الثلاثاء يتبلور المشهد الحكومي: يحسم الحريري خياراته… بعد اختبار الضغط المالي الخلاف لا يطال رئاسة الحريري ولا الاختصاصيين… بل توازنات نتائج الانتخابات النيابية
كتب المحرّر السياسيّ
قالت مصادر سياسية تواكب الاتصالات الجارية لتشكيل الحكومة إن اثنتين وسبعين ساعة تفصلنا عن تبلور الصورة النهائية للمشهد الحكومي، تكليفاً وتأليفاً، فرئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري لا يزال المرشح الأبرز لتأليف الحكومة الجديدة، ويفترض أن يحسم موقفه قبل الثلاثاء المقبل، من الصيغ المطروحة أمامه على الطاولة. ورأت المصادر أن الحريري لا يستطيع أن ينكر أن الضغوط المالية التي تفاقمت بعد استقالته ويجري توظيفها للضغط لفرض شروط تلاقي تحقيق ربح كامل للحريري، وخسارة كاملة لشركائه في التسوية الرئاسية، خصوصاً التيار الوطني الحر، وتسعى لإقصاء المقاومة عن المشهد الحكومي، ما كانت لتبلغ المدى الذي بلغته لولا استقالته التي أراد عبرها تحقيق ربح فئوي على حساب شركائه في الحكومة، بالرغم من تعاونهم معاً في إقرار الورقة الإصلاحية، التي بدت مجرد مناورة تمهيدية للاستقالة، التي عطلت فرص تحقيق مضمون ما حملته الورقة الإصلاحية من مكاسب لأهل الحراك دخلت اليوم في عالم الغيب.
انتظار قرار الرئيس الحريري لا يعبر عن موقفه وحده، فهو على اتصال بمراجع دولية وإقليمية لم تكن بعيدة عن نصيحة الاستقالة، بحيث سيعبر قراره عن حقيقة طبيعة التوجّه الدولي والإقليمي، بين خياري الضغوط التفاوضية أو كسر جرة التساكن الذي عرفه لبنان لثلاثة عقود، بين المقاومة وحضورها السياسي والعسكري من جهة، وحلفاء واشنطن في السياسة ودورها في الجيش ورعايتها مع الغرب لوضع اقتصادي قام على الديون والفوائد والفساد، ولذلك يجري ترقب قرار الرئيس الحريري ليُبنى على الشيء مقتضاه.
وقالت المصادر إن لا مشكلة ببقاء الرئيس الحريري على رأس الحكومة الجديدة، ولا في فكرة حكومة تقوم على الاختصاصيين، لكن السؤال الذي لم يقدم الحريري جواباً عليه هو ماهية التوازنات الضمنية لهوية الحكومة قياساً بما جسّدته الحكومة المستقيلة كتعبير عن نتائج الانتخابات النيابية ويُراد تصوير الحراك أداة للانقلاب على هذه النتائج لحساب الفريق الذي خسر الإمساك بالأغلبية النيابية في الانتخابات بتعويضه بدلاً عنها أغلبية حكومية تمكّنه من إدارة الكثير من الملفات التي لا تحتاج العودة للمجلس النيابي.
وقلّلت المصادر من أهمية ما يجري الترويج له حول الصيغ الحكومية والبدائل والفرضيّات باعتبار التفاهم على التوازن الذي يجسّد نتائج الانتخابات ويشكل جوهر المطلوب ليسهل ما عداه عندها، وتسقط فرص التفاهمات بسقوط هذه المعادلة بغض النظر عن تفاصيلها ومَن يترأس الحكومة ومن تضمّ في صفوفها ومَن يُستبعد منها، مضيفة ان لدى حزب الله والتيار الوطني الحر من المرونة والانفتاح على الصيغ الحكومية، ما يسهل التوصل للتفاهم بمجرد التسليم بأن التوازن الذي ستكرّسه الحكومة الجديدة سيحترم نتائج الانتخابات النيابية، ولا مانع من الاتفاق على انتخابات مبكرة وفقاً لقانون جديد يقوم على الدائرة الواحدة والنسبية، طالما أن التشكيك يطال سريان نتائج الانتخابات النيابية التي جرت قبل عام ونصف على التمثيل الشعبي الراهن بعد الحراك، والحاجة بالتالي لتجديد التمثيل، شرط احترام مبدأ أن تعبّر كل حكومة عن المجلس النيابي القائم في لحظة تشكيلها، طالما نحن في نظام برلماني ديمقراطي.
وختمت المصادر أن الوضع المالي والنقدي، يزدادان سوءاً وجزءاً كبيراً من هذا السوء ناتج عن استقالة الحكومة دون تفاهم على بديل سريع، كما كان التفاهم المسبق مع الرئيس الحريري، ويجري الآن توظيف الضغط النفسي لهذا التدهور والتأزم لتحقيق شروط الحريري نفسه، داعية للعقلانية والواقعية، لأن البلد للجميع ويتّسع للجميع، ولا يستطيع أحد التهديد بالانهيار لفرض شروطه لأن الانهيار سيسقط البلد فوق رؤوس الجميع.
يبدو أن الأسبوع المقبل سيكون حاسماً على صعيد طبيعة المرحلة المقبلة مع إعلان الرئيس المستقيل سعد الحريري حسم خياره حيال قبول التكليف من عدمه، وذلك بعد مشاورات مكثفة شملت مختلف الاطراف السياسية ولا زالت مستمرة، بحسب المعلومات. وقالت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ»البناء» إن «الحريري لن يقبل تأليف حكومة على شاكلة الحكومة الماضية لأنه لا يريد تكرار التجربة الماضية التي أدت الى استقالته بعد انتفاضة الشارع»، مرجحة أن يرفض التكليف «إذا ما استمر الآخرون بوضع الشروط عليه كتأليف حكومة سياسية تعيد إنتاج المعادلة الماضية».
ودعت مصادر نيابية الى «ضرورة ألا تتجاوز مهلة تكليف رئيس والبدء بالتأليف الاسبوع المقبل ويجب الانتباه الى تحذيرات البنك الدولي ودعت الى ملاقاة التحرك الفرنسي باتجاه لبنان للمساعدة في تأليف حكومة جديدة بتوافق مختلف الاطراف».
ويصل موفد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا كريستوف فارنو الى بيروت في 13 الحالي.
وحضّ مسؤول في البنك الدولي لبنان على تأليف حكومة جديدة في غضون أسبوع محذراً من مخاطر كبيرة تواجه الاستقرار في لبنان.
ووفق معلومات «البناء» فإن «رئيس الجمهورية ميشال عون يسعى جاهداً أن يتوصّل الى اتفاق مسبق على شكل الحكومة ورئيسها ليسهل عملية التأليف قبل التكليف، وبالتالي سيؤخر موعد الاستشارات لبعض الوقت حتى تتضح الرؤية». وحذرت مصادر نيابية في 8 آذار لـ»البناء» من «وجود إشارات خارجية للاستثمار على الحراك واستهداف المقاومة لأسباب تتعلق بالاشتباك الإقليمي وبأمن «إسرائيل» بعد الانسحابات الاميركية من المنطقة».
وعن كلام رئيس القوات سمير جعجع عن ضرورة تأليف حكومة تكنوقراط وتحذيره من فوضى إذا نفدت المواد الاساسية، تساءلت المصادر: «هل يملك جعجع معلومات عن مشروع يقودنا الى الفوضى؟ ما يعزز الاعتقاد بحسب المصادر أن يكون ما يحصل مخطط مرسوم تمهيداً لتدمير لبنان».
وأكد نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن «حزب الله يشارك بفاعلية في المشاورات مع رؤساء الكتل النيابية ومع المعنيين من أجل تشكيل الحكومة، ونأمل وندعو أن تنجز الصيغة النهائية لاسم رئيس الحكومة والحكومة قريباً»، ولفت الى أن «حزب الله سيتابع دوره في حمل هموم الناس والعمل للإصلاح ومكافحة الفساد، وسيكون حضوره وتمثيله فاعلاً في الحكومة التي ستتألف، فهو جزء من الحكومة المقبلة لأنه جزء من هذا الشعب ومن هذا الاختيار، وسيعمل على أن يكون صوت الناس مسموعاً وأوجاعهم محل معالجة».
وعلى وقع مفاوضات التكليف بدا لافتاً التهديد بالانهيار المالي وحملة التهويل وضخ كم هائل من المعلومات والأخبار المتداولة عبر المواقع الاكترونية وسائل التواصل الاجتماعي كإقفال بعض البنوك أبوابها وإفلاس أخرى فضلاً عن تزاحم وتفاقم ازمات عدة كالمحروقات وبطاقات التشريج، ما يدفع للشك بأنها حملات ممنهجة للضغط السياسية التفاوضي بمسألة التكليف، ويؤكد ذلك ما ورد على لسان رئيس القوات سمير جعجع بأن لبنان مقبل على الانهيار إذا ما تألّفت حكومة تكنوقراط وأن هناك فوضى كبيرة إذا نفدت المواد الاساسية في الأسواق، لكن رئيس جمعية المصارف سليم صفير أكد في حديث الى الـ»ام تي في» أنه «لا صحة إطلاقاً لصدور قرار بإقفال المصارف الى حين تشكيل الحكومة وما يتمّ تداوله بهذا الشأن مفبرك».
وسجّل أمس، لقاء بين الرئيس الحريري وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة في بيت الوسط، ولوّحت الهيئات الاقتصادية التي اجتمعت أمس، بـ»قرار صعب» قد تتخذه الأسبوع المقبل، مع الترجيح أن يكون الإضراب العام.
وأعلنت محطات وقود عدة عن إقفال أبوابها بسبب نفاد مخزونها من المحروقات، فيما أكد رئيس نقابة العاملين في قطاع الخلوي والاتصالات بول زيتون أن «تحويل أسعار بطاقات التشريج من الدولار إلى الليرة هي بدعة ومستعدون أن نقدم 1.75 في المئة إلى خزينة الدولة وراضون أن نأخذ 2 في المئة».
وشدّد زيتون في تصريح على ان المشكلة لا تزال عند الوكيل لأنه يسلم بطاقات التشريج على أساس سعر صرف السوق وأناشد وزارة الاقتصاد أن تتوجه لدى الوكلاء للمراقبة وليس لدى أصحاب المحال .
وبحسب المعلوماتن فإن اتفاقاً حصل بين وزير الاتصالات محمد شقير ونقابتي موظفي ألفا وتاتش على تجديد عقد العمل الجماعي ببنوده وشروطه الحالية.
الى ذلك يسعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري الى استغلال الوقت والتعويض عن تجميد العمل الحكومي بتفعيل العمل التشريعي عبر الثورة التشريعية التي بشّر بها ولفتت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ البناء الى أن جدول اعمال الجلسة مؤلف من 16 اقتراح ومشروع قانون أبرزها:
قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.
اقتراح قانون معجل لإنشاء محكمة خاصة لمكافحة الجرائم المالية.
مشروع قانون يتعلق بتعديل نظام التقاعد والحماية الاجتماعية قانون الشيخوخة .
إصلاح في قانون الموظفين.
مشروع قانون العفو العام.
وتحدثت المصادر عن مشاورات يجريها بري مع مختلف الكتل النيابية لتأمين أكثرية لإقرار هذه القوانين على جلسات عدة، لافتة الى أن الكتل النيابية تدرس جدول الأعمال مع توجه لإقرارها او إدخال تعديلات عليها اذا لزم الامر . وعن قول البعض بأن انعقاد المجلس النيابي في ظل حكومة تصريف اعمال تشوبه اشكالية دستورية، اوضحت ان المجلس سيد نفسه وسبق وعقد المجلس جلسات في ظل حكومة تصريف الاعمال .
أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان السفير رالف طراف ان مجلس النواب سوف يباشر درس مشاريع قوانين إصلاحية أحيلت اليه، وتتناول خصوصاً مسألة مكافحة الفساد ورفع الحصانة ومحاسبة المسؤولين عن الهدر المالي والتهرّب الضريبي الذي حصل منذ أكثر من 20 سنة، مؤكداً ان الحكومة العتيدة ستعمل على تطبيق مضمون الورقة الاقتصادية التي أقرّتها الحكومة المستقيلة. أما السفير طراف فنقل الى الرئيس عون اهتمام دول الاتحاد الأوروبي بالتطوّرات، على ان يتمكن لبنان من الخروج من الأزمة التي يمر بها راهناً.