اتساع رقعة الاحتجاجات في بيروت والمحافطات وإقفال المزيد من المؤسسات بالتظاهرات الطلاّبية
اتسعت أمس، رقعة الاحتجاجات والمؤسسات العامة والخاصة التي أقفلها طلاب الجامعات والمدارس، من خلال التظاهر والاعتصام أمامها، من دون تسجيل أيّ حوادث تعكّر صفو الأمن.
بيروت
في العاصمة، احتشد طلاب من مختلف المدارس أمام وزارة التربية في الأونيسكو، حيث أُقفلت الطريق بشكل كامل وتمّ تحويل السير إلى معابر فرعية وسط حضور لافت لعناصر قوى الامن الداخلي ومكافحة الشغب والجيش اللبناني، وقد رفع الطلاب الأعلام اللبنانية ويافطات تطالب باستحداث مدارس رسمية وتندّد بارتفاع الأقساط في المدارس الخاصة.
وحاول عدد من الطلاب الدخول عنوة الى مبنى الوزارة لإقفال المكاتب وإخراج الموظفين فتصدت لهم قوة من مكافحة الشغب فعادوا إلى الشارع.
كما اعتصمت مجموعة من المحتجين أمام مبنى ديوان المحاسبة في فردان بعدما كانت انطلقت في مسيرة من برج المرّ، وأقفلت المدخل الرئيسي للمبنى حاملة الأعلام اللبنانية.
وتجمّع عدد من طلاب جامعة LAU في منطقة قريطم في بيروت عند مدخل الجامعة في محاولة منهم للضغط على إدارة الجامعة لإقفال ابوابها، وقد عمدوا إلى قطع الطريق المؤدي إلى الجامعة وانضمّ إليهم طلاب من جامعات أخرى تأييداً لهم.
كما انطلقت تظاهرة من كلية الفنون الجميلة – الفرع الثاني في فرن الشباك، للانضمام الى المعتصمين في الجامعة اليسوعية في هوفلان، والتي شارك فيها طلاب جامعات سيدة اللويزة، الكسليك، الحكمة والبلمند.
وتجمّع طلاب الجامعة اللبنانية في الحدث في حرم الجامعة، وأنشدوا النشيد الوطني رافعين الأعلام اللبنانية ومطلقين هتافات تطالب بإعادة تفعيل دور الجامعة اللبنانية كمؤسسة لانتاج وممارسة وتعليم البحث العلمي . ثم توجهوا إلى مركز ليبان بوست ورفعوا نعشاً أسود كُتب عليه هنا ترقد أحلام الشباب اللبناني .
وتجمّع متظاهرون أمام مبنى بلدية بيروت في الوسط التجاري. كما تجمّع محتجون أمام منزل الرئيس فؤاد السنيورة في الحمرا، ثم انتقلوا إلى أمام منزل وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمد شقير.
من جهة أخرى، حصل تلاسن بين القوى الأمنية والمتظاهرين حول حق التظاهر أمام مؤسسة كهرباء لبنان في منطقة مار مخايل النهر، حيث حصل بعض التدافع بين القوى الأمنية والمتظاهرين على مدخل المؤسسة من الجهة البحرية، محاولين منع الموظفين من الخروج من المؤسسة.
وأكد المعتصمون أنّ المؤسسة كانت أقفلت أبوابها ثلاثة أشهر من قبل الموظفين لتحصيل حقوقهم، يحق لنا اليوم أن نقفل المؤسسة من أجل الوطن .
وقرابة الظهر، سمح المتظاهرون للموظفين بالخروج من المؤسسة.
الجنوب والنبطيّة
وفي الجنوب نفّذ طلاب الثانويات في مرجعيون اعتصاماً أمام السراي الحكومي في جديدة مرجعيون، مطالبين بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين واحتجاجاً على الأوضاع المعيشية الصعبة، وهتفوا بشعارات طالبت باستعادة الأموال المنهوبة منشدين أغاني وطنية. وواكبتهم القوى الأمنية من مخفر مرجعيون وشرطة البلدية والجيش.
وتواصل التحرك الطالبي في مدينة صيدا ما بين ساحة إيليا وشوارع المدينة، حيث انطلق الطلاب بتظاهرة حاشدة من مختلف المدارس والمعاهد والجامعات في صيدا وجابت شوارع المدينة، متوقفين أمام مرافق عدة ولا سيما شركة الكهرباء و أوجيرو وعدد من المصارف.
وانطلقت مسيرة طلابية باتجاه ساحة إيليا، رفضاً لقرار معاودة الدراسة ودعماً لمطالب الحراك وحفظ حقوقهم كطلاب.
وفي صور، تجمّع طلاب الجامعات والثانويات أمام الجامعة اللبنانية الدولية في منطقة العباسيّة ثم توجهوا إلى ساحة العلم في صور للاعتصام والتظاهر وللمطالبة بحقوق الطلاب والشعب.
وقرع عدد من النسوة والشابات المشاركات في حراك ساحة العلم، على الطناجر لإيصال صوتهن إلى أبعد مدى. كما أضاءت الأمهات المشاركات في ساحة العلم الشموع، تضامناً مع «حملة جنسيتي كرامتي»، وطالبن بإعطاء الجنسية لأولادهن والعمل على إقرار مشروع قرار يعطي الجنسية لأبناء الام اللبنانية، أسوة ببقية امهات دول العالم والذي هو حق لهن.
واعتصم عدد من طلاب الجامعات والثانويات في مدينة حاصبيا في ساحة السراي الشهابية، جاؤوا من كافة قرى القضاء، حاملين الأعلام اللبنانية، منددين بالأوضاع الاقتصادية والمعيشة السيئة التي تمرّ بها البلاد.
وتجمّع عدد من طلاب الجامعات والثانويات في النبطية في شارع الجامعات، حاملين الأعلام اللبنانية في وقفة احتجاجية للمطالبة بالحقوق. وفي شبعا، ندّد طلاب ثانوية شبعا الرسمية في اعتصامهم أمام مبنى الثانوية في البلدة بالأوضاع الاقتصادية والمعيشية السيئة.
الشمال
وشهدت مدينة طرابلس حركة سير ناشطة، وفتحت المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة والمصالح والدوائر الحكومية والمصارف وبعض المدارس والجامعات أبوابها، في حين بقيت جميع الطرقات الفرعية والرئيسية والدولية سالكة أمام حركة المرور، باستثناء المسارب المؤدية حصراً إلى ساحة النور. وقام الناشطون بالتعاون مع ورش البلدية بشطف ولمّ النفايات من الساحة، التي شهدت توافد الطلاب للمشاركة في المسيرات الراجلة التي جابت الشوارع والأحياء.
واعتصم عدد من المحتجين أمام المصارف والمرافق العامة وطلبوا من الموظفين ترك مكاتبهم والالتحاق بهم وإقفال الابواب، ولا سيما فرع مصرف لبنان في المدينة، وشركة قاديشا، ومصلحة مياه لبنان الشمالي، وسنترال الميناء وفروع الجامعة اللبنانية في رأس مسقا، ومؤسسة كهرباء لبنان، ودائرة التربية، وعدد كبير من المصارف. وأقفل المتظاهرون مدارس في الميناء وطرابلس.
وعمّت الإضرابات والوقفات الاحتجاجية معظم مدارس زغرتا الزاوية، والجامعة الأنطونية فرع مجدليا. في حين حطت حافلة الثورة العكارية في ساحة العلم في بلدة كفرتون في جبل أكروم- عكّار، بمشاركة فاعليات المنطقة وعدد من الشبان والشابات، وتمحورت الحلقة الحوارية التي نظمتها إدارة الحافلة في جولتها الثالثة، حول سؤال الناس عن موضوع الحراك الشعبي ومطالبهم منه.
وأقفل المحتجون مراكز حكوميّة وخاصّة عدّة في حلبا هي: المالية، المصارف، مصلحة المياه، شركة ألفا، ومكاتب كتاب العدل، وأوجيرو، وليبان بوست، والإدارات الرسمية في سراي حلبا، وكل المؤسسات والمصالح الرسمية المستقلة .
وتجمّع عدد من الطلاب داخل حرم جامعة البلمند في الكورة، حيث نفذوا اعتصاماً وافترشوا الأرض مطلقين الهتافات الرافضة لمتابعة الدروس، حاملين الأعلام اللبنانية وسط انتشار لعناصر من الجيش.
وفي البترون جابت تظاهرة طلابية شوارع البلدة في جولة على المدارس لإقفال مداخلها.
وفي بلدة دوما، وبعد أن توجه الطلاب إلى مركز الهاتف في البلدة، انطلقوا في مسيرة في السوق وجالوا على الإدارات الرسمية والمدارس رافعين الأعلام اللبنانية ولافتات مطلبية.
البقاع
ونقّذ طلاب مدارس بعلبك اعتصاماً ووقفة احتجاجية أمام فرع مصرف لبنان في المدينة ورددوا شعارات ضد سياسات مصرف لبنان.
وفي زحلة، تجمّع الطلاب من الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة أمام مبنى سراي زحلة، وحملوا اللافتات والأعلام اللبنانية، وطالبوا بدفع الأقساط بالليرة اللبنانية، وتأخير مواعيد الفحوصات، وإقفال الجامعة أيام الحراك.
ونظّم طلاب ثانويتي البنات الرسميتين وثانوية الحكمة في بعلبك، مسيرة إلى دوار دورس لجهة مدخل بعلبك الجنوبي، وهتفوا أمام معهد المسار للعلوم والمهن، داعين طلابه للانضمام إليهم، وقطعوا الطريق في المحلة بأجسادهم لدقائق، قبل أن يتحاور معهم عناصر قوى الأمن الداخلي، واقناعهم بإعادة فتحها، ثم انتقلوا إلى ساحة خليل مطران.
واعتصم طلاّب معهد الأبرار التقني وشباب حراك أبناء بعلبك أمام مركز أوجيرو في بعلبك، وسط تدابير أمنية للجيش والقوى الأمنية، ورددوا شعارات ضد الفاسدين، ومطالبين بمحاكمة ناهبي المال العام.
كما اعتصم طلاب المدارس في وقفتين احتجاجيتين أمام مركز التنظيم المدني ومبنى بلدية بعلبك، ورفعوا الشعارات المطلبية على أصداء الأغاني الوطنية.
وفتحت المدارس والمصارف والدوائر الرسمية في الهرمل في أجواء طبيعية، في حين تعطلت الدراسة في بعض المدارس.
واتسعت دائرة الاعتراض في راشيا لتشمل المزيد من المؤسسات الرسمية إلى جانب الحراك الطالبي في الثانويات الرسمية، وقد عمد المتظاهرون إلى إقفال مكاتب شركة كهرباء لبنان في راشيا وأمانة السجل العقاري.
وفي البقاع الغربي تفاوتت أوضاع المدارس بين إقفال جزئي وإقفال تام والعمل بصورة عادية، بينما أقفل المتظاهرون المصارف وتحضّروا لأنشطة اعتراضية أمام المؤسسات الرسمية، في ظل حضور كثيف للجيش والأجهزة الأمنية.
جبل لبنان
في محافظة جبل لبنان، تجمّع الطلاب الثانويون في الشارع الروماني وسط مدينة جبيل وتوجهوا إلى مركز اوجيرو وسراي جبيل لمنع الموظفين من الدخول إلى مراكز عملهم.
ومنعوا دخول المواطنين اليها، كذلك اعتصم عدد آخر أمام مركز مؤسسة «اوجيرو» و»قلم النفوس» في حمانا، وكذلك أمام الادارات الرسمية حيث منعوا الموظفين والمواطنين من الدخول اليها.
وترافق ذلك مع إقفال كافة المدارس الرسمية والخاصة في منطقة المتن حيث شارك الطلاب في جميع هذه الاعتصامات والمسيرات.
ونظّم طلاب الثانويات والمدارس في منطقة إقليم الخروب، مسيرة بمشاركة هيئات تعليمية، انطلقت من بلدات عانوت وشحيم ومنطقة مرج علي، مروراً بالشوف الأعلى، حيث نفذوا وقفة تضامنية.
مواقف
في غضون ذلك، أكد رئيس حزب الحوار الوطني النائب فؤاد مخزومي أن «الانتفاضة الشعبية المباركة يجب أن تأتي أكُلَها»، لافتاً إلى أنها «قد أسقطت الخطوط الحمر من أمام محاسبة الفاسدين ونجحت في إظهار حقيقة وحدة اللبنانيين، ووضعت حداً نهائياً للاصطفافات السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية مع عدم وعي الطبقة السياسية لهذا التغيير، أو حتى مكابرتها في الاعتراف بهذا الواقع الجديد».
ورأى مخزومي في بيان، أنّ القضاء لم يزل يعمل على طريقة ما قبل 17 تشرين الأول، على الرغم من أنّ الثورة فتحت آفاق الاستقلالية واسعةً أمامه وخوّلته المحاسبة في ملفات الفساد الكثيرة والمتراكمة منذ العام 1992 ، مشدداً على أن اختيار المتهمين بالفساد من طائفة واحدة لا يحقق مطالب الثورة والمطلوب من القضاء استدعاء المتهمين من كلّ الطوائف». وختم بالقول كلّن يعني كلّن .
من جهته، حيّا أمين عام جبهة البناء اللبناني الدكتور المهندس زهير الخطيب التحركات الطلابية، معتبراً أنها تجدّد الانتفاضة بروح شبابية كما جذرتها المسيرة الحاشدة للبنانيات وشموعهن في ساحة رياض الصلح ، ومتسائلاً متى تتحرك ضمائر رموز سلطة الحكم بالإستجابة والتنازل لمطالب الشعب أمام أنقى وأصدق المشاعر والتعبيرات من أمهات وأخوات الوطن .
واعتبر في بيان أن الهواجس غير المبرّرة والاتهامات الفئوية المبالغ فيها لتسخيف الانتفاضة التاريخية للشعب، سقطت بالضربة القاضية مع التحرك الطلاّبي الوطني الشامل الذي أعاد ساحات وشوارع لبنان للتاريخ المجيد للتحركات الطلابية اللبنانية في خمسينات وستينات القرن الماضي والتي فرضت في حينها تحقيق إنجازات ومكتسبات اجتماعية وتربوية يستفيد منها اليوم الكثير من اللبنانيين ناهيك عن التضامن الإنساني مع حركات التحرّر للشعوب المستضعفة فبقيت شاهداً ليومنا على أهمية ونقاء الحراك الطلابي وتكريس مقولة بأنه لا يضيع حق وراءه مطالب .
وأسف لمحاولات الحجر على مشاركة الطلاب في بعض المناطق والمدارس والجامعات بالتحرك الطلابي الحالي لأسباب فئوية ما يحد من طموح ومساهمة جيل تلك المناطق في بناء دولة المواطنة والعدالة والفرص ومتسبّبة بعزل جزء عزيز من المجتمع اللبناني عن حركة التاريخ . ودعا أصحاب التأثير بتشجيع الإندماج لكل مكوّنات المجتمع في الانتفاضة الوطنية المتصاعدة تحقيقاً للتغيير وإعادة بناء لبنان بالوحدة والصيغة السياسية المدنية التي يستحقها .
واستغرب الخطيب كيف يمكن لسلطة حاكمة تدّعي الشرعية أن تتجاهل آراء وآمال الشباب في هذه الإنتفاضة وتماطل في تبني مطالبهم، بينما جميع السياسات والتضحيات للدول هي أساساً الهدف المركزي لها لضمان المستقبل الأفضل للأجيال القادمة .