موسكو: ضرورة القضاء على بؤرة الإرهاب في إدلب ومسؤولية الوضع المتوتر فيها تقع على عاتق تركيا
جدّد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تأكيد ضرورة القضاء على بؤرة الإرهاب في إدلب.
وأوضح لافروف خلال مؤتمر صحافي أمس، مع نظيره الأنغولي مانويل أوغستو في موسكو، أنه لا يمكن السماح للإرهابيين المنتشرين في إدلب بمواصلة استهداف الأحياء السكنية ومواقع الجيش السوري وقاعدة حميميم، مشدداً على أن «تحرير الجيش السوري لأراضيه بدعم روسي لا يُعتبر خرقاً لأي تفاهمات بما فيها توافقات أستانا وسوتشي، لأنها تستثني المجموعات التي صنفها مجلس الأمن الدولي إرهابية».
وأشار لافروف إلى تزوير وسائل الإعلام الغربية حقيقة الوضع الإنساني في سورية داعياً المجتمع الدولي ووسائل الإعلام الدولية إلى الاعتماد على الوقائع والأحداث وليس على ما تدّعيه ما تسمى منظمة الخوذ البيضاء الإرهابية المعروفة بتزييفها للحقائق.
وبخصوص الوضع في الجزيرة السورية شدد لافروف على أن مخططات الادارة الأميركية في منطقة الجزيرة تستهدف وحدة الأراضي السورية وتشكل انتهاكاً لسيادة سورية وخرقاً للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التي تؤكد ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة الأراضي السورية.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف قد أكد مجدداً أن مسؤولية الوضع المتوتر في إدلب تقع على عاتق الجانب التركي وفقاً لاتفاقيات سوتشي، لافتاً إلى أن المحادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان المقررة يوم غد ستتركز على الشؤون السورية وخاصة إدلب.
وقال بيسكوف للصحافيين أمس «إنه سيتم في المحادثات بين بوتين وأردوغان التي ستعقد على هامش معرض ماكس الدولي للفضاء في جوكوفسكي في ضواحي موسكو التركيز بشكل خاص على الشؤون السورية بسبب توتر الوضع في إدلب والذي تقع مسؤوليته على عاتق الجانب التركي وفقاً لاتفاقيات سوتشي».
وأكد بيسكوف أن بوتين قلق من ازدياد كثافة الاعتداءات الإرهابية المنطلقة من إدلب والتي لا يمكن إنهاؤها دون القضاء على الإرهابيين.
وكان بوتين جدّد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في قلعة بريغانسون الفرنسية الاثنين الماضي تأكيد أن بلاده ستواصل دعم الجيش السوري في محاربة الإرهاب.
ميدانياً، دفع الجيش السوري خلال الأيام الأخيرة بتعزيزات نارية نوعية إضافية إلى جبهات القتال في ريف اللاذقية الشمالي الشرقي، باتجاه تنويع قدراته النارية على مختلف الجبهات.
وتأتي هذه التعزيزات للتعامل مع ظروف الجبهات الاستثنائية والمعقدة من حيث تضاريسها، ومن حيث شراسة التنظيمات الإرهابية التي يواجهها في هذه الجبهات وما تضمّه في صفوفها من انتحاريين ومقاتلين أجانب متمرّسين.
ونقل عن مصدر ميداني على جبهات القتال قوله: إن المعركة في ريف اللاذقية حساسة وتختلف ميدانياً عن غيرها من المعارك السابقة في المناطق السورية الأخرى، نظراً لاختلاف التضاريس، لذا دفع الجيش السوري بمختلف أنواع الأسلحة والذخيرة، وقد أسهمت روسيا في مدّ القوات العاملة بأسلحة ذات قدرات تدميريّة عالية، تمّ اختبارها في الجبال والجروف الصخرية كراجمات الصواريخ نوع TOS وقاذفات القنابل AGS المركبة على قواعد متحرّكة.
وأضاف المصدر أن القوات البرية لا تزال تعتمد على أسلحة محلية الصنع يطلق عليها «البركان والفيل» المتخصصة بتدمير تحصينات العدو المنتشرة قرب كباني، وهي صواريخ محمولة على شاحنات وعربات تتميّز بسهولة حركتها، وتساند المدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ في سحق الأهداف الثابتة والعميقة.
وأشار المصدر إلى أن القوات السورية العاملة في جبهات ريف اللاذقية الشمالي تفضل الاعتماد في النقاط الأمامية على الأسلحة المتوسطة نظراً لقرب المسافة التي تفصلها عن الإرهابيين والتي تراوح بين 1 كم و4 كم، موضحاً أن بعض هذه الأسلحة مركب على عربات رباعية الدفع كمدفع 23 ملم الرشاش ومدفع 57 ملم المحمول والقادر على رمي حشوات متفجّرة ، إضافة إلى أسلحة أخرى متطوّرة أثبتت فعاليتها في معارك سابقة مثل قاذفة القنابل AGS والتي تتميّز بقدرتها على رمي عدد من القنابل المتفجرة، ولفت المصدر إلى أن وحدات الجيش كثفت من نشر قواعد الصواريخ الحرارية المركبة بغية مطاردة العربات والمجنزرات التي تحشدها فصائل تنظيمي جبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني من جسر الشغور نحو محور بلدة كباني.
وتتنوّع صنوف الأسلحة التي يستخدمها الجيش السوري في جبهة ريف اللاذقية، سواء في الجهة الشمالية عند الحدود مع تركيا أو في الجهة الشرقية قرب بلدة كباني المؤدية لريف إدلب، حيث تتشابه التضاريس من حيث وعورتها وانتشار التلال والوديان، رغم تنوّع واختلاف طبيعة الأرض بين الجروف الصخرية ومناطق الغابات الكثيفة.
ويشكّل التركستان الصينيون أبرز مقاتلي ما يُسمّى «الثورة السورية»، وقد لعبوا إلى جانب المقاتلين الشيشان والأوزبك، دوراً كبيراً في السيطرة على المنشآت العسكرية في شمال وشمال غرب سورية، وحيث اتخذوا من ريفي إدلب الغربي واللاذقية الشمالي مقراً لمستوطناتهم مع عائلاتهم التي هاجرت معهم بزعم الجهاد في سورية ، وقد اختاروا تلك المنطقة بسبب وجود العديد من القرى والبلدات التي تدين بعض عائلاتها بالولاء للدولة العثمانية على خلفية جذورها التركمانية، كما التركستان.
وعرف الحزب الإسلامي التركستاني في بلاد الشام بقربه العقائدي من تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي المحظور في روسيا، ويقدر عدد عناصره في سورية بآلاف المقاتلين الذين تنحدر أصولهم من الأقلية القومية التركية في «شينغ يانغ» الصينية، وتُعتبر تركيا الداعم السياسي الأبرز لهم، إن لم يكن الوحيد.
وفي السياق نفسه، خرج السوريون في عدد من المحافظات السورية احتفالاً بانتصارات الجيش السوري على التنظيمات المسلحة في أرياف إدلب الجنوبي وتحرير آخر مناطق ريف حماة الشمالي.
وأفادت وكالة «سانا» أن فعاليات شعبية وأهلية شاركت بشكل واسع بمسير للسيارات جال شوارع وساحات مدينة حمص، احتفالاً بانتصارات الجيش السوري في أرياف حماة وإدلب.
ونقلت الوكالة عن عدد من المشاركين تعبيرهم عن «ثقتهم بقدرة بواسل جيشنا على تحقيق النصر النهائي على الإرهاب»، ورفع المشاركين الأعلام الوطنية واللافتات التي تؤكد الدعم للجيش في مهمته الوطنية.
وفي مدينة حلب ومدينة السقيلبية في محافظة حماة أيضاً أقام الأهالي احتفالات وحلقات الدبكة والغناء بعد إعلان الجيش السوري تحرير خان شيخون وما تبقى من ريف حماة الشمالي.
وكان الجيش السوري حرّر مناطق واسعة في أرياف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي في العملية العسكرية التي أطلقها في شهر أيار الماضي، والتي كان آخرها تحرير مدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي الواقعة على الطريق الدولي حلب دمشق وبلدات اللطامنة ومورك وكفرزيتا في ريف حماة الشمالي.