تقرير
يبدو أنّ الصهاينة لن يهدأ لهم بال قبل «تخريب» أيّ اتفاق بين الغرب ـ لا سيما الولايات المتحدة الأميركية ـ وإيران حول ملفّ الأخيرة النوويّ. لا بل يبدو أنّ الصهاينة ينوون تدمير أيّ تقارب في هذا الخصوص. أما السلاح الأمضى في سبيل ذلك فهو الإعلام، وإليكم هذا التقرير من صحيفة «إسرائيل اليوم العبرية».
كتب افرايم كام:
نتائج المحادثات بين إيران والقوى الستّ حول الموضوع النووي، لم تفاجئ أحداً. هناك اعتقاد منذ أسابيع بأنه على رغم التقدّم، ما زالت هناك فجوات كثيرة لا تسمح بالتوقيع على اتفاق شامل في الموعد المحدّد. فشل المحادثات أدّى إلى تمديدها للمرّة الثالثة لسبعة أشهر.
جذور الخلاف موجودة في المواقف الأساسية المتناقضة بين الاطراف: إيران تصرّ على الاحتفاظ بقدرتها على الوصول إلى السلاح النووي خلال أشهر معدودة إذا قررت ذلك، في الوقت الذي تلتزم فيه الولايات المتحدة منع ذلك. وانطلاقاً من هذا الأمر يمكن تلخيص نقاط الخلاف بخمس مسائل:
ـ القيود على تخصيب اليورانيوم: وافقت الدول الست على السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم على افتراض أنه بغير ذلك لا يمكن تحقيق الاتفاق. من الواضح بالنسبة إلى هذه الدول أن هذا ما يغري إيران على السعي للحصول على السلاح النووي. وتكتفي هذه الدول بتقييد التخصيب حول عدد أجهزة الطرد المركزي ونوعيتها، مستوى التخصيب وكمية اليورانيوم المخصّب التي ستُسمح لها ـ وإنتاج البلوتونيوم، على أمل أن يؤدّي ذلك إلى وقف إيران. الجدل الأساس يتعلّق بخطورة القيود التي ستفرض على التخصيب.
ـ موضوع التقدّم: تحديد المدة الزمنية التي تحتاجها إيران للتقدم من لحظة اتخاذ القرار وحتى القنبلة، وهذه مسألة حاسمة، لأن المدى الزمني سيحدّد إذا كان في الامكان وقفها في الموعد. تستطيع إيران اليوم إنتاج القنبلة في عدّة أشهر، وهي تسعى إلى الحفاظ على هذه القدرة في الوقت الذي تطلب فيه الولايات المتحدة زيادة الوقت لسنة على الأقل.
ـ مدّة الاتفاق: تطلب إيران أن تكون مدّة الاتفاق بين ثلاث وخمس سنوات، بعدها تُزال القيود عن البرنامج النووي، والولايات المتحدة تطلب توقيع الاتفاق لمدة عشرين سنة.
ـ الرقابة والتفتيش: تقترح إيران أن تزيد من شفافيتها حول المنشآت النووية كبديل عن القيود، لكن ليس من الواضح إلى أيّ مدى ستكون شفّافة، والوكالة الدولية للطاقة النووية اشتكت في هذا الشهر من أن إيران لا تجيب على الاسئلة بالشكل المطلوب.
ـ إلغاء العقوبات: تطلب إيران إلغاء العقوبات المفروضة عليها عند التوقيع على الاتفاق، وتطلب الولايات المتحدة أن يتمّ الإلغاء بالتدريج من أجل التأكد من أن إيران تفي بتعهّداتها، ولأنّ مراحل سنّ القوانين لن تسمح بفعل ذلك بالسرعة المطلوبة.
تم الاتفاق بين الاطراف خلال المحادثات على تقديم التنازلات. وقد وافقت الولايات المتحدة على أن تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم ولكن ضمن قيود: عدم تفكيك أي منشأة نووية، وأن تكون أجهزة الطرد المركزي عدّة آلاف بدلاً من عدّة مئات، وألا تُطرح مسألة الصواريخ في المحادثات. ووافقت إيران على وقف تخصيب اليورانيوم بمستوى 20 في المئة واستبدال ما لديها بيورانيوم بهذا المستوى وتغيير أهداف المفاعلين النوويين ومناقشة جوانب عسكرية ممكنة لبرنامج السلاح النووي. المشكلة في هذه التنازلات هي أن إيران مستعدة لتقييد قدراتها النووية ولكن ليس تفكيكها، وهكذا تستطيع في المستقبل إعادة السعي إلى إنتاج القنبلة.
واضح أن الأطراف تريد الاتفاق على رغم أنها تخفي عمق الخلافات، والإيرانيون يحاولون استغلال الحماسة الأميركية لتحقيق هذا الاتفاق ـ الصورة المعتدلة التي يبثها الإيرانيون تهدف إلى أخذ تنازلات إضافية، وقد يوافق الأميركيون على تنازلات من جانبهم ـ مثل عدد أجهزة الطرد المركزي، إذ أعطى الأميركيون أنفسهم هامش مناورة كبير.
في المقابل، إنّ الطرفين يتعرّضان لضغوط داخلية لعدم تقديم التنازلات ـ من الكونغرس في الجانب الأميركي ومن الجناح الراديكالي في النظام الإيراني. الشك المتبادل والاختلاف في المواقف لا يسمحان بالتنبؤ إذا ما كان هناك اتفاق نهائي، لكن هذه الاحتمالية ما زالت قائمة.
في «إسرائيل» تنفّسوا الصعداء عندما لم يتحقق الاتفاق، لكن هذه فترة قصيرة المدى، ولا ضمان لأن تستمر. إذا تمّ التوصل إلى اتفاق يعطي إيران فترة زمنية للحصول على السلاح ـ حتى وإن كانت سنة كما تطلب الولايات المتحدة ـ فستبقى إيران دولة على شفا السلاح النووي، وهذا الوقت لا يكفي لوقفها. لذلك تطلب «إسرائيل» أن تكون الفترة بين ثلاث وخمس سنوات. إلا أن تأثير «إسرائيل» محدود: هي ليست طرفاً في المحادثات، والتهديد باستخدام القوة العسكرية الذي ضغط على حكومات الغرب، ليس موجوداً على الطاولة في ظلّ استمرار المحادثات على الأقل. تستطيع «إسرائيل» السعي إلى التأثير على الادارة الأميركية سواء من خلال أصدقائها بعدم التوقيع على اتفاق سيّء. والسؤال هو: هل سيكون هذا كافياً؟