الجولاني يطلق النار على اتفاق أستانة… وأروغان أمام الامتحان!؟

حسن حردان

لم تنقض 48 ساعة على إعلان الاتفاق الجديد في استانة الكازاخية ووقف النار بموجبه في منطقة خفض التصعيد.. بمباركة الدول الضامنة بما فيها تركيا.. حتى سارع قائد جبهة النصرة الإرهابية ابو محمد الجولاني إلى إعلان رفضه الالتزام بالاتفاق وبالتالي عدم الانسحاب من المنطقة المنزوعة من الإرهابيين وسلاحهم الثقيل والمتوسط بعمق 20 كلم على طول خط التماس مع قوات الجيش السوري.. وأتبع الجولاني رفضه هذا بإطلاق القذائف الصاروخية على القرى والبلدات الآمنة في ريفي حماة واللاذقية وقاعدة حميميم الروسية في اللاذقية مما أدّى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى.. ومسارعة الجيش السوري والطيران الحربي السوري والروسي إلى الردّ بقصف مكثف لمواقع جبهة النصرة في محافظة إدلب..

إنّ الاتفاق الجديد الذي صادقت عليه تركيا وشكل بمضونه تحوّلاً إيجابياً بالقياس إلى الاتفاقات السابقة ما دفع رئيس الوفد السوري الدكتور بشار الجعفري الى وصفه بأنه الأفضل حتى الآن لجهة مقاربة الوضع السوري.. إنّ هذا الاتفاق نصّ بوضوح على اتفاق مبدئي بتشكيل لجنة مناقشة الدستور والقلق من تمدّد تنظيمي جبهة النصرة وداعش المصنّفين دولياً باعتبارهما منظمتين إرهابيتين يجب العمل للقضاء عليهما.. وهي لهجة جديدة ترد للمرة الأولى في بيانات استانة بموافقة الوفد التركي.. وكذلك التأكيد على رفض فرض أمر واقع جديد على أراضي الجمهورية العربية السورية والعمل المشترك من جميع الأطراف الضامنة للاتفاق ضدّ ايّ محاولة تمسّ بوحدة سورية والأمن الإقليمي لدول الجوار.. وهو ما اعتبر موجّهاً ضدّ قوات «قسد» الكردية الساعية إلى فرض إقامة كانتون في شمال شرق سورية بدعم أميركي وضدّ سعي الجماعات الإرهابية المتحصّنة في محافظة إدلب إلى تكريس سيطرتها على المنطقة وإدامة حرب الاستنزاف ضدّ الدولة الوطنية السورية..

غير أنّ تنفيذ بنود هذا الاتفاق لم يعد ممكناً من دون القضاء على النصرة وداعش اللتين تقفان عقبة في طريق تطبيقه.. الأمر الذي يضع الرئيس التركي رجب أردوغان أمام امتحان وتحدّي ترجمة موافقته على الاتفاق عملياً من خلال:

إما رفع الغطاء عن الجولاني وتنظيمه جبهة النصرة ووقف كلّ أشكال الدعم التي تصل إليه عبر الأراضي التركية والجماعات التابعة لتركيا.. وبالتالي قيام الجيش السوري وحلفائه بتنفيذ الاتفاق بالقوّة بتطهير إدلب من النصرة وأخواتها.. او الانخراط إلى جانب الدول الضامنة في ضرب النصرة وداعش والقضاء عليهما كما نص الاتفاق خصوصاً بعد أن تأكد بوضوح أنهما يعيقان تنفيذ الاتفاق..

وفي حال امتنع أردوغان عن تنفيذ ما وقع عليه وفده في استانة فهذا سيكون بمثابة دليل جديد على أنّ أردوغان يستمرّ بالمناورة والمماطلة وكسب الوقت رهاناً على تكريس فرض أمر واقع في شمال سورية بهدف محاولة مقايضة ذلك بالضغط على الدولة السورية لتقديم تنازلات سياسية تمكن الجماعات المسلحة التابعة لتركيا وفي مقدّمها الإخوان المسلمين من تشريع وضعها في سورية وإدخالها في تركيبة الدولة من حكومة وبرلمان لتكون حصان طروادة التركي للتدخل عبره في شؤون سورية الداخلية على غرار ما تفعل واشنطن في العراق.. بعد ان زرعت في قلب الدولة العراقية موالين لها ينفذون سياساتها..

في مطلق الأحوال فإنّ ما جرى يؤكد بالدليل القاطع أنّ تطهير محافظة إدلب من الجماعات الإرهابية لن يتحقق إلا عبر اللجوء إلى استخدام الضغط العسكري المتواصل وتوجيه الضربات المستمرة لمواقع هذه الجماعات الإرهابية كما حصل في أرياف دمشق وجنوب سورية والمناطق الشرقية من حلب إلخ… وبالتالي فإنّ استخدام القوة العسكرية للقضاء على وجود الإرهابيين وإنهاء حال الاستنزاف القائمة هو الطريق الوحيد الذي يقود إلى الحلّ السياسي الذي يحقق وحدة سورية ويعيد الأمن إلى كلّ المناطق ويفتح الباب أمام عودة النازحين وبالتالي يضع حداً للتدخلات الأجنبية في شؤون سورية الداخلية.. ويطلق ورشة إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإرهابية الكونية على سورية…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى