مجلس النواب ساحة استقطاب طائفيّ… وضاعت الطاسة بين المحاصصة والإنماء سعد: العقوبات نتيجة فشل الحروب… وخيارات القوميّ ستبقى مقاومة… ومع الفقراء
كتب المحرّر السياسيّ
كان كل شيء يبدو مفتوحاً على تسوية الفرص والاحتمالات بين بقاء مناخ تصعيد منخفض أو التأسيس لتسويات صغيرة تمهّد الطريق للنزول عن شجرة التصعيد. فالرئيس الفرنسي امانويل ماكرون حاول تدوير زوايا الموقف الأوروبي في لقائه بالرئيس الإيراني حسن روحاني متمسكاً بالاتفاق النووي وبالتركيز على ما تعتبره إيران مضمون موقفها لجهة عدم امتلاكها سلاحاً نووياً، والرئيس الأميركي رغم كلامه عن إيران بلغة المسؤوليّة عن زعزعة الاستقرار ودعم الإرهاب لم يشترط للتفاوض مع إيران جهوزيتها لقبول شروطه لاتفاق نووي جديد، وبريطانيا أوضحت أن رئيس حكومتها بوريس جونسون لم يقصد بديلاً عن الاتفاق النووي بحديثه عن صفقة جديدة مع إيران مؤكدة تمسكها بالاتفاق، بينما كانت إيران بشخص الرئيس روحاني تبادر لرسم مفهوم التهدئة واضعة خطاً أحمر تحت نقطة البداية التي رأتها يمنية.
من اليمن سقطت فرضيات التهدئة بعدما أحبطت السعودية بالمجازر التي ارتكبتها في الضالع وعمران مضمون مبادرة رئيس المجلس السياسي اليمني مهدي المشاط، بوقف استهداف العمق السعودي، وبدا أن احتمالات التهدئة لا تزال تصطدم بعجز حكام السعودية عن استيعاب دروس هجوم أرامكو، وما يمكن أن يليه ما لم تحل التهدئة من بوابة وقف العدوان وفك الحصار، ووقوعهم تحت وهم إمكانية جر الأميركيين إلى حرب لا يريدونها إذا قاموا هم بإشعال فتيلها، بتشجيع من غلاة التطرف في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وخارجها في مراكز اللوبيات العسكرية والاقتصادية في واشنطن.
بانتظار ما سيفعله الرئيس ماركون في لقائه مع الرئيس ترامب واحتمال عودته للقاء الرئيس روحاني، كما قالت مصادر وثيقة الصلة بترتيبات الخطة الفرنسيّة المنسّقة بعناوينها الرئيسية مع إيران، سواء لجهة أولوية الملف اليمني ودفعه نحو التهدئة، أو لجهة خلق مناخات تتيح ذهاب أوروبا برضا أميركي لتنفيذ سلة إجراءات مالية وتجارية تقع في دفتر الشروط الإيراني للخروج من التصعيد، وتعتبر تراجعاً أميركياً عن جزء هام من العقوبات، وبداية لفتح قنوات التفاوض في قلب مجموعة الخمسة زائداً واحداً، كما تقترح طهران. والأمر يتوقف على ما إذا كان ماكرون سينجح الحصول على التزام أميركي سعودي بوقف التصعيد في اليمن وصولاً لمبادرات تتصل بالحصار خصوصاً فتح مطار صنعاء.
لبنانياً، مع كلام مصرف لبنان عن وضع آلية لاستيراد المشتقات النفطية الأسبوع المقبل وبالتالي تقديم حل لقضية محطات الوقود وشركات التوزيع، والضغوط المتواصلة لوقف الفوترة بالدولار الأميركي بدءاً من شركات الهاتف الخلوي المملوكة من الدولة، لحلحلة قضية الضغط على وجود الدولار في الأسواق، كما قال النائب حسن فضل الله، بعدما كانت البناء» قد أثارت القضية، وعلمت أيضاً أن وزير المال طرحها للتداول مع رئيس الحكومة، كان الحدث الأهم في مجلس النواب، حيث تساقطت صفة العجلة عن اقتراحات قوانين خلافية، فخسر التيار الوطني الحر جولة إسقاط المادة 80 من الموازنة المتصلة بمباريات مجلس الخدمة المدنية وحفظ حقوق الفائزين، لكنه ربح جولة إسقاط اقتراح القوات اللبنانية لآلية للتعيينات بدت موجهة لاستهداف التيار وموقفه من التعيينات، بينما خطفت الأضواء حالة الاستقطاب الطائفي التي سيطرت على مناقشة تمويل المشاريع الإنمائية وتوزيعها في المناطق، وضاعت الطاسة بين الخطاب الإنمائي والخطاب الطائفي وخلفيات حسابات المحاصصة السياسية الطائفية للمشاريع.
رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد تناول في جولاته الحزبية، الانتصارات التي يحققها محور المقاومة، وعلى رأسها نجاح سورية في إسقاط مخطط تفتيتها والسيطرة عليها، معتبراً أن اللجوء إلى سياسة العقوبات بوجه محور المقاومة وقواه والدول التي تنتمي إليه هو نتيجة فشل سياسات الحرب ومشاريعها، مؤكداً أن المواجهة مع لغة الحرب والعقوبات معاً، تقوم على الجمع بين مواصلة المقاومة وتزخيم مقدراتها وفاعليتها، وحماية الفقراء من أي سياسات تستهدف لقمة عيشهم بداعي مواجهة الأزمات الاقتصادية والمالية، منوّهاً مجدداً بالورقة القومية الاقتصادية كأساس لمقاربة القوميين للأزمة.
وأكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد، خلال اجتماعات عقدها لهيئة المنفذية وللأمناء ولهيئات المديريات والمفوضيات التابعة لمنفذية عكار أنّ العدو الصهيوني وحلفاءه فشلوا في كلّ محاولاتهم التي تستهدف قوى المقاومة، وفشلوا في تحقيق هدف إسقاط الشام بوصفها حاضنة المقاومة وداعمتها، ولذلك فإنّ المحور المعادي بدأ يلجأ إلى شنّ حرب العقوبات الاقتصادية والحصار، ويضغط بكلّ الوسائل ليقيم محميات للإرهابيين والانفصاليين تحت عناوين المناطق الآمنة والإدارات الذاتية، ولذلك علينا أن نكون مستعدّين لأداء دور أفعل في مواجهة المشاريع والمخططات المعادية وفي مواجهة كلّ أشكال الحصار والعقوبات. وأفرد سعد حيّزاً للأوضاع الاجتماعية والمعيشية في لبنان، وأكد أنّ الحزب القومي يقف إلى جانب الفقراء ويدعو باستمرار إلى تحقيق الإنماء المتوازن، حتى يطال عكار والبقاع وكلّ منطقة محرومة. وأكد أنّ الحزب السوري القومي الاجتماعي هو صمام الأمان والقوة القادرة على ترسيخ الوحدة الروحية والاجتماعية، بما يحصّن المجتمع من كل الآفات الفتنوية والتفتيتية.
الى ذلك، وبانتظار كلمة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اليوم أمام الجمعية العامة للامم المتحدة التي تنعقد بدورتها الرابعة والسبعين شارك الرئيس عون أمس، في الغداء الذي أقامه أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس على شرف رؤساء الوفود، والتقى على هامش أعمال الجمعية الملك الاردني عبد الله الثاني وتطرّق البحث الى الأوضاع في المنطقة والمسار المتعلق بالقضية الفلسطينية والمخاطر الماثلة أمامها من جراء ما يُسمّى بـ «صفقة القرن». كما أثير خلال اللقاء موضوع استجرار الطاقة الكهربائيّة من المملكة الأردنيّة، وما يمكن للأردن أن يقدّمه في هذا المجال».
وأبدى الملك عبد الله استعداد بلاده لتزويد لبنان بالطاقة لزيادة إنتاجه الكهربائي، ويبقى امام ذلك ايجاد حل لموضوع ربط الشبكات الكهربائية بين البلدين». كما تم تأكيد ضرورة ايجاد الحلول المناسبة والعملية لعودة النازحين السوريين الى وطنهم، لا سيما أن البلدين يتشاركان عبء هذا النزوح وتداعياته على مختلف الصعد».
وأكد الملك عبدالله أنه سيواصل اتصالاته لمعالجة هذا الموضوع وسيكون من أبرز نقاط البحث في اللقاء الذي سيعقده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي». وتناول البحث أيضاً التعاون الاقتصادي بين البلدين وإقامة سوق اقتصادية مشتركة لدول المشرق من بينها سورية ولبنان والأردن والعراق، على أن تنضم إليها بعد انطلاقها وإثبات فعاليتها دول اخرى. وكانت وجهات النظر متطابقة بين الجانبين اللبناني والأردني، وتوافق على مواصلة الاتصالات بين اللجان المشتركة وتفعيل عملها.
وكان الرئيس عون أكد خلال لقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ان لبنان ماضٍ في الإصلاحات البنيوية لاعتبارات وطنية غير مرتبطة بأي اتفاق آخر، لأن أحد عناوين عهده الإصلاحات في النظامين المالي والاقتصادي»، فيما جدد الرئيس ماكرون التزام بلاده دعم لبنان في المجالات كافة، واعداً بتلبية دعوة الرئيس عون للقيام بزيارة دولة الى لبنان خلال العام 2020 لمناسبة الاحتفال بمئوية لبنان الكبير.
وعقد على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك اجتماع وزاري رباعي ضمّ وزارء خارجية العراق الاردن لبنان وتركيا بناءً على مبادرة مشتركة بين وزيريْ خارجية لبنان وتركيا للتداول في ملف النازحين السوريين إلى دول الجوار السوري الأربع.
وأكدت مصادر مطلعة أنه تم الاتفاق على تشكيل لجنة خبراء مهمتها إعداد ورقة عمل مشتركة ليبحثها الوزراء وليتشاوروا بشأنها مع الدول والجهات المعنية بملف النازحين السوريين. وكان الاتفاق تامّاً على مبدأ العودة كحل نهائي وحيد لهذه الأزمة على ان تتوفر الشروط لذلك ومن أبرزها الحصول على دعم الدول والهيئات المسؤولة عن تمويل العودة.
وقال وزير الخارجية جبران باسيل من نيويورك عن العلاقة مع المملكة نحن نحضر لأكثر من 20 اتفاقية مع السعودية ونتمنى توقيعها قريباً. وهذا الأمر من شأنه أن يعزز العلاقات بين البلدين».
وأشار رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان لمكتبه الإعلامي الى أن خلال لقائه مساعد وزير الخزانة الأميركي سمع الموفد الأميركي أفكاراً حول الإجراءات التي اتخذتها ادارته تجاه لبنان». وقال الرئيس بري: قلنا ما يجب أن يقال وأسمعناه ما يجب أن ينقله الى ادارته، انسجاماً مع ما تمليه مصلحتنا الوطنية العليا تجاه لبنان ومؤسساته وإنسانه وثوابته التي لا نساوم عليها».
الى ذلك، خيم التوتر على الجلسة العامة أمس، التي عقدت برئاسة الرئيس نبيه بري، واتسم بطابع طائفي على خلفية سحب رئيس الحكومة مشاريع لعدم توافر المال اللازم لتنفيذها. إذ ان رئيس الحكومة سعد الحريري انسحب لبعض الوقت من الجلسة على خلفية انزعاجه من كلام نواب تكتل لبنان القويّ، لكن تدخل الرئيس بري عبر الوزير علي حسن خليل أنهى الأمور على خير. وكان نواب تكتل لبنان القوي اتهموا الرئيس الحريري بطريقة غير مباشرة بأنه يتعاطى مع المشاريع باستنسابية طائفية، من خلال سحبه لمشاريع إنمائية تخصّ المتن الشمالي وكسروان، وتمريره لأخرى، لكن الحقيقة، وفق مصادر نيابية على اكثر من خط سياسي، إن الرئيس الحريري سحب هذه المشاريع التي لا تقتصر فقط على جبل لبنان انما بالهرمل والجنوب، لأن الموافقة عليها تفرض تنفيذها وتأمين الاعتمادات لها وهذا غير متوفر، انطلاقاً من ان اللجوء الى سندات خزينة بفائدة 16 في المئة لا يمكن ان يكون وارداً في ظل الوضع الاقتصادي والمالي، في حين ان موافقته على المشاريع الأخرى مردّه أن مشاريع الاتفاقات الدولية التي أقرت فوائد قروضها 1 في المئة.
وكان الجلسة شهدت إسقاطاً لاقتراح معجل مكرر لتعديل المادة ثمانين من قانون موازنة 2020 والمتعلقة بالناجحين في امتحانات مجلس الخدمة المدنية، حيث جرىت إحالة الاقتراح إلى اللجان، عطفاً على اقتراح جورج عدوان الذي أحيل إلى لجنة الإدارة والعدل والرامي إلى تحديد آلية التعيين في الفئة الاولى. في المقابل سقط اقتراح تعديل قانون الإيجارات.
وليس بعيداً كان واضحاً التوافق بين التحرير والتنمية وحزب الله والمستقبل والاشتراكي على إسقاط صفة العجلة عن اقتراح لبنان القوي إلغاء الفقرة الأخيرة من المادة الثمانين من القانون 144، واكدت مصادر نيابية في التحرير والتنمية لـ»البناء» انه لا يجوز لأحد القفز فوق حقوق الناجحين، فما جرى عند إقرار موازنة العام 2019 كان الهدف منه حفظ حق هؤلاء. فالخلل في المناصفة او في التوزيع الطائفي تتم معالجته بعد إعطاء الناجحين حقوقهم. واكدت مصادر نيابية في الحزب الاشتراكي لـ»البناء» الى ان الأولوية تكمن في توقيع مراسيم تعيين الناجحين في مجلس الخدمة المدنية ونقطة على السطر، واعتبر أن المناصفة لا تعني التعدي على حقوق المواطنين والتعاطي باستنسابية، لافتة الى ان الدستور واضح. وبالتالي يجب ان تسلك الامور مسارها القانوني، لافتة الى ان لا مانع في مرحلة لاحقة من عقد حوار هادئ حول ما يُسمّى بالتوازن الوطني، مشيرة الى انه لا يجوز ان يدفع الناجحون من أي جهة كانوا مسؤولية عدم تقدم المسيحيين بالعدد المطلوب الى مباريات مجلس الخدمة المدنية التي أجريت لحراس الأحراج وصيد الاسماك أو للمحاسبين في الإدارات العامة أو لأساتذة في وزارة التربية والطيران المدني.
وعلى المستوى الحكومي يعقد مجلس الوزراء اليوم جلسة أخرى على نية مشروع موازنة العام 2020 بعدما أنجز معظم بنوده ما خلا بعضها الذي يتعلق خصوصاً بالكهرباء والمرفأ. وكان رئيس الحكومة اجتمع في السراي الحكومي، مع وفد من صندوق النقد الدولي برئاسة نائب مدير قسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، المسؤول الجديد عن ملف لبنان في الصندوق تانوس أرفانتيس وجرى خلال اللقاء عرض آخر التطورات المتعلقة بمناقشة مشروع الموازنة للعام 2020، إضافة إلى الوضع الاقتصادي في لبنان وسبل الدعم التي يمكن للصندوق أن يقدّمها للبنان في هذا المجال.
وأمس، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون أمس، من الريحانية الجيش هو حارس الديموقراطية وحامي الدستور. كان ولا يزال، يسعى إلى تقديم نفسه أنموذجاً يحتذى على مستوى الوطن ومؤسساته. لدينا من العزيمة ما يكفي للقيام بالمهام الموكلة إلينا. لن تثنينا الشائعات ولا حملات التجني والتخوين عن المضي قدماً في مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، متسلحين بمحبة شعبنا وثقته بنا».