عشرات الدعاوى ضدّه من الأسرى المحرّرين على خلفية عمالته المستمرة وممارساته الوحشية لقاء الأحزاب: عودة العملاء تعني تموضع «إسرائيل» مصغّرة في الجسم اللبناني
لا تزال قضية السماح للعميل عامر الياس الفاخوري بدخول لبنان من دون ملاحقة، تتفاعل في الأوساط السياسية والحقوقية والشعبية خصوصاً لدى الأسرى المحررين الذين تقدّم عدد منهم بدعاوى ضدّ الفاخوري على خلفية استمرار عمالته للعدو وممارساته الوحشية بحقهم أثناء اعتقالهم في معتقل الخيام إبّان الإحتلال «الإسرائيلي» للبنان.
وشهد أمس محيط قصر العدل اعتصاماً للأسرى المحررين احتجاجاً على السماح بدخول الفاخوري إلى لبنان وللمطالبة بمحاكمته وإنزال أشدّ العقوبات بحقه. وتقدّم عشرة أسرى محرّرون هم: نبيه عواضة، سهى بشارة، أنور ياسين، أحمد طالب، عباس قبلان، إبراهيم كلش، لافي المصري، جهاد حمّود، علي عادل بزي وياسر يوسف بزي، بالإضافة إلى 34 محامياً دعوى ضدّ الفاخوري وكلّ من يظهره التحقيق فاعلاً ومتدخلاً وشريكاً بتهمة التعامل مع العدو «الإسرائيلي» وتسهيل دخول عميل محكوم إلى لبنان.
وتتضمّن الدعوى قتل الأسيرين بلال السلمان وإبراهيم أبو العز عام 1989 خلال الانتفاضةِ التي حصلت داخلَ معتقلِ الخيام وتعذيب الجرحى الأسرى وإخفاء جثمان الشهيد علي عبدالله حمزة، بالإضافة إلى حمل الجنسية «الإسرائيلية» ودخول الأراضي المحتلة والإقامة بها لمدة طويلة من الزمن، فضلاً عن حمل جواز سفر بصفته «إسرائيلياً» وحجز حرية مواطنين لبنانيين أبرياء من دون سبب وتعذيب مواطنين لبنانيين.
وأعلنت عائلة الشهيدين بلال وعماد السلمان، أنها أوكلت إلى المحامي معن الأسعد، رفع دعوى قضائية شخصية لدى المحاكم اللبنانية المختصة باسم العائلة، ضدّ الفاخوري وكلّ من يظهره التحقيق من العملاء، بجرم إعطاء الأوامر وإطلاق القنابل السامة لقمع انتفاضة المعتقلين في سجن الخيام في تشرين الثاني من العام 1989، والتي أدّت الى استشهاد الأسيرين بلال السلمان وإبراهيم أبو عزة.
كما دعت العائلة في بيانها إلى «إعادة اعتقال ومعاقبة العميل انطوان يوسف الحايك الذي ثبت بناءً على اعترافات العملاء لدى القضاء اللبناني بعد التحرير عام 2000، أنه هو أحد من أطلق القنابل السامة التي أدّت الى استشهاد بلال السلمان وإبراهيم أبو عزة».
وكان العميل الحايك اعتقل لفترة وجيزة وأُفرج عنه.
كما تقدّم الأسعد إلى النيابة العامة التمييزية بإخبار ضدّ الفاخوري وخمسين عميلاً آخرين، والنيابة العامة تحيل القضية إلى المرجع القضائي المختص، مؤكداً أنه سيتابع هذه القضية إلى النهاية، لأنّ جرائم هؤلاء المدّعى عليهم لم يمرّ عليها الزمن، مشيراً إلى أنه «استناداً الى القانون اللبناني لا يجوز لأيّ دولة المطالبة بتسلّمه بحجة أنه يحمل جنسيتها، لأنه يحمل الجنسية اللبنانية ولأنّ الجرائم وقعت على الأراضي اللبنانية».
مواقف نيابية وحزبية
وفي المواقف من هذه القضية، رأى النائب ميشال موسى أنّ التساهل في ملف العميل الفاخوري غير مسموح «فهناك أضرار جسيمة وقعت على أشخاص بشكل مباشر وعلى أمن الوطن، واعتداء سافر على كلّ القوانين اللبنانية».
وقال:»لا يمكن أن يمرّ موضوع عودة الفاخوري مرور الكرام، وهناك علامات استفهام حوله وقطب مخفية. الارتكابات التي قام بها هي خارج إطار أيّ إجراء تخفيفي، والمطلوب أن تكون هناك إجراءات تعبّر عن موقف كلّ اللبنانيين بإدانة هذا الأمر، واتخاذ أقسى العقوبات بحق المرتكب».
وأوضح «انّ محاكمة الفاخوري تتمّ وفقاً لجنسيته اللبنانية وإنْ كان يحمل الجنسية الأميركية، وإنّ مرور الزمن لا يطبّق على هذا الحجم من الجرائم بحق الوطن».
بدوره، غرّد النائب الدكتور قاسم هاشم عبر «تويتر» قائلاً «ما دام الاجماع قد حصل لدى كلّ القوى السياسية لمحاسبة ومحاكمة العميل عامر الفاخوري فأصبحت محاكمته ومحاسبته وإنزال أشدّ العقوبات فيه وامثاله وعدم الخضوع لأية ظغوط أو تهويلات أو تهديدات ومن أية جهة أتت، والتعاطي مع ملف هذا العميل الخائن انطلاقاً من السيادة والكرامة الوطنية، وليكن درساً لكل من تسوّل له نفسه أن يبيع نفسه بأبخس أثمان العمالة والخيانة ولتكن الأحكام رادعاً لكل خائن وعميل أيا كان اسمه وانتماؤه».
من جهتها، حذّرت لجنة المتابعة في لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية، في بيان من التساهل والتلكؤ في محاكمة جزار معتقل الخيام العميل الفاخوري، المستمرّ في عمالته للعدو الصهيوني من خلال اعترافه بحمل الجنسية «الإسرائيلية»، مؤكدةً أنّ «الأحكام ضدّ هذا النوع من العملاء والملاحقات الأمنية في حقهم لا تسقط بمرور الزمن، لأنها مرتبطة بالأمن القومي الذي يجب، بأيّ شكل من الأشكال، ألاّ يمسّ به العدو الصهيوني أو يخرقه، عبر مثل هؤلاء العملاء الذين يجري تبييض صفحتهم من الجهات في الدولة، على نحو يشكل انتهاكاً صارخاً للقيم الوطنية وثقافة المقاومة، التي يجب أن تكرس في مواجهة العدو الصهيوني الذي لا يزال يحتلّ أجزاء من الأرض اللبنانية في الجنوب».
وأكدت أنّ «التشدّد في محاكمة العميل الفاخوري وإنزال أشدّ العقوبات به، إنما هو واجب وطني، لتحريم التعامل مع العدو ومنع استسهال العمالة من ناحية، وتحصيناً للأمن الوطني واحتراماً وتقديراً لتضحيات الشهداء والأسرى والجرحى والمقاومين من ناحية ثانية»، مشيدةً بـ»التحرّك الوطني لعوائل هؤلاء جميعاً، في خطوة تعكس حجم الآلام التي تسبّب بها هذا العميل وغيره للعديد منهم، من خلال ممارستهم شتى أنواع القتل والتعذيب».
وطالبت «الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية بالتدقيق في ملف العملاء الذين عادوا إلى لبنان بجوازات سفر أميركية، بعدما تمّ سحب المذكرة الصادرة في حقهم»، وحذرت من «خطورة التساهل في هذا الأمر على الأمن الوطني، خصوصاً أنّ بعض هؤلاء يمكن أن يكون مستمراً في العمل لمصلحة العدو الصهيوني».
بدوره، أشار لقاء الاحزاب والقوى الوطنية والقومية في البقاع في بيان، الى أنه «لم يكن خافياً على أحد في السلطة وخارجها أنّ جرّة الفاخوري عامرة عمالة وخزياً وعاراً وإجراماً وتعجّ بالارتكابات وشتى صنوف الوحشية بحق شبابنا ومقاومينا الأبطال الرافضين للاحتلال الصهيوني، فكان الأجدى والأجدر بدل تركيب أذن عودة جزّار الخيام العميل عامر الفاخوري الوقحة الفظة والملتبسة والتي تحمل في توقيتها أكثر من لغز وإشارة، أن يُساق الفاخوري فوراً إلى معتقل الخيام حيث لا زالت أدوات التعذيب الشاهد الناطق على وحشية ودناءة أفعاله ليحشر في الأقفاص ويذوق المرارات والعذابات التي أذاقها لأحرار وطننا ومناضلينا».
ولفت إلى أنّ «السياق الذي تظهّرت معه قضية جزار الخيام المحمي والمحتضن أميركياً في الوقت الذي يشهد لبنان عدواناً أميركياً سافراً يتبدّى حصاراً اقتصادياً واستعماراً موصوفاً من خلال التضييق على المصارف والمؤسسات المالية والشخصيات وكبار التجار بالملاحقة في لبنان والخارج بحجة دعم المقاومة، ومن ضمنه عودة أربعمائة عميل بإشراف السفارة الأميركية يحملون جوازات سفر أميركية، لدليل واضح على غزو عملائي ممنهج ومنظم واحتلال مقنّع يحمل في طياته عودة إسرائيلية احتلالية تسللية من نافذة العملاء بعدما خرج الاحتلال ذليلاً مهزوماً من بوابة الجنوب ومعه أذنابه وعملاؤه».
وحذّر اللقاء من «زرع العملاء مجدّداً بغطاء السفارة الأميركية في العديد من المناطق، ألغاماً معدّة للتفجير كتلك المزروعة على حواشي الجنوب ولم تسلم الدولة الصهيونية خرائطها»، رافضاً «الحديث عن إعادة أولئك الذين خرجوا طوعاً مع الاحتلال عام 2000 لا سيما أنهم انغمسوا في مؤسسات العدو الإسرائيلي ومنظوماته القيمية والأمنية والمدنية وعودتهم تعني تموضع إسرائيل مصغّرة في الجسم اللبناني مع ما يكتنف ذلك من مخاطر وتهديد صارخ للأمن القومي اللبناني والعربي».
ورأى انّ «محاولات تسخيف أو استسهال التعاطي مع قضية جزّار الخيام من خلال الجانب القانوني ومسألة سقوط الملاحقة بالتقادم وعامل الزمن، يُعتبر طعنة نجلاء في صدر المقاومين وتضحياتهم، شهداء، ومعذبين ومعوقين مصابين بسياط الفاخوري الذي أقلّ ما يقبل به الوطنيون والمقاومون إعدامه في باحة معتقل الخيام ليكون عبرة ودرساً لكل من تسوّل له نفسه مد اليد للعدو والتآمر على شعبه ووطنه».
من ناحيته، لفت تجمّع العلماء المسلمين» إلى «بروز مسألة العملاء في جيش لحد بعد محاولة أياد آثمة إدخال أحد الجزارين الفارين من العقاب جزار معتقل الخيام عامر الياس الفاخوري إلى لبنان، على أساس مرور الزمن العشري لتتكشف في الأيام الماضية عملية كبيرة لتسهيل إرجاع عملاء كبار، ولعل بعضهم قد رجع فعلاً ضمن خطة مدروسة لا نعرف إلى الآن الهدف منها».
وأكد التجمّع أن «من تبقى من عملاء المجرم أنطوان لحد في الكيان الصهيوني لا يستحقون العودة إلى البلاد بل العقاب». ودعا إلى «أخذ العبرة وعدم تضييع الحقوق لعوائل الشهداء والجرحى والأسرى، وأن يكون المواطنون بأجمعهم كلمة واحدة لمصلحة الوطن والحق والعدالة».
واعتبرت «جبهة العمل الإسلامي» في بيان «أنّ العملاء الخائنين الذين قتلوا، وعذبوا المقاومين الأبطال والشرفاء الذين واجهوا العدو الصهيوني بقوة وصلابة إرادة بصدور عارية، هؤلاء العملاء كأمثال الفاخوري وغيره لا مكان لهم بيننا، بل إن الإعدام أو السجن المؤبد هو مكانهم المناسب والذي يليق بخيانتهم الوطن والتحاقهم بالعدو الصهيوني الغاشم ومسؤوليتهم عن الكثير من الجرائم التي ارتكبوها والتي يندى لها الجبين».