عون من الأمم المتحدة: التزامنا بالقرار 1701 لا يلغي حقنا الطبيعي بالدفاع المشروع عن أنفسنا
ناشد رئيس الجمهورية العماد ميشال زعماء العالم «ليساهموا في العمل على عودة النازحين الآمنة إلى سورية»، مشيراً إلى أنّ مسؤولية معالجة هذه الأزمة مسؤولية دولية مشتركة. وجدّد التزام لبنان بالقرار 1701، لكن هذا الالتزام «لا يلغي حقنا الطبيعي بالدفاع المشروع عن النفس عن أرضنا وشعبنا بكلّ الوسائل المتاحة».
وأشار عون في كلمة له في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ 74 «إلى انحسار الحرب الساخنة التي عمّت دولاً عدة في الشرق الأوسط خلال العقد الأخير، إلا أنّ آثارها ونتائجها على بلداننا ومجتمعاتنا تزداد انتشاراً وترسّخاً، خصوصاً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي».
وذكَّر بحجم التأثيرات السلبية الناتجة عن أزمة النزوح وتداعياتها على لبنان أمنيّاً وسياسيّاً واجتماعيّاً واقتصاديّاً وبيئياً، وعلى البنى التحتيّة والنمو وارتفاع معدّل البطالة «ما شكّل خطراً جدياً على برنامج تحقيق أهداف التنمية المستدامة فيه، وأدّى إلى تفاقم أزمته الاقتصادية».
وناشد زعماء العالم «ليساهموا في العمل على عودة النازحين الآمنة إلى سورية، خصوصاً أنّ مسؤولية معالجة هذه الأزمة لا تقتصر، بالتأكيد، على لبنان وحده، بل هي مسؤولية دولية مشتركة تحتّم علينا أن نتعاون جميعاً على إيجاد الحلول لها، وبصفة عاجلة. إذ لا يمكن للمجتمع الدولي أن يكتفي فقط بتأمين الحدّ الأدنى من المساعدات للنازحين واللاجئين في أماكن نزوحهم وتغييب برامج العودة الآمنة والكريمة لهم».
وأكد أنّ «شروط هذه العودة أصبحت متوافرة، فالوضع الأمني في معظم أراضي سورية، ووفقاً للتقارير الدولية، أضحى مستقراً والمواجهات العسكرية انحصرت في منطقة إدلب».
وطرح علامات استفهام عديدة حول موقف بعض الدول الفاعلة والمنظمات الدولية المعنية «الساعي إلى عرقلة هذه العودة والادّعاءات بخطورة الحالة الأمنية في سورية، وإثارة المخاوف لدى النازحين، ما يؤشّر بوضوح إلى المنطلقات السياسية التي يتم من خلالها التعاطي مع أزمة النزوح وكأني بالنازحين قد تحولوا رهائن في لعبة دولية للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول».
وأشار عون إلى تجربة العام 1948 مع موجات نزوح الفلسطينيين إلى دول الشتات وإلى لبنان خصوصاً «حيث لا يزال الفلسطينيون يعيشون في المخيمات على حلم العودة وينتظرون الحلّ السياسي وتنفيذ القرار 194 منذ 71 عاماً».
واعتبر «أنّ أزمة الشرق الأوسط المتمادية منذ عقود تزداد تعقيداً لأنّ كلّ مقاربات الحلول وكلّ الممارسات الإسرائيلية تناقض المبادئ التي قامت عليها الأمم المتحدة، فتهويد القدس والسياسة الاستيطانيّة الممنهجة والتشريعات المخالفة لحقوق الإنسان، والاعتراف بضمّ أراض تمّ احتلالها بالقوة كما حصل بالنسبة لمرتفعات الجولان، والوعود الانتخابية بضمّ أراض جديدة، مع ما يرشح عن «صفقة القرن» من إزالة حدود بعض الدول وضرب وحدة أراضيها إلى تصفية القضيّة الفلسطينيّة وإبقاء الفلسطينيين حيث هم، والضرر الذي سيلحق بلبنان جرّاء ذلك كونه يضمّ قسماً كبيراً من اللاجئين»، مشيراً إلى «أنّ كلّ ما سبق يقوّض أيّ فرصة للسلام في الشرق الأوسط وينذر بمستقبل مجهول قاتم من دون شك».
وأكد أنّ الخروق «الإسرائيلية للقرار 1701 لم تتوقف يوماً، وكذلك الاعتداءات المتمادية على السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، والعمل العدواني السافر الذي حصل الشهر الماضي على منطقة سكنية في قلب بيروت هو الخرق الأخطر لهذا القرار، كذلك الحرائق التي استمرّت لأيام داخل مزارع شبعا المحتلة جرّاء القذائف الإسرائيلية الحارقة، تشكّل جرماً بيئياً دولياً يستوجب إدانة من تسبّب به».
وجدّد التزام لبنان بالقرار 1701 «ولكن التزامنا هذا لا يلغي حقنا الطبيعي وغير القابل للتفرّغ، بالدفاع المشروع عن النفس، عن أرضنا وشعبنا، بكلّ الوسائل المتاحة».
وأكد عون تمسّك لبنان بحقوقه السيادية على مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وشمال الغجر المحتلة «وهو لن يوفّر أيّ فرصة في سبيل تثبيت حدوده البرّية المعترف بها دوليّاً بالوثائق الثابتة في الأمم المتحدة وكذلك ترسيم الحدود البحريّة، وذلك بإشراف الأمم المتحدة، مع ترحيبه بأيّ مساعدة من أيّ دولة بهذا الخصوص، في وقت سوف يباشر بعمليات التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية قبيل نهاية هذا العام بحسب القوانين والأعراف الدولية».
من جهة أخرى، أبلغ الرئيس عون الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس خلال زيارته له في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، أنّ «لبنان متمسك بدور المنظمة الدولية في تعزيز الأمن والاستقرار في الجنوب من خلال قوات «يونيفيل»، وذلك لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701».
ولفت عون خلال المحادثات مع غوتيريس في حضور أعضاء الوفدين اللبناني والدولي، إلى أنّ «ملف النازحين السوريين في لبنان لا يزال في أولويات الاهتمامات اللبنانية، لا سيما لجهة ضرورة عودتهم إلى سورية وتقديم المنظمات الدولية المساعدات لهم في ديارهم».
وشكر عون الأمين العام على «الدعم الذي قدّمه لإقرار «أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار»، لافتاً إلى أنّ «لبنان يجري الاتصالات اللازمة مع الدول المهتمة بغية عقد اتفاقات مشتركة معها».
بدوره أكد غوتيريس أنّ «الأمم المتحدة حريصة على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه، وهي ستفعل كل ما من شأنه المساعدة في تحقيق هذه الأهداف».
ودوّن الرئيس عون في سجل الأمم المتحدة الكلمة الآتية «نعمل لتبقى الأمم المتحدة قادرة على تحقيق السلام والعدالة بين الدول والشعوب».
والتقى عون عدداً من رؤساء الوفود العربية والأفريقية والأوروبية.