تصعيد «النصرة» يضع حرب القلمون في الواجهة… ويسقط خطة «الدلع»
كتب المحرر السياسي:
اشتعلت جبهة جرود القلمون من بوابة رأس بعلبك، وسط مناخات إقليمية متسارعة نحو الخروج من خطط الحرب على سورية، سواء عبر المبادرة الروسية التي تحظى ضمناً بدعم واشنطن وتأييد المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، أو بالإنجازات العسكرية التي يحققها الجيش السوري، خصوصاً في الشمال السوري، ويستعدّ لتحقيق المزيد منها، وفيما تصاعد الضوء على المبادرة الروسية صارت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تركيا حدثاً موازياً ومتصلاً، بعدما ترك الجميع للرئيس بوتين إنضاج تفاصيل المبادرة، في ضوء محادثاته مع القيادة السورية من جهة، ودرجة استعداد الدول المتورّطة في هذه الحرب للمشاركة في مجموعة أصدقاء الحلّ في سورية، من جهة أخرى، وبالتالي التزامهم بتطبيق موجبات قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالحرب على الإرهاب، بإقفال الحدود أمام السلاح والمال والرجال، والفصل بين حرب انتهت على سورية وحرب تبدأ ضدّ الإرهاب.
عرض الرئيس بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف مع الوزير وليد المعلم والوفد السوري الفرضيات المختلفة، للمشاركة في التشاور حولها، بانتظار إتمام زيارته إلى أنقرة، على أن تتمّ العودة إلى التشاور بعد نهاية الزيارة، فكانت الزيارة السريعة لنائب وزير الخارجية السورية فيصل المقداد إلى موسكو، كما علمت «البناء» لهذا الغرض.
ما عرضه بوتين في موسكو، وما قاله في أنقرة يثلج صدور السوريين، وليس صحيحاً الحديث عن تباينات وخلافات وحسابات متضاربة لكلّ من موسكو ودمشق، تجاه حلّ سياسي تتبناه موسكو وميل إلى الحسم العسكري يهيمن على تفكير دمشق، هذا ما تحققت منه «البناء» في ضوء المعلومات المتداولة عن ربط عودة المقداد إلى موسكو باعتراضات على ما تقدمت به موسكو.
زيارة المعلم والوفد المرافق كانت ناجحة جداً وبكلّ المقاييس، سواء في ما يتصل بمقاربة مستقبل الأزمة السورية، أو ما يتصل بالعلاقات الثنائية، وقوة الموقف الروسي من مشروع الهيمنة الأميركي الذي تعاني منه سورية وروسيا ودول كثيرة في العالم على قدم المساواة، ولم يعد الأمر في هذه المواجهة تضامناً من أحد مع أحد، بل تكامل في حلف عالمي محوره حماية القرار المستقلّ للدول ذات السيادة في وجه مشروع الهيمنة.
في قلب هذا المناخ الدولي الإقليمي المتبدّل لمصلحة سورية سياسياً وعسكرياً، تترنّح الحكومة «الإسرائيلية»، وفقاً لمعادلة «الفقار بيولّد النقار»، فنتنياهو كما خصومه لا يملكون خطة حرب ولا خطة سلام، والأرجح وفقاً للمراقبين، أن تجلب الانتخابات المبكرة المزيد من الكتل الصغيرة، وتجعل قرارات الحرب والسلم أشدّ تعقيداً، وتهمّش الحكومة لحساب الشارع وقطعان المستوطنين.
في لبنان استعدادات لحوار تيار المستقبل وحزب الله، يقطعها التصعيد الذي قامت به «جبهة النصرة» في جرود القلمون نحو رأس بعلبك واستهداف دورية للجيش اللبناني، ما أدى إلى سقوط أغلب عناصرها شهداء، ووضع الدولة وجيشها أمام استحقاق المواجهة بعد رحلة «دلع» طويلة، فالجنرال ثلج هو من يقرّر ساعة الصفر وليس التمنيات، ومجموعات من مئات المسلحين في الجرود، لن يتمكنوا من انتظار قطع الطرقات بالثلوج ومحاصرتهم داخل المغاور والكهوف ليموتوا متجمّدين، وسيحاولون فرض أمر واقع يحسّن وضعهم التفاوضي، ولا فرص جدية لمفاوضات مجدية في الأفق قبل حسم هذه الجولة وهزيمة هذا الوهم، فيفاوض المحاصرون بعد هزيمتهم، على انسحاب آمن إلى بلد يختارونه ويتركون العسكريين المخطوفين كما جرى مع مسلحي أعزاز من قبل.
وفيما هدأت داخلياً قضية العسكريين المخطوفين، برز تطور عسكري خطير تمثل في نصب الإرهابيين كميناً مسلحاً لدورية للجيش في منطقة جرود رأس بعلبك أثناء قيامها بمهمّة مراقبة، ما أدى إلى استشهاد 6 عسكريين وجريح في حال الخطر بحسب بيان صادر عن مديرية التوجيه.
ومساء استهدف الجيش أماكن تواجد المسلحين في جرود عرسال بعدما حاولوا التسلل باتجاه مراكزه في وادي عطا.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن المسلحين كانوا يحضرون للهجوم على رأس بعلبك لتعزيز مواقعهم الميدانية بعد عرسال»، لافتة إلى «أن هناك مجموعات إرهابية متطرفة تعيش في الجرود، وتحاول أن يكون لها خطوط إمداد سليمة لتأمين المؤن، ولذلك يريدون منع الجيش من القيام بدوريات في بعلبك».
وأشارت المصادر إلى أن ما جرى أمس في الجرود «هو استمرار للضغط على الجيش الذي لم يتوقف، وفي سياق المواجهة التي حصلت من قبل الإرهابيين ضده في عرسال وبريتال»، لافتة إلى «أن هذه الأعمال الإرهابية ضد الجيش لن تتوقف طالما أن الحكومة غير مستعدة للتنسيق مع الجيش السوري لأخذ القرار بتطهير الجرود من الإرهابيين».
كما تأتي هذه العملية العسكرية، بعد الكشف عن توقيف الجيش زوجة أمير «داعش» سجى الدليمي على حاجز المدفون، ثم توقيف زوجة المسؤول في «جبهة النصرة» أنس شركس المعروف بـ «أبو علي الشيشاني» مع شقيقها راكان، في منطقة حيلان زغرتا. وأفيد أن أنس له علاقة بقضية العسكريين المخطوفين.
ورداً على هذه التوقيفات، نقلت «وكالة الأناضول» عن مصادر «جبهة النصرة» أن «الحكومة اللبنانية أظهرت ضعفها باعتقال النساء والأطفال»، لافتة إلى «أننا حاولنا مراراً فتح باب المفاوضات في شأن العسكريين الأسرى لدينا، لكن الجيش اللبناني لم يتجاوب».
وأشارت إلى «أننا لن نكتفي بإعدام الجندي محمد حمية أو قتل كل العسكريين انتقاماً لكل عرض انتُهك أو طفل ذُبح أو شُرد»، لافتة إلى أن «العسكريين اللبنانيين لدينا أسرى حرب».
الأمن العام: مصير الرفاعي مرتبط بالمخطوفين
إلى ذلك نفت المديرية العامة للأمن العام ما تردد عن أنها سلّمت الموقوف لديها العقيد المنشقّ عبد الله حسين الرفاعي قائد تشكيل عسكري تابع لما يُسمّى «الجيش السوري الحرّ» في القلمون إلى حزب الله لمقايضته وشخصين آخرين موقوفين لديه، لتحرير الأسير عماد عيّاد من الجيش المذكور.
وأكدت المديرية في بيان أن الرفاعي لا يزال موقوفاً في الأمن العام، لافتاً إلى انه «على عكس كل ما نشر، فإنّ مصير العقيد المنشقّ الرفاعي مرتبط بمجرى المفاوضات الهادفة إلى إطلاق العسكريين المخطوفين».
ومن بلجيكا التي يواصل زيارتها، تمنّى رئيس الحكومة تمام سلام على أمير قطر تميم بن حمد «تفعيل الوساطة القطرية لمساعدة الحكومة اللبنانية على تحرير العسكريين ورفع المعاناة عن أهاليهم»، وذلك في اتصال هاتفي في إطار متابعته ملف العسكريين المخطوفين ودور الوسيط القطري.
وأعرب أمير قطر، من جهته، للرئيس سلام عن اهتمامه الشديد بمساعدة لبنان واللبنانيين في هذه المحنة، وأبلغه أنه سيعطي تعليمات فورية للمولجين بهذا الملف بمتابعته.
«التقدمي» مع مختلط بري وملاحظاته على الدوائر
في الشأن النيابي، تعقد لجنة التواصل النيابية اجتماعاً في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في مجلس النواب برئاسة النائب روبير غانم، لمتابعة درس اقتراح قانون الانتخاب المقدم من النائب علي بزي.
وأكدت مصادر نيابية لـ«البناء» أن الحزب التقدمي الاشتراكي في اللجنة النائب مروان حمادة، سيكون خارج اصطفاف «المستقبل» «القوات اللبنانية» في الاجتماع، فالنائب وليد جنبلاط أبدى استعداده للسير بصيغة 64 /64 المقدمة من بزي، وأن ملاحظاته تقتصر على توزيع الدوائر وهي قيد الدرس.
في الأثناء واصل «تكتل التغيير والإصلاح» حملته على التمديد للمجلس النيابي، وأكد بعد اجتماعه أمس، أنه «سيسلك كل وسيلة متاحة في الوثيقة والدستور والسياسة لوضع حد لهذا الانقلاب على الدستور الذي يترافق مع فساد سلطوي بامتياز قبل أي شي آخر». واعتبر «أن أي مطالبة حصلت بإجراء الانتخاب الرئاسي قبل تصحيح الوضع الدستوري والميثاقي وفقاً لما سبق، إنما تهدف إلى منع الاستحقاقين من الحصول، فتكتمل حلقة الاستئثار بالسلطة من هذه الأكثرية واستهداف المواقع الميثاقية».
أجواء التحضيرات للحوار إيجابية
في غضون ذلك، أكدت مصادر عين التينة لـ«البناء» أن «أجواء التحضيرات للحوار بين تيار المستقبل وحزب الله ايجابية»، مشيرة إلى لقاء جديد سيعقد في الساعات القليلة المقبلة بين وزير المال علي حسن خليل ومستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري لبلورة نهائية لجدول الأعمال ووضع اللمسات الأخيرة عليه من قبل الفريقين تمهيداً لعرضه في شكل نهائي، في جلسة الحوار الأولى التي قدّم موعدها إلى منتصف الشهر الجاري في عين التينة بين نادر الحريري والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل برئاسة الرئيس نبيه بري».
وفي السياق، اعتبرت كتلة المستقبل أن «المبادرة التي أعلن عنها الرئيس الحريري لناحية تأكيد الاستعداد للحوار مع «حزب الله» من شأنها تبريد الاحتقان والإفساح في المجال للبحث في سبل التوافق لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لتجاوز حالة الشغور في موقع الرئاسة الأولى».