أنتم والحدث في «ريشة في الصميم»… معرض للرسّام الكاريكاتوريّ نضال ديب

لورا محمود

فنّ الكاريكاتير هو فنّ السهل الممتنع والمضحك المبكي، يمتلك القدرة على ممارسة النقد ببلاغة عالية ويُعطيه الانطباع المشهدي المؤثر والمحرض، يقال إنه واحد من أهم الأغصان الجديدة في شجرة السلطة الرابعة، فليـــس من الســـهل أن تحوّل حدثاً أليماً ووجــعاً يومياً إلى لوحة تضحك عيني متلقيها الباكي، لكن يجب على كلّ من يحمل القلم أو الريشة أن تكون مهمته الإصلاح كي يزدهر الوطن.

هذا ما قاله الفنان نضال ديب في صفحات الكتاب المصوّر الذي احتوى على الرسوم المعروضة والتي قدّم ديب من خلالها الكاريكاتور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، فكانت رسومه تختصر الواقع المعيش وأفكاره جريئة عبّرت عن هموم ومشاكل المجتمع السوري وما يعانيه من فساد وفقر وغلاء، وأيضاً ما عانته سورية خلال سنوات الأزمة.

كل هذا في لوحات أو اسكتشات كاريكاتــورية عرضــت في معــرض له أقــيم في دار الاسد للثقافة والفنون في دمشق.

«البناء» التقت الفنان نضال ديب الذي تحدث بداية عن عنوان المعرض قائلاً: أردت أن يكون اسم المعرض «أنتم والحدث» وأقصد كلّ المجتمع وما فيه من أحداث سواء سياسيّة أو اقتصاديّة أو اجتماعيّة، و»ريشة في الصميم» حتى يكون المعرض بمثابة تسليط الضوء على الوجع في مكانه، لذا حاولت أن أكون واضحاً في لوحاتي، وقد لاحظ الزوّار الجرأة في الطرح. وهذا أمر لا أخشاه أبداً، فأنا لا أقصد مكاناً معيناً أو أشخاصاً بل أنتم والحدث أقصد كل فئات العالم، كلّه سواء أكان عاملاً أو تاجراً، أو فلاّحاً أو جندياً.

وعن ابتعاده عن اللون الأبيض والأسود ووجود الألوان في كلّ الأعمال المعروضة لفت ديب قائلاً: الكاريكاتور لا يقتصر على اللون الأبيض والأسود كما هو متعارف عليه في العمل الصحافي، لكن عندما يكون الرسّام قادراً على منح اللوحة الموضوع والروح عبر الألوان. فهذا الأمر يكون أجمل رغم أنه متعب أكثر، لأن فيه عمقاً والعمق أصعب، لأننا متّجهون نحو السهل الممتنع الذي فيه اختصار لحدث كبير موجود بلوحة لذا الأمر صعب جداً خصوصاً عندما يحاول المرء إيصاله، لكلّ فئات المجتمع بدون أن يرافق العمل أو اللوحة الكتابة. وهذا أمر معقد.

أضاف: بعد دعم الرئيس بشار الأسد للفنّ الكاريكاتوري ودعمه للفنّ والفنانين في هذه الظروف أصبح الأمر مريحاً ومشجّعاً ويدلّ على أننا نسير على الطريق الصحيح.

بدورها تحدثت معاون وزير الثقافة سناء الشوا لـ«البناء» عن الدور الثقافي في إطلاق الإبداع قائلةً: دور وزارة الثقافة في دعم الإبداع له أكثر من جانب وأكثر من أهمية. فالفنّ هو لغة الشعوب ولغة تتجاوز كل المسافات والأبعاد. ونحن اليوم نوصل صوتنا من خلال الفنّ وهمومنا وأوجاعنا من خلاله، ونعبّر عن أفكارنا ومشاعرنا من خلال اللوحة والأدب والمسرح والموسيقى والسينما.

وتابعت: في هذا الوقت من تاريخ سورية يتجلّى دور الفنّ بشكل واسع. ونحن نعمل على توثيق ما تمرّ به سورية من خلال هذا الفنّ، وبالمرور باللوحات نجد أنها تجسّد هموم الناس سواء في المحور الاجتماعي أو في المحور السياسي وما تعرّضت له سورية من إرهاب. الفنّ هو توثيق وتعمل الوزارة على دعمه ومن بين هذه الفنون فن الكاريكاتور لبساطته ولسهولة إيصال الفكرة إلى المتلقي، حيث لا يحتاج إلى تعبير أو إلى لغة. فنحن اليوم نستطيع أن ننشر هذه اللوحات بأي مجلة عالمية، وهنا يبرز فن الكاريكاتور وتمييزه عن غيره من الفنون.

مدير دار الأسد للثقافة والفنون أندريه معلولي تحدّث لـ«البناء» عن اهتمام الدار بكلّ صنوف الفنون وليس بنوع واحد من الفنون. ونحن نحاول أن يكون كل فنّ له حصّته ضمن خطّة عمل الدار والفنّ التشكيلي من ضمن الفنون التي لها حضورها في الدار، فنحن لدينا لجنة مختصة لدراسة المعارض التي تقدم في دار الأوبرا واللجنة تضمّ مختصين بالفنّ التشكيلي قادرين على تقييم اللوحات لخصوصية دار الأوبرا. فهي ليست مكاناً عادياً لذا يجب أن تكون العروض بسويّة ومستوى معيّن، ورغم عدم وجود مكان أو صالة معارض كبيرة في الدار إلا أننا قادرون أن نستضيف معارض بسويّة جيدة وعالية.

وأضاف معلولي: نحن لدينا طموح أن تكون هناك معارض نوعية وأعمال مسرحية نوعية وسينما وموسيقى نوعية أيضاً. ونعمل لتصبح دار الأوبرا على السكّة الصحيحة التي بُنيت لأجلها. فدار الأوبرا بسورية وكل العالم لديها ضوابط ومعايير أنشئت عليها. وهذا عُرف عالمي لذا نسعى أن تكون العروض ضمن المعايير التي تليق بدار الأوبرا، وهذا المكان شهد حضور أهم الشخصيات سواء على المستوى المحلي أو العربي والعالمي. وقد بدأت الكثير من الشخصيات المهمة تأتي لتقدّم عروضها في الدار وسوف نراها في الأيام المقبلة.

أما المدير العام لهيئة مدارس أبناء الشهداء شهيرة فلوح فتحدثت لـ«البناء»عن الفنان نضال ديب ومعرضه قائلةً: نضال بمثابة ابن لنا فهو تخرّج من مدارس أبناء الشهداء واليوم أذهلني باختيار الألوان برغم الظروف التي عشناها في سورية والظروف التي رسم فيها، لذا أقول الحمد الله الذي ساعدنا أن نُخَرج من مدارسنا فناناً مثل نضال لم تؤثر عليهم الحرب بل ناضلوا وعملوا واجتهدوا.

ولفتت فلوح إلى أن هناك قفزة نوعية في هذا المعرض فهو مختلف عن معارض نضال السابقة، خصوصاً وجود الألوان التي تعطي بهجة وفرحاً. وهذا ما نسعى إليه في مدارسنا بإن نُخرج أولادنا من الألم والحزن إلى الفرح والإبداع والتفاءل. وهذا انعكس على لوحات نضال.

وضمن الحضور كان لـ«البناء» لقاء مع الفنان دريد لحام الذي تحدّث عن لوحات الفنان ديب التي سلّطت الضوء على حياة المواطن، فهناك جانب سياسي ووطني واقتصادي واستطاع بهذه الجوانب الثلاث أن يعبّرعن كل واحد فينا من خلال الألوان والأفكار.

وتابع لحام: لوحات الفنان نضال جريئة، لكنها صادقة. فمن كان ضدّ الصدق سيقف ضدّ هذا المعرض، لكنني أرى بأن اللوحات فيها شفافية ونحن بحاجة للصدق في هذه الأيام. الكاريكاتور قادر بلوحة أن يعطي فكرة لمسرحية كاملة خاصة اذا كان الفنان أولاً فناناً بريشته وثانياً ذكياً بتعبيره. ونضال يمتلك الموهبتين الذكاء والقدرة على التعبير.

وعن رأيه بالمشهد الثقافي أكد لحام بأنه راضٍ عن المشهد الثقافي في سورية ضمن الإمكانيات المتاحة، فدارالأوبرا في ما مضى كانت تقدم حفلاً واحداً في الأسبوع، لكن اليوم تقدّم يومياً فعالية سواء ثقافية أم فنية، بالرغم من قسوة سنين الجمر التي مرّت على سورية إلا ان المشهد الثقافي اليوم أفضل.

يذكر أن الفنان نضال ديب رسّام كاريكاتير ومعدّ برامج تلفزيونية وتصميم شخصيات كرتونية وإعلانية ورسّام قصص مصوّرة بالأبعاد الثلاثية والرسوم المتحركة ورسام بورتريه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى