جنبلاط من بيت الدين: لا بدّ من إجراءات غير شعبية لئلا نواجه تصنيفاً أسوأ عون: نحتاج إلى بعض الجهد لتخطي الأزمة الماليّة ومصالحة الجبل راسخة ولن تهتزّ
غصّ المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين السبت، بالوفود الشعبية التي توافدت إليه للترحيب برئيس الجمهورية العماد ميشال عون. وحرص الرئيس عون خلال لقاءاته مع مختلف الوفود، على طمأنتهم إلى ان المصالحة التي شهدها الجبل راسخة ولن تهتزّ، والى ان الاختلاف السياسي أمر يحصل في كل الدول الديمقراطية، «ولا يمكن إزالته والا زالت الديمقراطية، ولا يجب الخلاف على الوطن».
وشدّد الرئيس عون على وجوب تجنب الشائعات التي صدرت في الفترة الأخيرة وطاولت الوضع الاقتصادي، وكشف عن أنه بعد أشهر قليلة، سيتم التنقيب عن النفط والغاز، و»نأمل أن نحصل على الردود الإيجابية في هذا المجال، ما من شأنه تحسين الأوضاع».
واستقبل رئيس الجمهورية رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط وعقيلته السيدة نورا ونجله رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب تيمور جنبلاط. وعقد لقاء في الجناح الرئاسي في القصر، ضم إلى الرئيس عون وعقيلته والنائب السابق جنبلاط والسيدة نورا والنائب جنبلاط، كلاً من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل وعقيلته شانتال عون باسيل، والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم وزوجها روي الهاشم. واستكمل اللقاء على غداء أقامه الرئيس عون على شرف ضيوفه.
وقرابة الثالثة بعد الظهر، خرج جنبلاط إلى الباحة الخارجية للقصر حيث التقط معه بعض السياح صوراً تذكارية، وقال للصحافيين: «استعرضنا جملة قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية وبيئية، والرئيس عون يركز على أهمية الوضع الاقتصادي والنقدي. بالأمس كانت هناك إعادة تصنيف سلبية للبنان من إحدى المؤسسات. وسيدعو رئيس الجمهورية المسؤولين في البلاد إلى اجتماع لكي نتحمل جميعاً مسؤولياتنا من أجل مواجهة التحديات والتحضير لموازنة 2020 التي يجب ان تكون بداية حقيقية لتصحيح الوضع الاقتصادي والنقدي. وهذه النقطة الأساسية التي يجب الدخول إليها».
ورداً على سؤال حول كيف كانت المواجهة الأولى بينكم والوزير جبران باسيل؟ أجاب مقاطعاً: «لم تكن مواجهة، كان لقاء ودياً».
وعن اللقاء بين الحزب الاشتراكي وحزب الله؟
قال: «لم يبلغني أحد بمثل هذا اللقاء».
ولفت إلى انه وجّه دعوة إلى رئيس الجمهورية لزيارة المختارة في الوقت الذي يشاء، وبالشكل الذي يريده لهذه الزيارة أكانت عائلية أو سياسية أو غيرها»، مضيفاً رداً على سؤال الوزير باسيل مرحّب به، فنحن نرحّب بالجميع.
وعن الاتجاه في لبنان بعد التصنيف الاقتصادي وفق نظرة رئيس الجمهورية؟ أجاب جنبلاط: «التقط الرئيس عون الموضوع بشكل جدي جداً، ويرى خطراً في مثل هذا التصنيف. لذلك، علينا كمسؤولين لبنانيين اتخاذ إجراءات قد يكون بعضها غير شعبي، والا قد نواجه تصنيفاً أسوأ».
وكان الرئيس عون استهلّ استقبالاته الشعبية بلقاء النائب فريد البستاني مع وفد شعبي من الشوف، والقى البستاني كلمة باسم الوفد ركّز فيها على المعنى الرمزي المهم لوجود الرئيس عون في بيت الدين، وقال: من كل الشوف جئنا ساحلاً وجبلاً ووسطاً، من الناعمة والدامور والجيه والرميله صعوداً إلى جون ومزرعة الضهر والمطلة مروراً ببلدات الإقليم شحيم وداريا وبرجا إلى الدبية والودايا ودير القمر وكفرحيم حتى مِنطقة الحَرف وأرز الباروك وغيرها من مختلف البلدات الشوفية، للترحيب بقدومكم إلى هذا المقر الصيفي الذي أصبح بوجودكم قبلة الشوفيين ومحج كل اللبنانيين. ولا عجب في ذلك فأنتم فعلاً لا قولاً «بَيْ» الكل الذي يشكل الحضن الدافئ لكل أبنائه، والحصن المنيع لكل أبناء الوطن. إن وجودكم في الشوف في قلب الجبل هو مصدر طمأنينة لنا، ويعطينا جميعاً مقيمين وعائدين القوة والعزم للاستمرار في ممارسة العيش الواحد.
ولفت الرئيس عون إلى أن الشائعات التي صدرت في الفترة الأخيرة وطاولت الوضع الاقتصادي، تلحق الأذى بالجميع. فـهذا الوضع «الذي نتج عن أرث ثقيل عمره 30 سنة، نعمل على معالجته ولا نتهرّب من المسؤولية، انما يجب وصف الأمور بواقعية. فقد ورثنا ما يعادل 85 مليار دولار كديون، فيما تمّ إهمال الموارد التي يمكن الاعتماد عليها في لبنان ومنها الزراعة والصناعة، اذ كان الاعتقاد السائد ان الخدمات وحدها مع السياحة تكفي لتأمين الموارد، مع الاتكال على الاقتصاد الريعي، إضافة إلى القضاء كلياً على المهن الحرفية».
وأضاف رئيس الجمهورية: «هذا الوضع الصعب لا يمكن تخطيه بفترة زمنية قصيرة، ولا حتى خلال السنوات الستّ لولايتي الرئاسية، إلا أننا نعمل بجهد في سبيل ذلك. صحيح أن الوضع صعب، إنما لا تخافوا فبإمكاننا الخروج منه ولكن دون الاستماع إلى الشائعات، ومنها ما صدر في اليومين الأخيرين حول التصنيف الذي كانت الشركات والمؤسسات المالية العالمية تتحضّر لإطلاقه بالنسبة إلى لبنان. فمؤسسة «فيتش» خفضت التصنيف مرتبة واحدة فيما أبقت عليه مؤسسة «ستاندرد اند بورز»، ولكن في مطلق الأحوال علينا أن نتخذ بعض القرارات الصعبة وإلا سنقع في المحظور. كما يجب التنبّه من الشائعات التي تصدر من هنا وهناك وتتناقلها وسائل الإعلام وتطال قيمة الليرة ووضع المصارف وغيرها من الأمور غير الصحيحة، ما اثر سلباً على الوضعين المالي والاقتصادي وزاد من صعوبة العمل على تجاوز الصعوبات».
وطمأن أن لا خوف على الحياة المشتركة، فما حصل صعب ولكن علينا التأقلم مع وضع جديد وندرك أن ما حصل سابقاً قد مضى ويجب الانطلاق من جديد، وإطلاق المشاريع على غرار ما سيحصل الموسم المقبل في الشوف بالنسبة إلى الطرق التي تربط القرى والبلدات ببعضها ويبلغ مداها 46 كلم. كما وضعنا نصب أعيننا إقامة مستشفى دير القمر بعد العمل على تأمين الاعتماد له. ويجب عدم إهمال الزراعة، نظراً لإهميتها ويجب النظر بإيجابية إلى هذا المنحى لتحسين الإنماء بموازاة العمل على تحسين الاقتصاد».
ثم استقبل الرئيس عون النائب جورج عدوان مع وفد من رؤساء بلديات ومخاتير في الشوف، حيث شدّد على أهمية حضور رئيس الجمهورية إلى الشوف، بما يعيد إلى الجبل معنوياته وعنفوانه وكرامته. وقال: «إنّ وحدة لبنان هي من وحدة الجبل، ونعمل يومياً على ترسيخ المصالحة فيه وكي تبقى الدولة قوية وفاعلة وقادرة، لأنه من دون ذلك لا يمكن بناء الوطن.
وقال الرئيس عون من جهته: «فرحنا بالمصالحة التي حصلت في الجبل، ونعمل على تعزيزها من خلال التواجد فيه والاهتمام بمطالبه. ندرك مدى القلق الذي يعتري أبناء المنطقة، وهو يجب أن يزول، وآمل أن يكون قد انتهى.
ولفت إلى أنّ الأزمة المالية تنعكس على الجميع، ونمرّ بفترة صعبة بسبب عدم اهتمام الدولة سابقاً سوى بالاقتصاد الريعي، فيما اعتمدت سياسة مالية خاطئة. نحتاج إلى بعض الجهد لتخطي هذه الأزمة، والى مساهمة الجميع لتحقيق هذا الهدف. لقد سبقت وذكرت انه علينا ان نضحّي ببعض الامتيازات كي نكسب، والا فسنخسرها كلها. وأقول إننا نملك الإمكانات لتصحيح الأوضاع، ولكن مع بعض التضحيات، فلا تخافوا، ويجب تضافر الجهود في سبيل التخلص من هذه الضائقة، كما يجب أن يساعد الإعلام في هذا المجال أيضاً».
وأضاف الرئيس عون: «بالنسبة إلى الوضع في الشوف، فقد ركّزنا على إقامة مخططات من اجل تحسين أوضاع الطرق وتعزيز الإنماء فيها، وسنعمد إلى صرف قسم من الأموال وقسم آخر السنة المقبلة كي نصل إلى الأهداف الموضوعة، كما نعمل على برنامج إصلاحي لتحديث الإدارة واختصار الوقت في إنهاء المعاملات وقد نجحت هذه المساعي في الجمرك والمطار، فبلدنا لا يزال يعمل وفق الطريقة القديمة منذ الاستقلال، لذلك نجهد من أجل وضع التشريعات اللازمة للتحديث».
واستقبل رئيس الجمهورية وفد «تيار صرخة وطن» برئاسة جهاد ذبيان الذي ألقى كلمة قال فيها: «أتينا إلى هذا المكان التاريخي الذي تزيدون على تاريخه إشراقاً مضيئاً، وحيث تسكنون، يسكن التاريخ ولا يستكين. نحن من مناطق الشوف ومن مختلف المناطق والأطياف في تيار «صرخة وطن»، نشكركم على المبادرة التي قمتم بها للمصالحة والمصارحة. لقد تمّت المصالحة في الجبل، والشعب متصالح مع بعضه، ولكن السياسة أفسدت الأمور. انّ العودة الحقيقية إلى الجبل لم تتحقق بعد، فالإنماء هو الذي يؤدّي إلى هذه العودة، ومنها إقامة مستشفى حكومي جامعي للشوف، ومركز معاينة للميكانيك ومركز سجل عقاري وتسجيل آليات… وكلها تساعد في بقاء أبناء المنطقة في أرضهم.»
أضاف: «في الذكرى الثانية لتحرير الجرود، نهنئكم والجيش اللبناني البطل بالانتصارات في هذه الذكرى، ونحن ننعم بالأمن والاستقرار بفضلكم وبفضل حكمتكم والثلاثية ودماء الشهداء».
ورحّب الرئيس عون بالوفد، مشدّداً على انّ الأحداث التي حصلت سابقاً كانت بمثابة دعوة له للمجيء إلى الجبل وطمأنة الجميع إلى انّ القلق لم يعد له وجود، وهو ما يشجع على مجيء الناس إلى الجبل. وقال «انّ وحدة الجبل أساسية، ولطالما ذكرت انّ الجبل بالغ الأهمية لأنّ من معه الجبل، يمكنه ضمّ الساحل والسهل، وآمل ان تتعزّز الحياة المشتركة أكثر فأكثر. انّ المصالحة التي حصلت، لا يجب ان تهتز من جراء السياسة، فالاختلاف السياسي لا يمكن ازالته وإلا زالت الديمقراطية، ولا يجب الخلاف على الوطن.»
وتطرق الرئيس عون إلى الأزمة الاقتصادية والمالية، وقال: «شجعنا ونشجع اللبنانيين على صرف أموالهم في لبنان بدل صرفها خارجه، وهو أمر من شأنه ان يبقي ميزان المدفوعات سليماً، كما يعزز التعرّف إلى لبنان ومناطقه المشهورة بتعدّد السياحات فيها: الدينية والطبية والطبيعية وغيرها… وآمل بعد أشهر قليلة أن يتمّ التنقيب عن النفط والغاز، وأن نحصل على الردود الإيجابية في هذا المجال، ما من شأنه تحسين الأوضاع. كما بدأ تلزيم مشاريع الكهرباء، وهي بذاتها إشارة إيجابية، ومن المتوقع أن نصل منتصف السنة المقبلة إلى تأمين التيار الكهربائي بشكل كبير. وبالتالي مقابل كلّ الأمور السلبية، هناك أيضاً أمور إيجابية نقوم بها، وأقول لكم هذا الكلام كي لا تيأسوا من الوضع الصعب الذي نمرّ فيه، وأن الخلاص منه ممكن، فلا تخافوا، عيشوا الاطمئنان في منطقتكم، واتركوا الباقي علينا».
ثم استقبل الرئيس عون النائب سيزار أبي خليل مع وفد من التيار الوطني الحر – قضاء عاليه، حيث أكد أبي خليل ان الوفد متنوع على صورة عاليه والجبل ولبنان، وشدّد على أهمية ما قام به الرئيس عون لجهة إعادة الإنماء إلى مناطق غاب عنها لعقود من الزمن.