أهمّ دروس تحرير خان شيخون

ناصر قنديل

– أما وقد حسم الأمر فقد صار وقت التقييم واستخلاص العبر، فلا ينكرنّ أحد أن الرهانات على تعثّر الدولة السورية توزعت على مشارق الأرض ومغاربها، وأنه حيث لا رهانات كانت هناك تساؤلات وانتظارات. فالكل يُجمع على أن إدلب ليست كسواها، وان تجمع عشرات آلاف المسلحين الذين رفضوا التسويات في مناطقهم التي تحرّرت، يجعل الحرب لتحريرها شديدة الضراوة والقسوة محفوفة بالمخاطر والتضحيات والتساؤلات، وأن وجود آلاف الإرهابيين المقطوعي الجذور اليائسين من أي أفق بعد إدلب يمنح كل هذا المشهد القاتم مزيداً من السواد، وأن الحلف المناوئ للدولة السورية مهما ابتعد أو اقترب عن التشكيلات الإرهابية التي تقاتل في إدلب قد اجتاز الخط الأحمر للتعاون معها سابقاً وما عادت لديه مشكلة بإمدادها بكل أسباب الصمود، وأن تركيا التي لانت وتموضعت بعد معارك حلب إنما فعلت ذلك ليس فقط لأنها حسمت أمرها بالعجز عن المضي في المواجهة الكاملة، بل لأنها أرادت الحفاظ على دورها وحضورها في إدلب، وعندما يصبح مصير إدلب في الميزان يجب التريث في إصدار الأحكام حول كيفية تصرف أنقرة، ولا أيضاً في كيفية تصرف موسكو الحريصة على علاقة مميّزة مع أنقرة تبدّلت بين التصادم والتفاهم، واستقرت على سياق إيجابي رغم الخلاف لزمن غير قصير، لذلك كان الانتظار سيد الموقف.

– في كل معارك المنطقة حيث التكامل بين الجبهات واضح، وحيث التداخل بين تأثيرها على بعضها وموازينها أشد وضوحاً، كانت المواجهات ساخنة في الخليج مياهاً ويابسة، وفي اليمن، وفلسطين، ودخل على الخط تسخين العراق من دون مقدّمات، وتمّ بصورة مفاجئة تسخين لبنان، لكن المكان الوحيد الذي بدا أنه سيقول الكلمة الفصل هو خان شيخون، حيث مفتاح الجغرافيا في مصير إدلب،، حيث يمكن تحقيق تغيير في خطوط الجغرافيا من دون سائر جبهات المنطقة. وأما وقد وقع الأمر وانتهى، فمعادل التأثر والتأثير والأوعية المتصلة سيحضر بقوة. وهذا هو التفسير لحركة الرئيس الفرنسي للمسارعة للقاء الرئيس الروسي ومن بعده وزير الخارجية الإيرانية، وزيارة الرئيس التركي القريبة المرتقبة إلى روسيا، والتراجعات الأميركية عن تهديدات الويل والثبور وعظائم الأمور بحقّ لبنان، والجواب بكلمتين، إنه خان شيخون.

– السياق الجديد بات واضحاً بعد الذي جرى وحسم التساؤلات حول الإمكان، ودليل الإمكان هو الوقوع. وما وقع في خان شيخون قابل للتكرار، ولا حاجة لتجارب أخرى للإثبات، فإن عُرض على الطاولة ما يفي بالغرض من التسليم بمكانة روسيا إلى التعامل مع إيران وملفها النووي والعقوبات والملاحة النفطية، إلى الحل السياسي في سورية ومشاريع الحل وإعادة الإعمار، إلى اليمن، إلى العراق، إلى لبنان، إلى فلسطين، ولا أوهام لدى أحد بحلول جذرية بل اعتراف بحقائق القوة التي يتم على أساسها التفاوض، وإلا فالكلمة للميدان كما قالت خان شيخون.

– سيكون صعباً على البعض الاعتراف لكنها الحقيقة المرة عليهم، إنه الجيش السوري الذي لا يُقهر، ومحور المقاومة الذي لا يهزم، وروسيا التي لا تبيع ولا تشتري في المبادئ.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى