الدور الأميركي في الهجوم اليمني على أرامكو

د. جواد الهنداوي

الحرب، ومثلها الدبلوماسية، هما أداتا السياسة.

ما لم يمكن تحقيقه، من أهداف سياسية، من خلال الدبلوماسية، تلجأ الدولة الى الحرب. ولا يهمّ، في الوقت الحاضر، إنْ كانت الحرب قانونية او غير قانونية. وشاعت، في الوقت الحاضر، ظاهرة شنّ الحرب عِبرَ وكلاء قاعدة، داعش، النصرة، وغيرها . كما شاعت أيضاً ظاهرة حرب اقتصادية، من خلال عقوبات وحصار في الضدّ من القوانين الدولية والمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية. وللسياسة الأميركية، في الوقت الحاضر، إيجابية في تطبيق حروبها بالوكالة والاقتصادية ، لا يمكن ولا ينبغي إنكارها. وهذه الإيجابية هي عدالتها في التطبيق، على أعدائها أو خصومها إيران، كوبا، فنزويلا، روسيا، الصين، وغيرها ، وعلى حلفائها وأصدقائها أوروبا، تركيا، العرب . تحارب إيران بالحصار، وتحارب حلفاءها وأصدقاءها العرب بالخذلان والإهمال، وتحارب حلفاءها وأصدقاءها الأوروبيين بوحدتهم الاتحاد الأوروبي وباقتصادهم مصادر الطاقة لأوروبا .

الرئيس ترامب، وكما قال، ليس مهتمّاً كثيراً بنفط الشرق الأوسط، في صخور ومستودعات أميركا نفط يكفيها ويغنيها عن نفط العرب، لم ولن تهمّ الرئيس ترامب أهمية مصادر الطاقة في الشرق الأوسط لأوروبا وللصين وللعالم !

في وقت السلم، كما في وقت الحرب، لا تخلو السياسة من الكذب والخداع والتضليل وأحياناً التضحية بالحليف أو بالصديق وعدم صدّ الأذى والضّرر عنه، وربما التضحية به وتقديمه قرباناً من أجل المصلحة، وأميركا في مقدّمة الدول التي تمارس هذه الفضائل في السياسة.

استفهامات مشروعة، يفرضهما العقل والمنطق، عن الهجوم الحوثي أو اليمني على منشآت أرامكو.

لا يمكن تكذيب ما قاله وادّعاه الناطق الرسمي باسم القوات اليمنيّة، عن مسؤوليتهم وتبنّيهم الهجوم.

ولم يعد سراً دعم إيران للحوثيين ولحماس ولحزب الله، وتجد إيران في ذلك عزاً وفخراً. هذه عناصر تُشكل المعطيات المعلومة والمعروفة في هجوم أرامكو، ولكن الأهمّ منها هي مُعطيات الهجوم المستورة والتي تُشكل سرّ ولغُز الهجوم. وهي معطيات لا تخصُّ المهاجم وإنما تخصُّ الطرف الآخر، المملكة والدفاعات الأميركية والرادارات الأميركية والأوروبية والمنتشرة في البر والبحر وسماء المنطقة.

هل يُعقل انطلاق عشر طائرات واجتيازها مسافة أكثر من 1000 كيلومتر ومرورها فوق قواعد بحرية وبرية أوروبية وأميركية وفي منطقة حرب، حيث يُفترض أن تكون القوات المعنية كافة في حالة إنذار، وخاصة تجاه الطائرات المُسيّرة التي لا تفارق سماء المنطقة، من دون أن تُرصد؟

هل تقصير أميركي أم غضّ نظر، وفقاً لمبدأ آدم سمث في الاقتصاد دعه يعمل دعه يمر!

ما هي مصلحة أميركا في فرضية دورها السلبي في الهجوم عدم تفعيل دفاعاتها وراداراتها ؟

هل كان الرئيس ترامب والقيادة العسكرية الأميركية بحاجة الى دليل أو برهان آخر على عقلانية قرارهما وخيارهما عدم الحرب مع إيران ، لتجنّب الضرر الذي يقعُ على المملكة والدول الأخرى، لا سيما، وحسب التقارير الصحافية والدبلوماسية والمعلنة، بأنّ بعض الدول العربية و إسرائيل تدفع الرئيس ترامب نحو خيار الحرب؟

هل سيكون هذا الحدث دافعاً نحو إيقاف حرب اليمن والجنوح لحلّ سياسي؟

ممكن جداً ان يكون الحدث مناسبة أخرى للرئيس الأميركي لصولة نحو تحديث الأسلحة التي بحوزة المملكة او العاملة على أرض المملكة، وفي الأمر منفعة مالية للخزينة الأميركية !

الحدث أنذرَ العالم، وخاصة دول المنطقة والدول الأوروبية على ضرورة تجنّب الحرب وضرورة إيجاد حلّ للعلاقة الأميركية – الإيرانية. حركة الوساطات للقاء أميركي إيراني ستنشط، لا سيما بمناسبة اللقاء الأممي، في الأيام المقبلة في نيويورك.

وخطوات نحو التهدئة، ومن جانب الحوثيين، قد بدأت بإعلان رئيس المجلس السياسي الأعلى في صنعاء بإيقاف استهداف المملكة بالطائرات المسيّرة والصواريخ.

سفير سابق وأكاديمي عراقي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى