منى فارس: معرض «شغل بيت» تجسيد لمفهوم الحفاظ على التراث وزوّاره هم رُعاته

عبير حمدان

يحمل معرض «شغل بيت» الذي يقيمه تجمع النهضة النسائية كلّ عام أكثر من رسالة من الناحية التراثية والثقافية والاجتماعية والبيئية وحتى الاقتصادية، فهو يختصر في معروضاته سواء المونة البيتية الصحية أو الأشغال الحرفية اليدوية مكوّناً تراثيا شعبياً، حيث يتمسك المشاركون فيه بعادات متوارثة لم تتأثر بسرعة الزمن ومبدأ التعليب والمواد الحافظة.

افتتح تجمع النهضة النسائية معرض «شغل بيت» في فندق «كورال بيتش» قاعة «بيراميد»، بحضور رئيسة التجمع منى فارس وأعضاء الهيئة الإدارية، عقيلة النائب اللواء جميل السيد سوسن السيد، عقيلة السفير السوري علي عبد الكريم علي فيروز عبد الكريم علي، رئيسة المجلس النسائي اللبناني إقبال دوغان، نائبة رئيسة الاتحاد النسائي الدولي جمال غبريل، رئيسة جمعية نور مارلين حردان، وفد من هيئة دعم المقاومة ضم الحاجة أم مهدي بدر الدين، ندى سعد وغزوى الخنسا ابو زينب، رئيسة جمعية بيت المرأة الجنوبي أمينة بري فواز، مسؤولة قطاع المرأة في حزب البعث العربي الاشتراكي رلى شلق، رئيسة فرع الجنوب في التجمع صباح علي قانصو، السفيرة سحر بعلبكي المصمّمة المغربية سعاد عياش، رئيسة مؤسسة رعاية اسر الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة في الحزب السوري القومي الاجتماعي نهلا رياشي وحشد من السيدات والمهتمّين. وقد استمر المعرض على مدى يومين.

وألقت رئيسة التجمع منى فارس كلمة أشارت فيها إلى أهمية هذه المحطة السنوية بالنسبة للتجمع وللمشاركين في المعرض على حدّ سواء، وقالت:» في العام 2002 بدأت منظمة الأونيسكو بإقامة سلسلة ندوات وورش عمل للبحث في كيفية الحفاظ على التراث الغير مرئي والغير موثق للشعوب، ومن أهمّ مكونات هذا التراث الطعام المؤونة والحرف اليدوية والفولكلور وغيرها الكثير، وما معرض «شغل بيت» الذي أصبح موعداً سنوياً لتجمع النهضة إلا تجسيداً لهذا المفهوم من حيث الحفاظ على حضارتنا وتاريخنا وأصالتنا في صنع مونة جداتنا وابتداع الأعمال الفنية من موجودات أرضنا وبيئتنا، وبهذه المناسبة ستجدون الكثير من الأعمال الفنية الناتجة عن التدوير حفاظاً على البيئة وانسجاماً مع مبدأ الاستدامة».

وأضافت: «أما الوجه الآخر للمعرض فهو اقتصادي، لأنه البحصة التي تسند الخابية في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة، فهو فرصة يصرّف من خلالها العارضون المشاركون إنتاجهم ويسمح لهم بالبقاء في قراهم دون النزوح إلى المدينة واكتظاظها وزنّار فقرها، فتبقى القرى بحيويتها ويبقون هم بكرامتهم».

وتابعت: «كما تلاحظون، هذا المعرض لا راعي رسمياً له، لأنكم أنتم أيها الزوّار رُعاته بوفائكم ومواظبتكم على الدعم الدائم، هي علاقة شراكة ثلاثية بين تجمع النهضة وزوّار المعرض والعارضين، علاقة شراكة صادقة وشفافة نريدها عاماً بعد عام أكثر متانة وصدقاً، لهذا السبب سوف ترون هذه السنة أسماء وأرقام هواتف العارضين على كلّ منتج تشترونه فاتحين مجال المراجعة حرصاً على مصلحة الزوّار والعارضين على السواء وتوخياً للجودة».

وختمت: «لن أسترسل، فهذه ليست مناسبة خطابية، بل اسمحوا لي أن أشكر كلّ فرد منكم لدعمه هذه المسيرة، وأودّ أن أخصّ بالشكر أصدقائي الإعلاميين وهم شركاء أساسيين في الترويج لهذا المعرض، ولإدارة وموظفي فندق كورال بيتش كلّ الشكر لرعايتهم واهتمامهم، والشكر الكبير للسيدات في التجمع اللواتي عملن بصبر وبصمت لمدة أربعة أشهر إنجاحاً لهذا المعرض ديما وندى وغادة وراغدة وهناء، ولكلّ الهيئة الإدارية كلّ الشكر».

لقاءات

وأجرت «البناء» بعض اللقاءات مع مشاركين في المعرض، حيث تحدث كلّ منهم عن منتوجه وأهمية المشاركة في معرض من هذا النوع.

تؤكد شهيرة أبو طرية بشامون أنّ منتجوها من الصابون عبارة عن منتج طبّي بديل وصحي وتقول: «أنا أشارك على الدوام في معرض تجمع النهضة حتى أني كنت من اللواتي يساهمن في التمويل قبل أن تكبر عائلتي وتزيد مسؤولياتي، كما أني حاضرة في كلّ المعارض، نحن قمنا بالحفاظ على حرفة متوارثة منذ سبعين عاماً، والصابون الذي ترينه أمامك مصنوع من الأعشاب الطبيعية وزيت الزيتون وزيت السمسم والعسل، ولكلّ صابونة فوائدها دون أيّ مواد حافظة، حتى أنّ الملوّنات تكون من الأعشاب كالورد والخزامى والالوفيرا والشمّر».

وتضيف في إطار متصل: «لا أنكر التكلفة المرتفعة ولكن أيّ منتوج طبيعي تكون كلفته عالية نسبياً، أنا أزرع الالوفيرا والبابونج والورد وكلّ ما يمكن أن يتمّ تقطيره واستعماله لتصنيع كلّ أنواع الصابون التي تعتبر علاجاً طبيعياً للكثير من الالتهابات والفطريات وتشقق البشرة».

أما رندا حمدان فتعمل على فكرة إعادة تدوير الأشياء والاستفادة منها بشكل إيجابي وجمالي، وتقول: «ليس بالضرورة أن تكون الأشياء تالفة كي نقوم بإعادة تدويرها، من جهتي أيّ شيء فائض لديّ أعمل على الاستفادة منه وتحويله إلى تحفة للعرض، كما ترين قناديل الكاز حوّلتها إلى مصابيح كهربائية وزجاجة، النرجيلة أصبحت أيضاً مصباحاً، والناس تحب اقتناء هذه الأشياء ويمكن أن تأخذ أفكاراً منك وتقوم بتطبيقها في بيوتها، بالنسبة لي القيام بهذه الأمور ومشاركتها مع الناس يبقى غاية معنوية قبل كلّ شيء ولا أشارك في المعارض لأهداف مادية».

يشير وليد ماضي كفرمكشي إلى أنّ الناس تريد كلّ ما هو طبيعي، ويقول: «كلّ ما ترينه أمامك من مؤونة ومربيات ومجففات هو طبيعي مئة بالمئة ونسبة السكر فيه قليلة، وهو من خيرات الأرض، والناس تهتمّ كثيراً بالحصول على الأكل الصحي والنظيف في ظلّ التلوّث الذي يحاصرنا».

ويضيف: «مشاركتنا اليوم في معرض «شغل بيت» الذي يقيمه تجمع النهضة النسائية ما هي إلا لحثّ الناس على التعرّف على كلّ ما هو تراثي وبلدي ونظيف، وهذا يدخل في إطار الحفاظ على حضارتنا والتمسك بتراثنا».

من ناحيتها تعتبر ربى أيوب أنّ معرض تجمع النهضة محطة تفاعلية فعلية بين العارضين والزوّار، وتقول: «كلّ ما أقدّمه من منتجات هو مما أزرعه في أرضي والأغلب من البندورة والعنب وزبدة الفستق، وأسعى للحصول على رخصة مما يساعدني على تسويق منتجاتي. والمشاركة في المعارض عبارة عن فرصة تسويقية مهمة للمشاركين، ويمكن أن أجزم أنّ معرض تجمع النهضة النسائية هو أكثر محطة تفاعلية للتسويق وهدفه التركيز على شغل المرأة في القرى والبلدات ودعمها اقتصادياً ومعنوياً، ويكفي يومين ليعرفنا الناس خاصة أنها محطة سنوية ثابتة».

أما نهى صليبا الكورة فتؤكد تمسكها بالأرض والتراث وتقول: «أيّ سيدة يمكنها أن تعمل في بيتها كي تحسّن وضعها الاقتصادي وتبقى في أرضها، ونحن متمسكون بأرضنا وكما قال الزعيم أنطون سعاده «إنّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ» ونحن متمسكون بقول زعيمنا ولا شيء يأتي بدون تعب، ومن هنا نطلب من كلّ السيدات العمل للحفاظ على كلّ ما هو تراثي».

وتضيف: «معرض «شغل بيت» الذي يقيمه تجمع النهضة كلّ عام، أهميته تكمن في تعريف الناس على إنتاجنا وتصريفه، لذلك هو محطة للتعاون والمشاركة، ومن جهتي أشارك في كلّ النشاطات التي تقيمها البلديات لأنّ ما أصنعه من قصب البامبو يطلبه الناس في الوطن والاغتراب ومن الضروري أن يكون موجوداً في كلّ بيت».

ويحضر الصاج والعجين المصنوع من القمح في المعرض من خلال «خبز الجود» الذي يعتمد على المكونات الطبيعية ويتمّ استعمال القمح البلدي لتكون العجينة صحية وخالية من السكر، هذا بالإضافة إلى كافة المنتجات البيتية والطبيعية.

وتخبرنا بديعة الحلبي عبد الخالق مجدلبعنا عن منتجاتها المتنوّعة، وتقول: «نحن نقوم بالاستفادة من خيرات الطبيعة ونستغلها بإطار إيجابي، خلّ التفاح مثلاً من حديقتنا وكذلك التوت الشامي ودبس الرمان البلدي الذي يتطلب الكثير من الجهد لكنه مفيد جداً للكثير من الأمراض، بالإضافة إلى البندورة التي نصنع منها الشراب والربّ، والكشك البلدي، كلّ هذه المؤونة ضرورية خاصة أنّ الشتاء في منطقة الجبل قاسٍ وقد تمرّ أيام لا يمكن لنا الخروج من بيوتنا بسبب الثلج، ومن ناحية ثانية ما نقوم به هو حافز أساسي لتحسين الدورة الاقتصادية وبالتالي هو دافع إضافي يجعلنا أكثر تمسكاً ببلادنا وجذورنا حيث انّ كثيرين يريدون منا تركها ولكننا نؤكد من خلال عملنا هذا أننا باقون هنا وأنّ خيرات هذه الأرض لنا لأننا أصحابها».

لعلّ التسويق لمنتجات صحية وطبيعية يتطلب أكثر من يومين ولكن تبقى هذه المحطة السنوية متنفساً للكثير من أهالي القرى الذين ينتظرونها على امتداد المواسم ويعلقون عليها الآمال بتصريف كلّ ما جهدوا لتحضيره سواء من المؤونة أو الحرف اليدوية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى