الجيش كشف لُغز المسيّرتين الاسرائيليتين وخبراء وصفوه بالاحترافي… وزير الدفاع: تغيير خطير بقواعد الاشتباك ولدينا الحق بالدفاع عن لبنان

محمد حميّة

بعد حوالي ثلاثة أسابيع من الغموض الذي أُحيط بقضية سقوط الطائرتين المسيّرتين الإسرائيليتين اللتين سقطتا في حي معوّض في الضاحية الجنوبية لبيروت، أُميط اللثام أمس، عن تفاصيل وحيثيات هذا الملف، وكشفت قيادة الجيش اللغز، محددة المسار الذي سلكته الطائرتان وطبيعة الهدف، حيث أكد وزير الدفاع الياس بو صعب أن «المسيَّرة انطلقت عن بعد 11.6 كلم مقابل مطار habonim في الأراضي المحتلة من البحر اما على متن زورق او شيء آخر يوضع جهاز يسمّى mission check point بعد ذلك تنطفئ وتنتقل الى المرحلة الثانية، وقد استطاع الجيش أيضاً ان يعرف كيفية برمجة هذه الطائرة». مؤكداً أنها تغيير خطير بقواعد الاشتباك وللجيش الحق بالدفاع عن لبنان.

وفي مؤتمر صحافي عقده في مبنى الوزارة، عرض فيه نتائج التحقيق الذي أجراه الجيش اللبناني في ما خصّ الطائرات المسيَّرة الإسرائيلية وأكد أنها ليست مسيّرة عادية انما فيها صناعة عسكرية وهي الاولى التي وصلت عند الاولى و19 دقيقة فجراً، وسقطت على سقف من القرميد في المنطقة المحدد لها ان تصل اليها. اما الطائرة الأخرى التي انفجرت فتبعت الطائرة الاولى عند الثانية و11 دقيقة فجراً، أي بعد 42 دقيقة من سقوط الطائرة الاولى، مما يؤكد انه كانت هناك خطة فيها اكثر من طائرة. والعرض سيبين أنه كان هناك طائرات UAV في الأجواء فوق هذه الطائرات لكي تسيّرها».

وعرض بو صعب جزءاً من الطائرة وهو الصندوق الذي كان يحمل المتفجرات البلاستيكية التي تزن 4.5 كيلوغراماً، كما عرض صوراً للطائرة المسيَّرة الاولى وهي صناعة octocopter coax x8 لها ثمانية محركات واربعة اذرع، والصندوق الذي يحمل المتفجّرات. وعرض أيضاً، أجزاء الطائرة والمتفجرات التي تحملها، مشيراً الى أن ذلك يؤكد ان «الهدف منها عدائي وليس للتصوير».

وشدد بوصعب على أن «الجيش لديه قرار دائم بالدفاع عن لبنان وأرضه، وفي اي وقت واي هدف يرى اعتداء من العدو الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية لديه قرار واضح بالدفاع عن ارضنا».

وعلّقت مصادر مطلعة لـ»البناء» على كلام بوصعب كالتالي: أولاً: «كشف ملابسات القضية دليل على احترافية وجهوزية الجيش في الحرب الالكترونية الى درجة عالية تفوق احترافية أجهزة استخبارية عدة في دول المنطقة عبر فكفكة رموز الطائرة المسيَّرة. وثانياً: مستوى التنسيق والتواصل والتعاون بين الجيش والمقاومة وتسلّم الجيش هذا الملف الدقيق والحساس لجهة الأمن القومي اللبناني ما يسقط الادعاءات والاتهامات بأن حزب الله دولة ضمن الدولة ويحتكر الأمن والدفاع».

أما النقطة الثالثة بحسب المصادر، فإن المعلومات كشفت بأن «لبنان مستهدَف بعدوان إسرائيلي كبير وحقه بالردّ بالوسائل المتاحة، وهذا يكفله البيان الوزاري وشرعة الأمم المتحدة والمواثيق الدولية، وهذا تكريس حقيقي وميداني للمعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة». وتضيف المصادر أن «هذا الإنجاز الالكتروني والاستخباري يُسجل انتصاراً للجيش وإصراره على مواجهة العدوان الإسرائيلي من جهة ومكافحة الارهاب والعملاء ومحاكمتهم من جهة ثانية، كما جزمت التحقيقات أن هدف المسيَّرتين ليس استطلاعياً، بل عمل أمني واعتداء على أمن المواطنين وأمن الطيران اللبناني، ما يطرح سؤالاً كبيراً حول الاستثمار في الجيش لا سيما وأنه أثبت كفاءة وخبرة وإرادة وعقيدة قتالية والتفافاً شعبياً واسعاً رغم قدراته التسليحية والتقنية المتواضعة، فلماذا لا تسعى الحكومة اللبنانية لتأمين الامكانات العسكرية من دول صديقة للبنان كروسيا وإيران وغيرهما طالما أن الولايات المتحدة الاميركية تمتنع عن ذلك؟».

كما نسفت المعلومات التي كشفها الجيش كل الادعاءات الإسرائيلية بأن المسيَّرة كانت تنوي استهداف منصات صواريخ لحزب الله في الضاحية الجنوبية، لا سيما أن المنطقة التي سقطت بها المسيّرتين هي منطقة سكنية، كما أسقطت كل ما قيل عن أن المسيّرات كانت في مهمة استطلاعية فقط وليس عدواناً عسكرياً.

وقال الخبير في تقنيات الاتصال العميد الدكتور محمد عطوي لـ»البناء» إن «الطائرات المواكبة للمسيّرات UAV بمثابة الرجل الآلي ومهمتها تسيير المسيرات وتوجيهها وتزويدها عن بعد بالمعلومات عن الهدف وبدورها مرتبطة بغرفة عمليات في «إسرائيل». وهي إحدى وسائل الحرب الالكترونية وخطورة المسيّرات أنها تستطيع تنفيذ عمليات عسكرية دون أن تترك أي بصمة من عمليات اغتيال وتفجير أماكن سكنية ومواقع عسكرية».

ولفت عطوي الى أن «الطائرة انطلقت على مسافة 50 متراً فوق سطح البحر ما يصعب اكتشافها بالرادارات التابعة للجيش»، موضحاً أن «فشل العملية بسبب تحليق المسيَّرة على علو 14 متراً عن سطح الارض ما افقدها التواصل وتلقي الإشارات من الطائرات المواكبة وبالتالي أصبحت عمياء بسبب دخولها في مدار من المجمّعات السكنية المرتفعة وبالتالي فقدت التواصل مع مركز القيادة والتحكم في إسرائيل».

وأكد وزير الدفاع في مجال آخر، أن «موضوع عامر الفاخوري لا علاقة له بالمسيّرات والاعتداء الإسرائيلي»، وأضاف: «ليس هناك نظرية مؤامرة، بحسب السجلات الموجودة لم تكن هناك معلومات كافية. وهذا ما توفر لأجهزة الدولة كلها بعد صدور الحكم مرّ عليه الزمن. طبعاً هناك عملاء بدرجات، وكل واحد تختلف مسؤوليته عن الآخر. انما لا نحن ولا الجيش متهاونون مع عميل قتل وعذّب وكان له دور فعال بمشاركة العدو او ميليشيا لحد بحق الجيش اللبناني او المواطنين او المقاومين اللبنانيين».

وقال: «اليوم لا يزال لدينا 3571 اسماً مدرجة على 303 لهم علاقة بميليشيا لحد او بالتعامل مع الإسرائيلي في الجنوب، هذا لا يعني أننا نشطب اسماء كل الأشخاص عن 303 بل هناك اشخاص تسحب أسماؤهم، لأنه وضع معيار معين واتخذ القرار في المجلس الأعلى للدفاع منذ سنوات كل شخص مذنب سيحاكم، وهناك اشخاص ذهبوا الى الاراضي المحتلة ويريدون العودة، هناك أطفال ولدوا هناك لا ذنب لهم وحقهم ان يعودوا ولا اعتقد أن هناك اختلافاً في السياسة بين الأفرقاء في هذا الملف والقضاء اللبناني لا يخضع لأي ضغط من احد في أي ملف».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى