هوامش لكلمات الوزير السابق شربل نحاس
حليم فياض
أطلّ السيد شربل نحاس على اللبنانيين من ميدان رياض الصلح في بيروت فعرض وجهة نظره في الحراك الشعبي الذي يشهده لبنان منذ حوالى عشرة أيام.
لسنا في إطار تحليل الحراك وأسبابه وتركيبته بل في محاولة لقراءة وفهم ما يطلبه المحتجّون على الأوضاع في لبنان وأحقية مطالبهم. لكن ما عرضه الوزير السابق شربل نحاس من نقاط يستدعي التوقّف عنده.
المنطلق الذي يبني عليه مجمل الحلول التي يطرحها هو أنّ السلطة سقطت في الشارع. لكنه لا يحدّد من هي السلطة. فهل هي الحكومة، مجلس النوّاب، رئاسة الجمهورية؟ الموضوع مبهم.
ثانياً، بناء على ذلك يطالب بحكومة انتقالية لها سلطات تشريعية تقوم بسنّ عدد من القوانين التي ليست موضوع بحث ونقاش والتي تحظى بشبه إجماع شعبي، أيّ قانون انتخابات جديدة ورفع الحصانات لاسترجاع الأموال المنهوبة. لكن السؤال الذي بادرنا هو من يشكّل تلك الحكومة؟ ليس من الواضح في طرح الوزير السابق آليات الوصول إلى تلك الحكومة. فإذا السلطة سقطت فكيف يمكن الطلب منها تسمية حكومة جديدة بأسماء جديدة؟ هل يدعو إلى تشكيل حكومة خارج الأطر الدستورية؟ إذا كان ذلك صحيحاً أليس من الأجدى طرح جمعية تأسيسية جديدة منبثقة عن القوى التي تواجدت في مختلف ميادين المدن اللبنانية وصوغ مشروع دستور جديد يفرز سلطة جديدة وبالتالي الحكومة المنشودة التي تقوم بالإصلاحات المطلوبة؟ لكنه لم يطرح ذلك. كما أنه لا يستطيع طرح ذلك ولا يستطيع تحقيقه!
ثالثا، هل يتوقع أن يقوم بمجلس النوّاب بانتحار جماعي ويسنّ قانون تحت ضغط الشارع يلغي من خلاله سيطرة البيوت السياسية في لبنان بغضّ النظر عن رأينا بها؟ هل درس بشكل دقيق موازين القوى للنظام والسلطة المنبثقة عن ذلك النظام؟ هل يدري مدى قوّة وتجذّر النظام؟ وهل يعتقد أنّ بعض الشباب الملتفّ حوله لهم القدرة على قلب الطاولة على النظام؟ هل يعتقد أنّ هؤلاء هم من يمثّلون الشعب اللبناني بكافة مكوّناته؟
ما يطلبه الوزير السابق هو ثورة دون الإعلان عنها لأنها تخيف الجميع بمن فيهم المتظاهرون. يمكن التنبّؤ حول بداية الثورة ولكن ليس هناك من يستطيع أن يقول كيف ستنتهي…
قراءة سريعة لمجمل الحراك الشعبي في مختلف الأقطار العربية التي طالبت بإسقاط النظام تفيد أنّ كلّ ما استطاعت الحصول عليه هو إسقاط بعض الرموز التي ضحّى بها القيّمون على النظام أو ما يُسمّى بالدولة العميقة.
البلدان اللذان سقط فيهما النظام هما: العراق وذلك بسبب الاحتلال وليبيا بسبب عدوان الحلف الأطلسي وما أفرزه من فوضى لا خلاّقة ولا من يحزنون!
رابعاً، اعترض الوزير نحاس على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. فاختلف معه في منطلق الكلام وبالتالي في الخلاصات. هذا حقّه ولكن هذا لا يعني أنه مصيب. فهو يعتقد أنّ الحكومة الانتقالية هي التي ستمنع الفراغ ولكنه لم يتكلّم عن آلية تشكيل تلك الحكومة وشرعيتها الدستورية التي اعتبرها «ساقطة»!
يبقى كلام السيد الكلام المعقول والمنطقي والدقيق ويصبح كلام الوزير السابق من التمنيّات الطيّبة ولكن غير مرتبطة بتحليل واقعي للمشهد السياسي وموازين القوّة.
أخطر ما يمكن أن يحصل هو المراهقة السياسية التي تطيح بآمال الجماهير المنتفضة وتسبّب الإحباط واليأس عبر الطروحات غير الواقعية والمنطقية رغم ادّعاء العكس.
خامسا، كنّا نتمنّى أن يردّ الوزير السابق شربل نحاس على بعض الشعارات المرفوعة في بعض الأماكن والتي تطالب بإنهاء سلاح المقاومة. كما كنّا نتمنّى أن يحذّر من استغلال الحراك الشعبي لأجندات السفارات المعروفة. كنّا نتمنّى أن يقول لنا كيف تمّ تمويل عدد من النشاطات داخل الحراك الشعبي، من نقل المتظاهرين، إلى إطعامهم، إلى نصب الخيم، إلخ… والتي تبقيهم في الشارع إلى أجل غير مسمّى؟
أخيراً، استغربنا خطابه الذي قرأه ولم يرتجله، لكن قرأه بالعامية. هل للإيحاء أنه من الشعب وأنّ الشعب لا يفهم الفصحى؟ لماذا يتكلّم السيد حسن نصر الله بالفصحى والجميع يفهمه، ولماذا يخاطب رئيس الجمهورية بالفصحى والوزير السابق يتكلّم فقط بالعامية؟
معتصم غادر الساحات