عون لمراجعة الاستراتيجية الدفاعية… والحريري يتجاهل مزارع شبعا… لوقف النار مع إسرائيل باسيل يجدّد التمسك بالمناصفة الشاملة… والحكومة تجتمع غداً مالياً وفي بيت الدين… والثلاثاء بيئياً

كتب المحرّر السياسيّ

في المنطقة العيون على ما يجري في سورية مع تراجع التوترات الأخرى ومحافظتها على وتيرتها التقليدية، بينما في سورية وحدَها تبدو الحرب دولية إقليمية ضارية لرسم توازنات وتغيير معادلات، ويبدو محور مواجهة الهيمنة الأميركية، الذي يضمّ سورية وروسيا وإيران صاحب اليد العليا في تغيير الخرائط، بعدما أصبح الجيش السوري ممسكاً بمفاتيح معركة إدلب التي تشكل الحلقة الأصعب في الحرب التي تشهدها سورية منذ سنوات، بعدما نجح في تطويق الجماعات الإرهابية التي بات الدعم التركي لها مكشوفاً، وأغلق عليها طريق الانسحاب بسيطرته النارية على النقاط التي تفصل ميمنته من ميسرته عند العقدة الشمالية لخان شيخون، من جهتي التمانعة والهبيط، بحيث صارت مورك واللطامنة والصياد ومَن فيها من ضباط وجنود أتراك ومن مئات المسلحين، تحت حصار، قالت مصادر متابعة إن أنقرة بدأت مفاوضات مع موسكو لتأمين خط انسحابهم.

التورّط التركي المكشوف مع الجماعات الإرهابية كان الخلاصة الأبرز التي سجلها الرئيس السوري في خلاصات المعارك الدائرة في إدلب، معتبراً أن هذا التورط يكشف لكل من كانت لديهم أوهام حول الدور التركي حقيقة انحياز أنقرة إلى جانب الجماعات الإرهابية .

لبنانياً، خلط أوراق متعدّد الأوجه والمواضيع، فبينما كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يتحدث عن الحاجة لمقاربة جديدة للاستراتيجية الدفاعية ما رتب هجمة إعلامية سياسية تتهمه بالتخلي عن قيادة حوار وطني حول الاستراتيجية الدفاعية جاء توضيح رئاسة الجمهورية ليؤكد نية رئيس الجمهورية الدعوة للحوار حول الاستراتيجية، لكن مع تأكيد أن ما كان صالحاً قبل عشر سنوات في رسم الاستراتيجية الدفاعية لم يعد صالحاً مع مشاركة دول كبرى وجماعات إرهابية في المعارك التي درات في جوار لبنان ، ما أوحى بتمهيد الرئيس عون لمقاربة تكون الحاجة فيها للمقاومة وسلاحها أكثر من الماضي وبما يتخطّى الحدود التقليدية لمفهوم الاستراتيجية الدفاعية باتجاه الحاجة لاستراتيجية الردع. وبالاتجاه المعاكس لموقف رئيس الجمهورية كانت مواقف لرئيس الحكومة أطلقت في واشنطن قبل عودته إلى بيروت، يتردّد صداها لبنانياّ، بدعوته للانتقال من وقف الأعمال العدائية إلى وقف النار في جنوب لبنان، وهي المرحلة التي نص عليها القرار 1701، وربطه بحل بعيد مدى يطال قضايا النزاع، خصوصاً أن مجلس الأمن الدولي الذي أصدر القرار 1701 سبق وفوض الأمين العام للأمم المتحدة إدارة تفاوض غير مباشر حول نقاط خلافية بين لبنان و إسرائيل ، رابطاً الانتقال إلى وقف النار بحل النزاع حول الحدود خصوصاً في مزارع شبعا، وهو ما حاولت الأمم المتحدة القيام به ووصلت لطريق مسدود مع كيان الاحتلال. ولفتت المصادر المتابعة لكلام الرئيس الحريري غياب هذا الاشتراط عن كلام الحريري.

بالتوازي محور آخر لخلط الأوراق، كان في كلام رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل عن التمسك بالمناصفة الشاملة حتى تقوم الدولة المدنية، مستبقاً نتائج رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب طلباً لتفسير المادة 95، والطلب الذي رأى فيه كثيرون فتحاً لباب استقطاب طائفي، يفترض على الأقل وفقاً لمصادر سياسية أن يسحب الجدل الذي يثير العصبيات ويرفع حدة التوترات من التداول، مستغربة إصرار الوزير باسيل على مواصلة إصدار مواقف تلعب على الوتر الطائفي. وسجلت المصادر أسئلة حول معنى هذا الاستسهال في إطلاق مواقف إشكالية كموقف الحريري وموقف باسيل بينما يتحدث الجميع عن وضع مالي يحتاج تبريد كل الملفات الأخرى والسيطرة على التوترات، وفي ظرف إقليمي مفتوح على كل الاحتمالات، تشكل فيه أي فتنة يهتز معها الأمن الاجتماعي بين الشرائح اللبنانية على أساس طائفي مدخلاً للعبة دولية إقليمية خطيرة، كما حدث مع الاستسهال المشابه الذي عبر عنه قرار وزير العمل حول العمالة الفلسطينية، الذي فتح باب توترات في الشارع تحمل ما تحمل من فرص للعبث الأمني، وتشكل مخاطرة بالاستقرار، بينما تلقفت سفارات غربية على رأسها كندا واستراليا المناخات الناتجة عن قرار الوزير لفتح الباب لهجرات جماعية فلسطينية، ما لا يمكن وضعه إلا في دائرة تطبيق صفقة القرن.

تصنيف لبنان الائتماني سيبقى مصدر قلق حتى يوم الجمعة بانتظار صدور تصنيف ستاندرز أند بورز، فيما تنعقد الحكومة الخميس في قصر بيت الدين، وتفتتح خطة وضع موازنة عام 2020، بينما أعلن وزير البيئة فادي جريصاتي عن دعوة رئيس الحكومة لجلسة الثلاثاء مخصصة للملف البيئي وخصوصاً موضوع النفايات.

بعدما أعلن رئيس الجمهورية يوم أول أمس، أن كل مقاييس الاستراتيجية الدفاعية التي يجب أن نضعها تغيّرت حالياً. فعلى ماذا سنرتكز اليوم حتى مناطق النفوذ تتغيّر؟ وأنا أول من وضع مشروعاً للاستراتيجية الدفاعية. لكن هل لا يزال صالحاً الى اليوم؟ تسارعت ردود الفعل التي اعتبرت ان الرئيس عون تراجع عن مواقفه التي أعلنها قبل خطاب القسم وبعده عن ضرورة إقرار الاستراتيجية الدفاعية بعد الانتخابات النيابية، تماشياً مع حليفه حزب الله، ما استدعى توضيحاً من مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اشار فيه إلى أن ما قاله أمس، الرئيس عون حول موضوع الاستراتيجية الدفاعية كان توصيفاً للواقع الذي استجدّ بعد عشر سنوات على طرح هذا الموضوع خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني، لا سيما التطورات العسكرية التي شهدها الجوار اللبناني خلال الأعوام الماضية والتي تفرض مقاربة جديدة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية تأخذ في الاعتبار هذه التطورات، خصوصاً بعد دخول دول كبرى وتنظيمات إرهابية في الحروب التي شهدتها دول عدة مجاورة للبنان، ما أحدث تغييرات في الأهداف والاستراتيجيات لا بدّ من أخذها في الاعتبار.

وأكد البيان أن رئيس الجمهورية ملتزم المواقف التي سبق أن أعلنها من موضوع الاستراتيجية الدفاعية وضرورة البحث فيها في مناخ توافقي، ويدعو إلى عدم تفسير مواقفه على نحو خاطئ أو متعمّد يمكن أن يثير الالتباس، ويطلب العودة دائماً إلى النصوص الرسمية الصادرة عن رئاسة الجمهورية في كل ما يتعلق بمواقف فخامة الرئيس وتصريحاته.

وغرّد وزير الدفاع الياس بو صعب عبر حسابه على تويتر قائلاً: كلام فخامة الرئيس أمس عن الاستراتيجية الدفاعية كان واضحاً. علينا مقاربة أي استراتجية دفاعية جديدة وفق الواقع الحالي ولم نسمع أي كلام فيه تراجع عن مواقف الرئيس عون والتزاماته التي سبق أن اكد عليها في موضوع الاستراتيجية الدفاعية.

وفي السياق، تدحض مصادر لبنان القوي لـ البناء كل ما يُشاع عن ان رئيس الجمهورية يتريث في الدعوة للبحث في الاستراتيجية الدفاعية انسجاماً مع حزب الله لجهة مستقبل سلاحه، مذكرة بوثيقة مار مخايل التي نصت في إحدى ركائزها على الاستراتيجية الدفاعية والتي تعتبر ان الجيش عمادها، ولذلك يجب على الجميع الانتباه والتوقف عن رمي التحريض عن قصد في هذه الظروف الضاغطة. وتقول المصادر كيف لقوى سياسية شاركت في إنجاز البيان الوزاري ان تشارك في كيل الاتهامات، خاصة أن البيان نص صراحة على ان الحكومة سوف تعمل على وضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب على كامل الأراضي اللبنانية. اما الاستراتيجية الدفاعية الوطنية فيتم التوافق عليها بالحوار. وترى المصادر لأن المعطيات المحيطة بنا لم تعد كما كانت وكل ما قدّم من اوراق حول الاستراتيجية الدفاعية يحتاج الى تحديث وتعديل. وهذا ليس بالأمر السهل.

في المقابل، اعتبرت مصادر تيار المستقبل لـ البناء أنه من الخطأ ربط البحث بالاستراتيجية الدفاعية بانتهاء الخطر الإسرائيلي عن لبنان وبتطورات المنطقة، مشددة على أن رئيس الجمهورية مدعو بصفته رئيس البلاد الى الدعوة لطاولة حوار وطني للبحث في هذا الملف، لا سيما أن هذا الامر من المفترض ان يكون اولوية ايضاً لانه يتصل بالامن الوطني، مع اشارة المصادر في هذا السياق الى دعوات غربية كثيرة أوروبية منها وأميركية للبنان للبحث في استراتيجية وطنية للدفاع. ورأت المصادر أن ما استجدّ يتمثل بأن الجيش اللبناني أثبت بعد معاركه ضد الإرهاب في الجرود قادر على القيام بواجبه في الدفاع عن لبنان.

وكانت كتلة المستقبل رأت أن موضوع الاستراتيجية الدفاعية يجب أن يكون بنداً دائماً على جدول اعمال الحوار الوطني، وخصصت له في مؤتمرات الحوار جلسات ناقشت المشاريع المقدّمة من القيادات المشاركة، بينها مشروع تقدّم به الرئيس العماد ميشال عون باسم التيار الوطني الحر ومشروع تقدم به الرئيس ميشال سليمان.

من ناحية أخرى ثمنت الكتلة نتائج المباحثات التي أجراها الرئيس سعد الحريري في واشنطن، وتأكيد المسؤولين في الإدارة الاميركية دعم المؤسسات الشرعية اللبنانية الحكومية والعسكرية والمالية والمسارات المعتمدة للنهوض الاقتصادي. واعتبرت أن المهمات التي يتولاها رئيس الحكومة لن تخضع لأي أجندات محلية او خارجية وهو يجري اتصالاته مع مراكز القرار في المجتمع الدولي على هذا الأساس وينطلق من الحاجة الملحة لتوفير مقومات الامان للاستقرار السياسي والاقتصادي للبلاد، في ظل التحديات والمخاطر المعروفة لدى الجميع.

إلى ذلك يعقد مجلس الوزراء جلسة في الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر غد الخميس في المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين وعلى جدول أعماله 46 بنداً. ومن غير المستبعد ان يزور رئيس الحكومة قصر بيت الدين للقاء رئيس الجمهورية قبل الجلسة الحكومية المنتظرة. في حين ينتظر لبنان يوم الجمعة تقرير التصنيف المالي الجديد الذي ستصدره وكالة ستاندرد أند بورز لجهة اما تخفيص هذا التصنيف إلى مستوى CCC انعدام القدرة على تغطية الالتزامات المالية في ظل ظروف اقتصادية ومالية صعبة او الإبقاء على تصنيف B-، عدم السداد مع وجود قدرة على الإيفاء بالالتزامات المالية .

وفي هذا السياق، اعتبرت مصادر وزارية لـ البناء أن العمل سيكون لتنفيذ الورقة الاقتصادية التي حظيت بموافقة القوى الاساسية السياسية والمالية والمصرفية بهدف معالجة المشكلة الاقتصادية. واعتبرت المصادر ان العمل سينصبّ أيضاً مطلع الشهر المقبل على تطبيق توصيات مؤتمر سيدر قدر المستطاع من أجل الاستفادة من أمواله واستثماراته، خاصة أن المبعوث الفرنسي المكلف متابعة تنفيذ مقرّرات سيدر بيار دوكين سيزور بيروت بعد أسبوعين لدفع القوى المعنية على إطلاق عملية تنفيذ المشاريع ذات الصلة بسيدر، خاصة أن دوكان عبر خلال زيارته الاخيرة عن انزعاج فرنسي كبير من عدم جدية القوى السياسية تجاه الإصلاحات المطلوبة.

الى ذلك تراجعت السندات الدولارية الصادرة عن الحكومة اللبنانية إلى مستويات منخفضة جديدة أمس بفعل المخاوف من أن تخفض ستاندرد آند بورز جلوبال التصنيف الائتماني السيادي.

وأظهرت بيانات تريدويب» Tradeweb أن السندات المستحقة في 2027 نزلت سنتين للدولار ليجري تداولها عند أدنى مستوياتها، بينما انخفض الإصدار المستحق في 2026 بواقع 2.4 سنت ليصل أيضا إلى مستوى متدنٍّ جديد، بحسب ما اعلنت وكالة رويترز.

إلى ذلك وفور عودته حطّ رئيس الحكومة سعد الحريري في مطار رفيق الحريري الدولي مفتتحاً مرحلة التوسعة الجديدة للمطار. ومطلقاً المواقف من زيارته الأميركية. وعن إمكانية فرض عقوبات على حلفاء لـ حزب الله ، قال الحريري لست أنا من يحدد العقوبات الأميركية وواشنطن واضحة بمقاربتها لهذه المسألة . وأعلن انه منذ فترة نعمل على موضوع التصنيف وأدينا واجبنا بشكل كبير، موازنة 2019 كانت جيدة بالأرقام وعلينا الانتهاء من موازنة 2020 قبل انتهاء المهل الدستورية ما يعطي انطباعاً جيداً لجهات التصنيف . وأكد الحريري ان من يمس بأي فريق سياسي يمسّ بتيار المستقبل، ومن يمس بوليد جنبلاط يكون قد تعرّض لجميع الأحزاب السياسية . وعن أزمة النفايات، قال لا المسلم مستعد لاستقبال نفايات المسيحي ولا العكس صحيح، ما يدلّ على عنصرية مناطقية .

الى ذلك، وعشية زيارة يفترض ان يقوم بها رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط الى بيت الدين السبت، استقبل رئيس الجمهورية رئيس كتلة ضمانة الجبل النائب طلال إرسلان والنائبين ماريو عون وسيزار ابي خليل مع وفد من أبناء الشوف، اضافة الى الوزيرين غسان عطالله وصالح الغريب. وأكد الرئيس عون أن وجوده في بيت الدين لزيادة الطمأنينة واللحمة بين أهالي المنطقة ومجتمعها. وقال إرسلان من جهته، إن رئيس الدولة هو رمز لوحدة البلاد وللدستور والمؤسسات، ويدنا ممدودة للتعاون والأمور سالكة في الإتجاه الصحيح . أما النائب عون فقال: وجودكم بيننا ولو لفترة قصيرة كافٍ للاطلاع على حاجات المنطقة .

وأعلن رئيس تكتل لبنان القوي وزير الخارجية جبران باسيل بعد اجتماع تكتل لبنان القوي الذي حضره ارسلان: نحن على موعد مع زيارة ثانية للجبل والزيارة التي لم تستكمل للشوف وخلدة، مصرّون عليها بمحبة وشراكة.

وشدد من ناحية أخرى أن تركيزهم يجب ان يكون على الانتقال لإنقاذ الوضع الاقتصادي، داعياً لحالة طوارئ اقتصادية ولطاولة حوار تلزم الجميع بالإصلاحات.

من ناحية أخرى أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال لقائه طلاب حركة أمل الذين يتابعون دراستهم الجامعية في جامعات الجمهورية الإسلامية الإيرانية أن عدم الوحدة وتضييع البوصلة عن وجهة الصراع الحقيقي مع العدو وفقدان القدرة على التمييز بين العدو والصديق قد يقوّض كل الإنجازات التي تحققت وهذا ما يحصل الآن للأسف في موضوع صفقة القرن التي هي باختصار محاولة مكشوفة لتصفية القضية الفلسطينية تتم وسط انشغال الأمة وتشظيها على محاور الخلافات والانقسامات والاحتراب الداخلي .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى