نصرالله رسم خريطة طريق: قادرون على النهوض بالتحرّر من الضغط الأميركي عون يصارح الشارع… فيعود قطع الطرقات… ومسؤول اشتراكي يسقط في خلدة

كتب المحرّر السياسيّ

بدا لبنان على صفيح ساخن، متقلّباً بين الفرضيات والاحتمالات، حيث تضاربت التوقعات التي أشارت إلى تقدّم تمّ تحقيقه في المشاورات والمفاوضات التمهيدية فطلاق الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، مع المعلومات التي حملتها ساعات الليل الماضي بعد اندلاع موجة تصعيد أعقبت حواراً تلفزيونياً لرئيس الجمهورية، والتي تحدّثت عن وجود اتجاه لدى القيادات التي تقف وراء الحراك للتصعيد لأيام مقبلة، توفّر مناخاً مناسباً للمزيد من الضغوط لتحسين الشروط التفاوضية، مع وصول الموفد الفرنسي إلى بيروت، بهدف إبلاغ المسؤولين اللبنانيين ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة الجديدة، تحت تهديد خسارة الكثير من الأموال المقرّرة في مؤتمر سيدر.

مصادر متابعة للمفاوضات الدائرة بين رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، والأغلبية النيابية المكوّنة من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل وحلفائهم، قالت إن الغموض يلفّ النتيجة بين تمسك الرئيس الحريري باستعداده لتشكيل الحكومة الجديدة، وتردده في تحديد جواب حول احترام الحكومة الجديدة لنتائج الانتخابات النيابية، ما يبقي التفاوض قائماً مع الأمل بتقدمه، دون أن يكون هناك جواب حاسم حول إمكانية التوصل لتفاهم قريب.

جاء كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ليرسم خريطة طريق بدت أنها جواب على سؤال ماذا لو لم يتم التفاهم مع الرئيس الحريري وأن هناك قراراً أميركياً بدفع لبنان نحو الانهيار المالي، بوضع شروط تعجيزية لعودة الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، وكان كلام نصرالله عن الآفاق المتاحة للنهوض بالاقتصاد اللبناني فيما لو تحرّرت الحكومة المقبلة من الضغوط الأميركية، خصوصاً ما يتّصل بفتح الأسواق السورية والعراقية أمام المنتجات اللبنانية والشركات اللبنانية، وفتح الطريق للاستثمارات الصينيّة والروسيّة والإيرانيّة، في قطاعات السكن والنقل والكهرباء والنفط والغاز، داعياً لعدم وقوع البعض في رهانات خاسرة على حرب مقبلة تخوضها واشنطن على إيران.

ليل أمس، شهد تصعيداً نوعياً أعقب حواراً تلفزيونياً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تحدث خلاله بصراحة حول تعقيدات الاستشارات النيابية، وفرضيات تشكيل الحكومة، وتسمية رئيسها، وتردّد الرئيس الحريري، وعبر خلالها عن عدم اقتناعه بعفوية رفض الحوار من جانب الحراك وغياب أي قيادات ظاهرة له، متسائلاً عن معنى الإصرار على شعار كلن رافضاً وسم الجميع بالفساد، متعهداً بمواصلة المعركة ضد الفساد. وعند نهاية الحوار كانت عمليات قطع طرقات تشمل كل المناطق احتجاجاً على جملة وردت في كلام الرئيس عن استحالة عدم وجود أوادم، مضيفاً، إذا ما في أوادم فليهاجروا، بمعنى رفضه لزرع اليأس، بينما انتشرت الجملة كالنار في الهشيم، كدعوة للبنانيين المحتجين على الدولة إذا لم يرضهم الوضع فليهاجروا. وخلال عملية قطع الطريق في خلدة وقع إشكال بين سيارة لأحد ضباط الجيش ومجموعة من الشبان الذين يقطعون الطريق، انتهى بسقوط الشاب علاء أبو فخر جريحاً، ووفاته بعد نقله إلى المستشفى، حيث وصل النائب السابق وليد جنبلاط داعياً للتمسك بخيار الدولة، فيما نعت جريدة الأنباء التي يصدرها الحزب التقدمي الاشتراكي علاء أبو فخر كأمين سر وكالة الداخلية للحزب في الشويفات وعضو في مجلسها البلدي.

أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الحراك بدأ بمطالب اقتصادية من جراء الضرائب المفروضة ثمّ زادت المطالب وأصبحت سياسية، معتبراً أن المطالب محقة، لكنه لفت الى أنه وجه نداء للمعتصمين في بداية الاحتجاجات ودعاهم للقاء الا انه لم يلق جواباً.

رئيس الجمهورية لفت في مقابلة تلفزيونية الى أنه لم يصل الى موقع الرئاسة إلا ليبني دولة، وقال: فأنا لا أبحث عن مستقبل لأنه أصبح ورائي ولدي تاريخ كلفني 15 سنة خارج مجتمعي من أجل الحرية والسيادة والاستقلال، وأنا مكبّل بالتناقضات بالحكم والمجتمع والخلايا الفاسدة مطوّقة بقوى وبما أن الشعب قام اليوم اصبح لدينا مرتكز لفرض الإصلاحات .

وأضاف: علينا أن نكون أصحاب ثقة عند الناس واسترداد الثقة يحتاج للوقت واستعمال شعار كلكن يعني كلكن يطال كل الناس وهو خاطئ ، معتبراً أن السبب الأول للفساد في القضاء هو التدخل السياسي. وقال: أنا موافق على المطالب الحياتية والمعيشية التي يطالب بها الحراك .

وتابع: مطالب الناس وصلت ونحن مستعدون للتصحيح، ولكن لا يجب الاستمرار بالطريقة ذاتها التي يعتمدها الحراك هيك بيكونوا عم يقضوا على البلد .

أما عن توقيت الاستشارات ورداً على سؤال عما إذا كانت ستحصل الخميس أو الجمعة، قال عون: صحيح، وذلك مرتبط بالاجابات التي سنتلقاها من المعنيين وإذا لم نتلق إجابات فقد نتأخر في ذلك كم يوم .

وعن الكلام حول مشاركة الوزير جبران باسيل في الحكومة قال عون: هو رئيس أكبر تكتل نيابي وهو مَن يقرر إذا كان يريد البقاء في الحكومة وهو يقدر ظروفه وما من أحد يستطيع أن يضع فيتو عليه في نظام ديمقراطي .

اما عن شكل الحكومة التي يفضلها فأجاب عون: لا يمكن لحكومة تكنوقراط أن تحدّد سياسة البلد ولن نعيد الحكومة كما كانت وبذات الشروط التي كانت عليها وانا مع حكومة تكنوسياسية .

وكشف عون انه عندما التقى الرئيس سعد الحريري وجده متردداً بين نعم وكلا في ترؤس الحكومة، لافتاً الى أن موضوع وجود حزب الله في الحكومة قابل للحل.

وكان رئيس الجمهورية شرح لوفد سفراء دول مجموعة الدعم الدولية وجهة نظره من الظروف التي يمر بها لبنان وموقفه من التطورات السياسية والأمنية والملابسات التي رافقت استقالة الحكومة والاتصالات الجارية لتشكيل حكومة جديدة تعمل على تحقيق الورقة الإصلاحية التي تبنتها الحكومة المستقيلة .

وتطرق الرئيس عون الى المطالب التي رفعها الحراك الشعبي وموقفه منها، والقوانين الاصلاحية التي تقدم بها منذ كان نائباً والتي اعاد التأكيد عليها مؤخراً.

وقد أعرب السفراء أعضاء الوفد عن دعم دولهم للبنان في هذه الظروف التي يمر بها ، مركزين على أهمية تشكيل حكومة جديدة لمواكبة التطورات .

كذلك طالب الرئيس عون خلال استقباله السفراء العرب المقيمين في لبنان بـ مساعدة الدول العربية للنهوض بالاقتصاد اللبناني مجدداً .

وقال يان كوبيش المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان في بيان بعد لقائه بالرئيس ميشال عون الوضع المالي والاقتصادي حرج والحكومة والسلطات الأخرى لا يمكنها الانتظار أكثر من ذلك لمعالجته .

وحثّ كوبيش السلطات على أن تعطي الأولوية للاستقرار النقدي والمالي بما في ذلك اتخاذ إجراءات لإعطاء الشعب اللبناني الثقة وحماية مدخراته.

وليس بعيداً أشارت مصادر متابعة لحراك الوزير جبران باسيل، لـ البناء الى ان الاتصالات بين الكتل النيابية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة بلغت مرحلة متقدمّة قد تفضي الى تحديد موعد الاستشارات يوم الجمعة، خاصة أن حركة اتصالات باسيل ادّت الى تبلور صيغة منفتحة على الحلّ الذي يأخذ في الاعتبار شرعيّة التمثيل النيابي، والحراك الشعبي المستمر منذ 17 تشرين الأول، والهيئات والمنظمات الدولية المالية والاقتصادية.

وأوضحت المعلومات أن باسيل يعمل على 3 اقتراحات أبرزها حكومة اختصاصيين لا تتضمّن وجوهاً سياسية، مشيرة الى أن كل هذه الاقتراحات ما زالت قيد التداول. وقالت المعلومات إن المشاورات شهدت طرح أفكار جديدة تتعلق بالصيغة الحكومية توافق بين الاختصاص والكفاءة والحضور السياسي الذي يجب ألا يكون على صورة التمثيل السياسي في حكومات السنوات الأخيرة، بيد أن هذا الطرح غير مقبول عند الرئيس سعد الحريري المصرّ على حكومة من اختصاصيين فقط.

وتؤكد مصادر الحريري في المقابل أن الأجواء التفاؤلية التي يتم بثها ليست دقيقة تماماً فمشاورات التأليف لا تزال على حالها، خاصة أن حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة امل يرغبون بحكومة تكنوسياسية، في حين أن الحريري لا مانع لديه ان تكون الحكومة تكنوقراط أو من اختصاصيين. وتشير المصادر الى ان الاتصالات القائمة لم تتوصل بعد الى توافق وتفاهم بين الجميع على صيغة ما.

في المقابل، تستغرب مصادر في 8 آذار لـ البناء ما يقوم به الرئيس الحريري، خاصة أنه ومنذ استقالته يحاول أن يستميل الحراك فضلاً عن الخارج، خاصة وأنه يظن ان أحداً من القوى السياسية لن يذهب الى تأليف حكومة لا يكون هو رئيسها او موافقاً على الشخصية التي ستكلف، على قاعدة ان مصلحة لبنان الاقتصادية تفترض وجوده على رأس الحكومة، في حين تشير المعلومات الى ان ما يُسرّب عن تمسك أميركي بعودة الحريري ليس دقيقاً، فواشنطن بحسب ما ينقل من أجواء، غير مهتمة بعودته ومرد ذلك عدم تنفيذ الأخير ما وعد به في ما خص الضغط على حزب الله، ولفتت المصادر الى أن الحريري اسوة بكل المعنيين عليهم التعاطي بوطنية لأنهم جميعاً يتحملون مسؤولية ما آلت إليه الأمور على الصعيدين المالي والاقتصادي. واعتبرت المصادر ان الرئيس عون والوزير باسيل والثنائي الشيعي مهما تمسكوا بالحريري إلا أنهم لن يقبلوا ان يمارس الحريري سياسة الابتزاز لحساباته الشخصية.

الى ذلك، يبدأ مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية كريستوف فارنو christohe farnaud اليوم لقاءاته مع القيادات السياسية. واشارت مصادر متابعة لـ البناء الى ان فارنو ينقل رسالة من الرئيس ماكرون تؤكد الحرص الفرنسي الثابت والدائم على استقرار لبنان، لافتة الى انه سيدعو القوى السياسية الى الاستماع الى مطالب الشعب وتشكيل حكومة بسرعة، لأن الوضع الاقتصادي والمالي يفترض بالجميع العمل لتوحيد الجهود تجنباً لما قد تؤول اليه الامور، ولفتت المصادر الى أن فارنو سيؤكد ما دعا اليه الموفدان الفرنسيان الى لبنان لجهة تحقيق الإصلاح وبناء المؤسسات. واذ لفتت المصادر الى ان فارنو لا يحمل مبادرة فرنسية وأن زيارته هي للاطلاع على مسار الاوضاع، دعت الى ترقب زيارة الموفد الاميركي ديفيد شنكر الى باريس الأسبوع المقبل، حيث سيطلع من الموفد الفرنسي على خلاصة ما سمعه خلال لقاءاته حيال التطورات.

على خط النفط أكد الرئيس التنفيذي لشركة Total باتريك بويان في مقابلة مع قناة العربية حفر اول بئر استكشافي في لبنان بين كانون الاول وكانون الثاني مهما كانت الظروف ، مشيراً الى أن هناك بعض الإشاعات والتوترات السياسية لكن المسألة ليست سياسية، بل تتعلق بنقل معدات التنقيب فقط .

وأوضح أننا تعهدنا في بدء الحفر في القطاع رقم 4 ، داعياً اللبنانيين الى التحلي بالصبر فنحن قادمون ولا أعرف إن كنا سنحصل على النفط والغاز. إنها مرحلة استكشاف وتنقيب فقط .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى