«أرامكو» معضلة عالميّة تنسف القيود الإنسانيّة.. العالم على قدم وساق بين اليمن وإيران.. وخيارات الردّ
إعداد سماهر الخطيب
من المقرّر أن يعرض البنتاغون على الرئيس دونالد ترامب طيفاً واسعاً من الخيارات العسكرية ضد إيران، رداً على الهجوم على شركة «أرامكو» السعودية.
ونقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤولين أميركيين مطلعين على فحوى المشاورات بشأن الموضوع قولهم إن «العسكريّين سيعرضون، من بين هذه الخيارات، على ترامب في اجتماع سيعقده الرئيس في البيت الأبيض مع كبار المسؤولين المختصين بالأمن القومي في إدارته، قائمة لأهداف الغارات الجوية الأميركية المحتملة داخل إيران، لكن مع التحذير من أن اللجوء إلى هذا السيناريو قد يؤدي إلى حرب شاملة».
ورجحت صحيفة «نيويورك تايمز» أن تلك القائمة ستضم منشآت نفطية إيرانية، وكذلك مواقع تابعة لـ»الحرس الثوري»، ونقلت عن مسؤول أميركي رفيع المستوى تأكيده أن «الخيارات المطروحة ستتطلب على ما يبدو من البنتاغون إرسال مزيد من القوات إلى الشرق الأوسط».
وذكرت «أسوشيتد برس» أن «خيارات الرد الأميركية على هجوم أرامكو تضم إجراءات عسكرية وسياسية واقتصادية، وتتراوح سيناريوات الرد العسكري من شن غارات جوية حتى تنفيذ عمليات سيبرانيّة سرية».
وبين الخطوات العسكرية الأكثر ترجيحاً، قد «تقدم واشنطن دعماً عسكرياً إضافياً إلى السعودية لمساعدتها في حماية حدودها الشمالية، إذ أفادت وسائل الإعلام الأميركية الكبرى»، بما فيها سي إن إن و وول ستريت جورنال و أسوشيتد برس ، بأن واشنطن قد تنشر مزيداً من منظومات «باتريوت» للدفاع الجوي في المملكة.
وسيحضر الاجتماع، وزير الدفاع الأميركي مايك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد، بالإضافة إلى الأعضاء الآخرين في مجلس الأمن القومي، حسب «نيويورك تايمز».
وأشارت وسائل الإعلام إلى «صعوبة التنبؤ بالخيارات التي سيختارها ترامب»، ولفتت «نيويورك تايمز» نقلاً عن مسؤولين إلى أن «الرد الأميركي ربما لن يأتي فوراً بسبب عوامل عدة، بما فيها مخاوف السعودية من العواقب التي سيجلبها اتخاذ واشنطن إجراءات عسكرية عاجلة ضد إيران، فضلاً عن أن الخبراء الأميركيين لم يكملوا بعد عملهم على فحص حطام الطائرات المسيّرة والصواريخ التي استهدفت معملين لأرامكو السعودية أواخر الأسبوع الماضي».
لائحة أهداف..
وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» أنّ «خطط الردّ الأميركي المحتمل على إيران تشمل لائحة أهداف، بينها منشأة عبدان، إحدى أكبر محطّات تكرير النفط، وجزيرة خرج التي تضمّ أكبر منشأة نفطيّة في البلاد». وذلك قبل حديث بومبيو عن «الحلّ السلمي»!
كما أنّ اللائحة تضمّ «المواقع التي قد تكون انطلقت منها الصواريخ والطائرات نحو السعوديّة، وقواعد أخرى للحرس الثوري في جنوب غرب إيران حيث شهدت المنطقة تحرّكات يُشتبه في أنها مرتبطة بالضّربة على أرامكو».
فيما قالت شينزيا بيانكو، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجيّة، إنّ «هناك عدم يقين في السعودية حيال الطريقة الأفضل للتحرّك. لكنّ التفكير ينصبّ على أن تقوم الولايات المتحدة بضرب منشآت مهمّة في إيران، لتقليص أو استبعاد أيّ خسائر بشريّة». وزعم المسؤولون الأميركيون في التقرير إنّ «الأدلة ضد إيران هي صوَر التُقطت بقمر اصطناعي ولم يتم نشرها بعد، تُظهر قوات الحرس الثوري الإيراني تقوم بترتيبات للهجوم في قاعدة الأهواز الجوّية».
لكنّ القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي اعتبر أول أمس، أنّ إيران «قويّة إلى درجة يتمّ اتّهامها زوراً بأنّها المسؤولة عن أيّ حادث».
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكّد أنّ لديه «خيارات عدّة» للردّ على إيران، معلناً «عقوبات جديدة خلال 48 ساعة». وتُضاف هذه العقوبات إلى إجراءات عقابيّة غير مسبوقة فرضتها واشنطن على طهران إثر انسحاب ترامب في أيّار 2018 من الاتّفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني.
تناقض في المواقف
فيما تتناقض المواقف بين البنتاغون ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو وفق موقع «ديفينس وان» على خلفية المواقف المعلنة بعد الهجمات اليمنية على منشآت النفط السعودية في بقيق وهجرة خريص.
ولفت الموقع إلى أن «المتحدث باسم البنتاغون جوناثان هوفمان رفض اتهام إيران بالوقوف وراء الهجوم»، وذلك بعد ساعات فقط من تصريحات بومبيو التي قال فيها إنه «من الواضح جداً أن طهران هي المسؤولة».
وبحسب الموقع، شدّد هوفمان على أن «البنتاغون لم يستكمل تحقيقه، وعلى ضرورة إجراء تقييم بهذا الصدد».
في المقابل، «اتهم بومبيو إيران بالوقوف وراء الهجوم»، بحسب الموقع.
وأكّد وزير الخارجيّة الأميركي مايك بومبيو أول أمس، أنّ «واشنطن ترغب في حلّ سلمي للأزمة المتصاعدة مع إيران»، في وقت حذّرت طهران من «حرب شاملة» في حال تعرّضها لضربات أميركيّة أو سعوديّة.
وتُثير الاتّهامات المتبادلة مخاوف من «إمكان اندلاع مواجهة عسكرية كبرى في المنطقة».
الإليزيه: لا بُدّ من التحقّق..
الأدلة غير كافية
تزامناً، لم تبدِ الرئاسة الفرنسية تفاؤلاً إزاء فرص عقد لقاء في نيويورك الأسبوع المقبل بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني، خاصّة بعد الهجمات على منشأتين نفطيتين سعوديتين. وقال مصدر في قصر الإليزيه «لا بُدّ من التحقّق من أمور عدّة قبل أن نرى كيف يُمكننا توفير الشروط التي تُتيح دخول الولايات المتّحدة وإيران في مفاوضات».
في المقابل، صرّح وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيف لودريان أول أمس، أنّ «احتمال أن يكون الحوثيّون نفّذوا الهجوم يفتقد إلى بعض الصدقيّة».
وقد بدأ محقّقون تابعون للأمم المتحدة أول أمس، في الرياض تحقيقاً في الهجوم «بدعوة من السُلطات السعوديّة»، وفقاً للمنظّمة الأمميّة.
تصعيّد سعودي.. وتحذير يمني
ورغم الاتّهامات الأميركيّة لإيران بالتورّط في شكل مباشر، جدّد أنصار الله تبنّيهم للعمليّة التي أطلقوا عليها اسم «عمليّة توازن الرّدع الثانية»، قائلين على لسان المتحدّث العسكري يحيى سريع إنّها «نُفّذت بعدد من أنواع الطائرات المسيّرة».
كما هدّد أنصار الله بـ»شنّ هجمات على الإمارات»، مؤكّدين أنّ لديهم «عشرات الأهداف» منها في أبوظبي ودبي.
وأوضح سريع «إذا أردتم السّلام والأمن لمنشآتكم وأبراجكم الزجاجيّة التي لا تستطيع الوقوف أمام طائرة مسيّرة واحدة، فاتركوا اليمن وشأنه».
في وقت كثف التحالف غاراته على الحديدة في تصعيد خطير من شأنه أن ينسف اتفاق السويد، ويرتب على التحالف تبعات هذا التصعيد، ويضع موقف الأمم المتحدة في هذا الشأن على المحك. ونذكر بأن استمرار حجز السفن ومنعها من تفريغ حمولتها في ميناء الحديدة عمل حربي عدواني يهدد أمن الملاحة البحرية .
فيما حذر رئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام، أمس، من «انهيار اتفاق السويد عقب التصعيد الخطير من قبل العدوان السعودي الأميركي بشن غارات مكثفة على الحديدة».
وقال عبدالسلام في تغريدة له على «تويتر»: «غارات مكثفة على الحديدة في تصعيد خطير من شأنه أن ينسف اتفاق السويد، وعليه فليتحمل التحالف تبعات هذا التصعيد».
وأشار إلى أن «موقف الأمم المتحدة في هذا الشأن على المحك».
إلى ذلك حذر رئيس الوفد الوطني وناطق أنصار الله من «استمرار احتجاز التحالف لسفن المشتقات النفطية والغذائية القادمة إلى اليمن»، قائلاً: «نذكر بأن استمرار حجز السفن ومنعها من تفريغ حمولتها في ميناء الحديدة عمل حربي عدواني يهدد أمن الملاحة البحرية».
وكان طيران العدوان السعودي الأميركي قد شن فجر أمس، غارات على منطقة الجبانة في مديرية الحالي بمحافظة الحديدة في ظل تحليق مستمر، في تصعيد خطير من قبل العدوان وخرق واضح لاتفاق السويد.
وفي الأشهر الأخيرة شنّ أنصار الله عشرات العمليّات بطائرات مسيّرة ضدّ منشآت في المملكة، بينها مطارا جيزان وأبها في جنوب المملكة.
محللون: الهجوم يهدف إلى الضغط على الولايات المتحدة
فيما قالت «واشنطن بوست» بأنّ الهجوم كان أكثر وضوحاً في هدفه وتنفيذه، حيث استهدف بعضاً من البنية التحتية النفطية الأكثر حيوية في العالم باستخدام وابل من الصواريخ والطائرات بدون طيار، وربما كان يستدعي رداً أميركياً عنيفاً». وتابعت «لكن بالنسبة لإيران، التي يعتقد المسؤولون الأميركيون أنها شنت هجوماً نهاية الأسبوع على منشآت النفط السعودية، فإن مقامرة مثل هذه المهمة ربما كانت تستحق المخاطرة».
وتنفي طهران لعب دور في الهجوم الذي أدى إلى شل إنتاج السعودية من النفط. لكن المحللين يقولون إن «إيران من المرجح أن ترغب في اختبار خصم رئيسي وهزّ أسواق الطاقة العالمية، وبناء النفوذ قبل محادثات محتملة مع الولايات المتحدة».
وقالت الصحيفة: «ربما يراهن القادة الإيرانيون على أن الرئيس ترامب، الذي يشعر بالقلق من نزاعات الشرق الأوسط، قد يرفض الردّ بقوة، وأن الأزمة قد تدفع القوى العالمية بدلاً من ذلك إلى التدخل – ويدفع الولايات المتحدة إلى رفع العقوبات الاقتصادية المشددة على طهران»، وفقاً للمحللين.
والآن يبدو أن «إيران، التي تواجه أزمة اقتصادية، قد رفعت المخاطر». يقول المحللون إنها «استراتيجية تعكس الموقف المتشدد لحكام إيران، ولقد تعاملت النخب الإيرانية مع سياسة أكثر تشدداً وأكثر قبولاً للمخاطر».
السياسة الإيرانية من انتظار ترامب إلى الرد عليه..
وقال أيهم كامل، رئيس قسم الأبحاث في الشرق الأوسط في مجموعة أوراسيا للمخاطر السياسية: «لقد تغيّرت السياسة الإيرانية من «انتظار ترامب « إلى «الرد على ترامب». وقال «إن السياسة الجريئة لا تعني أن إيران تريد الحرب»، مضيفاً أن «طهران تحترم الاحترام والخوف من القوة العسكرية الأميركية».
لكنه قال «هذا يعني أن المضي قدماً، لن تخجل إيران من حافة الظرف».
يقول محللون إن «السياسة الإيرانية الجديدة تسعى لإلحاق الأذى بحلفاء الولايات المتحدة وإظهار القوة الإيرانية، لكن دون إثارة صراع مباشر مع الولايات المتحدة».
خلص المسؤولون الأميركيون والسعوديون إلى أن «الطائرات بلا طيار وصواريخ كروز الموجهة، التي ربما تطلق من الأراضي الإيرانية، تهرّبت من الدفاعات الجوية للمملكة لتنفيذ ضربات دقيقة ضدّ المنشآت النفطية التابعة لشركة النفط السعودية العملاقة أرامكو».
وبحسب بهنام بن طالبو، زميل بارز في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فقد «تكون إيران قد شجعت بسبب تردد ترامب في القيام بعمل عسكري ضد طهران في حزيران، عندما أسقطت إيران طائرة تجسس تابعة للبحرية الأميركية فوق مضيق هرمز».
ترامب ليس مستعداً لبدء هجوم عسكري
فيما كتب ناصر إيماني، العضو السابق في المكتب السياسي لفيلق الحرس الثوري الإيراني، في صحيفة «ألف» الإخبارية المحافظة هذا الأسبوع: «ترامب ليس مستعداً لبدء هجوم عسكري ضد إيران».
وجاء التصعيد الأخير في عنف الخليج، ربما من المفارقات، بعد أن اضطر جون بولتون، أحد أقوى أصوات البيت الأبيض في المواجهة مع إيران، إلى الاستقالة من منصبه كمستشار للأمن القومي لترامب.
فيما مليارات الدولارات التي تنفق على الأسلحة الأميركية لم تحمي أكثر مواقع النفط السعودية أهمية من الهجوم..
وقال محللون: «لا يهم من أين جاءت الطائرات من دون طيار. ما يهم هو أن الأنظمة المضادة للطائرات السعودية باهظة الثمن لا يمكن أن تمنع مجموعة من الطائرات بدون طيار من استهداف أحد أهم منشآتها، الأسلحة الأميركية المتقدمة لا يمكن أن تضمن أمنهم».
إجراءات إيران أكثر جرأة
منذ انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 الذي تم التفاوض عليه بين إيران والقوى العالمية، قامت طهران بمعايرة ردها على الضغوط الأميركية المتزايدة.
شجعت إيران الدول الأوروبية الموقعة أيضاً على الصفقة للمساعدة في تعويض الأثر المالي للانسحاب الأميركي. لكن مع تعثر أوروبا وتراجع مبيعات النفط الإيراني، غيرت طهران موقفها في الربيع، محذرة من أنها «ستبدأ في خفض التزاماتها بموجب الاتفاقية النووية».
منذ ذلك الحين، اتخذت إيران إجراءات أكثر جرأة، بما في ذلك تعزيز تخصيب اليورانيوم ومضايقة ناقلات النفط في مضيق هرمز. خلال الصيف، ألقت الولايات المتحدة باللوم على إيران في سلسلة من الانفجارات التي استهدفت السفن التجارية في الخليج الفارسي، وهو ما ينفيه المسؤولون الإيرانيون.
قال طالب عن الاستراتيجية الإيرانية الواضحة «إن فن» هذا النوع من التصعيد يدور حول البقاء دون عتبات معينة لاستخدام خصمك للقوة.
وقال إنه في كل منعطف، يزداد خطر سوء التقدير.
وقال علي الفونه، زميل أقدم في معهد دول الخليج العربي في واشنطن: «في الوقت الحالي، يبدو أن إيران حققت معظم أهدافها. وتشمل هذه تعزيز موقفها التفاوضي مع الولايات المتحدة، وإظهار قوتها في المنطقة، وربما لإظهار المملكة العربية السعودية أن الولايات المتحدة لن تقدم مساعداتها بطريقة مجدية».
وقال إنه «نتيجة لذلك، من المرجح أن تشارك طهران في مناورات أكثر خطورة في محاولة لإقناع واشنطن بإزالة نظام العقوبات».
الكشف عن قوات إضافية قد تتوجّه إلى السعودية
قال مصدر مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون ، أمس، إن «المزيد من القوات الأميركية قد تتوجه إلى المملكة العربية السعودية، إذا وافق الرئيس دونالد ترامب على خطط وزارة الدفاع الأولية لتوفير مضادات صواريخ أميركية للمملكة».
وأوضح المصدر أنه «من المتوقع أن تقدم وزارة الدفاع خيارات عسكرية محددة إلى الرئيس ترامب خلال الأيام المقبلة، وأنه يمكن أن يكون من بينها إرسال المزيد من بطاريات صواريخ باتريوت الأميركية وقوات لتشغيل أنظمتها إلى المملكة العربية السعودية، في أعقاب الهجوم على منشأتي النفط السعوديتين في بقيق وخريص، الذي وجهت الرياض وواشنطن أصابع الاتهام إلى إيران بالوقوف وراءه».
وكان المتحدث باسم هيئة الأركان الأميركية المشتركة الكولونيل باتريك رايدر، صرح أن «القيادة المركزية الأميركية التي تشرف على العمليات العسكرية الأميركية في المنطقة «تبحث مع السعوديين السبل المحتملة لمواجهة أية هجمات مستقبلية».
وقال المصدر المسؤول في البنتاغون، لـCNN إن «وزارة الدفاع تحتاج إلى قرار سياسي من الرئيس بشأن كيفية المضي قدماً في أعقاب الهجوم».
من جهتها نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول أميركي، طلب عدم ذكر اسمه، قوله إن «الصواريخ والطائرات المسيَّرة أتت من الشمال وليس من الجنوب، مما جعل من الصعب على الرياض مواجهتها بما كشف فجوة في قدرات المملكة الدفاعية».
وذكرت الوكالة أنه «قد ثبت أن مليارات الدولارات التي أنفقتها السعودية على عتاد عسكري غربي متطوّر لا نفع لها أمام طائرات مسيرة رخيصة وصواريخ كروز استخدمت في هجوم عرقل الإنتاج في قطاعها النفطي الضخم».
كاتب أميركي: السعودية عاجزة عن مواجهة أنصار الله
رأى الكاتب الأميركي في موقع معهد «بروكينغز» بروس ريدل أن «جواهر تاج الاقتصاد السعودي» تعرّضت لضربة قاتلة على الرغم من إنفاق الرياض مبالغ هائلة على جيشها وأيضاً على الرغم من عودة بعض القوات الأميركية إلى المملكة.
واعتبر الكاتب أن «الهجوم على منشآت النفط السعودية كان مدمّراً أكثر بكثير من هجوم صواريخ سكود الذي شنّه صدام حسين عام 1991، أو الهجمات التي نفذها تنظيم القاعدة عام 2006»، محذّراً من أن «السعودية تواجه تهديداً خطيراً لم تكن تتوقعه».
كذلك أشار الكاتب إلى أن السعوديين «فشلوا بالكامل» على الرغم من إنفاقهم مبالغ هائلة منذ عام 1991 على الدفاعات الجوية، ووصف الحرب على اليمن بأنها «كارثة منذ البداية»، وقال إن «هذه الحرب كانت مكلفة جداً للشعب اليمني و جعلت السعودية في الوقت نفسه عالقة في مستنقع».
الكاتب أكد أن الهجوم على منشآت النفط السعودية هو إذلالٌ كبير لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، خاصة أن المملكة غير قادرة على هزيمة «أنصار الله» أو حماية بُنيتها التحتية النفطية، على الرغم من أن ميزانيتها العسكرية هي ثالث أكبر ميزانية في العالم.
وخلص الى أن مصلحة السعودية تقتضي «الخروج من هذا المستنقع عاجلًا وليس آجلًا».
سي أن أن: لدى السعودية
نقاط ضعف حقيقية
بالموازاة، اعتبر الكاتب في موقع شبكة «سي أن أن» الإخبارية تيم ليستر أن «صواريخ الكروز والطائرات المسيّرة استطاعت اختراق الأجواء السعودية وإلحاق أضرار كبيرة بمنشآتها النفطية على الرغم من إنفاق الرياض المليارات على أنظمة دفاع جوي حديثة وأنظمة الإنذار المبكّر».
وقال الكاتب إن «ذلك يفيد بأن هناك نقاط ضعف حقيقية تتمثل بالأماكن التي وضعت فيها هذه الأنظمة، والمهمة التي يجب أن تقوم بها، غير أنه أضاف أن هناك مشكلة أكبر وهي التحدي الكبير الذي باتت تشكله الطائرات المسيّرة للحكومات في العالم».
ورأى أنه «جرى تدمير نسبة خمسة بالمئة من النفط العالمي بواسطة أسلحة لا تُساوي ملايين الدولارات»، مشددًا في الوقت نفسه على أنه «من شبه المستحيل أن تستطيع السعودية التصدي بشكل كامل لمثل هذه الهجمات».
«نيويورك تايمز»:
نهاية الوهم السعودي
قال الصحافي الأميركي روبرت وورث في مقالة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» إن «الهجوم على منشآت النفط السعودية لم تؤدِ فقط إلى تدمير مادي، بل شكّلت ضربة للعقيدة التي تقول إن الولايات المتحدة توفر مظلة أمنية من أجل حماية دول الخليج النفطية».
واعتبر الكاتب أن «الأخطاء الحسابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب ساهمت بإيصال الأمور إلى هذه المرحلة، لافتًا إلى أن الولايات المتحدة تقلّص دورها في الشرق الأوسط منذ اجتياح العراق عام 2003».
وأضاف الكاتب أن «ثورة النفط الصخري في أميركا جعلت الأخيرة تقلّل من اعتمادها على نفط الشرق الأوسط، وبالتالي من الصعب تخيّل أيّ رئيس أميركي يخاطر بالدماء والثروة من أجل الدفاع عن السعودية».
وتابع وورث: «يبدو أن قادة دول الخليج كانوا يعتقدون بأن العلاقات الوطيدة مع الولايات المتحدة تجعلها شبه محصّنة»، مشيرًا إلى «حقائق تناقض هذا التصور». وشدّد على أن «إيران تتفوق بشكل كبير على دول الخليج من حيث عدد السكان والقوة العسكرية، والولايات المتحدة بعيدة آلاف الأميال».
كما حذّر من أن «المدن الخليجية ستكون من أولى الأهداف التي ستضرب في أي حرب قد تندلع، وتحدّث عن مدى خطورة ذلك على دول الخليج»، قائلاً إن «قذيفة واحدة يمكن أن تقضي على سمعة دبي كمكان آمن للتجارة والنقل والسياحة».
وأردف «روبرت وورث» إن رد فعل واشنطن على الهجوم على منشآت النفط السعودية يقلق الرياض، مشيراً إلى أن «ترامب لا يريد الإنجرار إلى حرب قد تؤثّر سلباً على فرصه للفوز بولاية رئاسية ثانية». وقال إن «إدارة ترامب رمت الكرة في ملعب السعوديين».
كذلك تحدّث الكاتب عن قلق قادة الخليج، وقال إن «قرار ترامب إقالة مستشاره للأمن القومي جون بولتون عزّز الاعتقاد بأن ترامب لا يريد الحرب»، وأضاف: «يبدو أن الإماراتيين يتساءلون عما إذا كان بإمكانهم التعويل على ترامب»، لافتًا إلى أن الإمارات لم توجه أصابع الاتهام إلى طهران بعد سلسلة من الهجمات التي استهدفت ناقلات النفط في منطقة الخليج»، وأشار إلى أن «الإمارات أرسلت وفداً دبلوماسياً إلى إيران، وإلى أن أبو ظبي قامت بسحب غالبية قواتها من اليمن».
وأكد الصحافي الأميركي أن «جماعة أنصار الله هي التي أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم على منشآت النفط السعودية»، لافتاً إلى أن «أنصار الله تكثف هجماتها على السعودية بواسطة الطائرات المسيرة و الصواريخ».
وخلُص الى أنه «ربما على السعوديين أن يدركوا بأن الدبلوماسية فقط هي التي ستنهي الحرب في اليمن».