انتظار لمبادرة بري… وتجاذبات متعدّدة الجبهات… ورفض الاشتراكي لـ «العسكرية» سجال مبنى «تاتش» والـ 75 مليون دولار للتصعيد… وأمن عين الحلوة على الطاولة

كتب المحرّر السياسيّ

شكل ما كشفته صحيفة النيويوركر عن توجيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوة لوزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف للقائه في البيت الأبيض، خلال مشاركة ظريف في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المقبل، ورفض ظريف الدعوة وصدور العقوبات الأميركية على ظريف كردّ على الرفض، مدخلاً لكشف الطريق المسدود الذي تواجهه واشنطن في مواجهتها مع إيران، خصوصاً بعدما نقلت مصادر متابعة معلومات عن وساطات مستمرة لترتيب اللقاء مع ظريف بطلب أميركي وإصرار من الرئيس ترامب شخصياً، مع وعود بالسعي لتقديم عروض إيجابية للتوصل إلى إطلاق مفاوضات جدية، لا تعتقد القيادة الإيرانية بجدواها من منطلق رفضها لفكرة التفاوض مع كل إدارة جديدة وفقاً لما سبق وقاله ظريف على شبكة الـ سي أن أن في تفسير موقف إيران.

على الجبهة السورية نجح موقف سورية بالتعاون مع روسيا في توظيف نتائج العمل العسكري ونتائج الميدان في بلورة تفاهمات جديدة في أستانة تضع الموقف التركي أمام الاختبار الجدي للاصطفاف على ضفة الحلول السياسية، عبر دفع تفاهمات سوتشي إلى الواجهة، كما نجح في فرض اصطفاف واضح للفصيل الإرهابي الرئيس في منطقة إدلب بصورة مخالفة لتفاهمات استانة، مع إعلان جبهة النصرة رفض التفاهمات، وبالتالي فتح الطريق للحسم العسكري بشراكة روسية سورية مع الحلفاء واضطرار تركيا لاتخاذ موقف الابتعاد عن دعم النصرة وتوفير التغطية لها على الأقل.

في لبنان انزياحات متزامنة في العناوين والملفات، فبعد طغيان تجاذب الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني على عنوان عقد جلسة للحكومة، حل تجاذب التيار الوطني الحر وتيار المستقبل حول موقف رئيس الجمهورية الداعي لعقد الجلسة وموقف رئيس الحكومة المتحفظ عليها قبل التوافق مسبقاً على حل قضية قبرشمون. وفي قضية قبرشمون انزياح آخر، حيث حل التصعيد الاشتراكي بوجه المحكمة العسكرية مكان رفضه للمجلس العدلي، وفي الشأن المالي صعد إلى الواجهة السجال حول قرار وزير الاتصالات شراء مبنى لشركة تاتش بـ 75 مليون دولار في منطقة شركة سوليدير، مكان الحديث عن تقارير وكالات التصنيف الائتماني وما يطال الوضع النقدي وسياسات مصرف لبنان، وفي الملف الفلسطيني تراجعت التحركات الاحتجاجية على قرار وزير العمل والجدل حولها، ليتقدّم الملف الأمني في عين الحلوة بدلاً عنها.

يبقى العنوان الجامع لكل هذه الملفات مرتبطاً بالقدرة على تأمين فرص انعقاد الحكومة، وهو ما قالت مصادر متابعة إن ثمة اجتماعاً على انتظار مبادرة يطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري لهذا الغرض، تستند إلى تسليم الجميع بالحاجة لمخرج من مأزق متعدّد الجبهات وغياب القدرة على فرض الحلول من أي جهة وفقاً لرؤيتها الأحادية، والحاجة المبتادلة لدى الجميع لتدوير الزوايا في مخرج جديد.

مبادرة جديدة لبري تنتظر عودة الحريري!

لم تشهد عطلة نهاية الأسبوع أي جديد على صعيد معالجة قضية قبرشمون ولا لجهة عقد جلسة لمجلس الوزراء بانتظار عودة رئيس الحكومة سعد الحريري الموجود حالياً في أوروبا في رحلة خاصة تستمر يومين لقضاء عطلة نهاية الأسبوع مع عائلته والاحتفال بعيد زواجه، ما يحمل إشارات مقلقة بأن لا حلول في الأفق ولا اتجاه لدى الحريري للاستجابة لطلب رئيس الجمهورية ميشال عون باتصاله الأخير به لتوجيه دعوة لعقد جلسة لمجلس الوزراء هذا الأسبوع، رغم أن مصادر رئيس الحكومة تؤكد لـ»البناء» أن إجازته ستكون قصيرة وسيدعو الى جلسة فور توفر الظروف المناسبة.

فيما الأكثر قلقاً هو استمرار جهات داخلية وخارجية اللعب على وتر الوضعين الاقتصادي والمالي بالتوازي مع اشتداد الأزمة السياسيية، وذلك من خلال نشر معلومات مغلوطة وتحريف مواقف رسمية لا سيما موقف رئيس الجمهورية الأخير بهدف نشر الخوف والشكوك في البلد والتحذير من انهيار مالي واقتصادي وشيك والتهديد بالتقرير المرتقب للوكالة الدولية للتصنيف «ستاندرز اند بورز» في 23 آب الحالي، رغم البيان التوضيحي لرئاسة الجمهورية ومبادرة حاكم البنك المركزي رياض سلامة الى طمأنة المواطنين والأسواق على استقرار الوضع المالي والنقدي.

أما التطور الجديد في المشهد السياسي فهو حملة وزراء ونواب الحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية وبعض تيار المستقبل على رئيس الجمهورية وهذه المرة الأولى منذ التسوية الرئاسية التي تتعرّض بعبدا فيه لهذا الهجوم الشرس والاتهامات بالتدخل في القضاء، علماً أن الاشتراكي والقوات كانا يحيّدان رئيس الجمهورية عن السجالات مع التيار الوطني الحر، ما يحمل أهدافاً سياسية ما تتعدى مسألة تحصين موقف جنبلاط التفاوضي والسياسي في قضية البساتين في وجه العهد.

فبعد اتهام وزير الصناعة وائل أبو فاعور رأس السلطة بالتدخل بالقضاء في اشارة الى رئيس الجمهورية، اتهم عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب هادي أبو الحسن «بعض وزراء البلاط بالتدخل في القضاء واستدعاء قضاة من عطلتهم القضائية، من أجل فبركة ملفات وتوجيه ملف باتجاه معين، من اجل الاقتصاص من وليد جنبلاط وحزبه وكل الشرفاء في البلد». فيما أعلن الحزب الاشتراكي أنه «سيعقد مؤتمراً صحافياً خلال اليومين المقبلين يكشف فيه للرأي العام أدلة ووقائع عن تدخلات سياسية في القضاء».

ووسط هذا المشهد الضبابي تشير المعلومات الى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أخرج من جعبته مبادرة جديدة لم تظهر الى العلن بعد، لكنها تنطلق من مبادرته الأولى وتحظى بغطاء من حزب الله وفقاً للمسارات الثلاثة القضائية والأمنية والسياسية، ما يؤشر الى امكانية دخول حزب الله بقوة على خط الأزمة بعدما شعر بأنها تزداد خطورة وبالتالي فتح قنوات اتصال مع رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط كما طالب الأخير مرات عدة علّ ذلك يسهم في طمأنة جنبلاط سياسياً وبالتالي تسهيل المعالجة لحادثة البساتين.

وأكدت مصادر الاشتراكي بحسب قناة «أل بي سي» اشتراط جنبلاط مشاركة ممثل عن حزب الله في أي مصالحة مع الحزب الديمقراطي اللبناني.

لكن نائب الأمين العام لـحزب الله الشيخ نعيم قاسم أشار الى أنه «من الطبيعي أن تكون قضية البساتين مؤثرة ومهمة، لأنها خطيرة وتؤسس فيما لو لم تعالج ذيولها بمنطق غير سليم في الواقع اللبناني، فنحن مع مسار قضائي، يتفق عليه طرفا القضية إذا أمكن ذلك، ونشجّع على أي حل ينطلق من الاتفاق، لكن من الضروري أن نضع حداً لعدم اجتماع الحكومة، لأن الحكومة تتحمّل مسؤولية البلد، وعليها أن تجتمع لتعالج قضايا الناس، والناس بحاجة إلى حلول، ويجب استثمار إنجاز الموازنة في مجلس النواب، للانطلاق إلى المشاريع التي تمّ التخطيط لها، والتي تحتاج إلى مراسيم وآليات عمل من خلال الحكومة لمعالجة الوضع الاقتصادي ووضعه على السكة، كذلك لمعالجة الخدمات التي يحتاجها الناس في الملفات المختلفة مثل ملف النفايات والكهرباء وملفات أخرى تحتاج في الحقيقة إلى عمل دؤوب من قبل الحكومة، وإلى خطط مرسومة». كما أكد عضو المجلس المركزي في الحزب الشيخ نبيل قاووق «ان حزب الله أبلغ المعنيين جميعاً بأنه سيشارك في جلسة مجلس الوزراء حين الدعوة إليها، ونحن من موقع الحرص على إنقاذ البلد، نؤكد أن المرحلة استثنائية لا تحتمل المزيد من المشاكل والانقسامات، أو تعطيل مجلس الوزراء».

ولفتت قناة «أو تي في» إلى أن «بري لا يزال مصراً على ثلاثة مسارات على قطار حلحلة حادثة قبرشمون أن يسلكها، مسار أمني ومسار قضائي ومسار سياسي»، مشيرةً إلى أن «بري أمل بأن تسلك المبادرة الجديدة طريقاً يوصل إلى بر الامان».

من جهتها، لفتت مصادر الحريري لـ»البناء» الى أن «رئيس الحكومة يعوّل على أي مبادرة يقوم بها الرئيس بري»، مؤكدة أن «الحريري على تواصل دائم مع بري للبحث عن مخارج»، وأشارت الى أن «الحريري غير منزعج من اتصال رئيس الجمهورية ويعتبره حقاً دستورياً وفقاً للمادة 53 من الدستور»، وأوضحت أن «لا إشكالية في الاتصال نفسه وطلب عقد جلسة لكن الإشكالية بما صدر من تسريب مواكب للاتصال لم ينقل صورة وحقيقة الاتصال»، ولم ترَ المصادر وجود حرب صلاحيات بين الرئاسة الاولى والثالثة»، مشيرة الى أن «الدستور واضح لجهة ترسيم الصلاحيات بينهما»، مشيرة الى أن «الرئيسين عون والحريري متفقان على عقد جلسة لكن الحريري يريد عقدها في ظروف ملائمة وأن لا تتحوّل الى جلسة متفجرة وتعقد عمل الحكومة أكثر»، مؤكدة أن «الحريري مستمر في جهوده لإنجاح الجلسة وسيبادر فوراً الى الدعوة إذا زالت العقبات أمامها».

وتساءلت المصادر نفسها: «لماذا استباق التحقيقات في القضاء العسكري بطلب الإحالة الى المجلس العدلي؟»، ودعت الى «الفصل بين المسار القضائي وعمل السلطة التنفيذية المتعلقة بإدارة شؤون الدولة والمواطنين الاقتصادية والمالية والاجتماعية»، مذكرة بأن «جريمة مسجدي التقوى والسلام في طرابلس أُحيلت بعد سنة على العدلي»، ولفتت الى أن «ما حصل منذ بداية حادثة قبرسمون أن أحد الأطراف صعد الى الشجرة ورفع سقف مطالبه والآن يجري العمل على إيجاد مخرج توافقي يرضي الجميع».

واللافت كان إشادة وزير الدفاع الياس بوصعب بتحقيقات فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي في حادثة البساتين وتوجيه تحية له. ولفت بو صعب إلى «اننا نسمع كلاماً يوجه لرئيس الجمهورية ويقولون: لماذا تطلب أن يحصل اجتماعاً لمجلس الوزراء؟ وهذه من صلاحيات الرئيس»، مشيراً إلى ان «الفريق الذي يقوم بالاعتراض على مسار المحكمة العسكرية هو نفسه الذي اعترض على المجلس العدلي». وأكد بوصعب خلال افتتاح ساحة الجيش في بلدة هرهريا القطين بكسروان أننا لن نسمح لأحد أن يتدخل في القضاء لأننا نؤمن بالقضاء وكل ما يقال لن يؤثر في معنوياته وحكمه»، مشيراً إلى «أننا في عهد الرئيس عون لن نرى إلا دولة القانون والقضاء سيكمل وسيأخذ مجراه دون التدخل من قبل أحد».

وأضاف «يقومون بهجوم استباقي ونوجه تحية لفرع المعلومات على التحقيق الذي وثق الوقائع واذا الوقائع تزعج البعض فلن نقوم بتسوية»، مشيراً إلى أن «دوري أن أحمي القضاة الذين تعرضوا للتهديد ولا شيء اليوم يخيفهم، لأننا اليوم في دولة قوية وعهد قوي».

ورد بوصعب على رئيس حزب « القوات اللبنانية » سمير جعجع ، مشيراً إلى أن « مجلس الوزراء اتخذ قراراً بضبط الحدود والطلب من الجيش اللبناني والاجهزة الامنية التشدد في ضبط الحدود البرية».

وأكد «اننا قبلنا كل الهبات الخارجية التي تساعد الجيش اللبناني وتمّ بناء 74 موقعاً على الحدود اللبنانية»، مشيراً إلى «اننا ووزراء «القوات اللبنانية» نتشارك في اتخاذ القرارات في مجلس الوزراء ولم نسمع منهم أي اعتراض على قرار مجلس الوزراء بشأن الحدود».

واللافت أيضاً استغلال بعض الوزراء الأزمة السياسية والفراغ الحكومي وتعطيل مجلس الوزراء، وتهريب عقود وصفقات مخالفة للقانون والأصول وتعد من صلاحية الحكومة فضلاً عن تكاليفها الباهضة على خزينة الدولة وموازنتها التي تشهد تقشفاً واسعاً في الإنفاق الوزاري، كما حصل في شراء وزارة الاتصالات مبنى لشركة تاتش وسط بيروت بـ 75 مليون دولار، ما أحدث بلبلة في الوسطين السياسي والإعلامي وامتعاضاً وسخطاً في الأوساط الشعبية وفجّر سجالاً عنيفاً بين وزير الاتصالات محمد شقير والنائب جميل السيد، ففي حين اتهم شقير السيد بالكذب، وتركيب الملفات، اتهم السيد في تغريدة له شقير بالنفاق، وأكد «أننا عارضنا الاستئجار في السوليدير وقلنا إن كلفة الإيجار هي أضعاف سعر المبنى وإن أي مكان آخر أرخص بكثير»، وأضاف: «أما عن النعوت السافلة التي يطلقها، وكونه ليست لديه حصانة كوزير بل يعتبر موظفاً كبيراً من قبلنا كمجلس نواب، فسيكون لدينا ملاحقة قانونية له على تطاوله وسفاهته…».

مقتل العرقوب

على صعيد آخر خيّم الهدوء الحذر على مخيم عين الحلوة بعد مقتل المطلوب بلال العرقوب في عملية أمنية نفّذتها مجموعة من «الحركة الإسلامية المجاهدة» و»عصبة الأنصار الإسلامية» فجر أمس في حي المنشية داخل عين الحلوة، حيث تم اعتقال ولديه يوسف واسامة وتسليمهما الى مخابرات الجيش اللبناني عند حاجز الحسبة.

وكان حي الراس الأحمر معقل مجموعة العرقوب المتهمة بقتل الفلسطيني حسين علاء الدين، شهد اشتباكات بينها وبين قيادة الأمن الوطني الفلسطيني وعصبة الأنصار، استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة والقذائف الصاروخية، حيث تمكنت قوات الامن الوطني الفلسطيني من السيطرة على منزله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى