دعوة لاجتماع إنمائي لنواب جبل لبنان الجنوبي
البروفسور فريد البستاني
مناسبة وجود رئيس الجمهورية في مقره الصيفي في بيت الدين، شكلت فرصة لتقاطر نواب المنطقة مع حشود شعبية وفاعليات للترحيب بقدومه، واعتبار هذا الانتقال إلى المقر الصيفي تعبيراً عن وجود رئيس الجمهورية ومعه الحكومة على مقربة من هموم منطقة تشكل قلب لبنان السياسي والاجتماعي، وشكلت تاريخياً جزءاً مهماً من كيانه الصغير قبل أن يولد لبنان الكبير. وكان لنا جميعاً مصدراً للفرح أن نشهد هذا الجمع على اختلاف المشارب السياسية والانتماءات الطائفية والخلفيات الحزبية، في حضرة الرئيس في بيت الدين، وأن نشعر جميعاً أن الأيام الصعبة التي سبقت هذا الانتقال وعاشها الجبل بكل تفاصيلها وشغلته بالقلق والخوف على لبنان، قد صارت من الماضي، وأن رئيس الجمهورية بحكمته وأبوته استطاع أن يلمّ الشمل ويفتح صفحة جديدة بين الجميع.
يمثل نواب أقضية جبل لبنان الجنوبي، بعبدا وعاليه والشوف، التسعة عشر نائباً الذين يشكلون سدس مجلس النواب تقريباً، نموذجاً مصغّراً للتمثيل الطائفي والسياسي في لبنان تقريباً. فمنهم نواب اللقاء الديمقراطي وتكتّل لبنان القويّ، ونواب القوات وحزب الله وأمل والمستقبل، ويستطيعون بتعاونهم العابر للسياسة أن يقدّموا نموذجاً للمهام الإنمائية للنواب، بما هو فوق السياسة وأصلها، اي الاهتمام بقضايا الناس وهمومهم، وتشكل الطبيعة الجغرافية لأقضية جبل لبنان الجنوبي مساحة متكاملة لخدمات مترابطة، يمكن مقاربتها بوحدة تنموية تطالها في ملفات كالمياه والكهرباء والصرف الصحي والتعليم والاستشفاء والنفايات والطرقات، وقد أبدى رئيس الجمهورية انفتاحاً على سماع المطالب التي كانت تتردد على مسامعه من كل وفد وكل نائب أو تكتل نيابي، لكن الاجتماع الإنمائي للنواب وإعداد تصوّر مكتوب لورقة عمل إنمائية لأقضية المنطقة تحدد الأساسيات والراهن الضروري منها، ستتيح وضعها بين يدي رئيس الجمهورية وتالياً الحكومة بصورة منهجيّة تستعين بوجود رئيس الجمهورية في مقرّه الصيفي لنيل الاهتمام اللازم من الحكومة.
يأمل أبناء المنطقة الذين هالهم مشهد الاستقطاب العنيف الذي عاشته المنطقة خلال الشهر الماضي، أن يشعروا بروح المسؤولية لدى نوابهم تتجسد بلقائهم معاً على الخدمة العامة، مترفعين عن حساسيات وخصومات السياسة، وستكون أفضل بشارة تزف للمواطنين في الجبل هي رؤية نوابهم موحّدين يحملون مطالبهم الملحّة يداً واحدة، وستكون أفضل عملية ترحيب برئيس الجمهورية أن يستقبل وفداً نيابياً موحّداً يترفع عن الانقسامات لملاقاة معاني تواجده في مقره الصيفي بينهم.
الاجتماع النيابي المنشود، له وظيفة عملية عدا عن معانيه الرمزية، وهي وضع ورقة عمل موجزة للراهن والملحّ من المطالب الممكنة الإقرار في جلسة حكومية يطلب النواب عقدها خصيصاً في المقر الصيفي لرئيس الجمهورية، يُدعى إليها الوزراء لمناقشة هذه المطالب ويحملون ومثلهم مجلس الإنماء والإعمار والأجهزة الإدارية والخدمية المعنية، ملفاتهم إلى بيت الدين، وتخرج الجلسة المنعقدة بناء على طلب النواب، ولا مانع من أن تختم بدعوة النواب للانضمام إلى المجتمعين في صورة تذكارية، لتُعلن المقررات بعدها بحضورهم، فتمنح إقامة رئيس الجمهورية في مقره الصيفي سابقة تصير تقليداً سنوياً يستقبل خلاله نواب المنطقة موحّدين بورقة مطالب موحدة، فينعقد مجلس الوزراء لبحثها في جلسة خاصة، تخرج بقرارات محددة عملية واضحة قابلة للتنفيذ.
هو أمل وتفاؤل، نعم، لكنه ليس مستحيلاً، وبين يدي النواب الذين يستطيعون تحويله بقرار إلى مبادرة خير وسلام وثقة، وتكون رداً على تحيّة الرئيس بوجوده بيننا بمثلها.
نائب الشوف في مجلس النواب اللبناني.