محمد داود: وجود هذه الأعمال في بيروت ليس إلا دليل على الثقة الكبيرة بلبنان
جرى أول أمس الإعلان عن افتتاح معرض لأعمال الفنان العالمي بابلو بيكاسو في متحف سرسق في 27 ايلول، بعنوان «بيكاسو والأسرة»، وذلك في مؤتمر صحافي عقد في المتحف الذي ينظّم المعرض بدعم استثنائي من المتحف الوطني بيكاسو – باريس، وبالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية، وبمنحة سخية من دانيال دو بيتشيوتو وبدعم من سيريل قاراوغلان.
حضر المؤتمر وزير الثقافة محمد داود، القائمة بأعمال السفارة الفرنسية سالينا غرونيه كاتالانو ممثلة السفير الفرنسي برونو فوشيه، رئيس لجنة متحف سرسق الوزير السابق الدكتور طارق متري، رئيس بلدية بيروت المهندس جمال عيتاني، مديرة المتحف زينة عريضة وعدد من أصحاب المعارض الفنية وحشد من الإعلاميين.
بداية النشيد الوطني اللبناني، ثم ألقت مديرة المتحف عريضة كلمة تطرّقت فيها إلى المحطات التي قطعتها التحضيرات لإقامة المعرض، وعن الأثر الإيجابي الذي سيعكسه على الحياة الثقافية والفنية في لبنان. وشكرت دو بيتشيوتو وقاراوغلان وكل من أسهم في إنجاح هذه التظاهرة الفنّية الاستثنائية، مؤكدة أن متحف سرسق سيكون على قدر آمال اللبنانيين وعلى مستوى هذا الحدث الكبير.
وألقت القائمة بأعمال السفارة الفرنسية كلمة قالت فيها: عندما كان أندريه مالرو وزيراً للثقافة في فرنسا أراد أن تعمل الوزارة في سبيل تنفيذ مهمة أساسية تقوم على إتاحة الأعمال الفنية والثقافية الكبرى التي أنتجتها البشرية أمام الجمهور كي يتمكّن من الإطلاع عليها.
وأشارت إلى أن وزارة الثقافة الفرنسية تحتفل بعيدها الستين، وقد أدرجت معرض بيكاسو والأسرة ضمن برنامج احتفالاتها الخاص بهذه المناسبة، وقالت: يطبق متحف بيكاسو باريس منذ إنشائه نهجاً طموحاً قائماً على التعاون الدولي، اقتناعاً منه بضرورة إطلاع الجمهور على أعمال بيكاسو وعرضها على مرأى من العدد الأكبر من الأشخاص. وتقدّم فعاليات بيكاسو المتوسط، التي جمعت أكثر من 70 مؤسسة وشهدت ولادة تعاون جديد بين متحف بيكاسو باريس ومتحف سرسق، دليلاً إضافياً على هذه الاندفاعة.
وأعلنت أن السفارة الفرنسية في لبنان تُعرب عن سرورها بأن هذه التظاهرة الثقافية تحطّ رحالها في بيروت في المحطّة الختامية، بعدما تنقلت على امتداد ثلاث سنوات على ضفاف المتوسط، وقالت: نحن على يقين من أن هذا المعرض سيستقطب جمهوراً كبيراً وسيثير اهتمام الزوّار وإعجابهم، وكان لا بد لبيروت هذه العاصمة الثقافية العريقة أن تشكّل واحدة من المحطّات البارزة في هذا المشروع.
وأكّدت أن احتضان متحف سرسق هو خير تعبير عن أوجه التعاون الثقافية بين فرنسا ولبنان والتي تزداد غنى وتنوّعاً يوماً بعد يوم، ونأمل أن تستمر في النمو والتطور. والمعرض هو أيضاً شاهد على التصميم الشديد والراسخ الذي يتّسم به جميع مَن يضعون التبادلات الثقافية في صلب عملهم وممارستهم.
وتحدثت عن أهمية هذا المعرض في بيروت ولبنان الذي يجتاز أوضاعاً اقتصادية صعبة، والقطاع الثقافي هشّ وحساس ويواجه أحياناً صعوبات، ولكن الثقافة بالنسبة الينا هي أداة للتلاحم الاجتماعي، تساهم في الخير العام، وهي ثمينة وتجب حمايتها. لهذا فإن التمكّن من إقامة المعرض هنا في ظلّ هذه الأوضاع الصعبة هو أمر مهم وله مغزى. فالإبداع الثقافي هو أحد أبرز ميزات لبنان ومدعاة اعتزازه الوطني. ان القطاع الثقافي هو مصدر مهم لخلق الوظائف ومن المهم دعمه ولهذا ستطلق السفارة الفرنسية قريباً بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية دراسة حول المؤسسات والصناعات الثقافية والإبداعية في لبنان، وأهميتها هو في الإضاءة على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لهذا القطاع وللعوائق أمام تطوره».
وألقى وزير الثقافة كلمة قال فيها: اسمحوا لي ان أعبر عن سعادتي وسروري لوجودي معكم اليوم في هذا الحدث الاستثنائي بكل المقاييس. انه أمر عظيم ان نشهد معرضاً لأعمال الفنان الخالد بيكاسو في قلب بيروت ونحن فخورون به، ومثله مثل أي عمل مميز أو إنجاز، هناك دائماً أناس وجنود مجهولون يسعون لإنجاحه، وهذا لم يكن ليتم لولا تفاني جميع المسؤولين في متحف سرسق وسعيهم لإنجاز هذا الحدث.
ووجّه تحية للسيدة بيتشوتو على المنحة الكريمة التي مكّنت هذا الحلم من أن يصبح أمراً واقعاً، فمعرض بيكاسو والعائلة سيكون في متحف سرسق بين 27 أيلول إلى 6 كانون الثاني وهو حدث استثنائي جداً وسيكون له تأثير على الحالة الثقافية وعلى استنهاض الوضع الثقافي الذي نسعى له من خلال عملنا في وزارة الثقافة.
وقال: إن الحديث يطول جداً عن بيكاسو وتأثير أعماله على الفنّ، فكان بمثابة عاصفة فنية وصدمة إيجابية كبرى في مسار الفنّ التشكيلي العالمي والأوروبي، ووجود هذه الأعمال في بيروت ليس إلا دليل على الثقة الكبيرة بلبنان، فوجود أعمال بهذا الحجم وبهذه القيمة الثقافية الكبيرة التي تُعتبر جزءاً من الإرث الفنّي العالمي ما هو إلا دليل ثقة بهذا البلد، وإعادة تأكيد المؤكد بأن الشعب اللبناني هو شعب مبدع توّاق للإبداع، متذوق للفن، ورغم كل معاناته ومحنه يبقى لديه فسحة للاستمتاع بالإبداع وتقديره.
وتمنى الوزير داود أن تكون هذه المناسبة ليس فقط للأخصائيين بل لإلهام أجيال من الفنانين اللبنانيين الصاعدين لرؤية هذه الأعمال كي تسهم بفتح آفاق جديدة أمامهم، فنحن ننقل الفن في لبنان الى مرحلة جديدة ومتقدمة جداً، ولبنان هو دائماً في قلب أي منافسة، وان شاء الله يستمر هذا الأمر بجهود المخلصين.
وعبّر عن سعادة وزارة الثقافة «لاحتضان ودعم عمل من هذا النوع ومن هذا الحجم»، مؤكداً أن الوزارة ستسعى دائماً الى مزيد من هذه الأعمال لما لها من اثر إيجابي على الساحة اللبنانية.
وختم: يبقى الفنّ والثقافة في لبنان الجامع الأبرز والأضمن، رغم كل التباينات. فالثقافة هي الجامع الأساسي لنا فلنتضامن ولنلتفّ حول الثقافة، وبرأيي ان هذه الظاهرة الفنية «بيكاسو والعائلة» هي خير انطلاقة لهذا التضامن والتكاتف حول الثقافة.