إشادات بالحركة الاحتجاجية وتحذيرات من دخول أطراف تسعى لتجييرها لمصلحتها وإبعادها عن متابعة تحقيق المطالب الإصلاحية

تواصلت أمس المواقف المشيدة بالحراك الشعبي مؤكدةً أنّ ما بعده ليس كما قبله، ورأت أنّ المشاركة الشعبية في الحراك كسرت حدود الكانتونات الطائفية والمذهبية وأوجدت مناخاً يمكن البناء عليه لبلورة تيار شعبي عابر للطوائف»، محذرةً من خطورة سعي بعض الأطراف لتجيير الحراك السلمي لمصلحته وتوريطها في قضايا تبعدها عن متابعة سعيها لتحقيق مطالب إصلاحية تصب في مصلحة الوطن.

وفي هذا السياق، طالب النائب فيصل كرامي لموقع بحكومة طوارئ سداسيّة تتولّى وضع قانون انتخابي جديد وإجراء انتخابات نيابيّة مبكّرة. وقال «نُعلنها إنتفاضةً مع الشعب اللبناني ومع أهالي طرابلس ونؤيّد شعار «كلن يعني كلن» بمن فيهم أنا».

ووجه كرامي، رسالة صوتية للمتظاهرين، قال فيها «أحيّي الأخوة والرفاق والأنصار والأهل الذين يتظاهرون في ساحات لبنان، خصوصاً في طرابلس، ودعوتي اليوم لأهلنا في تيار الكرامة للمشاركة بكثافة في ساحة عبدالحميد كرامي، ولهذا التحرك في لبنان له معان كثيرة، لكن في طرابلس له معنى خاص لأنها مدينة عانت وما زالت تعاني من كلّ أنواع القهر والفقر والتهميش والحرمان والاستنزاف واللامبالاة».

من جهته، أكد رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي أنه «يجب أن يكون معلوماً أنه ما قبل انتفاضة الشعب اللبناني ليس كما بعدها. وبالتالي فإنّ توجه الحكومة الواضح، وتحت ضغط الشارع نحو فرض المزيد من الضرائب على المصارف، يستدعي أن نسأل هذه الحكومة الفاشلة: لماذا لا تبدأ عملية جمع الأموال المسروقة من السياسيين الذين جمعوا ثرواتهم على حساب الشعب وإيقاف الهدر والتهريب وتعمل على تخفيض الضرائب الحالية والسابقة وبالتأكيد المستقبلية أيضأ؟».

وأكد أنّ «الناس لن ترضى بأقلّ من استرجاع الأموال المنهوبة على مدى ثلاثين عاماً، فالناس تستحق تحقيق مطالبها. ولفت إلى أنّ هذه الأموال التي راكمت مئة مليار دولار ديناً عاماً يرزح تحتها الاقتصاد اللبناني، مع نسيان حق الناس في سياسة اقتصادية تنموية وخدمات صحية وطبابة وتعليم وسواها من الخدمات الأساسية شبه الغائبة عن لبنان».

وختم «أما وقد تبدّى حجم معاناة الشعب اللبناني ومساحة الفقر وتوزعها على جميع المناطق والطوائف، بل أيضاً الموقف الرائع والعابر للطوائف والمذاهب، يجب أن يضع الجميع أمام مسؤولياتهم الوطنية مباشرة».

وغرّد النائب قاسم هاشم على حسابه على «تويتر»، بالقول «أمام هذا الانفجار الشعبي المحق بعدما آلت اليه الأمور من واقع سيء لم تعد تجدي المعالجات الترقيعية والتي تؤخر القرار الذي كان مطلوباً، والسؤال هل قرارات الحكومة إذا اجتمعت قادرة على تهدئة حال الغضب الشعبي أم أنّ المطلوب أمر آخر؟ هذا ما ستجيب عليه الساعات المقبلة».

بدوره، نوّه لقاء الأحزاب والقوى الوطنية في طرابلس، في بيان بعد اجتماعه في منفذية الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجميزات، «ما جاء في خطاب سيد المقاومة من تحليل واع لما حدث بعد الإصرار على متابعة الخطة الاقتصادية – المالية التي تبنتها الحكومة، استجابة للهيئات الاقتصادية الدولية والاستمرار في التهرّب من وضع رؤية اقتصادية واضحة المعالم، توقف الهدر والفساد وتتبنّى اقتصاداً منتجاً يقدم قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ويقلص هيمنة الاقتصاد الريعي على مفاصل الدولة والمجتمع».

وحيّا «الحراك الشعبي السلمي الذي انطلق بعفوية لافتة، بعيداً من وجود قيادة واضحة المعالم له ومن دون خطة تحدّد معالم ذلك الحراك، الأمر الذي أعطاه زخماً يمكن البناء عليه لتوضيح خط سيره المستقبلي». وشدّد على أنّ «المشاركة الشعبية في الحراك كسرت حدود الكانتونات الطائفية والمذهبية وأوجدت مناخاً يمكن البناء عليه لبلورة تيار شعبي عابر للطوائف بعيداً من هيمنة الشبكة الحاكمة التي ليس من مصلحتها ظهور هذا التيار».

وحذر من «خطورة سعي بعض الأطراف لتجيير الحراك السلمي لمصلحته وتوريطها في قضايا تبعدها عن متابعة سعيها لتحقيق مطالب إصلاحية تصبّ في مصلحة الوطن، من دون أن تنحاز لهذا الطرف أو ذاك، بالإضافة إلى محاولة إبعادها عن خيارها السلمي عبر اعتماد العنف والدخول في لعبة التجاذب الداخلي التي لا تخدم قضاياها المطلبية».

وشدّد على «أهمية استعادة الثقة بالدولة التي لا تتحقق إلا بإجراءات عملية تصبّ لمصلحة كلّ مكونات الوطن وتنطلق من البعد عن التسويف والممطالة في عملية التنفيذ وعدم التهرّب من المسؤولية». واستنكر «محاولات البعض القيام بعمليات تخريب للمؤسسات بهدف تعميم حال من الفوضى لا يستفيد منها إلا أعداء الوطن وبعض من يتحيّن الفرص لتحقيق مكاسب تنعكس سلباً على الحراك الشعبي».

وأمل في «ألا تستمرّ سياسة المماطلة في تسريع الخطوات الكفيلة بإنصاف المظلومين وعدم انتظار توافق الجميع على الخطوات المطلوبة خصوصاً أنّ بعضها يشكل تهديداً لمكاسب حصل عليها البعض على امتداد سنوات طويلة».

من جهته، قال أمين عام «جبهة البناء اللبناني» ورئيس «هيئة مركز بيروت الوطن»، الدكتور المهندس زهير الخطيب «فات الآوان على أيّ طروحات لإطالة عمر الحكومة وترقيع نظام تحاصص الأحزاب للسلطة وكيف يمكن للأشخاص والأحزاب وأدواتها التي فشلت بسياساتها وفسادها أن تحاسب ذاتها وتصلح ما خربت».

وأكد «أنّ الحلّ هو بحكومة تقنيين واخصائيين من خارج الإنتماءات أو التبعية للأحزاب والطوائف يحصّنها القضاء اللبناني بمحاسبة المرتكبين ويحميها الجيش اللبناني من أيّ محاولات حزبية لإرهابها». وأشار إلى أنّ الحلول متوفرة، ناقلاً عن سفير الصين إعلانه أمام ممثلي الأحزاب الممثلين بالحكومة استعداد شركة صينية عملاقة وبضمانات حكومية صينية لبناء معامل كهرباء خلال عام واحد بضعف الإحتياج السنوي وبكلفة مليار دولار الذي يساوي نصف قيمة فاتورة كهرباء لبنان. كما نقل عن السفير الإيراني السابق نجاح تجربة نقل كهربائي لأسبوع وعلى أن تكون بأسعار متدنية مستغرباً عدم متابعة الدولة اللبنانية لهذا الخيار ناهيك عن تمديدات الغاز الرخيص المتوفر دائماً من مصر وسورية.

ودعا الخطيب «الجيش الوطني الذي حاز على محبة وأمل اللبنانيين واحترام العالم الخارجي، إلى الحفاظ على دوره الوطني الرائد وصدقيته بالوقوف إلى جانب شعبه الذي ارتفع اليوم فوق الطائفية والمناطقية والحزبية لمستوى الوطن الواحد والحزم بحمايته لحرية التعبير ومنع منظومة الميليشيات أياً تكن من العودة والتفلت بإرهاب الشعب لصالح زعاماتها وبالتالي النيل من هيبة الجيش وقرار شعبه بالتغيير».

ورأى الأمين العام لـ»التيّار الاسعدي» المحامي معن الأسعد في تصريح، «أنّ فريقاً سياسياً داخل السلطة منذ 30 سنة خطط للخروج من الحكومة وتحميل مسؤولية كلّ ما حصل ويحصل في لبنان إلى فريق آخر في هذه السلطة المفلسة»، متوقعاً «عدم استقالة الحكومة وإنْ خرج منها وزراء الفريق الآخر»، مؤكداً أن «لا عودة الى الوراء لانّ انتفاضة اللبنانيين الموجوعين والمقهورين والمحرومين من كلّ حقوقهم الاساسية قالوا كلمتهم وقد تحرّروا من الخوف وخرجوا من وحول الطائفية والمذهبية والاستزلام لهذا الزعيم او ذاك».

وشدّد على «انّ قمع التظاهرات والاعتصامات السلمية من القوى الأمنية ولجوئها الى العنف المفرط واعتقال العشرات منهم مرفوض وغير مقبول واعتداء على حرية الرأي والتعبير والتظاهر».

وأكد رئيس «لقاء الفكر العاملي» السيد علي عبد اللطيف فضل الله «ضرورة تفعيل مسيرة التغيير والإصلاح ليس استجابةً لشروط المؤسسات الدولية، بل لدواع وطنية وإنسانية بهدف حماية الناس من ارتكابات الفاسدين في الطبقة السياسية ووضع حدّ لاستباحتهم لحقوق الناس واستثمارهم لموارد الدولة».

ودعا «الحكومة إلى إقرار موازنة من دون ضرائب جديدة، بالتزامن مع الشروع بالإجراءات الإصلاحية»، محذراً «من تصاعد النقمة الشعبية نتيجة المسّ بالمتطلبات المعيشية للحياة اليومية للناس من محروقات ودواء ورغيف واستمرار العبث بحقوق العسكريين وأصحاب الدخل المحدود».

وقال الشيخ الدكتور صادق النابلسي في تصريح «في مشهد الانهيار تتعقد الأزمات، فلا يكون وجه واحد لها. الغاضبون كثر، واللاعبون كثر. هناك من يصرخ لرفع الظلم، وهناك من يُصفق ليختلط الحابل بالنابل. هناك مَن لا يرى إلا الوجه المعيشي للأزمة، وهناك مَنْ ينظر إلى وجهها الخارجي وأدواتها المزروعة في الحراكات».

أضاف «قد يحتاج المرء إلى الصبر لأنّ أمراً خارجياً بالفوضى قد أُخذ، وأنّ أجهزة مخابرات تلعب بالناس لعبة الشارع، أو أنّ قوى تريد تصفية حساباتها مع قوى أخرى فتدفع الناس إلى هذا الأتون. وقد يحتاج المرء أن ينتفض ويقلب الطاولة على رؤوس الحاكمين الفاسدين ودولة العار».

وأشار إلى أنّ «استعصاء هذه الأزمة هي أن يكون إسقاط الحكومة مشكلة لأنها مطلب أميركي سعودي سيؤدي إلى تعميق الأزمات أكثر، وسيغدو البلد على إثرها مكشوفاً أكثر، ولا سلطة لتأخذ قررات. حينها يصبح الجميع في مهبّ الرياح التي تتحرك من كلّ اتجاه. وبقاء الحكومة بهذه السياسات الفجة الوقحة وبهذه العقلية التي تعكس تواطؤاً على الشعب وإذلالاً له مشكلة أيضاً. فماذا يفعل الناس؟ يصبرون والصبر مرّ! ينتفضون والانتفاضة قد تسوقهم إلى غير ما يأملون من حياة كريمة وإصلاح عيش وانتظام مؤسسات. فماذا يفعل الشعب؟ ولا قائد في حراكاتهم يثقون به ليسيروا خلفه. نحن في لعنة هذه اللحظة. والبلد في حالة تآكل تامة. ومعظم المسؤولين رعناء، والتبعية للخارج خيار قوى لديها جمهورها الواسع، والطائفية حاضرة في كلّ ساح. ثم هل ما يجري مؤامرة على العهد، أم أنه أخطاء فريق العهد يستغلها الخصوم في الداخل والأعداء في الخارج؟»

كما سأل «هل ما يجري له صلة بالتطورات في سورية فيحضر من يريد أن يطفئ النار هناك ليشعل النار هنا؟ هل للأمر صلة بالكيان الصهيوني الذي يسعى لتضييق الخناق أكثر على المقاومة وإحراجها اجتماعياً ؟».

ورأى أن «أزمتنا قاتلة والطغمة الحاكمة تواصل النهب والاستخفاف بالناس .النكبة عامة والمأساة عميقة والشعب هو الضحية .قد يقول قائل: قد يتطلب الأمر مغامرة ، ولو كان ما ينتظرنا فعلاً هو المجهول. لما لا؟ أن نُترك للقدر ، حتماً، أفضل من أن نُترك لقاطعي الأرزاق والكرامات .قد يكون هذا المشهد ، قصاصاً لنا جميعاً ولكن ربما لقائل أن يقول «إذا هبتم شيئاً فقعوا فيه».

واعتبر الناشط السياسي والخبير المالي أحمد بهجة أنّ اللبنانيين المتواجدين في الساحات على امتداد مساحات الوطن لديهم مطالب محقة ومشروعة، لكن لا بدّ من تنظيم هذه التجمّعات وتشكيل قيادة لهذا التحرك من خبراء اقتصاديين وماليين وحقوقيون وأساتذة جامعات، وذلك لتوحيد المطالب وبلورتها بصيغ محدّدة ثم التواصل مع أركان السلطة على أساسه».

واقترح توحيد المطالب تحت عناوين أبرزها «الإبقاء على هذه الحكومة مع تعديل وزاري بتخفيض عدد الوزراء إلى 20 وزيراً، رفع السرية المصرفية عن جميع المشاركين في السلطة منذ العام 1990 مع جميع أفراد عائلاتهم، إقرار قانون استرداد الأموال المنهوبة، تشكيل لجنة من قضاة وأمنيين وخبراء مشهود بكفاءتهم للإشراف على استرداد الأموال المنهوبة، استعادة الأملاك البحرية والنهرية، مطالبة الرؤساء والمسؤولين بالتقشف من خلال تخفيض عدد المستشارين والمنتفعين، والتخفيف من السفرات إلى الخارج إلا في حالات الضرورة وبوفود مختصرة جداً، تخفيض عدد النواب إلى الحدّ الأدنى الممكن، وتخفيض مخصّصاتهم وامتيازاتهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى