من وحي ردّ المقاومة
معن بشور
1 – تقدير موقف
من خلال مواكبتي للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان منذ ستينيات القرن الماضي… كان العدو يعتمد على أمرين أولهما تفوّق عسكري كاسح وانقسام داخلي في لبنان…
الأمران غير متوفرين اليوم، فلا التفوّق كاسح ولا الانقسام قائم ما عدا بعض الاستثناءات…
يملك العدو قدرة كبيرة على التدمير ولكنه لا يملك القدرة على تحمّل ردّ المقاومة…
لذلك المبادرة ما زالت في يد المقاومة وقيادتها هي التي تقرّر إذا كان الردّ كافياً…
2 ـ المقاومة بين التزام الأمّة وتخاذل الحكام
حين اتخذ المؤتمر القومي العربي في دورته الـ 27 المنعقدة في الحمامات في تونس عام ٢٠١٦ قراراً بعقد مؤتمر عربي عام لرفض تصنيف حزب الله بالإرهاب، بعد قرارات وزراء الداخلية والخارجية العرب، تعرّض المؤتمر، وعلى رأسه يومها الدكتور زياد حافظ، لحملة إعلامية وسياسية واسعة لمنعه من عقد هذا المؤتمر الذي كان هدفه إبراز التناقض بين الموقف الشعبي العربي والموقف الرسمي العربي، وتأكيداً على اعتزاز الأمّة بكلّ مقاوم من أبنائها، لأنّ مقاومة الاحتلال هي عنوان كرامة الأمّة…
لم تمض أشهر ثلاثة على انعقاد المؤتمر في تونس حتى انعقد ذلك المؤتمر بعد أن تبنّت المؤتمرات والمؤسسات الشقيقة المؤتمر القومي الإسلامي، والمؤتمر العام للأحزاب العربية، وهيئة التعبئة الشعبية العربية الدعوة لهذا المؤتمر، وانعقد المؤتمر في أجواء الذكرى العاشرة لانتصار لبنان المقاوم على العدوان الإسرائيلي عام 2006 15 تموز 2016 .
شارك في المؤتمر العربي العام يومها شخصيات من كلّ أرجاء الوطن العربي ومن تيارات فكرية وسياسية متنوّعة كان من أبرزهم عبد المنعم أبو الفتوح، حمدين صباحي وعبد العظيم المغربي من مصر، فاروق القدومي من فلسطين، الصادق المهدي من السودان، خالد السفياني من المغرب، وصالح دحان من جمعية العلماء المسلمين في الجزائر، السفير علي عبد الكريم علي من سورية، حسين شيخ الإسلام من إيران، والسيد ابراهيم أمين السيد والشيخ ماهر حمود وقاسم صالح ومعن بشور من لبنان، بالإضافة إلى ممثلي المقاومة اللبنانية والقلسطينية والعديد من الأحزاب والاتحادات والهيئات العربية…
وقد أكّد لنا مطلعون انّ هذا المؤتمر، بحضوره النوعي والكمي 400 عضو ، قد ساهم مع الحكومة الموريتانية في عدم إدراج بند اعتبار حزب الله منظمة إرهابية على جدول أعمال القمة العربية المنعقدة بعد أشهر في نواكشوط 2016 ، على عكس ما جاء في توصيات وزراء الداخلية والخارجية العرب، كما تمّ سحب هذا البند من كل القمم اللاحقة 2017، 2018، 2019 .
واليوم وبعد العملية النوعية التي نفذها أبطال حزب الله ضدّ الجيش الصهيوني في فلسطين المحتلة، ومع صدور البيان – الفضيحة عن جامعة الدول العربية، والتصريح المشين عن وزير خارجية البحرين، جاءت المواقف الرسمية اللبنانية والمواقف الشعبية العربية، لا سيّما مواقف المؤتمرات الثلاث لتؤكّد أنّ النظام الرسمي العربي في واد، والحركة الشعبية العربية في وادٍ آخر…
ولعلّ هذا ما يفسّر ذلك الحصار المفروض على كلّ مؤسّسات العمل القومي العربي، وحملات التشويه التي تعرّضت لها هذه المؤتمرات من جهات متعدّدة وباتهامات متناقضة التهمة وعكسها في آن ، والهدف واضح دائماً إطفاء جذوة الالتزام بالعروبة كهوية، وبفلسطين كقضية، وبالمقاومة كنهج لمواجهة الأعداء…
وهو التزام كفيل، مع اتساع المؤمنين به والعاملين بوحيه، بإحباط كلّ محاولات تمزيق الأمّة وتصفية القضية… وفي مقدّمها صفقة القرن ومخططاتها…
الأمين العام الأسبق للمؤتمر القومي العربي