رئيس الجمهورية: مَن يرفض العدالة يرفض المجتمع والفساد معشش في مختلف المؤسسات… لكننا سنستأصله

لفت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى أنّ مسيرة الإصلاح ومكافحة الفساد لا تنتهي، وهي بدأت بالفعل بعد أن كانت تحتاج إلى تدابير لم توضع موضع التنفيذ، وتمّ فرض الأمن والعدل. وهناك أمور أخرى تحتاج إلى وقت أكبر لتتحقق على غرار السياحة مثلاً، والوضع الاقتصادي يحتاج إلى بنية من عناصر عدّة كتسويق الإنتاج واسترداد الأسواق الخارجية . واللبناني اليوم يعيش في ظلّ الحرية والسيادة والاستقلال بالرغم من كلّ الحروب والضغوط التي واجهتنا، وهذا ما نتحدّث به باسم لبنان في المحافل الإقليمية والدولية بما يعود بالفائدة على الجميع، من دون أن يملي علينا أحد ما يجب قوله، او ان يؤثر علينا، بل نحن من يُملي ويؤثر».

مواقف عون أتت خلال استقباله في قصر بعبدا، وفداً من الانتشار اللبناني في عدد من الدول الأوروبية والأميركية يزور لبنان لقضاء فصل الصيف.

وتابع عون: «نتوجّه كلّ عام إلى الأمم المتحدة للدفاع عن مواضيع أساسية. وهناك هذه المرة حدث كبير في تاريخ لبنان إذ ستصوّت الأمم المتحدة في 13 أيلول المقبل على مشروع تقدّمنا به، بالغ الأهمية للبنان والعالم، ويساهم في إرساء السلام وهو إنشاء «أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار». فالسلام سابقاً كان يوضع على الورق فقط ولذلك كان هشاً ويسقط في كلّ مرة، أما ما ندعو إليه فهو سلام نابع من القلب ويقوم على معرفة وتفهّم الآخر الى أيّ جنسية أو طائفة أو فكر انتمى اليه، ويجب بالتالي أن تعمّ ثقافة السلام وهو ما يصبح ممكناً من خلال تخريج طلاب عبر هذه الأكاديمية. وبذلك يبقى لبنان وفياً لعراقته وتنوّع مكوّناته. ويمكنكم المساعدة في هذا المجال من خلال التسويق لهذا المفهوم ولهذه الأكاديمية، كما يمكن أن تكونوا أساتذة في الأكاديمية في مرحلة لاحقة.»

وفي معرض النقاش الذي دار بين رئيس الجمهورية وأعضاء الوفد، شدّد الرئيس عون على أهمية الحفاظ على الولاء للدول التي احتضنت المنتشرين، دون أن يتعارض ذلك مع الإبقاء على التعلق بالوطن الأم وبالجذور، «فنحن نتشارك وتلك الدول القيم ونتعاون في الأمم المتحدة، حتى في ظلّ بعض الخلافات السياسية التي لا بدّ ان تمرّ فتبقى الحقيقة».

وسئل عون عن نشر لبنان لثقافة السلام في وقت لا يزال فرقاء فيه لا يؤمنون بها ويعمدون الى قطع الطرقات ومنع زيارات لوزراء الى مناطق لبنانية، فأوضح رئيس الجمهورية انّ «هدف الرسالة التي وجهها للشباب منذ فترة هو تعليم مَن تنقصه هذه الثقافة، ولو تصرّفوا بموجب مضمونها لما كانت هناك من مشكلة، وبالتأكيد لا يحتاج أحد الى «إذن خاص» للتجوّل في بلده، ومن يرفض العدالة يرفض المجتمع الذي لا يمكنه العيش في الفوضى. لذلك فإنّ الرسائل التي نوجّهها من حين الى آخر تثقيفية، أما ما حصل فتترتب عليه نتائج قضائية. وهو سلك طريقه في هذا المجال حالياً لأنّ التعليم وحده لا يكفي. وهو يحتاج الى القضاء الذي يملك صلاحية الحزم والعقاب وفق القوانين المرعية الإجراء. فلا تخافوا طالما هناك من يضبط الوضع، فالمخالفات ستقمع عند حصولها، لأنه حتى في المجتمعات المتطوّرة هناك حزم في التعاطي لضبط المخالفات».

وأكد عون رداً على سؤال حول محاربة الفساد أنّ هذه العملية قد انطلقت بالفعل وتمّ تحويل ملفات عدة الى القضاء، مشيراً الى أنها مسيرة مستمرة وستتواصل، لكنها تتطلّب وقتاً لتؤتي ثمارها «لأنّ الفساد معشش في مختلف المؤسسات، لكننا سنستأصله، وسنعمل على محاربة براعمه التي قد تعود لتنمو. من هنا فإنّ هذه العملية يجب ان تكون مشروع تربية متواصلة تبدأ منذ الصغر». وأشار الى أنّ الأمر يتطلب أيضاً أجيالاً عدّة تتربّى على نظام قيم جديدة تقوم على الوفاء للوطن والعمل من أجله، لا الحصول على الحاجات بالسرقة، «من هنا وجوب التربية على الفكر السليم في المجتمع والمناعة الأخلاقية»، آملاً «ان تواصل الأجيال الشابة العمل الذي بدأناه».

ودعا عون رداً على سؤال آخر، الشباب اللبناني الى الالتزام بما أوصاهم به في الرسالة التي وجّهها اليهم قبل أيام، مشدّداً على «انّ الوضع الاقتصادي ليس بالسوء الذي يصوّره البعض، فما من موظف إلا وقبض راتبه والدولة تفي بكافة التزماتها»، معتبراً «ان ما يشاع هو مجرد شائعات من شأنها ان تثير بعض النفوس، وهي غير صحيحة ولا هدف لها الا تصوير الوضع على انه سيئ، وهذا أمر مضرٌ بالجميع على حد سواء».

وأجرى الرئيس عون مع رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي، جولة أفق تناولت مواضيع الساعة.

ثم استقبل الوزير السابق ناجي البستاني الذي قال بعد اللقاء: «إنّ الوضع دقيق ويستدعي المسؤولية من الجميع. وفخامة الرئيس المؤتمن على الاستقرار الداعم لدولة القانون والمؤسسات والحريص على الوطن بمكنوناته كافة وبالعيش الواحد فيه وبسلمه الأهلي، لم يألُ جهداً بالتعاطي مع الوضع متمسكاً في هذه الثوابت، وهو يواكب المساعي التوفيقية الخيّرة من جانب سلطات وقيادات سياسية كي تقترن بالخواتيم الإيجابية المرجوّة انطلاقاً من تحقيقات أولية واستنطاقية تلتزم القواعد والمعايير القانونية، وصولاً لإحقاق الحق عبر المرجعيات القضائية المختصة، مما يعزز الاستقرار على الأصعدة كافة لمواجهة ما تشهده المنطقة من أحداث ومخططات وما يواجهه لبنان من تحديات».

وبحث عون مع أسقف الدائرة البطريركية للسريان الكاثوليك المطران شارل مراد، الأوضاع العامة وشؤوناً كنسية واجتماعية.

وعرض مع القنصل العام لمالاوي في لبنان أنطوان عقيقي العلاقات اللبنانية – المالاوية وسبل تطويرها بين البلدين. وخلال اللقاء وجه القنصل عقيقي دعوة الى رئيس الجمهورية لحضور تدشين كنيسة المهد – سيدة الزروع التي شيدت في «جنائن الشمس» في كفرذبيان.

واستقبل عون، بحضور النائب روجيه عازار، كاهن رعية مار سمعان العمودي في القليعات الأب يوسف مبارك مع أعضاء لجنة الوقف، حيث عرضت حاجات البلدة والرعية. ووجّه الوفد دعوة الى رئيس الجمهورية لحضور القداس الذي سيقام يوم الأحد اول ايلول المقبل، لتكريس بازيليك مار سمعان العمودي في القليعات بعد إعادة إعمارها وترميمها. وسوف يترأس الذبيحة الالهية فيها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى