عون في تخريج دورة اليوبيل الماسي للاستقلال: الجيش فوق التجاذبات والطائف مظلة لحماية الميثاق الوطني

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أن «الجيش أثبت على مر السنوات والأزمات أنه فوق المصالح والتجاذبات، وضمانة الوطن»، لافتاً إلى أن «المكاسب والإنجازات التي حققها خلال السنتين الماضيتين، تدعم بتثبيت الأمن والاستقرار في الداخل»، معتبراً أن «الأمن خط أحمر ولا تهاون مع أي محاولة للتلاعب به، فشعبنا يستحق أن يعيش بأمان ويمارس كافة حقوقه بحرية ومن دون خوف في أي منطقة كان من لبنان، أضف الى ذلك أن الأمن هو الركيزة الأساس لأي ازدهار وأي نهضة، فلا اقتصاد يقوم في بلد أمنه مهتز».

مواقف الرئيس عون جاءت في الكلمة التي ألقاها خلال الاحتفال الذي ترأسه لتقليد السيوف للضباط المتخرجين الـ 269 في دورة حملت اسم «اليوبيل الماسي للاستقلال»، لمناسبة العيد الرابع والسبعين للجيش اللبناني في الأول من آب، وذلك في الكلية الحربية في ثكنة شكري غانم في الفياضية، والذي دعا إليه قائد الجيش العماد جوزف عون.

وشدّد الرئيس عون على أن «الأخطار التي يتعرَّض لها الوطن ليست بالضرورة عسكرية فقط، فالأخطار الاقتصادية أشد قسوة وأشد فتكاً، وهي أخطر ما يعاني منه لبنان اليوم، وتطال الجميع»، فهل ننكفئ أمامها؟ هل نتركه لمصيره؟ هل نرفض تضحية بسيطة ببعض المكتسبات ونحن الذين لم نبخل بها بالدم وبالحياة؟

وأكد أن لبنان يمرّ بأزمة اقتصادية ومالية واجتماعية قاسية، بعض أسبابها فرضته حروب المنطقة والوضع الاقتصادي العالمي، وبعضها الآخر نتيجة سنوات وسنوات من تراكم الأخطاء، ولكننا قادرون على تجاوزها وإنقاذ الوطن من براثنها إذا عقدنا العزم على ذلك.

وقال: «التضحية المرحلية مطلوبة من كل اللبنانيين بدون استثناء لتنجح عملية الإنقاذ، فإن لم نضحِّ اليوم جميعاً ونرضى بالتخلي عن بعض مكتسباتنا فإننا نخاطر بفقدها كلها، حين يصبح وطننا على طاولة المؤسسات الدولية المقرضة وما يمكن أن تفرضه علينا من خطط اقتصادية ومالية قاسية».

واعتبر أنه «لا ينفع لبنان في هذه المرحلة أن يستحضر البعض لغة الماضي، وممارساته، عازفاً على وتر الحساسيات، وطاعناً في صميم إرادة العيش المشترك ومتطلباته، التي ثبتها اتفاق الطائف. إن كل ممارسة من هذا النوع، إن كان في السياسة أو في الإدارة، تؤذي الحياة الوطنية، وتهدّد بإبطاء مسيرة النمو والخروج من دوامة الأزمة الحالية، ويجب أن تتوقف في الحال. فاتفاق الطائف الذي التزمتُ بتطبيقه في خطاب القسم، والتزمت به الحكومة كذلك في بيانها الوزاري، يشكل مظلة لنا لحماية الميثاق الوطني، عبر صون حقوق الجميع، وإحقاق التوازن بين مختلف شرائح المجتمع ومكوناته. ولا يمكن بالتالي لأي ممارسة أو موقف، أن يناقضا روحيته.

وأضاف: إذا لم نضح اليوم جميعاً ونرضى بالتخلي عن بعض مكتسباتنا فإننا نخاطر بفقدها كلها، حين يصبح وطننا على طاولة المؤسسات الدولية المقرضة وما يمكن أن تفرضه علينا من خطط اقتصادية ومالية قاسية. وفي الأزمات يظهر معدن الشعوب، وكلي ثقة بصفاء معدن شعب لبنان العظيم وبقدرته على مواجهة الواقع بعزم وصلابة، والنهوض من الكبوات.

وكان حضر الاحتفال رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، ورئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، وعدد من الوزراء والنواب، وقادة الأجهزة الأمنية، وعميد واركان السلك الديبلوماسي والملحقون العسكريون العرب والاجانب المعتمدون في لبنان، ووفد من قيادة الـ «يونيفيل»، وعميد السلك القنصلي وأركان السلطة القضائية، وكبار الموظفين المدنيين والعسكريين ونقباء المهن الحرة، وممثلو المرجعيات الدينية والروحية، ورؤساء الجامعات والبلديات، بالإضافة الى عائلات الضباط المتخرّجين.

وكان الاحتفال بدأ مع وصول علم الجيش، فرئيس الأركان في الجيش اللواء الركن امين العرم، فقائد الجيش، ومن ثم وزير الدفاع الوطني، وسط مراسم الاستقبال المحددة لكل منهم. بعد ذلك وصل تباعاً كل من الرئيس الحريري، ثم الرئيس بري، وأديت لهما المراسم التكريمية. ليصل رئيس الجمهورية عند التاسعة ووضع إكليلاً من الزهر على النصب التذكاري لشهداء ضباط الجيش داخل حرم الكلية الحربية يحيط به وزير الدفاع وقائد الجيش ورئيس الأركان وقائد الكلية الحربية العميد الركن جورج الحايك. وعزفت الموسيقى عزفة الموتى ولازمة النشيد الوطني، ولازمة الشهداء، فيما ردد تلامذة الضباط عبارة «لن ننساهم أبداً» ثلاث مرات على إيقاع الطبول.

ثم توجّه الرئيس عون الى الملعب واستعرض القوى يرافقه وزير الدفاع وقائد الجيش، ولدى وصوله الى المنصة الرسمية بدأت وقائع الاحتفال بمرور تشكيلات تابعة للقوات الجوية تضمّنت: سرب مقاتلات من نوع Super Tucano التي تستعمل لمهمات الدعم الجوي القريب ومجهزة بقنابل وصواريخ موجّهة عالية الدقة وتشارك للمرة الاولى في العرض، سرب طوافات Bell تستعمل للعمليات المجوقلة، الإخلاء الطبي وقصف القنابل، سرب طوافات نوع Puma تستعمل لتنفيذ مهمات النقل والدعم الجوي القريب وقصف القنابل، سرب طائرات من نوع Cessna تستعمل لمهمات الاستطلاع وقصف الأهداف بواسطة صواريخ موجهة عالية الدقة، سرب طوافات نوع Gazelle تستعمل لتنفيذ مهمات الدعم الجوي القريب ومجهزة بصواريخ موجهة عالية الدقة، وحمل بعض الطوافات الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش. ثم تمّ تسليم بيرق الكلية الحربية من الدورة المتخرجة الى طليع السنة الثانية. بعد ذلك تقدّمت الدورة المتخرجة وهي تنشد نشيد الكلية الحربية ووقف أفرادها في منتصف الملعب حيث تقدم طليع الدورة السابقة من رئيس الجمهورية، وطلب تسمية الدورة المتخرّجة قائلاً: «باسم هؤلاء الفتيان اطلب تسمية دورتهم دورة اليوبيل الماسي للاستقلال». وردّ الرئيس عون: «فلتسمَّ دورتكم دورة اليوبيل الماسي للاستقلال».

بعد ذلك، تلا الوزير بوصعب مرسوم ترقية تلامذة ضباط قوى الجيش في القوات البرية والجوية والبحرية وعددهم 166 تلميذ ضابط، ومرسوم ترقية تلامذة ضباط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي وعددهم 90 تلميذ ضابط، ومرسوم ترقية تلامذة ضباط المديرية العامة للأمن العام وعددهم 11 تلميذ ضابط. وتلا وزير المالية علي حسن خليل مرسوم ترقية تلامذة ضباط المديرية العامة للجمارك وعددهم اثنان.

وعلى الأثر، سلم الرئيس عون الضباط المتخرجين للعام 2019 السيوف، تقدّم بعدها علم الجيش أمام رئيس الجمهورية، ثم تقدّم طليع الدورة المتخرجة كيفن صقر قوى الأمن الداخلي وأقسم اليمين الآتية: «أقسم بالله العظيم أن أقوم بواجبي كاملاً حفاظاً على علم بلادي وذوداً عن وطني لبنان». وردد الضباط المتخرجون «والله العظيم».

وبعد التقاط الصور التذكارية، وقَّع رئيس الجمهورية السجل الذهبي للكلية الحربية حيث دوّن الكلمة الآتية: «في تخريج دفعة جديدة من الضباط، لحمل سيف الذود عن الوطن والشعب، في يوم الجيش، حيث الكرامة أغلى ما نملك في وطنيتنا، هنيئاً للضباط المتخرجين في دورة اليوبيل الماسي للاستقلال، حملهم شعلة الشرف والتضحية والوفاء. ولتكن القيم التي يدافعون عنها، دستور اللبنانيين ومدعاة فخرهم، فيعلو لبنان إلى حيث طموح أبنائه وتطلعات شبابنا».

كما دوَّن الرئيس بري الكلمة الآتية: «الجيش خشب أرزه وشعبه من أوراقه وحدوده هي هي أغصانه أصبح لبنان».

ودون الرئيس الحريري الكلمة الآتية :»هنيئاً لكم ولنا بمن حمى الحرية وحصّن الكرامة، بمن تجسّدت في مؤسسته أسمى آيات التضحية. هنيئاً لكم عيدكم. فيكم يكبر المجد ويتجذر الصمود، وبقيادتكم الشجاعة والحكيمة والنزيهة ترتفع الهامات فخراً وتكبر الآمال بالمستقبل».

ودوَّن الوزير بوصعب الكلمة الآتية في السجل: يوم مبارك تنتقلون فيه بكل فخر واعتزاز الى ميدان النضال والتضحية، كما تؤكدون العهد والالتزام للذود عن وطننا الأعز لبنان، رمز التنوع والفرادة على حد سواء، والذي يرعاه فخامة الرئيس العماد ميشال عون القائد الأعلى للقوات المسلحة وحامل الأمانة الدستورية».

ودوَّن وزير المالية علي حسن خليل في السجل ما يلي: «جيشنا مزيج قبضة شديدة وقلب كبير. فرادته بطولة في أوقات الحرب والحاضن الموحّد في أوقات السلم».

ودوّن قائد الجيش في السجل الكلمة التالية: «ليست مصادفة أن يكون عيد الجيش هو نفسه يوم تقليد السيوف لتلامذة ضباط السنة الثالثة في الكلية الحربية، فيوم تخرّجهم هو مدماك جديد في عملية بناء مستمرة للمؤسسة العسكرية. وما اختيار دفعة العام 2019 لتسمية «اليوبيل الماسي للاستقلال»، سوى دليل على الالتزام بالدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله. هنئياً لكم تخرجكم، بانتظار مهمات وتحديات كثيرة، وإني على ثقة بأنكم ستكونون على قدر الآمال والتطلعات».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى