هي لا تحبُّكَ يا صديقي
جهاد الحنفي
هي لا تحبُّكَ يا صديقي
كلُّ ما في الأمرِ
أنكَ كنتَ لعبتَها الوحيدةَ ذاتَ يومٍ
حين كانت كفُّها تخلو من الألعابْ
والآنَ إذ كثرتْ لديها
حطَّمتْكَ كما الصِّغارُ
وأغلقتْ دونَ الذي أسميْتَه حبّاً كبيراً كلَّ بابْ
لا تبكِ مَنْ هَجَرتْكَ
هذا الدَّمعُ أثمنُ من سَرابْ
لا تَبكِها
وأعدْ اليكَ فؤادَك المزروعَ ورداً في يبابْ
ستقولُ لي
جرحي نديٌّ بعدُ
لا تكثِرْ ملامَك يا صديقي والعتابْ
سأقولُ بعضُ الملحِ فوق الجرحِ
يؤلمُ يا صديقي إنما يَشفيكَ من هذا العذابْ
هي لا تحبُّكَ يا صديقي
كيف لم تقرأْ بعينيْها الشياطينَ الدَّفينةَ
كيف كنتَ ترى الصَّباحَ
يطلُّ من كفَّيْن عشعشَ فيها ليلُ الغرابْ
كانت تداعبْ وجنتيْكَ
وفي أنامِلِها الطريَّةِ ألفُ أفعى… ألفُ نابْ
كانت إذا نَظَرَتْ إليكَ
ترى سواكَ…
فأنت طوعُ بنانِها
ومناكَ أن تستمطرَ الآفاقَ أعياداً
تلفَّ على حدائقِ خصرِها كلَّ النُّجومِ
مناكَ…
لكنَّ الأماني الخُضْرَ
كنَّ آخرَ همِّها
ماذا يفيدُ العطرُ
إن نَثَرَتْهُ فوق الصَّخرِ أكمامُ السَّحابْ
افتحْ خزائِنَها
وقلِّبْ ما تَبَعثـــَـــرَ من ثيابٍ
سوف تسمعُ عطرَ غيرِكَ واشياً
كم لمسةٍ حمراءَ قد مرَّتْ على تلك الثِّيابْ
كم كنتَ مسكيناً
طوتْك بظلِّها الملعونِ دهراً
إنما آنَ الأوانُ
لكي تمزِّقَ ظلَّها
وتقولَ لا
وتكونَ حُراً من ضبابِ الغيرِ
منطلقاً… كما وَلَدتْكَ نفسُك
لا يُؤرجِحُك التشابُهُ حيرةً
بين وَحْلِ الأرضِ والتِّبرِ المُذابْ
هي لا تحبُّكَ يا صديقي
كلُّ ما فَعَلتْه أنتَ صَنَعْتَه
يومَ ارتضيتَ بأن تكونَ صدى
لصوتٍ غيرِ صوتِكَ
لن أطيلَ عليكَ أعلمُ أن مرآةَ الهوى عمياءُ
لا تبقي على حيّ ٍصوابْ
ستقولُ لي
جرحي نديٌّ بعدُ
لا تكثِرْ ملامَك يا صديقي والعتابْ
سأقولُ بعضُ الملحِ فوق الجرحِ
يؤلمُ يا صديقي إنما يَشفيكَ من هذا العذابْ
لا بأسَ
إن سَحَقتْ عظامَكَ
لم يزل بيديْكَ حبرٌ
كي تدوِّنَ أنتَ وحدَكَ آخرَ الكلماتِ
في هذا الكتابْ.