تحية وغصّة…

نبيل مملوك

أشكر القدر، أشكر الساسة، أشكر الوطن أشكرهم جميعاً لأنهم هيأوا – كل حسب قدرته على فرض نفسه – ظروفًا تسمح لي بأن نتشارك الخوف مَن كان يقول إن هذا النزيف سيختلط بتربة أحاديثنا ويصبح الانكسار أبّا يحتوينا تحت أنيابه المستبدّة. اليوم تغيبين عن ساحة الوجود أكثر تلجئين إلى كهف حزنك ولا أعلم كم ستلبثين، ولا أعلم بأيّ ورقة ستقنعينني أنك لستِ الأجمل ولو بعد حين ولو بعد انهيار. اليوم – أثناء انشغالك العبثي بأثر الحياة الممزقة على صدركِ – أنشغل بالبحث عن أغنية تسمح لي بأن أكون وحشًا لانهائي العنف وحشًا لانهائي الضجيج لأرقد على مساء شعرك طفلاً يتنشّق الحنين كجرعة كستنائية تحوّل مقلتيّ إلى زجاجتين من مطر.

تعبت يا ثلاثية الشغف من سرد قصتي معك من محاولة تطويق العقم بكلمات، تعبتُ من الاعتصام، من الانهيار، من الشجار، فقلبي تجاوز نبضاته، أزاح دهشته وانزوى تحت صنوبرة الاسترجاع منتظرًا مكتوبًا ينبئه أن ظلالك هي التي فتحت جروحي اللامبالية كخيم آمنة لياسمين الشجن العفيف.

يبقى القليل على غدر تشرين، خسرت تأويلات أمي للمطر. أنتظرك كلحن الأرض لتنهضي، أنتظرك كمريض يستأنس بعضاله المتعجرف تحت ضوء خافت في غرفة العناية المركّزة، أنتظرك كي نحتفل بموت أبديّ للغياب المرتجل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى