مرآة المستقبل…

ستبقى الجواهر فحماً في يد الفحّامين، وكذلك العلم الذي لا يسخّر لخدمة البشرية ستبقى بصماته السوداء تعكس العقلية الحاكمة له..

كل ثانية في عالم التكنولوجيا تساوي أثقالها ذهباً هذه الأيام حيث تنفق المليارات على تطورات التكنولوجيا والتي بدورها ستجعل من حياة الإنسان في المستقبل أكثر يسراً وسهولة ورفاهية..

يقول نيتشه: «إنّ العوام يعتنقون معتقداتهم بدون براهين بل يكفي أن تملى عليهم ليؤمنوا بها». البرهان الحالي الوحيد أنّ المستقبل لا يرحم ولا يرأف بحال من لا يطوّر نفسه، بل سرعان ما يطويه في ذاكرة الماضي.

من منّا يتذكر «بلاك بيري» أو «نوكيا» ومن يتذكر «كوداك».. فالأخيرة كان لديها عام 1998 نحو 170 ألف موظف، وتستحوذ على 85 من سوق الفوتوغرافيا في العالم، ولكن أين هي الآن بعد الثورة التي حدثت في التصوير والديجتال، وانتهى عصر التصوير الورقي الكامل؟

ما حدث لـ «كوداك» سيحدث لعشرات، بل مئات الشركات خلال السنوات العشر المقبلة، بسبب التطور الذي يحدث حالياً في الذكاء الاصطناعي للكمبيوتر والذي يشمل الكثير من مجالات الحياة كالصحة والزراعة والتعليم وغيرها الكثير. في المستقبل أكثر من 80 من الوظائف الموجودة حالياً ستختفي، فنصيحة لكل الشباب قبل أن تقدموا على دراسة تخصّص معين اسألوا أنفسكم، هل هذا التخصص سيكون موجوداً في المستقبل أم لا، وإن كان التخصص غير قابل التطبيق على الجوال فلا خوف عليه.

في عام 2030 هناك توقعات بأن يتفوّق الكمبيوتر على البشر في جميع مجالات الحياة.

نصف ما نحلم به يبدو أنه سيتحقق في المستقبل القريب. في أميركا نفسها، بعدما تمّ تطوير برنامج «واطسون» الذي يقدم استشارات قانونية بدقة تتجاوز 90 ، لن يكون هناك حاجة لأكثر من 10 من المحامين الموجودين حالياً، وكاستشاريين فقط. حتّى أنّ هذا البرنامج متخصّص أيضاً في الاستشارات الطبيّة، وأصبح يشخّص السرطان بدقة أكثر أربعة أضعاف من العامل البشري.

الذكاء الاصطناعي في الروبوتات سينمو بشكل رهيب فهل تتخيّل أن سيارتك ستصبح «روبوت»، تتحدث إليها وتناقش معها أفضل الطرق لسلكها، وعندما ترغب في «ركن» سيارتك ستقول لها: «اركني نفسك». النساء هنّ مَن سيفرحنَ لهذا الخبر أكثر من الرجال والله لنكيّف .

عندما تتسع دائرة الاطلاع، نجد أنها الرغبة نفسها في تنقية المناخ النفسي للإنسان وذلك بجعل حياته تبدو أسهل.

إنها بداية استرجاع مستوى التوازن الذي قلّما يتحقق لإنسان لم تطحنه رحى الوقت. يكفي هنا، يكفي أن يكون العلم معادلاً للمُرطّب الذي يزيل مخلفات زمن الجفاف..

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى