تحذير أوروبيّ ودعوة للمفاوضة بجديّة فهل تخرج لندن دون اتفاق؟
وجّه الاتحاد الأوروبي تحذيراً شديداً من أن بريطانيا تتجه إلى الخروج من التكتل دون اتفاق، مع قصور الأفكار التي تطرحها لندن بخصوص استبدال الترتيب الخاص بإيرلندا الشمالية قبل ستة أسابيع فقط من موعد الخروج.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أمس، مخاطباً نواب الاتحاد الأوروبي في ستراسبورغ، إن «رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أبلغه يوم الاثنين بأن لندن لا تزال ترغب في إبرام اتفاق، لكنها ستغادر التكتل باتفاق أو بدونه يوم 31 تشرين الأول».
وأضاف يونكر «الوقت المتبقي قصير جداً… خطر الخروج دون اتفاق واقعي جداً»، خلال جلسة عامة للبرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، استمرت لأكثر من ثلاث ساعات.
وأكد رئيس المفوضية الأوروبية أن على «لندن تقديم اقتراحات واقعية لتحل محل الترتيب الخاص بإيرلندا الشمالية».
وقال يونكر «قد يكون ذلك خيار المملكة المتحدة، ولكنه لن يكون أبداً خيار الاتحاد الأوروبي»، في كلمة استمرت ست دقائق قاطعه خلالها مراراً النواب الأوروبيون البريطانيون المؤيدون لبريكست والذين وصفهم يونكر متهكماً بأنهم من «معجبيه».
بدوره، حذّر كبير المفاوضين الأوروبيين ميشال بارنييه أولئك النواب البريطانيين من أنّه سيتوجب عليهم «تقديم حسابات إلى مواطنيهم».
وقال إنّ «المواطنين البريطانيين، مثل سائر المواطنين الأوروبيين، لديهم الحق في معرفة الحقيقة بشأن عواقب بريكست، كل العواقب التي تتسم بخطورة أكبر … وأنتم لا تريدون قولها».
دعوة إلى عدم التظاهر بالتفاوض!
فيما دعا مسؤولو الاتحاد الأوروبي لندن أمس، إلى «عدم التظاهر بالتفاوض» لتجنّب بريكست بلا اتفاق، وحذّروا المناهضين البريطانيين للمشروع الأوروبي من أنّه «سيتوجب عليهم تقديم حسابات إلى مواطنيهم».
قال بارنييه إنّ «الأمر لا يتعلق بالتأكيد بالتظاهر بأننا نتفاوض»، في انتقادات مبطنة لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون المتهم في بلده بعدم الجدّية في المفاوضات.
وفي كلمته، أعلن جان – كلود يونكر الذي يفترض به أن يسلم رئاسة المفوضية في الأول من تشرين الثاني لخليفته
الألمانية أورسولا فون دير لايين، «لست متأكداً من أننا سننجح، بقي لدينا وقت قصير جداً، لكنني متأكد من أنه يجب علينا أن نحاول».
وسيلتقي قادة الاتحاد الأوروبي في قمة حاسمة في بروكسل يومي 17 و18 تشرين الأول، قبل أسبوعين فقط من الموعد المقرّر لخروج بريطانيا بعد أكثر من ثلاث سنوات من تصويت البريطانيين لصالح الانفصال.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات على الاستفتاء الذي اختار فيه 52 بالمئة من البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي، لم يسمح غداء عمل الإثنين بين جونسون ويونكر وبارنييه بالتقدم قيد أنملة بشأن معضلة بريكست.
ويطرح جونسون علناً الخروج من الاتحاد بلا اتفاق على الرغم من تقديرات تنذر بالسوء صدرت عن حكومته، مثل نقص في المواد الغذائية والأدوية وخطر حدوث بلبلة على مستوى الانتظام العام.
وفي أسوأ سيناريو محتمل بحسب خطط الطوارئ التي وضعتها الحكومة البريطانية، قد يؤدي الخروج دون اتفاق إلى «حدوث اضطراب في حركة التجارة وإمدادات الدواء والأطعمة الطازجة».
حلول بديلة وضياع في الوقت
وفي هذه الحال، يطلب الاتحاد من لندن حلولاً بديلة من «شبكة الأمان» التي تبقي المملكة المتحدة في «سوق جمركية موحدة» في غياب حلول أخرى. وقال بارنييه محذراً إنّ «هذا لا يكفي لكي يوضحوا لنا لماذا يريدون إلغاء شبكة الأمان»، وشرح أنّ وراء هذه الآلية «ضمانات عملية جداً يحتاج إليها كل المواطنين الإيرلنديين»، وهي كذلك من أجل «صحة وأمان المستهلكين في الدول الـ 27».
وفي النقاش الذي تلى ذلك، اتهم رئيس مؤيدي بريكست النائب الأوروبي نايجل فاراج ميشال بارنييه بأنه «يسعى منذ البداية إلى حشرهم البريطانيين داخل» السوق الواحدة.
وقبله تماماً، تحدثت النائبة الأوروبية الإيرلندية الشمالية من حزب شين فين الجمهوري الذي ينادي بإيرلندا موحّدة، مارتينا اندرسون، ورفعت جواز سفرها الإيرلندي وهي ترتدي قميصاً خضراء تحمل اسم جيمس ماكلين، لاعب كرة القدم الإيرلندي الشمالي الذي اختار أن يمثل الجمهورية الإيرلندية في مباريات دولية.
وقالت «نحن الايرلنديين الشماليين في إيرلندا، من حقنا المواطنة الأوروبية».
وفي السياق نفسه، تبقى القضية الإيرلندية في صلب المفاوضات. وتطالب لندن بإلغاء «شبكة الأمان» التي أدرجت لمنع إقامة حدود مادية بين إيرلندا الشمالية، وهي مقاطعة بريطانية، وجمهورية إيرلندا.
أسباب وجيهة للتأجيل
تأمل المملكة المتحدة في تحقيق تقدّم كافٍ في المناقشات لتحويل القمة الأوروبية التي ستعقد في 17 تشرين الأول إلى مرحلة حاسمة لإنجاز اتفاق جديد.
ولا يمكن لأي اتفاق جديد مع لندن الدخول حيّز التنفيذ من دون موافقة البرلمان الأوروبي.
وصوّت النواب الأوروبيون بأغلبية، في منتصف أمس، على قرار حول بريكست، هو الأول للبرلمان الجديد الذي انبثق من انتخابات أيار.
ويتطابق النص الذي اتفقت عليه الكتل السياسية الكبرى باستثناء اليمين المتطرف، مع مواقف البرلمان السابق التي تقضي ببذل كل الجهود الممكنة لتجنّب خروج بريطانيا بلا اتفاق والتأكيد من جديد أنّ الاتفاق الذي تم التفاوض حوله «عادل ومتوازن».
كما يشير النص إلى أنه لن يتم تأييد أي تأجيل جديد «ما لم يكن هناك هدف وأسباب وجيهة لذلك».
التطلع إلى اتفاق تجاري
خلال الجلسة نفسها في ستراسبورغ، حذّر ميشال بارنييه المملكة المتحدة من أنّ التفاوض حول اتفاق تجاري بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي يوجب التزامها إنشاء شروط منافسة عادلة. وقال إنّ «مستوى الطموحات بشأن اتفاق تجارة حرة مستقبلي … يتعلّق بوضوح بالضمانات التي سنتفق عليها في المجال الاجتماعي، البيئي، كما في مجال التنافس والمساعدات التي تقدّمها الدولة». وأضاف أنّ «هذه العلاقة الاقتصادية يجب أن تكون مصحوبة بالتأكيد بضمانات حول شروط منافسة عادلة».
سفير بولندا
يدعو مواطنيه للنظر بجدية!
تزامناً مع هذه التطورات، صدرت عن السفير البولندي لدى لندن دعوة إلى مواطنيه لـ»النظر بجدية في العودة للعيش في بلدهم بعد بريكست».