أبعد من السجال… إلى أين؟

ناصر قنديل

– ليست القضية في مدى دقة الاتهامات التي وجّهها الحزب التقدمي الاشتراكي للعهد ووزرائه ولرئيس مجلس القضاء الأعلى، في تركيب ملفات والتلاعب بالمسار القضائي، والحديث يدور عن اتصالات عرف بها الاشتراكي وعرف بمضمونها ولا أحد يعرف كيف، وما هي الإثباتات التي يملكها، وما دام القاضي الذي يعتبره نزيهاً يواجه الضغوط هو من أعدّ القرار الاتهامي فلماذا الحملة على القرار إذن، وليست القضية ايضاً في التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات والقراءة التي قدّمها الاشتراكي في مضمونها، ومدى صدقية هذه القراءة بالقياس لنصوص التحقيقات نفسها وما ورد فيها كما عرضتها محطات تلفزيونية صديقة للاشتراكي، وطالتها بعض سهامه، لأن القضية هي أن الاشتراكي أراد قلب الطاولة. فلماذا يفعل ذلك وما هي حساباته؟

– عندما يقوم حزب كالحزب التقدمي الاشتراكي بمخاطبة رئيس الجمهورية بلغة الاتهام بالسقوط الأخلاقي، والخروج عن القسم ويهدّده بنهاية مريعة لعهده، فإن هذه اللغة الاشتراكية غابت منذ العام 2005 والحملة التي تمّ تنظيمها بقيادته آنذاك على عهد الرئيس إميل لحود، وقبلها بعقود، بحق الرئيس السابق أمين الجميل، وفي المواجهة مع عهد الرئيس لحود كان الاشتراكي ضمن جبهة تقودها الرياض وواشنطن ضد سورية وحلفائها في لبنان انتهت بحرب، كانت في تموز 2006، وكان الاشتراكي ضمن حلف لبناني فيه رئيس الحكومة وتياره السياسي، وفي المواجهة مع الرئيس أمين الجميل كان الاشتراكي ضمن حلف تقوده سورية عنوانه إسقاط اتفاق 17 أيار، وطرد الأميركيين من لبنان، وانتهت بحرب بدأت في الجبل عام 1983، وتوّجت بانتفاضة 6 شباط 1984، وكان الاشتراكي ضمن حلف يضمّ الرئيس نبيه بري.

– السؤال هو عن حسابات وتحالفات الاشتراكي الداخلية والخارجية التي تقف وراء هذا الخطاب اليوم، لأن افتراض صحة الاتهامات لا تضع الاشتراكي وهو الشريك الدائم في مؤسسات حكم ما بعد الطائف، كصاحب سيرة ملؤها التمسك بالحكم المحايد والقضاء المستقل، لأن القضية كانت دائماً عنده في السياسة وليست في مكان آخر، فهو قادر على تقبل قضاء يتمّ التدخل في شؤونه، ورؤساء ووزراء يتشاركون التلاعب بالملفات، عندما يكون ضمن حلف الحكم الداخلي والخارجي، وعندما كان يفتح النار على حكم يخالفه بنيران من هذا العيار لم يفعل ذلك لمجرد الغضب، فما هي حساباته وتحالفاته اليوم لبدء معركة من هذا العيار، كيف يحسب موقف تحالفاته الداخلية في معركة تشبه معركتين سابقتين بتاريخين مختلفين كان أحد رئيسي المجلس النيابي والحكومة حليفاً له يوم خاضها، وأين هي الرياض وواشنطن، طالما أن دمشق التي ساندته في حربه عام 1983 هي في موقع استهداف بنيرانه واتهاماته اليوم، كما في حربه عام 2005 وصولاً لحرب تموز 2006 حيث الرياض وواشنطن وراء الحرب، ولماذا التركيز على حزب الله، وهل هناك حرب يعرف بها آتية في الطريق، أم أنه يخطئ الحساب هذه المرة ويخوض حربه وحيداً ويقرر قلب الطاولة تحت شعار شمشمون: عليّ وعلى أعدائي يا رب؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى