لعنة المحاصصة!!

السرقة خطيئة لا شك، ولولا أنّ الله كرهها ما وضع فيها حداً، ولكن السارق الحقيقي ليس ذاك الذي يسرق رغيفاً ليأكله، وإنما هو ذاك الثري الجشع الذي سرق رغيف الفقير فاضطره للسرقة.

اللصوص الحقيقيّون ليسوا أولئك الذين ليس لهم وسيلة إلّا هذا. هم خاطئون لا جدال في الأمر، وإنما هناك من هم أكثر خطأ ألا وهم الذين سرقوا حياة الناس وأعمارهم وأرزاقهم وداسوا الفقراء البسطاء بأرجلهم، هؤلاء أولى بقطع أيديهم… الحكومة اليابانية يعد وزراؤها الأكثر استقالة بين حكومات العالم، على أشياء نعتبرها في عالمنا العربي سخافات ولا تستحق النقاش حولها. وزير التعليم استقال بعد أن مزّق طلاب المدارس اليابانية الكتب مع نهاية العام الدراسي، محمّلاً نفسه المسؤولية، إذ لم يستطع جعل الطلاب يحترمون الكتاب! وقدّم وزير النقل الياباني استقالته بعد أربعة أيام من تعيينه، بسبب تصريحات مثيرة تسببت بأذى لمشاعر بعض السكان، حيث وصفت اليابان بأنها أمة «متجانسة عرقياً»، مما تسبب في أذى مشاعر السكان الأصليين الذين عانوا طويلاً من التمييز. سيّان بين وزرائنا ووزرائهم.. نعم فوزراؤهم شغلهم الشاغل شعور المواطن وعدم المساس بكرامته. أما في الوطن العربي يمنح الوزير أقاربه رتباً عسكرية بلا كليّة عسكرية، يكفي أنه درس للثانوية العامة وقادر على فك الخط! لم نسمع بوزير عربي قدّم استقالته لأنّ بعض تصرفاته خدشت مشاعر المواطنين. لو جاء أحدهم إلى الجامعات في آخر يوم من العام الدراسي وشاهد كيف المحاضرات والكتب تفترش أرصفة الكليات لأدرك كم التعليم بخير! لم نسمع بأحد الوزراء العرب طلب بثاً مباشراً ليعتذر عن سبب تقصيره في مفصل ما من مفاصل عمله! كان الأديب الإنكليزي الساخر برنارد شو صديقاً لرئيس الوزراء ونستون تشرشل وكان برنارد شو نحيلاً جداً، بينما كان تشرشل يعاني من فرط السُمنة، وفي أحد الأيام قال له تشرشل: «مَن يراك يعتقد أنّ في إنجلترا مجاعة». فردّ برنارد شو: «ومن يراك يعتقد أنك سبب المجاعة».. لذلك ننصح الأكثرية بالتواري عن كاميرات التصوير حتّى لا نتهمهم بسرقة أموال البلد وكوارثه الجليلة! تُرى هل ستؤثر فيهم وسترهبهم أفعال وزراء اليابان! هل سيدركون أنهم يتحملون الوزر الأكبر بأن جعلوا الشعب ضحية لمصالحهم الشخصية! يبدو أنه لا بدّ من المحاصصة وقد أصابتنا لعنة التقاسم! ذات الإبرة التي تخيط ثوب العرس تخيط الكفن! ارأفوا بحال هذا البلد.

صباح برجس العلي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى