ولي العهد السعودي: أفضّل الحل السياسي مع إيران!
حذر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال مقابلة تلفزيونية بُثت أول أمس، من أن «أسعار النفط يمكن أن ترتفع إلى أرقام خيالية ما لم يتخذ العالم موقفاً قوياً لردع إيران»، لكنه قال إنه «يفضل الحل السياسي على الحل العسكري».
وفي مقابلة مع برنامج «60 دقيقة» على شاشة قناة «سي.بي.أس»، نفى الأمير محمد أنه «أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي بأيدي أشخاص يعملون لصالح الحكومة السعودية قبل نحو عام»، لكنه قال إنه «يتحمّل في نهاية المطاف المسؤولية كاملة بوصفه القائد الفعلي للبلاد».
ورغم أن مقتل خاشقجي فجّر غضباً دولياً ولوّث سمعة ولي العهد، فإن المواجهة المحتدمة بين إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وإيران، هيمنت في الآونة الأخيرة على السياسة الأميركية فيما يتعلّق بالمملكة لا سيما بعد هجوم 14 أيلول على منشأتي نفط سعوديتين.
وقال الأمير محمد «إذا لم يتّخذ العالم موقفاً قوياً لردع إيران، فسنرى المزيد من التصعيد»، مضيفاً أن «إمدادات النفط ستتعطل وسترتفع أسعار الخام إلى أرقام خيالية».
ومَن كان يتابع تصريحات بن سلمان في السابق كان يلاحظ أنها كانت أكثر عدائية ضدّ الجمهورية الإسلامية، كقوله «إن السعودية تستطيع تحريض فئات من المجتمع الإيراني ضد الحكومة»، أو في ما بعد قوله إنه سينقل «المعركة من خارج إيران الى داخلها»، وغيرها من التصريحات والمواقف ضد الجمهورية الإسلامية.
واليوم وبكلامه بهذه الطريقة، يرى المراقبون أنه «تراجع كثيراً عن مواقفه السابقة نتيجة خوفه من أيّ مواجهة مع الجمهورية الإسلامية، والسبب قد يكون أولاً التجربة الفاشلة معها في أي ميدان من ميادين المواجهة، سواء كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة عبر أي دولة إقليمية».
ولذلك، فالمحللون يرون في كلام بن سلمان الأخير تعبيراً عن خشيته من المواجهة مع إيران.
وقال ولي العهد في المقابلة التي أُجريت معه في السعودية إنه «يتفق مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على أن هجمات 14 أيلول التي أدت لانخفاض إمدادات النفط العالمية أكثر من خمسة بالمئة كانت عملاً حربياً من جانب إيران».
لكنه قال إنه «يفضل الحل السلمي لأن نشوب حرب في المنطقة سيؤدي إلى انهيار الاقتصاد العالمي».
وذكر ولي العهد أن على «ترامب أن يجتمع مع الرئيس الإيراني حسن روحاني لصياغة اتفاق جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني ونفوذ طهران في الشرق الأوسط».
وفشلت الجهود للجمع بين الرئيسين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. وتفاقم التوتر بين واشنطن وطهران بسبب انسحاب الولايات المتحدة العام الماضي من الاتفاق النووي ومعاودة فرض العقوبات على إيران.
وقبل أيام من حلول الذكرى السنوية الأولى لمقتل خاشقجي، ورداً على سؤال عما إذا كان قد أصدر أمر القتل، قال الأمير محمد «بلا شك لا». لكنه قال إنه «يتحمل المسؤولية كاملة خاصة لأن مَن ارتكبوها كانوا يعملون لصالح الحكومة السعودية».
وأضاف «كان هذا خطأ. ويجب عليّ اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لتجنب مثل هذا الأمر في المستقبل».
وتعتقد وكالة المخابرات المركزية الأميركية سي.آي.أيه وبعض الحكومة الغربية أن الأمير محمد أمر بالقتل، لكن مسؤولين سعوديين نفوا مراراً أي دور له. وبسؤاله عن تقييم سي.آي.أيه طلب الأمير محمد الكشف عن هذه المعلومات.
وبعد نفي الأمر في البداية، اتهمت السعودية مجموعة من العاملين بالدولة تصرفوا من تلقاء أنفسهم بارتكاب الجريمة. وقال النائب العام السعودي إن «أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات آنذاك أمر بإعادة خاشقجي، الذي كان مقرباً من الأسرة الحاكمة قبل أن يصبح من أبرز منتقديها، إلى البلاد. لكن المسؤول عن التفاوض مع خاشقجي أمر بقتله بعد أن فشلت المناقشات بخصوص عودته.
وعندما سئل الأمير محمد خلال المقابلة كيف يمكن أن تكون الجريمة ارتكبت دون علمه، أجاب «البعض يتوقع أنني يجب أن أعرف ما يفعله ثلاثة ملايين موظف في الحكومة السعودية يومياً! من المستحيل أن يرسل الثلاثة ملايين تقاريرهم اليومية إلى القائد أو ثاني أعلى مسؤول في الحكومة السعودية».
ورداً على سؤال عن كيفية احتمال تورّط اثنين من أفراد الدائرة المقربة منه في الأمر دون علمه، قال الأمير محمد «التحقيقات كلها جارية وبمجرد إثبات تهم على أي شخص على أي مستوى فسيحاكم بدون استثناء».
وسئل ولي العهد السعودي خلال المقابلة عن ناشطات تحتجزهن السلطات السعودية لاتهامات تتعلق بنشاطهن في مجال حقوق الإنسان وتصفهن وسائل إعلام محلية بالخيانة ومن بينهن الناشطة لجين الهذلول، فقال الأمير محمد إنه «ينبغي احترام القوانين حتى يتم إصلاحها».
وأضاف أن «قرار إطلاق سراح الهذلول في يد النائب العام، لكنه سيتابع بنفسه اتهامات بأنها تعرضت للتعذيب في السجن».
وعندما سئل عن الانتقادات الموجهة للرياض داخل الكونغرس في ما يتعلق بقتل خاشقجي والحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، والتي أوقعت الكثير من القتلى المدنيين أجاب ولي العهد «العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة أكبر بكثير».
وقاوم ترامب مساعي الكونغرس لحظر بيع الأسلحة الأميركية للسعودية.
وكرّر ولي العهد «دعوة سعودية لإيران لوقف الدعم لقوات الحوثيين في اليمن»، وقال إنه «منفتح على كل المبادرات للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء الحرب اليمنية».