صباحات
صباحات
صباحات: من صيدنايا إلى القلمون
صباح الصوت الأخضر 21 11-2014
لم يهدأ الصباح حتى يعرف تصنيف أنواع الكلام. والصباح مساحة تتحرّك بين الصمت والضجيج. وما يشاءه الصباح معرفة الفاصل بينهما، كما في الفواصل بين طرفَيْ الضوء والتموّجات اللونية التي يحملها قوس قزح، ففيه كلّ مشتقّات الألوان وأصولها وحاصل مزجها. فماذا عن قوس قزح الصوت، ولأن لا بياض ولا سواد في الألوان، فالأبيض هو الألوان كلّها في حال الدوران السريع، والسواد هو اللالون لأنّه اللاضوء، وليس حاصل خليط غوامق الألوان. ولهذا ليس في كل أنواع الصباغ إلا أسود جذره أحمر، أو جذره أزرق.
قال الصباح: إذن الصمت هو اللاصوت أو اللاسماع لأن لا وجود لللاصوت. لا بل الأصحّ أنّ هناك أصواتاً لا نسمعها. فلها تموّجات تتخطى أو دون مستوى التقاطها على الأذن. فالصمت سواد الصوت والضجيج هو بياضه. فهو خليط الأصوات غير المفهوم في حال الدوران السريع.
وماذا بينهما؟ قال الصباح، وبدأ جولته، وأخذ يلملم أسماء الأصوات فيقول زغردة للعصافير، ومواء للقطط، وعواء للكلاب. واكتشف أنه أضاع بعضاً من وقته في غير المهمة التي أرادها. فالأسماء توصيفات خصوصية، وليست أنواعاً كما أحمر الدم القاني. فلون الدم أحمر، لا اللون دم، ولا الدم لون. وعاد يبدأ من جديد، فعرف الهمس أو الوشوشة، وهي صوت خفيض لقول الأسرار أو ناعم الغزل، هو صوت الجواسيس والعشّاق، الحرس، والدبلوماسيين والخائفين. وهناك على التخوم المعاكسة الصراخ، وهو صوت الغضب أو المناداة بين واقفين على جبلين متباعدين. وهو صوت المؤذّن والراعي والفلّاح وقائد الجيوش في الميدان والمدافع والرعد وصوت الطرشان أيضاً. فقال الهمس صوت أزرق والصراخ صوت أحمر، وتساءل عمّا يشكّل ضلع المثلث الثالث مقابل الأصفر في الألوان، فوجد الاداء، إلقاءً أو غناء، فقال أصفر الصوت الغناء، لذلك أحب الصباح الورد الأصفر. فقال بين الهمس والغناء منتصف المسافة بين الأصفر والأزرق أخضر نقيّ صوت فيروز يدغدغ الروح. فهو الأخضر من الأصوات. وبين الغناء والصراخ صوت وديع الصافي فهو برتقاليّ الصوت خليط أصفر وأحمر مناصفة. وتابع الصباح بحثه ليقول تعريف الصوت المقبول دون الاحمرار صراخاً وفوق الهمس زرقة، امتداد بين الأخضر المستحيل البرتقالي الصعب، مروراً بالأصفر المتفرّد، كأصوات أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم، والأصفر هنا ذهبيّ الالتماع وضوئي الإشعاع. فقال الصباح: كونوا صُفر الأصوات لا صُفر الوجوه. وخضرة الصوت حياة وموهبة فريدة، والبرتقاليّ طاقة بطبقات عدّة، والأصفر ذهب رنّان وريشة فنّان. أما أصوات كثيرة رمادية نسمعها تقع خارج التصنيف، فلا مكان لها في الصباح ولا في زرقة السماء. أصوات المغارب والعشاء قرمزية متعبة كغراب عائد منهك.
وانتهى الصباح فقال: صوت الارض فخاريّ خليط اخضرار البرتقالي فاسمعوا ولبّوا النداء، وصوت الاستغاثة أنين ترابيّ بين الأصفر الذهبي والفخاري فلا تخذلوه… صباحكم أخضر.
صباح صيدنايا والزوبعة… ودمع الحنايا 22-11-2014
تليق الصباحات المميّزة بالمدن العريقة. فقرّر الصباح أن يصطحبنا إلى مدينة من مدن سورية القديمة: صيدنايا، حيث ميراث ناطق، وصخر شاهق. ومضى بنا من دمشق صعوداً، وصعوداً، وإن كانت دمشق السماء فإلى أين عساه يصعد بنا؟
لعلّها سماء رابعة أو سماء سابعة، أو عين دامعة، والعين الدامعة فوق السماء، أو سماء السماء. فكيف إن كانت دمعة فرح الانجاز، أو دمعة العجز ومقابلها دمعة الاعجاز، أو دمعة قلب رجل مكسور، أو دمع تجمّع عبر العصور، أو دمعة صارت خمراً في كنيسة، أو مطراً غزيراً كدمع ينهمر بلا إرادة، وأنت في قمة الحزن أو السعادة.
لقد بكت السماء أو اشتاقت للفرح وهي تغمرنا بغيم يواكبنا صعوداً، وعصف الهواء غضباً، أو انعطف وهو يلفح بالقبلات مودّعاً وملاقياً شفاهاً وخدوداً. لكن الأرض هي الأرض، والبلاد ليست هي كما كانت، حركة السير والناس وروح الفرح، فكان الصباح غاضباً وحزيناً، حتى بدت طلائع الزوابع على مداخل صيدنايا، شباب تحت العصف والمطر يستقبلوننا بقامات ثابتة كالرماح. ويؤدّون تحية السلاح. فوج للهجوم وفوج مدافع. وأيادٍ كالمقالع، يثنون قلوبهم كالعطر من شارع إلى شارع، صيدنايا ليست اليوم للتسوّق، فليس لديها للبيع بضاعة، وهي تعدّ عرسها بالدقيقة والساعة، والأمر اليوم كالعادة، لأنه موعد مع التاريخ، موعد مع زوبعة حزب سعاده.
عيد القوميين تحتضنه قاعة كنيسة، ويخطب فيه إمام مسجد، هذه هي سورية وهذا هو الموعد.
أنتم ما ينفع الناس وأعداؤكم زبد، أما الزبد فيذهب جفاءً وما ينفع الناس فيكثر في الأرض.
صباح صيدنايا فوح سنديان، وشعور بالامان، أنّ سورية باقية للأزل مهما حصل، وأنّ الصباح مطر لكن لا مكان للخطر، فكل شيء سقط إلّا النظام فقط. سيبقى حصرمة تعصرونها في عيونكم أيها المستجلبون، وسكاكينكم علامة ضعف لا قوة، القويّ يقول لأسراه اذهبوا أنتم الطلقاء، القويّ لا يقتل عميلاً أو خائناً قرّر إعدامه إلا خجلاً، ولا يقتل عدواً إلا في مبارزة وحرب. تقهرون قلوب الأمّهات لكنكم تفجرون غضب الرجال، فتقترب ساعتكم وتدنو آخرتكم وتظهر بشاعتكم.
مع الأصيل في البلد الأصيل، وموعد غمامة وقفت تنظّم سير زميلاتها فوق مسيرنا عدنا إلى دمشق، وصوت فيروز يصاحبنا ونداء القوميين يردّد الصدى، شام ما المجد أنت المجد لم يغب. ويردّد القوميون، سوريه لك السلام سوريه أنت الهدى، سوريه لك السلام سوريه نحن الفدى… تحيا سوريه.
صباحكم صيدنايا، ودمع الحنايا.
صباحكم سنة 23-11-2014
صباحكم سنتي السادسة والخمسون تتمّم مهمتها وتستعدّ للرحيل.
صباح عهد جديد 24-11-2014
الصباح الأزليّ يعرف لعمر الناس معانٍ فهو صديق الطفولة، ولا يؤمن بالصداقة فعلاً إلا منهم لأن الصداقة فعل منزّه عن المصلحة. ولا يثق الصباح بنزاهة لغير الأطفال، والصباح مرافق الشباب ورفيقهم يمدّهم بالقوّة لأنّهم فعّالة الخير وبناة الغد، ولهم العشق مغزل أيام ونول الحكايات الجميلة والقلق السعيد والفرح بدموع تجفّ وتزيد. والصباح شريك الرجال والنساء وقد تخطّوا عتبة الأربعين، أباء وأمهات، يصبّون فرح وغضب وعقد وخيبات ونجاحات الحياة في تربية أولادهم وبناتهم. تارة يصيبون وطوراً يخطئون، لكنهم عموماً ـ جيلاً بعد جيل ـ يشبهون الانسان الأصيل، فينثر الصباح بعضاً من ابتسامات الفرح على صباحاتهم الجدّية، وهم يدّعون كل الفهم وكل الخبرة والمعرفة، ويرمون بما يعرفون على صفحة أولادهم البيضاء، فيخفض منسوب غرورهم، فيفضح خطأ الحسابات ويكشف لهم خيبات التوقعات وما يتعلمون إلا نادراً. ومع عتبة الخمسين يضيع معهم الصباح شيوخاً وكهولاً صاروا أو ما زالوا شباباً شيوخاً أو رجالاً ونساء كباراً فيشاكسهم، يلاعبهم كشباب الشيوخ أو شيوخ الشباب، ويعاندهم ويدرّبهم ويتمتّع بحضورهم كرجال ونساء كبار. ولأنني من هؤلاء، ألعب لعبة الصباح وأتمتع بملاقاته بفرح، وقد أتممت السادسة والخمسين. فالسنة التي مضت كانت مليئة ككأس فاضت لتعلن أنها فاصلة بين عمرين. عمر الرؤيا وعمر الوضوح، عمر القتال وعمر النصر، عمر الابتسامة وعمر الفرح، عمر التعب وعمر المزيد من التعب، عمر البناء وعمر التمتع بفن العمران والبناء، عمر اللغة وعمر تصير فيه اللغة الغناء. كما هو العمر محطات صار الموت فيه شيئاً عبر مرّات ومرّات ولا يهمّ متى يعيد. في قبلها أخطأ وليس مهماً متى يصيب، يغيب عن العين والبال، ونمضي كل يوم إلى الحياة من جديد، في السادسة عشر، كنت أنهي الاستعداد لأصير مقاتلاً ـ بإنهاء سنة التدريب العسكري مع حركة فتح، وأنهي تشكيل الخلية الاولى لبناء تنظيم حزبيّ مقاتل: منظمة «غيفارا الحمراء». وفي السادسة والعشرين كنت أنهي سنة من موقع القيادة في السياسة والمقاومة تتوّج في السادس من شباط عام 1984 بشراكة عمر مع الرئيس نبيه بري والشهيدين عماد مغنية ومحمد سعد. وفي السادسة والثلاثين، كنت أستعد لمسيرة المجلس الوطني للاعلام لتأسيس الإعلام المرئي والمسموع في لبنان ودخول السياسة الرسمية من بابه إلى النيابة عام 2000، متوّجاً العام 2004 في السادسة والأربعين حرباً على القرار 1559، فصرت ناظراً له مقابل تيري رود لارسن، نتقاتل في برية بلادنا، على حرية استقلالنا. وها أنا اليوم في السادسة والخمسين، أعود كاتباً ومحاوراً ومتحدّثاً فقط، أي ما أراه أصل البدء والتأسيس والتأصيل، من موقعي في رئاسة شبكة «توب نيوز» التي أفخر بأنها إنجاز وإعجاز. ورئاستي لتحرير جريدة «البناء» التي أجهد فيها للمزيد من فخر النهضة والبناء. أقول لكم أنا اليوم ناصر قنديل معكم حتى انقطاع النَّفَس. صباحكم خير ومقاومة ونصر وعطاء.
صباح الخير في فيينا 25-11-2014
سمع الصباح عن أغنية تقول «ليالي الأنس في فيينا»، وتساءل عن صباحاتها، فقال القهوة جامعها، فهل هي قهوة الحرب أو السلام؟ تنصّت الصباح وسط الغيوم الغامقة الداكنة، التي توحي بأنّ الليل قائم ولا تجعل أحداً ينتبه لحضوره، فسمع جون كيري يقول لآشتون: أنجِز الاتفاق وبقي أن نتفق على روزنامة تنفيذ فيها إلغاء العقوبات، يتدرج مقابل تنفيذ التعهّدات. فقالت: لكن النمر الظريف لن يقبل. فقال: إذن المهم أن نسير بالروزنامة ولو قلنا إن الاتفاق لم يتمّ بعد، وإن الامر ضمن مواصلة التفاوض.
وسمع الصباح لافروف يقول لظريف: نحتاج وقتاً لنحدّد وفق الخبراء مطابقة طلباتكم لعدد أجهزة الطرد المركزي المستحقة ونحسم النقاش، وهذا يستدعي أربعة شهور عمل، وبعدها ثلاثة شهور تفاوض. فقال ظريف: لكننا غير مستعدّين لمواصلة التوقف عن التخصيب العالي وتعديلات المفاعلات على وعود وكلام، إن لم يفرج عن ودائعنا المجمّدة ويتعهّدوا بعدم إصدار عقوبات جديدة، فلا التزام من جانبنا بشيء. فقال لافروف: يكون اتفاقاً سرّياً وإعلاناً عن التمديد. فقال ظريف: شرطنا الاعلان علناً عن تحرير الودائع والتعهّد بعد إصدار عقوبات.
هدأ الصباح قليلاً فوجد لافروف وكيري معاً، يتفقان على طلبات النمر الظريف. ويعود لافروف وآشتون إلى فطور معاً، فتقول: يبدو كيري خائفاً من وضع المشاكل الداخلية والخوف من الهجوم على الاتفاق فيريده سرّياً، ليسقط فرص الهجوم وتغليفه بالتمديد. فقال: والتفاهم السياسي في المنطقة بين السعودية وإيران صار مسؤوليتنا نحن وعُمان، والاقلاع بالحل السياسي والعسكري في سورية مع الأسد صار مسؤوليتنا أيضاً، وكلها تحتاج للسرّية ومنع الهجمات «الاسرائيلية» والتركية، فنستعدّ للتمديد من ضمن الاتفاق، وليعلن كيري وهاغل وأوباما التعهّدات التي ينتظرها الظريف كي يكون التمديد والاتفاق توأمان. ورحلا معاً إلى كيري يبلغان، وتتوالى الكلمات وتحدّد المليارات الخمسة عائدة لأصحابها تباعاً… وحقّ التخصيب مصان… ومديح لإيران… وودّ لموسكو وعُمان… والظريف يحتفل بالنصر يقول فزنا وربّ الكعبة، في سورية والعراق ولبنان واليمن غدٌ جديد… ألف مبروك فموسم الثلوج يبدأ… والقلمون وحلب أوّل المسقط في موسمه.
الصباح حداداً على صباح 26-11-2014
قال الصباح: إن رحلت صباح فهذا ليست مجرّد تشابه أسماء معي فقط، لأنها شريكة صباحات الميجانا وأبو الزولف. فأسدل ستائر الغيوم وأطلق محاجر الدموع مطراً منهمراً بلا انقطاع على رفيقة قرن متّصل تقريباً من عطاء وأناقة ومهابة وروح حياة ووطنية وعنفوان. فهي من غنّى للجيش والوطن والحب والحياة. والصباح وهو يودع حاملة اسمه بحداد وسواد، جاءه خبر انتصارات أبطال الزهراء ونبّل قرب حلب، فنادى الليل ليحميهم بينما ينتهي من مراسم تشييع صباح فيعود إليهم محتفلاً مسجّلاً لهم النصر الذي سيغيّر مجرى المعارك، لا بل الحرب في سورية. وتوزّع الصباح صباحين: واحد تطلّ شمسه بدفء في نبّل والزهراء، وثانٍ يسدل ستارة الغيم وينكّس أعلام أشعته لأيام الحداد على رحيل الشحرورة. ودعا الصباح الناس إلى عدم الخلط بين الأمور، فدائماً لا تحدث الاشياء المحزنة ويتوقف عندها الزمن. أو تحدث الاشياء المفرحة وتمنحنا الايام فرصاً متصلة للاحتفال بلا أحزان. فتلازم صناعة الحزن والفرح دأبَ الحياة على مدار الوقت. وعلينا أن نعرف كيف نفرح في قلب الحزن وأن نحزن في قلب الفرح.
وقال الصباح للناس تعالوا بمدامعكم معي نودّع صباح. وها أنا بابتسامتي معكم لنحتفل في نبّل والزهراء. وما وجد الصباح إلا الدعاء لفيروز بطول العمر في الحالين قائلاً: صباحكم فيروز. ومضى إلى المهمتين معاً…
صباح قلم… قلمون 27-11-2014
في الصباح تعاهد جنود بلدان العالم كلّه على تحية العلم. وفي الصباح يتنادى الكتّاب والشعراء إلى القلم. والموجوع يضنيه في الليل السهر فيغشى نائماً ولا يوقظه إلا شديد الألم. والحالم يتقلب على جنبيه ويقوم وينام وليس في البال إلا ما حلم. والنبيل الساهر على حدود الشرف يحيى ويموت والنبل في دمه. والمستقبل الناظر إلى الصباح بعين الحاضر يحمل ما قبل عبرة وخزان ذخيرة. والعاشق زاده قبل، والملهوف خبزه أمل. والكل في الصباح إلى العمل، تلاقوا في بيدر الصباح كل يتباهي بشركاته في التسمية. فقال العلم أنا بكل فخر ما أمثل رفيقي في الاسم العلم والعلماء. فقال القلم غير رفيقا لأنهم عندي يشتغلون، ولولاي ما كانوا يعلمون. فقال الألم وأنا رفيق تسميتي معكوس التشكيل بالحروف فهو هنا. أطل الأمل برأسه خجولاً، قائلاً: نحن نتشارك كل منّا يدير ظهره للآخر، فعندما تسقط همّتي يظهر الألم، وعندما يرجو الناس زوال الألم يحدوهم لقائي فيقولون الأمل. فخرجا من البيدر معاً، فوقف العمل ليقول فزت أنا والعلم ومعنا تبادل لا ضرر فيه للتشارك في تشكيل الحروف المتبدل من علم العلماء وعلم البلاد وعمل لا خسران فيه ينهض صروحاً لا تموت. وتبوّأ البيدر يده بيد العلم، ووقف العاشق لا يلاقي شريكاً إلا المستقبل الناظر بعين الأمل قبل، ليقول القبل كالماضي بلا أمل، فلاقاه القلم قائلاً وبلا شعر يخطّه الشعراء بحبري، وقلم كحل ترمي به الجميلات سحر العيون رسماً، وقلم الورد تتخذونه هدية، فتباهى القلم بما صال وجال وتقدّم الصفوف، فخجل النبل وهو قائم على الخجل وإلا فقد التسمية، فقال في تسميتي بعض شبه مع الحارس للثغور بقوس ونبال، يداعب حبال قوسه كل اطلالة صباح وتحت قوس عينه مسار نبل. فأمسك القلم نفسه وكتب للصباح: قلم شاعر وعالم وقلم في قوس بدل النبال، وقلم تحت القوس بيد القاضي يخط الاحكام، وقلم كحل وقلم ورد للعشاق، وقلم يكتب مصائر الحاضر والماضي والمستقبل.
فقال الصباح لما كنت أيها القلم اسماً كان جمعك أقلام، وقد صرت فاعلاً صار جمعك «قلمون»، فإلى موسم الثلوج معاً، والنبال جمع يحلّ مكانه نبّل، فتعانقا وتعالا تختصران الألم والأمل والعلم والعمل. قلمون ونبّل الغد والمستقبل… صباحكم نصر المقاومين يخطّه القلم بالدم القاني، قلم ورد وقلم كحل فتزيّنوا…