قصّة أوّل ندوة ثقافية في الحزب

الأمين الياس جرجي، أحدُ عمالقة الكلمة والنضال والتفاني في حزبنا، كتبتُ عنهُ قليلاً إنما هو يستحق، كالكِبار في حزبنا، أن يُكتب عنهُ الكثير.

بعض ما كتب الأمين الياس، وقدْ ورد في الصفحتين 30 و31 من كتابهِ القيّم «مآثر من سعاده» يُضيئُ على أولِ ندوة ثقافية في الحزب، ننشرها لمزيدٍ من الفائدة.

ل.ن

الأمين الياس جرجي قنيزح

اُنشئت أول ندوة ثقافية في الحزب السوري القومي الاجتماعي حين كان الحزب لا يزال سرياً أواسط سنة 1934 أي بعدَ مضي سنتين على بدء تأسيسه. لدى انعقاد الجلسة الأولى للندوة أخذَ الزعيم يوضح الغرض من انشائُها وخطورة مهماتها الثقافية في حزب عُقدي ذي نظرة كُلية وشاملة إلى الحياة والكون والفن إلى جانب مسؤوليات عمدة الثقافة والفنون الجميلة. وتطرّقَ الزعيم أيضاً إلى كيفية مُمارسة عملها ادارياً من الوجهة النظامية بوصفها أحد أجهزة عمدة الثقافة والفنون الجميلة المولجة بمعالجةِ الشؤون الثقافية سواء في مؤسسة العمد ومجلسهم أو بتوجيه التفاعل الثقافي العام في صميم الشعب ومعركة الوصول إلى الشعب إلى نفسه وفكره ووجدانهِ، معركةُ النهضة الأولى والأهم. ثُمَّ تناولَ الزعيم شرح مسؤولية رئيس الندوة الثقافية وناموسها اللذين يُشكِلان معاً هيئة المكتب للندوة ويتوليان بالتعاون مهمة تنظيم برامجها، وتنظيم الاشراف على تنفيذها بالإضافة إلى توفير التوافق الشكلي الذي يُحقق نظام النهج والفكر بين مختلف لجان الندوة وإلى تأمين التنسيق لمختلف مشاريعها ودراستها الفكرية الفنية في الاتجاه القومي الاجتماعي، ذلك الاتجاه الواضح الأُسس والمُنطلقات في مضامين قضية الحزب واتجاهات المبادئ السورية القومية الاجتماعية وفي أهدافها وغايتها.

وتوجّه الزعيم إلى الرفقاء أعضاء الندوة الثقافية الأولى في الحزب، الذين يشكلون دون ريب حينذاك نُخبة مُثقفي الحزب ومُفكريه المؤهلين للعمل والتوجيه الثقافي الفكري بين صفوف النهضة والمواطنين قاطبة، إلى هؤلاء المفروض فيهم جدارة تفهُّمِ قضيةِ النهضة وتفهُّمِ مفاهيمها ومُعطياتها المادية الروحية قد توجه الزعيم ليسألهم: من منكم يرى في نفسهِ الكفاءة لتحمُّلِ مسؤوليةِ رئيس الندوة الثقافية وقد اتضحت لكم كامل خطوط مسؤولياتها ومُهمّاتِها الأساسية الكُبرى؟

أمام السؤال الكبير سادَ الصمت المشوب بالارتباك والتردد وسرى بين الجميع وبسرعة خاطفة تبادل نظرات مُعبّرة تنمُّ عن حيرة مُتحفزّة وتفصّح عن تهيّب عميق الايمان بعزيمتهِ، تهيب من الأقدام على تنكب المسؤولية، مسؤولية رئاسة الندوة الثقافية الأولى في الحزب السوري القومي الاجتماعي.

لكن الوقت لم يمضِ طويلاً. خلال دقائق معدودات بينما كان بعض الأعضاء يستوضح نقاطاً دقيقة وردت على لسان الزعيم لدى شرحهِ الأولي لها رفعَ أحدهم يدهُ مُستأذناً الكلام ليُقدم نفسهُ من أجل تحمل مسؤولية الرئاسة في تلك الندوة مبيناً مدى استعدادهِ لتأمين أهم متطلباتها وإحراز النجاح الجيد فيها. وكان ذلك الرفيق السابق زكي النقاش 1 .

فتلقى الزعيم الاقتراح بملء الفرح والسروح وبادرَ فوراً إلى الترحيب به والموافقة عليه بالتصفيق للرفيق نقاش مُعبراً عن عميق إعجابهِ لأي خطوة تدل على ثقة بالنفس. وترسخ تلبية جريئة للمهمات مهما كبرت احمالها وتشابكت مسالُكها. من دون أن يقع المرء فريسة تصوراته للأسوأ ويتوقع أعقد الاحتمالات المثبطة أو يتهيب محجماً عند توهمه أنهُ مُرمى الاتهامات بالغرور والتباهي، فالاقدام هو ضرورة الوجود وحافز البقاء والاستمرار للأفضل مهما يكن نصيب الاقدام من الفشل أو النجاح. إنَّ الإحْجَامِ المتردّد يؤدي إلى الجمود والفشل الذميم.

الثقة بالنفس تنبثق عن وعي الحقيقة. أمّا النزعة الفردية فهي وليدة روحية التفرد اللااجتماعية وذهنية التشاوف الأنانية الضاربة في العبث والغرور والمُغرقة بالسطحية الطائشة المشوهة.

هوامش:

1 – زكي نقاش: أول عميد للحربية الدفاع لاحقاً للاطلاع على النبذة المُعممة عنه الدخول إلى موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية WWW.SSNP.INFO.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى