إعصارٌ من سكونٍ «يَكتُبُنا»..
يا رعاةَ السّهول، يا شيوخَ الجبال، يا رهبانَ الصّوامع، بكم عرفنا الزّورقَ عندما يَغْضبُ النّهر،
بكم عَرفنا السّفينة عندما يشتدُّ الطّوفان..
بكم عرفنا أن لا وطنَ بلا ترابٍ وهواء !
ويا أيّتها الصّبايا،
صبايا السَّلسبيل والسّاقية والنّهر،
عندما تغني العيون النّاضبة،
عندما تطربُ المروج الغاضبة،
وبرغم الخَفافيش – سوف ترينَ – أجيالنا الزّاخمة الآتيه قناديل من نورٍ وحبور تضيء أمامَها دروبَ التّاريخ !!
الأحذيةُ تقرعُ الطّريق، تلتَهِمها الدّروب، وحيناً هي تلتهمُ الدروبَ، ولكن واحسرتاه.. تَخْترقُها أحياناً جَزماتُ لصّ متربّصٍ، تَنْتَحِلُ صِفتها، وعند ذلك يصيح السّؤال من أعماق الطّريق:
مَن أوّلُ قاطعِ طريقٍ في الكون؟؟!!
آه وألف آه..
وبعدَ أن كنّا نبكي على أخوات كان الأسيرة، صِرنَ يبكينَ علينا..
جميعُنا يَبكي اليوم،
في الشّرق والغرب يَبكي علينا !!
هل أسمحُ لنفسي أن أسْأل: لماذا؟
آه..
إنّهم يلوّثونَ شهيقنا فحيحاً..
وترابَنا ثقافةَ غزوٍ متربّص !!
فتعالوا نزرع الهواءَ إعصاراً من سكون، والثّقافة ناراً من نور، فإذا ما تسلَّلت بين قلوبنا غوغاءُ خفافيشَ، دَفعْناها بعمودينِ من نارٍ ونَهار..
وكما رَصَفْنا القلوبَ طريقاً إلى الوطن، سَنرصفها – وكما الآباء – طريقاً من سلامٍ ومحبة وحضارة إلى الكون !!
سَنزرعُ كل حرفِ وصلٍ..
كل كلمةٍ جامعة..
كل نبض قلب..
جيلاً جديداً..
وكما الشّمس لوّنت أرضنا بالأخضر..
سَنزرعُ هذا الأخضر في دفتر المستقبل،
وروداً وزقزقةً وحبوراً وحضارةً.
د. سحر أحمد علي الحارة