النحّات السوري مصطفى علي: أؤمن بأن الفرد الذي يصنع التاريخ

حاورته: فاطمة الموسى

الفنّ التدمري وأوغاريت والحضارة السورية، حيث تمثل فنّه بالأرض التي ينتمي لها. سورية الطبيعية والهلال الخصيب مسيرة فنية وإبداع، بيت شامي كان مقصد جميع الزوار من كل أنحاء العالم.. فنان تجوّلت منحوتاته أنحاء العالم.

النحات السوري مصطفى علي في حوار خاص مع «البناء» أضاف للحضور رحابة وأمتع الحديث الفنيّ إبداعاً.

لمَ لمْ تختر المتحف الخاص بك في مدينة اللاذقية وفضّلت وجوده في دمشق القديمة؟

بداية أنا أتيت لدمشق كنت طالباً في جامعة دمشق لا أفقه شيء، ولا أملك متراً مربعاً كانت مسيرتي صعبة، بنيت نفسي واعتمدت على صنع اسمي وفنّي، حتى أصبح بإمكاني أن أقتني بيتاً، بحثت عن هذا المكان الذي كان لديّ يقين أنني سأجد المكان الذي أنتمي إليه بحثت في دمشق وخاصة في حارات الشام القديمة، القدر قادني إلى مكان أعتقد أن هذا المكان أعرفه جيداً وأنتمي إليه من زمن بعيد. تعلّقت به كثيراً كانت لديّ فرص بأمكنة عديدة لكني أنتمي إليه من زمن، أنا أؤمن بالتقمّص اكتشفت أشياء كثيرة منذ 1200 عام، حولته إلى مدينتي الفاضلة، هذا حلمي وأصبح حقيقة.

بدأت مسيرتك بالبرونز، لماذا؟

البرونز هو مادة نبيلة جداً. أنا أعتبر أن أجدادي هم الفينيقيون والإتروسك عندما كنت أرى أعمالهن بالمتاحف، أشعر أني أنتمي إليهم بالتوارث لم يعتمدوا على الشكل الخارجي بل على الجوهر، فكان يبنى العمل من الطين والصلصال، لكنه كان عملاً هشّاً، فأنا أرى البرونز مادة قوية جداً ومناسبة، كما أنه المعدن النبيل ويحمل جوهر أجدادي كما أنه مكتشف سوري وعندما أردت إعادته هذا كان صعباً جداً، فكان نجاح كبير في أول معرض جمعت أعمال كثيرة من 79 إلى 87 حوّلته لبرونز ونجح نجاحاً هائلاً وعاد للحياة.

يقال إنك متأثر بنمط النحات الإيطالي «جياكو ميتي» ومن المعروف أنه تأثّر بالنحت الفينيقي فأنت في أعمالك تلك قاربت النحت الفينيقي أم إلى أعمال جياكو ميتي؟

الحقيقة نحن الاثنين نعود للجذر نفسه عندما كنت أعمل لم أكن أعرف جياكو ميتي، وعندما عرفته شعرتُ بقربي منه وأن الجذر نفسه والأساسي وهو الفينيقي والاتروسك. جياكو ميتي هو نحات سويسري وليس ايطالياً، لكنه من لوغانو الذين يتكلمون الإيطالية. طبعا أنا لي الفخر أن أكون متأثراً بفنان مثل جياكو ميتي كشاب وتجربة تعرفت عليها. عندما كنت صغيراً كنت أرى العالم نحيلاً وطويلاً وبلا تفاصيل كنت مثلاً في الإعدادية كنا ندرس تحت ضوء الطريق، فعندما أمشي أرى ظلّي طويلاً كثيراً كنت أقف واستمتع به، هذا شيء بطبيعتي بطبيعة الفنان وهذا الانتماء مثل انتماء عائلة فنية، فأنا أحب أن ألغي السطح الخارجي وجياكو ميتي كان هكذا.. والاتروسك أيضاً.

الأهم كان الأسلوب الشخصي للفنان الشخصية المميّزة له الاْسلوب الخاص.

ما رأيك بالعمل الفنّي الموجود في دمشق تمثال زنوبيا؟ وتمثال صلاح الدين الأيوبي؟

تمثال زنوبي سيئ كثيراً. أنا لا أهاجم بل أنتقد. زنوبيا أساساً ليست هكذا. من عمل هذا التمثال لا يفقه شيئاً من يعرف النحت التدمري وعظمته وقوة تأثيره، وإبداع النحات التدمري لا ينحت هذا العمل. أقول قولاً واحداً هو عمل رديء جداً. زنوبيا هي اختراع غير صحيح.. وأما عن تمثال صلاح الدين فهو عمل عن الفنّ الروسي كان يمكن أن يكون أحسن من ذلك.

تحدثت كثيراً عن مسقط رأسك أوغاريت من منظور مصطفى علي كيف ترى الحضارة السورية ومن ضمنها تدمر في أعمالك طبعاً؟

عندما كنت أزور مدينتي الأثرية وأتجوّل بها من كهوف ومغاور ومدافن والقصر الملكي، كنت أقول لوالدي إنني أذهب إلى رأس شمرا لا أعلم لماذا. فضحك وقال لي أنت خلقت في رأس شمرا أنا لم أكن أعلم كانت تجربة متأثرة بالفينيقيين والاتروسك وتأثرت بفلسفة الخلود أيضاً من المصريين، بأن الإنسان يموت في الحياة، هذه الفلسفة انعكست بتجاربي المبكرة، أنا انتمائي لسورية، لكن الاتروسك من أصل إيطالي وأخصّ ذكرهم لأنهم تأثروا بالهوى الشرقي هم يختلفون عن اليونان والرومان. اذا قارن بينهما وجدنا الاختلاف من حيث الاهتمام بالشكل والشكل الفيزيائي عند اليونان والرومان وعصر النهضة. فهم اعتمدوا الجسم البشري بالنسبة المثالية وبالنسبة الذهبية، تأثري بهذه الحضارة وبهذا الجانب التعبيري أي لا يعتمد على السطح بل على الجوهر، الذي نجده بمتحفنا الوطني حتى ما بين النهرين وسورية الطبيعية الهلال الخصيب هكذا لنصل إلى طوروس.

أنا أؤمن بسورية الطبيعية أنا سوري منتمٍ من دون أن أنتمي إلى حزب. أنتمي لهذه الكلمات من غير أن أنتمي للحزب لأنني صعب، انتمائي إلى سورية كبير جداً. وعدد كبير من أصدقائي قوميون سوريون. أنا بطريقة عقلي أقرب إلى طريق الفوضى حتى الأقدار أخذتني إلى كرارا، درست بكرارا وهي مركز الفوضوية في العالم. انا أعتبر أن الفوضوية جزء من فنّي.

من المعلوم أن شخصية الفنان تتأثر بثقافته وبتراثه وكذلك بالثقافات الإنسانية والتراث.. ماذا قدّمت لك منحوتات الآثار السورية من ماري إلى إيبلا فأوغاريت وتدمر؟

ساهمت بصناعتي تأثرت بها، بالإضافة إلى أننا ننتمي حتى للجغرافيا والميتولوجيا وحتى بالشمس والمطر، أعمالي تنتمي إلى هذه الأرض. وهذا جعل منحوتاتي في أغلب بلدان العالم منها بيروت والخليج.

ما هي أكثر المعارض لها طابع في نفسك؟

المعرض الأول كان مفاجئاً للكل، وأنا اعتبره الأكثر نجاحاً، حقق نجاحاً كبيراً.

ما الذي لم تحققه بعد؟

ما زال لديّ الكثير من الأفكار، أشعر أحياناً أنني أحتاج إلى مزيد من الأيادي، أفكاري لا تقف وما زال لديّ طموح كبير.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى