كتاب جديد للشاعر والناقد السوري لقمان محمود… يستكمل فيه سيرته الذاتية عن معنى الحياة في المنافي
صدر حديثاً، الكتاب التاسع عشر للشاعر والناقد السوري لقمان محمود، بعنوان: «امتحان الحرية – سيرة شعرية»، عن دار الدراويش للنشر والترجمة في جمهورية بلغاريا.
يقع الكتاب في 158 صفحة من القطع المتوسط. وهو استكمالٌ لمشروع لقمان محمود في مجال السير الذاتي والحياتي، حيث سبق أن صدرت له في هذا المجال: من السراب إلى الماء، عام 2013. مجدٌ سكران، عام 2015.
كما سبق أن صدر للقمان محمود في مجال الشعر والنقد: أفراح حزينة، خطوات تستنشق المسافة: عندما كانت للآدم أقدام، دلشاستان، القمر البعيد من حريتي، وسيلة لفهم المنافي، إشراقات كردية: مقدمة للشعر في كردستان، مراتب الجمال، ترويض المصادفة، شرارة الأناشيد القومية في الغناء الكردي، تحوّلات النصّ الأدبي، البهجة السرّية، أسطورة شيركو بيكس الشعرية بين أغنية الوطن وصوت الحرية، والماء الأسير.
تتسم نصوص «امتحان الحرية» ببوح أصيل مع الذات والوطن والذكريات، كوسيلة للبحث عن معنى أوسع للحياة في ظلّ المنافي. إنها نصوص تتسم بالكثافة الرمزيّة بمدلولاتها المتعددة: كثافة نوعية في المتخيّل لغة ودلالة، وكثافة جمالية في المعنى، وكثافة في الرؤية، وكثافة في الاستقصاء المعرفي الشعري السردي التي تدفع بالبعد الحسّي إلى ملامسة الحقيقة واختراق تفاصيلها الطافحة بالقسوة الموحشة على مدى عمر من المنفى والقهر. وكل ذلك من خلال مخيّلة مشحونة برؤى تدفعها إليها ذاكرة حية تنهض على ملاحقة الماضي بكل همومها اليومية.
إن تجربة لقمان محمود في هذا الكتاب وما سبقته، هي تجربة إنسانية زاخرة بعوالم فنية رائعة، تسهم في تشكيل الذائقة الشعرية الجديدة لتلاقي الثقافات. فالإبداع لديه يزخر بالمعاني الإنسانية المتأتية من معاناته الشخصية والتي عبَر عنها بمستويات لغوية أدائية متعددة، فضلاً عن أفقها الإبداعي والجمالي.
السيرة الشعرية هنا تُعطي أملاً في أن الشعر ينطوي على مفهوم «الحياة» لكن بأفق «الحرية»، كوسيلة جمالية إنسانية تتوسّل التعبير عن عوالم داخلية لحظة ارتطامها بالواقع والحياة. إن وعي الشاعر بالحرية مظهر من مظاهر مجابهة الأسر والتدجين.
حيث جاء على ظهر الغلاف، الذي صمّمه الشاعر نور الدين الوادي: «الشعر أداة سحرية لتوسيع العالم عبر رفع سقف المخيلة. بهذا المعنى، كلّما رأيتُ صياداً يتربّص بالسماء عرفتُ أن هناك أغنية ستسقط. وكلّما رأيتُ طائرة تتربّص بالأرض أيقنتُ أن هناك روحاً ستغيب.
في عالم كهذا كتبتُ ديواني الأول «أفراح حزينة» عام 1990، باللغة العربية. فالكردي المحروم من لغته الأم يجد نفسه في لغة غريبة «فرضت عليه» لا يعرف منها والداه سوى الفاتحة والدعاء، فيصرّ تحت ضغط التهميش والحرمان والضرورة أن يتعلم هذه اللغة الطارئة على تفكيره وأحاسيسه ووعيه بكل السبل. هكذا تطرأ لغة أخرى مسموحة بها إلى جانب اللغة الأم الممنوعة.
وبما أنّ الإبداع – على الأغلب – يتعلق بالوعي الجمالي. نادراً ما يبتعد هذا الوعي عن الوعي الإنساني. لم أفكر حتى الآن، باللغتين «الكردية» و»العربية» من ناحية التفضيل؟ أكتب بهما كأي «سبّاح» لا يستطيع الاستغناء عن إحدى يديه.
ما أريده من القصيدة الكرديّة هو ما أريده من الكتابة بشكل عام.. أي أن تكون القصيدة وطناً وفي الوقت نفسه منفى. أن تكون القصيدة سفراً وفي الوقت نفسه عزلة. أن تكون القصيدة كردية وفي الوقت نفسه عالمية الإبداع.
أكتب لأنّ من أبسط دلالات الكتابة بالنسبة لي أنني أتنفس. أكتب لأن في الكتابة حياة. إنّ الإنسان حين يمتلك كينونته كإنسان ستكون كل القضايا الإنسانية العادلة قضاياه.. فأنا أكتب عن مشاعر تجمع البشر تحت سماء واحدة، فالشعر لا يزال بإمكانه أن ينقذ العالم من خلال العاطفة الإنسانية».
يستند الشاعر في هذا الكتاب الجديد على عناصر متعددة في عملية البناء السيرة الذاتية والحياتية، وربما أقرب تعريف له، ما قاله الشاعر الكبير شيركو بيكس:
«إن قراءة قصائد لقمان محمود تشبه قراءة رذاذ المطر والوحدة والليل المقمر. أحياناً تشبه المويجات في شفافيتها وأحياناً أخرى تنأى بعيداً على مدى امتداد الخيال.. وهناك لحظات تشعر بأنها قريبة منك كقرب دموع عينيك».
تجدر الإشارة إلى أنّ الشاعر والناقد لقمان محمود من مواليد مدينة عامودا السورية العام 1966، يقيم في السويد، وهو عضو في اتحاد الأدباء والكتاب السويديين.