة إلى المجلس العدلي، معتبراً أن المجلس العدلي الذي يفترض أن يبدأ وضع يده على ملف أي قضية بتعيين محقّق عدلي خاص يتولى التحقيق في القضية يحتاج قبل اعتماده مرجعاً إلى تحقيق آخر يقرّر على ضوئه إذا كان الأمر يُحال إلى المجلس العدلي أم لا. وهو ما قالت مصادر قانونية أن لا سوابق له على الإطلاق. فالإحالة للمجلس العدلي تتم بقرار سياسي يهدف لتجاوز احتقانات تترتب على أحداث جرمية، ويكون التحقيق الأولي في القضية على يد المحقق العدلي الخاص بالقضية.
الحريري على خط عين التينة
يبدو أن أزمة قبرشمون تزداد تصعيداً ومسار الحلول معطّل حتى الساعة بعد سقوط مبادرات وتعثر أخرى، وسط تسخين الجبهات بين خلدة والمختارة، إلا أن ما يتمّ نقله عن مصادر بيت الوسط حول نيّة رئيس الحكومة سعد الحريري الدعوة الى جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع قد يفتح ثغرة في جدار الحائط بالتوازي مع مبادرة جديدة وضعها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في التداول وناقشها مع الرؤساء الثلاثة وسيتوجّه بها في الساعات المقبلة الى المختارة وخلدة.
لكن لم يُكشَف عن تفاصيل المبادرة كما لم يُعرَف وفقاً لأي رؤية وأسس سيدعو الحريري الى جلسة للحكومة وما هي السيناريوات المتوقعة، وهل ستكون في السرايا الحكومية أم في بعبدا؟ وهل سيبادر رئيس الحكومة الى الدعوة في الأصل دون التوصل الى تفاهم مسبق؟ وهل سيطرح من خارج جدول الأعمال إحالة مسألة محاولة اغتيال الوزير صالح الغريب وجريمة قتل مرافقيه الى المجلس العدلي أم لا؟ وما هو موقف الحريري إن وضع الرئيس ميشال عون خيار التصويت على الطاولة؟ هل سيصوّت أم سيغادر ووزراء تيار المستقبل الجلسة؟ واستطراداً ما هو موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري؟ لا سيما وأن حزب الله حسم أمره بالوقوف الى جانب حليفه النائب طلال أرسلان، وبالتالي التصويت لصالحه، كما أعلن أرسلان تمسكه بموقفه من الإحالة في أول جلسة وزارية وأنه سيُحرج الجميع في موضوع التصويت؟
وفي خطوة استباقية وتداركاً للخيارات الأسوأ سارع الرئيس الحريري بعد ساعات من وصوله الى بيروت عائداً من زياره خاصة الى الخارج، للتحرك على خط عين التينة حيث عرض مع الرئيس نبيه بري الوضع الحكومي واستمزاج رأيه والوقوف عند نصيحته بمسألة الدعوة الى جلسة للحكومة ومناقشة المبادرات والاتصالات المستمرة على خط الأزمة. وغادر الحريري بعد اللقاء من دون الإدلاء بتصريح. ووفق المعلومات فإن الحريري شرح لرئيس المجلس التعقيدات الحاصلة وضرورات اجتماع مجلس الوزراء ومخاطر عقد جلسة في ظل استمرار التشنّج والتوتر بين أطراف الحكومة لا سيما بعد موقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير الذي أكد دعمه لمطلب أرسلان، وتمنى الحريري على بري القيام بوساطة مع حزب الله لتليين موقفه من جنبلاط.
أما عن المبادرات فكشفت مصادر نيابية لـ»البناء» عن أن «المساعي القائمة ستصل الى خواتيم إيجابية من خلال حل توافقي يُرضي جميع الأطراف يمهّد لعقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع الحالي أو المقبل»، من جهتها لفتت قناة «أو تي في» أن « اللواء إبراهيم يعمل على اقتراح جديد بالتنسيق مع الرؤساء الثلاثة ومجلسي النواب و الحكومة ، في ملف قبرشمون»، مشيرة إلى أن «الاقتراح قد يتبلور في غضون يومين وقد يحظى بقبول لدى الجانبين المتنازعين النائب أرسلان ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط». ورفضت مصادر مطلعة على فحوى المبادرة أن تكشف عن مضمونها لكنها أكّدت أن «لا علاقة لها بما حكي سابقًا عن لقاء مصالحة خماسي ينعقد في بعبدا وحظوظها كبيرة بالقبول، وقد تمهد لجلسة حكومية نهاية الأسبوع الحالي أو مطلع الأسبوع المقبل».
ونقلت القناة عن مصادر بيت الوسط أن «جولة جديدة للاتصالات قد بدأت اليم أمس ، في إشارة الى لقاء بري الحريري وستستمر في اتجاهات عديدة وجديدة، وإذا أفضت الى نتائج إيجابية فقد تعقد جلسة حكومية قريبًا».
وبعيد زيارته عين التينة استقبل الحريري وزير الصناعة وائل أبو فاعور في السراي الحكومي موفدًا من جنبلاط وتمّ البحث في مسارات الحل والموضوع الحكومي.
مبادرة عون…
وكشفت المعلومات مساء أمس، عن مبادرة لدى رئيس الجمهورية ميشال عون سيحملها وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الى عين التينة اليوم على ان يُعلن عنها بعد اللقاء، وبحسب معلومات «البناء» فإن المبادرة تتضمن شقين: الاول المتعلق بحادثة قبرشمون والثاني موضوع المادة 80 في قانون الموازنة.
أرسلان لجنبلاط: لا تلعب بمصير الدروز…
في غضون ذلك، رفع النائب ارسلان من وتيرة مواقفه مصوباً على جنبلاط وجدد في مؤتمر صحافي في خلدة، بحضور وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب المطالبة بإحالة حادثة البساتين الى المجلس العدلي وقال: «طلبنا واضح وصريح ولا تراجع عنه ولا مشكلة لدينا بدعوة مجلس الوزراء الى الاجتماع إنما اوّل بند يجب ان يكون إحالة القضية الى المجلس العدلي».
ولفت الى «اننا سنُحرج كل الناس بالتصويت على المجلس العدلي داخل مجلس الوزراء ودمّنا ليس محللاً»، داعياً الى «ان تُحال قضايا عين دارة ومحمد أبو دياب في الجاهلية وكمال أبو إبراهيم في خلوات الكفير وحادثة الشويفات وكل القضايا التي حصلت وقتِل فيها الأبرياء الى المجلس العدلي». وقال «اذا كان أحد يراهن على الوقت فهو خاطئ وثمّة 3 مبادرات أجهِضت و»يا عيب الشوم» على المستوى الدنيء والنيّات السوداء المبيتة بإحقاق العدالة». وطلب من الرؤساء الثلاثة وقف المبادرات لأن «اللي علينا عملناه». وقال: «الكرة ليست في ملعبنا ولا مبادرات عند أرسلان «رجاء أنا خلصت»، لنذهب الى مجلس الوزراء ونصوّت ومَن يخاف من التصويت مشكلته». وأضاف:»مَن يريد أن يأخذنا نزهة الى مجلس الوزراء قبل بحث موضوع دم صالح الغريب الذي هُدِر في قبرشمون فهذا لن يحصل وادعوهم أن يجمعوا الحكومة ويقيلونا إذا أرادوا والغريب لن يبحث أي بند قبل بند قبرشمون وإقرار خطة أمنية جدية في الجبل كل الناس فيها تحت القانون».
وتوجّه الى جنبلاط بالقول: «لا تطلب من تحت الطاولة ضمانة السيد حسن نصرالله ولا تقل علناً أن مزارع شبعا غير لبنانية. فالتلاعب بمصير الدروز خطير وانعكاساته خطيرة».
وكانت مصادر إعلامية كشفت أنّ «جنبلاط طلب ضمانة من حزب الله لعدم الاستفراد به في المجلس العدلي ، ومتى يحصل عليها، سيقبل بإحالة ملف قبرشمون إلى المجلس العدلي».
في المقابل ردّ عضو « اللقاء الديمقراطي » النائب بلال عبدالله على كلام أرسلان ، غامزاً من قناة التيار الوطني الحر وحزب الله بالقول «مَن أطلق له العنان للتطاول على مؤسسات الدولة أن يعيده الى حجمه الطبيعي». وأكد في حديث تلفزيوني، ان «جنبلاط يطلب ضمانة الناس ولا يطلب ضمانة من أحد، ونحن لم نتملق لأحد او نرتهن لأحد وتاريخنا يشهد على ذلك»، وألمح عبدالله الى وجود مؤشرات داخلية وإقليمية على محاصرة جنبلاط.
إلا أن مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي أكدت لـ»البناء» أن «ما من توجّه لدى التيار الوطني الحر أو الرئيس عون أو حزب الله لإضعاف أي فريق، لكن المشكلة لدى البعض، خصوصاً وليد جنبلاط يعتقد أن البلد يمكن أن يسير بمبدأ «بيضة القبان»، لكن هذا الأمر لم يعد قائماً»، وتساءل: «أين هي حرب الإلغاء؟ في عدم السماح لوزراء في الحكومة ونواب في المجلس النيابي بالدخول إلى الجبل؟».
ودعا وزير الشباب والرياضة محمد فنيش إلى تلافي تعطيل الحكومة، لأن استمرار تعطيلها مؤشر سلبي جداً، وأكد فنيش «اننا نقف مع الفريق الذي تضرر واستهدف بهذا الحادث لأنه حليفنا، لكننا في الوقت نفسه ندعو إلى ضرورة الإسراع في وضع علاج لهذه المشكلة، لأن لا يجوز ان يستمر البلد في الأزمة، وان يستمر تعطيل الحكومة في وقت يشكو منه البلد والوطن والمواطن من أزمات تتراكم، والتي إذا لم نبادر إلى معالجتها، فسيزيد حجمها وتداعياتها وتفاقم نتائجها».
المادة 80
الى ذلك، تترقب الأوساط السياسية اليوم مبادرة الرئيس عون في مسألة المادة 80 من قانون الموازنة، والذي يحملها اليوم الوزير جريصاتي الى عين التينة، وسط معلومات عن اتجاه الرئيس عون لتوقيع قانون الموازنة لعدم تعطيل الانتظام المالي العام، لكن بعد ايجاد مخرج قانوني للغط الذي حصل حول المادة 80 المتعلقة بالناجحين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، وبحسب المصادر فإن الاقتراح هو تقدم 10 نواب من تكتل لبنان القوي باقتراح قانون معجل مكرر الى المجلس النيابي لإلغاء المادة 80 وبالتالي يعيد المجلس النظر بهذه المادة. ولفت النائب ألان عون إلى أنّ «هناك توجّهًا لأن يقابِل مسار الموازنة الّتي سيتمّ نشرها في الجريدة الرسمية ، مسار آخر لمعالجة المادة 80 من الموازنة، الّتي هي جزء من مشكلة أكبر هي الخلل الطائفي في إدارات الدولة».
وفي حين أكدت مصادر حركة أمل لـ»البناء» أن «المادة 80 لم تهرَّب بل تم التصويت عليها بحضور معظم النواب»، ولفتت الى أن «الميثاقية التي يتحدث عنها البعض متعلقة بالسلطة وبالأداء السياسي والمشاركة بين المكوّنات الطائفية ولا علاقة لها بالموضوع الوظيفي»، موضحة أن «موضوع وظائف الفئة الأولى يندرج ضمن مفهوم المشاركة والميثاقية لكن مستويات الوظائف الأخرى تتعلق بشؤون المواطنين العادية الاجتماعية والقانونية التي يجب أن تخضع للمساواة بين المواطنين وفقاً لمعيار الكفاءة». في المقابل شددت مصادر التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن «التيار مع اعتماد الكفاءة في التوظيفات. لكن من الضروري مراعاة الميثاقية في ما خصّ ملف الناجحين في مجلس الخدمة المدنية وعدم تهميش أي فريق داخل الدولة، فالحفاظ على التوازن والعيش القائم ضرورة كي يطمئن باقي الفرقاء في الوطن»، لافتة إلى أن «التجارب في لبنان أثبتت عدم إمكانية أي فريق أن يلغي الآخر، فالبلد لا يحكم إلا بالتوافق».