الحراك والإرتباك العابر للأحزاب ولكن…!
نضال حمادة
تعا ولا تجي.. أغنية فيروز.. التي تنطبق على حال الجميع في لبنان الذين كانوا يتوقعون انفجار الشارع، ولكنهم ما أرادوا تصديق توقعاتهم. وعندما حصل الانفجار لم يصدّقوا أعينهم وأصاب القوم الارتباك فتهافتوا يؤيدون الحراك الموجّه ضدهم ويسمّيهم بالأسماء…
التتمة ص8
لا شك في أن الجميع حالياً في حالة ارتباك وضياع. وهذا ناتج عن حالة رعب لدى جميع مَن في السلطة من أن تذهب الأحداث الى المحاسبة او المواجهة. وبكلتا الحالتين هم الخاسرون باستثناء حزب الله المربك، ولكن بسبب عامل آخر غير الخوف لكونه ليس في سلطة تقاسم الثروة، بل هو بأموال إيران التي يصرفها في البلد يأتي بثروة كبيرة كانت أم صغيرة، لكنه يأتي بها..
يأتي إرباك حزب الله هنا بسبب الزخم المتصاعد للحراك منذ أسبوع مع تواجد الكثير من مناصريه في الشارع ومن جميع الطوائف. ومع بدء تكشف تحركات منظمة تشير الى وجود جهات تحاول أن تدخل على الحراك أو هي داخله من الأساس.
لحدّ الآن هناك عدم إلمام بالتفاصيل وبالتالي هنا موضع الارتباك…
السبب الثاني لإرباك الحزب أنّ حلفاءه في التركيبة السياسية وفي حلبات الكباش والصراع الاستراتيجي هم في قائمة اللائحة التي يطالب الحراك باستقالتها كمرحلة أولى، وربما محاسبتها في ما بعد. هنا لا جدوى من الدفاع عن أحد في ملف الفساد، ولكن هذا «الأحد» هو حليف وظهير في معركة الوجود، شئنا أم أبينا، وبالتالي لا يمكن السماح بسقوطه.
سبب آخر يزيد الإرباك هو استمرار المظاهرات في العراق، والدعوة الى تظاهرات كبيرة يوم الجمعة.. لبنان والعراق في أوج مظاهرات مطلبية بالواجهة، ولكنها تنادي بطرد إيران وإسقاط الحكومة الحليفة لها. وفي لبنان بدأت الأصوات تشير الى المقاومة وسلاحها.
هنا نظريّة الذراعين في استراتيجية المحور في حالة غليان شعبي مطلبي محقّ في مطلبيته الاجتماعية، ولكنه يحمل فوضى كبيرة جعلته مطية لكلّ جهاز وسفارة ومخرّب.
أرأيتم نموذج السيد مقتدى الصدر في العراق؟
زد على ذلك سورية التي تقع بين الذراعين…
ولأنّ ليس كلّ شيء سلبي بالمطلق، فإنّ من حسنات ما يحصل أنّ حزب الله ظهر المؤسسة الوحيدة في البلد. والتي ظهر من خلال الحراك أنّ غالبية الناس تعوّل على الحزب وأمينه العام كثيراً كلّ بحسب مطلبه. إلا أنّ النظرة العامة في الشارع إيجابيّة الى حدّ كبير نحو حزب الله. وهذا يمنحه حرية حركة أكبر، ولكن يحمّله من حيث لا يريد ولا يرغب مسؤولية أكبر.
لم يكن أمام حزب الله إلا اتخاذ الموقف الذي اتخذه من دعم للعهد وحماية للحلفاء بانتظار كشف خيوط ما يجري واستشراف التطوّرات ليس في لبنان فقط، ولكن في العراق. هنا وجد حزب الله نفسه طبيباً عليه ثلاث مسؤوليات لدى حلفائه قبل النظر الى أعدائه. وهذه المسؤوليات هي كما يلي:
يعمل حزب الله على إعطاء جرعات فيتامين لأحد أطراف حلفه ليقف على رجليه ولا يخاف، وجرعات تهدئة لطرف حليف آخر حتى لا يخطئ التصرّف في الشارع وتسيل الدماء لا سمح الله، ويراقب الطرف الثالث الذي قد يغادر البلد بفعل ضغوط أميركية سعودية فرنسية أياً كانت ويعلن استقالته تاركاً الجميع في الفوضى، هذا احتمال وارد مهما قلّت نسبته… كلنا نذكر استقالة عمر كرامي عام 2005.