انخفاض أسعار النفط تغيير لإطار الأخطار في الأسواق الناشئة
كشف التحليل الأسبوعي لمجموعة QNB أنّ الانخفاض الذي طرأ أخيراً على أسعار النفط بدأ في إحداث تغيير على صورة الأخطار في الأسواق الناشئة، حيث انطوت التغيرات المهمة التي حدثت في أسواق المال العالمية خلال النصف الثاني من 2014 على تراجع كبير في أسعار السلع، وانتهاء برنامج التيسير الكمّي في الولايات المتحدة، وارتفاع قيمة الدولار.
وأوضح التحليل أول من أمس، أنّ هذه التطورات مجتمعة، وبخاصة التراجع في أسعار النفط، أدت إلى تباين في أداء الأسواق الناشئة وفي صورة الأخطار المستقبلية، مبيناً أنّ أكثر الدول تضرراً هي روسيا وأوكرانيا، متبوعة بالدول المنتجة للسلع، مثل البرازيل وجنوب أفريقيا.
وأشار التحليل إلى الاقتصادات الناشئة الخمسة الهشة البرازيل، الهند، أندونيسيا، جنوب أفريقيا، تركيا التي كانت أشدّ تأثراً بهروب رؤوس الأموال عقب الإعلان بأواسط عام 2013 عن خفض برنامج التيسير الكمّي من قبل بنك الاحتياطي الفيديرالي الأميركي، حيث أضاف روسيا وأوكرانيا إلى قائمة دول الاقتصادات الناشئة التي تواجه أخطار جدّية بوقوع أزمة بسبب تداعيات الأزمة بين هذين البلدين، إضافة إلى الهبوط الذي حدث أخيراً في أسعار النفط لاستكمال قائمة ما يعرف باسم «الدول السبع الأكثر عرضة للأزمات». وقال: «إن النصف الثاني من عام 2014 شهد تبايناً مهماً بين دول الاقتصادات الناشئة، التي استطاعت اتخاذ التدابير اللازمة لخفض عجوزات حساباتها الجارية، وتحقيق الاستقرار لعملاتها الهند وأندونيسيا وتلك التي لا تزال تصارع لاحتواء فقدان الثقة في اقتصاداتها البرازيل، روسيا، أوكرانيا، وفي شكل أقل جنوب أفريقيا ، وكان انخفاض أسعار السلع العالمية، بما فيها أسعار النفط، أهم سبب وراء فقدان الثقة في دول المجموعة المذكورة.
ولفت إلى حصول تحسن في مزاج السوق المالية تجاه الدول السبع الأكثر عرضة للأزمات، على رغم الانخفاض المطّرد في التوقعات المستقبلية لهذه الاقتصادات، باستثناء الهند فقط، مضيفاً: «إنه وبحسب تقديرات بلومبيرغ، حالياً يتوقع لنمو الناتج المحلي الإجمالي أن يبلغ نسبة 5.4 في المئة في عام 2014 مقابل 4.7 في المئة التي كانت متوقعة في حزيران. وتعتبر أندونيسيا الدولة الوحيدة من بين الدول السبع التي يتوقع لها أن تنمو بنسبة تزيد على 5 في المئة في عام 2014».
وقال إنّ انخفاض أسعار النفط كان أحد العوامل الرئيسة التي أثرت في تباين أداء الاقتصادات الناشئة خلال النصف الثاني من عام 2014، إذ بلغت أسعار نفط برنت ذروتها في أواسط شهر حزيران، حيث بلغ سعر البرميل 115 دولاراً أميركياً، ومنذ ذلك التاريخ، تراجعت الأسعار بنسبة تزيد على 30 في المئة إلى حوالى 80 دولاراً أميركياً للبرميل حالياً.
وأضاف: «إنّ الأسعار المنخفضة للنفط ساعدت على تحسين الموازين الخارجية في الهند وأندونيسيا، حيث استفادت حكومتا البلدين من فرصة الانخفاض في أسعار النفط لرفع أسعار الوقود وخفض فواتير الدعم، حيث أعلن رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، في أواسط تشرين الأول أنّ الحكومة ستتوقف عن تحديد أسعار الديزل وإلغاء نصف الدعم الإجمالي المقدم إلى الوقود، الذي كلّف الحكومة حوالى 9.4 في المئة من الموازنة في العام الماضي».
كما أعلن الرئيس الأندونيسي الجديد، جوكو ويدودو، في أواسط تشرين الثاني زيادة نسبتها 30 في المئة في أسعار الوقود، والتي جاءت عقب زيادة بنسبة 33 في المئة في حزيران 2013، ومن المتوقع أن تصل كلفة دعم الوقود إلى 19 في المئة من الموازنة الأندونيسية لهذا العام.
ولفت التحليل الأسبوعي لمجموعة QNB، إلى أنّ روسيا كانت هي الأكثر تضرراً من انخفاض أسعار النفط، إذ تراجع سعر صرف العملة الروسية بنسبة 34.9 في المئة منذ نهاية حزيران مع هبوط أسعار النفط، وما صاحبه من تفاقم نقاط الضعف المتعلقة بالجوانب الدولية المرتبطة بالتوتر في أوكرانيا، كما إنّ هذه الأخيرة في شكل خاص أصبحت في وضع سيء للغاية.
ونبّه إلى التوقعات الحالية بأن ينكمش اقتصادها بنسبة 7 في المئة هذا العام، مبيناً أنه تم تفادي التخلف عن سداد الديون السيادية بصعوبة في أيار بعد اتفاق للحصول على دعم خارجي من صندوق النقد الدولي وجهات مانحة أخرى بلغ مجموعها 27 مليار دولار أميركي، كما انخفضت الاحتياطيات الدولية إلى 12.6 مليار دولار أميركي فقط من 16.3 مليار دولار أميركي في نهاية أيلول.
وأشار إلى أنّ البنك المركزي توقف عن جهود الدفاع عن العملة، ويعاني الآن من نقص في الاحتياطيات. ومن دون استمرار الدعم الخارجي، فمن المرجح أن تعجز أوكرانيا عن سداد ديونها السيادية. وفي البرازيل، ذكر أن انخفاض أسعار النفط والسلع فاقم من المخاوف بشأن وضع الأزمة السياسية التي نشأت من الانتخابات الرئاسية في تشرين الأول، وأدت إلى تأخير عملية تعيين حكومة جديدة، وقد أدى ذلك إلى هبوط حادّ في قيمة الريال البرازيلي بنسبة 13.9 في المئة منذ نهاية حزيران 2014.
واعتبر أنّ التوقعات الاقتصادية لجنوب أفريقيا تراجعت تراجعاً طفيفاً خلال النصف الثاني من العام، بسبب اعتماد الاقتصاد إلى حد كبير على السلع الأساسية، حيث أدى انخفاض أسعار السلع الأساسية إلى تعديل بالخفض في توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 1.9 في المئة في حزيران إلى 1.5 في المئة حالياً.
وقال: «إنّ الدافع الأساسي وراء التراجع الطفيف في قيمة العملة في تركيا منذ حزيران الماضي كان تدهور الوضع الأمني في البلدان المجاورة، إذ تواجه تركيا بعض التحديات الرئيسة – مع توقع بأن يزيد العجز في الحساب الجاري على 5 في المئة هذا العام.
لكن بوصفها مستورداً كبيراً للنفط، فإنّ من شأن الانخفاض في أسعار النفط أن يساعد وضعها المالي بعض الشيء».
ورأى أنّ ثمة عاملاً آخر مهماً دعم الأسواق الناشئة، وهو برنامج التيسير النقدي غير المتوقع في كل من الصين واليابان، الذي أدى إلى تلطيف وضع السيولة العالمية، مشيراً إلى أنّ الأسواق المالية في السابق، كانت تتخوف من إنهاء التيسير الكمّي في الولايات المتحدة في تشرين الأول، إلا أن بنك الشعب الصيني خفض بشكل غير متوقع أسعار الفائدة على القروض والودائع في 24 تشرين الثاني. وإضافة إلى ذلك، فاجأ البنك المركزي الياباني الأسواق بتوسعة برنامجه للتيسير الكمّي بنهاية تشرين الأول، مع توقعات بأن يتدفق الكثير من هذه السيولة الإضافية إلى الأسواق الناشئة بحثاً عن عائدات أعلى.