هل تكون معرة النعمان قبلة الجيش السوري المقبلة؟
محمد قرنفل
مع دخول الشمال السوري حيّز العمل العسكري، من أكثر من محور، بعيداً عن الرياء السياسي.. تختلط الأوراق والحسابات السياسية البراغماتية لدى قطبي الناتو، خلطها جرى على غير عادةٍ هذه المرّة، وذلك تبعاً لجديّة قرار المؤسسة العسكرية السورية، فالجيش السوري الذي لطالما أصرَّ على وطأ أقدامه عند بوابة إدلب الجنوبية، أكّد بذلك حتمية القرار أياً كانت تداعياته.. هذا غير الضربة التي وجهها لمؤخرة الرتل التركي، الذي كان يقصد خان شيخون، ومحقِ من تبقى من التنظيمات الإرهابية في ريف حماة، ناهيك عن تطويق نقطة المراقبة التركية التاسعة في مورك مؤخراً.. حيث تأتي أهمية تطويقها في أبعادها العسكرية والسياسية.
فعسكرياً يصحّ القول إنّ الجماعات الإرهابية التي كانت تنظر إلى هذه النقاط كـ متكئ وملاذ يسندها في حال «الزركات» وهو ما لم يحصل فعلياً، وبالتالي فإنّ الانهيارات في الجبهات اللاحقة ستكون أسرع، وكلفة المعارك أقلّ، وذلك نظراً لما تركه فشل أنقرة في نفوس تلك الجماعات.. على أنّ وجودها في إدلب لا يعوّل عليه.
أما سياسياً فيُمكن القول إنّ صورة السلطان العثماني اهتزّت في أعين وأذهان مؤيديه، بيد أنّ مساعيه الهاتفية مع بوتين للبحث عن تحرّكٍ لحفظ ماء الوجه والتي لربما بائت بالفشل، دفعته للتوجه إلى موسكو في زيارة مفاجئة، وذلك قبيل أيام من قمّة تركيا الثلاثية مع روسيا وإيران.
وأعتقد أنّ روسيا بدأت تتململ من التعهّدات التركية غير المنفذة في مسألة الشمال، وصارت تنظر بمنظور أكثر حزماً وصرامةً من أيّ وقت مضى.
فبالتزامن مع تحرير خان شيخون، رحّب الكرملين بعودتها إلى كنف الدولة، مشيرةً بعض المعلومات إلى أنّ موسكو ستغضّ النظر عن أيّ خطوة قد تُقدم عليها القوات السورية ضدّ نقاط المراقبة التركية في حال استدعى العمل العسكري ذلك.
وتشير معظم المعلومات الواردة من الشمال أنّ القوات السورية بدأت للتوّ تتطلع إلى ما بعد الخان، ومعرة النعمان على وجه التحديد، ستكون قبلة العسكر السوري، حيث أفادت ذات المصادر أنّ نقطة المراقبة المتواجدة في الصرمان بريف معرّة النعمان قد تعرّضت لقذيفتين سوريتين في محيطها، فهل يعني ذلك أنّ النقاط التركية لم تعد في مآمنٍ من نيران الجيش السوري، وأنّ القوات التركية لم تتلقّ أيّ ضماناتٍ من الطرف السوري بعدم استهدافها؟! وهذا ما دفع السلطان للهرولة إلى موسكو!
لكنّ القول الفصل في هذا المعترك المصيري اليوم، يعود لإرادة السوريين الجمعية، حيث وحدها من باتت تفرض معادلات الميدان والتحرير تبعاً لما يحتّمه الوجدان القومي والانتماء لهذه الأرض والتي غدا استرجاعها بالقوّة قراراً أخيراً وحاسماً لدى الدولة السورية، بالرغم من تداعيات هذا القرار على الصعيد الإقليمي والدولي.. وهذا ما بدا جلياً في القلق الفرنسي، والارتباك التركي، والصمت الأميركي، والعدوان الإسرائيلي على دمشق «عقربا» مؤخراً…!
ففي كلّ شبر يُقدم عليه العسكر السوري.. ثمّة عروش تتأرجح بين القلق والخوف على مصالحها.. وقلوب أمهات ثكالى ترقص بنبضها لأجل حلم من ثكلته في هذه الحرب.. حلم النصر والتحرير…