دمشق تدين النيات العدوانية للنظام التركي وتؤكد أنها ستتصدّى له روحاني يدعو أنقرة لضبط النفس وتجنب العمل العسكري لافروف يرى مواقف واشنطن تجاه سورية متناقضة ويدعوها للانسحاب
دانت الخارجية السورية بشدّة عزم تركيا تنفيذ عملية عسكرية داخل أراضي سورية، واعتبرت أن ذلك سيفقد أنقرة دور الضامن في عملية أستانا ويوجّه ضربة قاصمة للعملية السياسية برمتها.
وقالت الخارجية، أمس، إن سورية تدين بأشدّ العبارات «التصريحات الهوجاء والنيات العدوانية للنظام التركي والحشود العسكرية على الحدود السورية التي تشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وخرقاً سافراً لقرارات مجلس الأمن الدولي التي تؤكد جميعها على احترام وحدة وسلامة وسيادة سورية».
وأوضحت أن «السلوك العدواني لنظام أردوغان يظهر بجلاء الأطماع التوسعية التركية في الأراضي السورية، ولا يمكن تبريره تحت أي ذريعة».
وحمّلت دمشق «بعض التنظيمات الكردية مسؤولية ما يحصل نتيجة ارتهانها للمشروع الأميركي، وقد سبق تنبيهها مراراً خلال اللقاءات التي عقدت معها إلى مخاطر هذا المشروع، وألا تكون أدوات في خدمة السياسة الأميركية ضد وطنها. إلا أن هذه التنظيمات أبت إلا أن تكون أدوات بيد الغرباء»، مؤكدة استعدادها «لاحتضان أبنائها الضالين إذا عادوا إلى جادة العقل والصواب».
وفي السياق، دعا الرئيس الإيراني حسن روحاني، تركيا إلى ضبط النفس وتجنب أي عمل عسكري في شمال سورية، وقال إنه يتعين على القوات الأميركية مغادرة المنطقة.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «إرنا» عن روحاني، قوله خلال اجتماع الحكومة، اليوم الأربعاء: «أنقرة يجب أن تؤمن حدودها الجنوبية وتمتلك الحق في ذلك لكن الحل هو دخول قوات الجيش السوري إلى تلك المنطقة وفرض سيطرة الحكومة السورية على شرق الفرات وخروج القوات الأميركية من سورية»، داعياً الحكومة التركية إلى أن تعيد النظر في قرارها بشأن العملية العسكرية وأن تتعامل بدقة وصبر مع هذه القضية.
وأضاف الرئيس الإيراني: «المشكلة الأساسية في سورية اليوم ليس شرق الفرات بل إدلب والإرهاب في إدلب والتي تجتمع فيها جميع التنظيمات الإرهابية، ونأمل أن تتعاون الدول الأخرى وخاصة الحكومة التركية وأن يركزوا أكثر على هذه المشكلة لكي لا نواجه مشكلة جديدة في المنطقة».
من جهته، انتقد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، موقف الولايات المتحدة تجاه سورية، ووصفه بالمتناقض جداً.
وقال لافروف في مؤتمر صحافي عقب لقائه مع وزير الخارجية الكازاخستاني، مختار تليوبيردي، أمس: «من الصعب أن أقول ما هو الخطأ في التصرفات الأميركية في سورية، لكنها متناقضة تماماً».
ونوه لافروف بأن روسيا دعت الولايات المتحدة مراراً إلى وقف الاحتلال غير القانوني للأراضي السورية في منطقة التنف، حيث أنشأوا قاعدتهم هناك.
كما أشار إلى أنه خلال زيارته الأخيرة إلى إقليم كردستان العراق، ناقش تناقض التصرفات الأميركية في المنطقة مع قيادة الحكم الذاتي في الإقليم. وأضاف لافروف: «إنهم الأكراد قلقون للغاية لأن مثل هذا التعامل المتساهل مع موضوع حساس للغاية يمكن أن يثير المنطقة بأكملها، ويجب تجنّب ذلك بأي ثمن. نحن نطرح وجهة النظر هذه على الجانب الأميركي، وآمل أن يسمعونا. لكن في الممارسة العملية، لا نرى تغييرات كبيرة في سياساتهم المتضاربة غير المتسقة».
وكانت الرئاسة التركية، ذكرت أمس، أن الرئيس رجب طيب أردوغان ناقش في اتصال هاتفي مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، التوغل المزمع في شمال شرق سورية، حيث تتأهب أنقرة لتنفيذ هجوم عبر الحدود.
وقالت الرئاسة، في بيان لها، إن أردوغان أبلغ بوتين خلال الاتصال أن التوغل التركي سيسهم في السلام والاستقرار في سورية وسيفسح المجال للعملية السياسية لحل الصراع هناك.
وكان رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية، فخر الدين ألطون، قد أعلن أن القوات المسلحة التركية بالإضافة إلى المتعاملين معهم سيعبرون الحدود السورية.
وأرسل الجيش التركي المزيد من التعزيزات إلى وحداته المتركزة على الحدود السورية، وبحسب وكالة «الأناضول» التركية.
إلى ذلك، أكد المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة ديميتريس أفراموبولوس أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بوحدة وسيادة وسلامة الأراضي السورية.
ونقلت قناة فرانس 24 عن أفراموبولوس قوله تعليقاً على شنّ نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عدواناً على الأراضي السورية إن الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف جميع الأعمال العدوانية وحماية المدنيين في سورية.
بدوره أعرب وزير خارجية لوكسمبورغ المكلف ملف الهجرة جان أسيلبورن في تصريح للصحافيين عن أمله بألا يقوم النظام التركي بأي عمل عدواني تجاه سورية، مشيراً إلى أن نتائج أي عدوان ستطال أوروبا عبر موجة جديدة من اللاجئين والمهجرين.
وكان جيش النظام التركي اعتدى قبل يومين على مناطق بريف الحسكة الشمالي الشرقي مستهدفاً مواقع قرب معبر سيمالكا غير الشرعي على الحدود السورية العراقية وتل طويل في ريف منطقة المالكية، حيث توجد نقاط لميليشيا «قسد» الانفصالية.
وبدأت الولايات المتحدة الأميركية، الاثنين الماضي، سحب قواتها من منطقة شمال شرق سورية قرب الحدود مع تركيا، وسط استعدادات الأخيرة لشن عملية عسكرية لتطهير هذه الأراضي من «وحدات حماية الشعب» الكردية التي تنشط ضمن تحالف «قوات سورية الديمقراطية» المدعوم أميركياً في الحرب على «داعش»، وتعتبرها أنقرة تنظيماً إرهابياً وذراعاً لـ «حزب العمال الكردستاني».
من جهتها، رحبت ما يسمى بـ «الإدارة الذاتية»، التي يقودها الأكراد في شمال سورية، أمس، بدعوة روسيا للحوار مع دمشق، وحثت موسكو على أن تلعب دور الضامن لهذا الحوار.
وقالت الإدارة، في بيان، إنها «تنظر بإيجابية لتصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بشأن الحوار مع الحكومة السورية»، مضيفة «أنها تتطلع إلى أن تلعب روسيا دوراً كداعم وضامن للحوار».
وذكرت الإدارة، التي يقودها الأكراد، أن «موقفها الثابت هو أن أفضل سبيل لحل الصراع السوري يكون عبر الحوار بين السوريين».
وكان لافروف دعا دمشق والأكراد إلى الحوار لحل مشكلة شمالي سورية، بما في ذلك على الحدود السورية التركية.
وأضاف «اتصلنا بممثلي الجانب الكردي وممثلي الحكومة السورية، وأكدنا أننا نشجعهم على بدء حوار لحل مشاكل هذا الجزء من سورية، بما في ذلك مشاكل ضمان الأمن على الحدود التركية السورية، حيث أننا ما زلنا نعتبر أن هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق التهدئة واستقرار الوضع».
وتابع وزير الخارجية الروسي «سمعنا تصريحات كل من المسؤولين في دمشق وممثلي الأكراد، بأنهم مستعدون لمثل هذا الحوار. سنحاول قدر الإمكان تسهيل بدء مثل هذه المحادثة الموضوعية المباشرة. نأمل أن يتم دعمه من قبل جميع اللاعبين الخارجيين الرئيسيين».
ميدانياً، شنّ جيش النظام التركي ظهر أمس، عدواناً على مدينة رأس العين بالريف الشمالي الغربي لمحافظة الحسكة وعلى منطقة تل أبيض بالريف الشمالي للرقة.
ولفت مراسل سانا إلى إقدام قوات النظام التركي على قصف جوي ومدفعي عشوائي ومكثف على الصوامع والبنى التحتية في مدينة رأس العين وشمل مواقع لميليشيا «قسد» الانفصالية في قرى المشرافة وخربة البنات والأسدية وبير نوح وعلوك ونستل والعزيزية ومدرسة العزيزية في محيط المدينة بالتوازي مع قصف بسلاح المدفعية طال بلدة عين عيسى في منطقة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي.
واستهدف العدوان التركي خط الكهرباء الذي يغذي محطة مياه علوك بريف رأس العين شمال غرب الحسكة، وقرية الصالحية بريف الحسكة الشمالي بثلاث غارات. كما استهدف العدوان التركي بالمدفعية قرية الجارودية في نطقة المالكية.
وأشار إلى أن ميليشيا «قسد» الانفصالية أضرمت النيران في بعض آبار النفط في ريف الحسكة الشمالي بالتوازي مع قيامها بإشعال الإطارات في معظم أحياء مدينة رأس العين وإحراق الوثائق في مقارها في المدينة.