الجيش والمقاومة أعظم ما لدينا

ناصر قنديل

– يندر لبلد بحجم لبنان جغرافياً واقتصادياً وسكانياً أن يمتلك أهميته الاستراتيجية من قوته، بدلاً من أن تكون هذه الأهمية نابعة من تسلّط عيون الآخرين عليه بقوة ما لديه من مزايا، وعجزه عن توفير الحماية لمزاياه فيتحول إلى مجرد ساحة صراع للأقوياء. وهكذا كان حال لبنان قبل أن تنمو عضلاته، منذ أن بدأت عملية إعادة بناء الجيش في ظل قيادة العماد إميل لحود، وإلى جانبها تنمو مقدّرات المقاومة ويكبر حضورها، وينجحان معاً في تقديم مشهد رائع لعروض القوة كلما فكر العدو الإسرائيلي باستعراض قوته واختبار قوتنا.

– الشعب الحاضر شريكاً لهذه الثنائية كان حاضراً في الميادين مباشرة إلى جنبهما يوم استدعى الأمر ذلك، كما قالت مسيرات عودة الجنوبيين في نهاية حرب تموز 2006، فحسمت العودة مضمون الشروط الأميركية لتطبيق القرار 1701، وكذلك يوم فتحت البيوت للنازحين من الجنوب والضاحية في كل مناطق لبنان فسقط الرهان على خطة الحرب والتطويق كآلية لإخضاع المقاومة، لكن الشعب بالبزة العسكرية كان حاضراً دائماً بلباسي الجيش أو المقاومة، اللذين تفوقا على كل رهانات التنافس والتصادم، وبقيا في كل محطة اختباراً لقوة لبنان مصدر اعتزاز للبنانيين.

– للجيش خصوصيّاته وللمقاومة خصوصياتها، لكن لا المقاومة بدون الجيش كانت لتفعل ما فعلت وتحقق ما حققت، ولا الجيش بدون المقاومة كان قادراً أن يثبت كما ثبت أو أن يكبر كما كبر، ويظهر القوة كما أظهرها، سواء في مواجهة العدوان أو في الحرب مع الإرهاب، وتبدو الرهانات على تصادم الجيش والمقاومة هي كل ما يملكه أعداء لبنان، كما تبدو هذه الرهانات عنوان كل الخطط التي تستهدف المقاومة، بعدما ثبت أن لا أمل بتفوق استراتيجي ممكن لجيش الاحتلال يعيد إليه قدرة الدرع وقدرة خوض الحروب وتحقيق النصر فيها، فصار الرهان على الحرب وما سواها من خطط التمهيد للوقيعة بين الجيش والمقاومة.

– في عيد الجيش، وأمام التشظي السياسي الذي يعيشه لبنان، والضعف والوهن والهبوط، كسمات للمشهد السياسي، يعرف اللبنانيون عظمة ما لديهم، في قوة وتماسك هذا الثنائي الذي يشكله الجيش والمقاومة، كضمانة للسلم الأهلي، ورادع لكل من يفكر في المساس به، وكضمانة لحماية لبنان من خطر الإرهاب او خطر الحروب التي لا تزال تشكل هدفاً يومياً لقادة كيان الاحتلال، ولا يخشى اللبنانيون إلا من العبث السياسي الداخلي المفتوح الآذان والجيوب لبعض الأطراف السياسية نحو الخارج، للتلاعب بهذه العلاقة، ودفعها للتأرجح، كطريق وحيد لمنح الرهان على سقوط لبنان فرصة التحقق، ولسان حال كل حريص، لو سقط كل المستوى السياسي اللبناني فلا سبب للقلق طالما العلاقة بين الجيش والمقاومة بخير، وبالمقابل لو كان كل شيء في السياسة والاقتصاد والإدارة بخير، وتعرضت هذه العلاقة للاهتزاز فلبنان إلى السقوط حتماً.

– ليس لدى اللبنانيين رجاء من العابثين من الوسط السياسي وقد قالت تجاربهم إنهم يقامرون ولا يتعلمون من التجارب، والأمل كل الأمل، أن قيادة الجيش وقيادة المقاومة تتكفلان بصناعة صمامات الأمان لهذه العلاقة التي تشكل أعظم رأسمال يملكه لبنان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى