سلامة: أنفذ سياسة تخدم مصلحة لبنان وسنحافظ على استقرار سعر صرف الليرة

«يعيش لبنان في مرحلة تاريخية» بهذه العبارة لخّص حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الواقع على الساحة اللبنانية، متمنياً أن «تنحو الأمور التي نعاني منها في لبنان، نحو مستقبل أفضل». وأكد أن «البنك المركزي يأمل في تشكيل حكومة في أقرب وقت، واتخذنا التدابير كي لا يحصل شيء كارثي».

وشدد على أنه ينفذ «السياسة التي تخدم مصلحة لبنان التي هي الأساس بالنسبة إليّ، كما مصلحة اللبنانيين. ومصرف لبنان يحاول أن يحمي لبنان في ظروف صعبة في المنطقة وهي خارجة عن سيطرة لبنان ومصرف لبنان».

وطمأن إلى أن «الاحتياطي بالعملات الأجنبية الموجود لدى مصرف لبنان من دون الذهب، يقارب الـ38 مليار دولار بما فيه الـ»يوروبوند» واستثمارات البنك المركزي. والقدرة النقدية التي نملكها في الوقت الراهن وجاهزة للاستعمال الفوري، هي في حدود الـ30 مليار دولار».

وعن الاستحقاقات المقبلة لتسديد دين الدولة، قال «هناك استحقاق في 28 تشرين الثاني الحالي، تمّ الاتفاق مع وزارة المال على تسديده، وكنا كمصرف لبنان، اتخذنا الاحتياطات اللازمة لهذا الموضوع».

كلام سلامة جاء في مؤتمر صحافي عقده في المقرّ الرئيسي للبنك المركزي، بحضور رئيس لجنة الرقابة على المصارف سمير حمود، رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط الـ»ميدل إيست» محمد الحوت، نقيب الصحافة عوني الكعكي وأعضاء في النقابة.

وتابع: نحن في اقتصاد مدَولر، بمعنى أنه إذا لم يتوفر الدولار الأميركي في الأسواق، لن يكون هناك اقتصاد، لذلك الليرة اللبنانية وثباتها هي عنوان ثقة أيضاً كي يستمر دخول الدولارات إلى لبنان.

أضاف سلامة: الهندسة المالية التي يتم الحديث عنها، والتي تعود إلى العام 2016 وهي التي سمحت بالفعل بأن أكوّن احتياطات كبيرة دعمت الليرة وسمحت بتكوين رسملة لدى المصارف والتي ساعدت في تطبيق المعايير الدولية في العمل المصرفي، كما ساهمت في استمرار وجود ملاءة في المصارف ونحن نعيش تراجعاً في التصنيف الائتماني، كما ساهمت في المحافظة على إمكانات تمويل البلد.

أما في ما يتعلق باستخدام المال العام في تلك الهندسات، فأكد سلامة أن ذلك «لم يحصل، بل على العكس. فقد قبضت الدولة ضرائب من نتائج هذه الهندسات في حدود 800 مليون دولار. وحسم مصرف لبنان من الفوائد على الأوراق التي أخذها بالليرة اللبنانية ما يساوي 5 مليارات دولار. فمَن يطالب اليوم بإعادة أموال الهندسات المالية، فكلامه ليس دقيقاً. وإذا أردنا أن نُعيد هذه الأموال فذلك يعني أن الدولة ستدفع 800 مليون دولار للمصارف وأن يُعيد مصرف لبنان الـ5 مليارات. هذا الكلام يجب أن يكون واضحاً ونعلم تماماً تفاصيل هذه الهندسة، وهي منشورة على الموقع الإلكتروني لمصرف لبنان».

وقال: في خلال أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني، تم سحب أوراق نقدية بالليرة اللبنانية فاق ما تم سحبه خلال السنوات الثلاث الأخيرة. الأمر الذي أثّر على سوق الأوراق النقدية بالدولار الأميركي. لذلك لاحظنا ارتفاعاً للدولار الأميركي لدى الصيارفة. والظاهرة كانت عند اللبنانيين إذ ادّخروا أوراقاً نقدية في منازلهم، ووصلت تلك المبالغ إلى ما يساوي الـ3 مليارات دولار انسحبت من القطاع المصرفي.

وأضاف: نحن اليوم أمام مرحلة جديدة وسنحافظ على استقرار سعر صرف الليرة. هذا الاستقرار موجود، والمصارف تتعاطى بالسعر الذي أعلنه مصرف لبنان. بالطبع هناك فارق بين السعر الموجود في مصرف لبنان وذلك الموجود لدى الصرافين. ومصرف لبنان لم يُرد هذا الفارق إنما جاء نتيجة عرض وطلب، وأن مصرف لبنان لا يتعاطى بالأوراق النقدية بالدولار، ولن يكون لديه مخزون بالأوراق النقدية بالدولار لأسباب عديدة ولن يذهب إلى الصرافين ليعطيهم الدولار بهدف المحافظة على السعر.

وأشار إلى أن «المواطن يعلم ما هي مصلحته، وأيضاً ربما لدى الصيارفة عمليات لا تتعلق فقط بالادخار، إنما بتمويل بعض العمليات التجارية والاستيراد الصناعي. وهذا يعود إلى المؤسسات ذاتها».

وقال: هذا الواقع هو ظاهرة في حد ذاتها، لأن الوضع استثنائي ولأن سيولة كبيرة بالليرة اللبنانية انخفضت. وهذه الظاهرة ستتراجع عندما يتراجع الطلب على النقد بالليرة اللبنانية وعندما يحصل ارتياح أكبر إلى وضع البلد، ورؤية ونظرة للمستقبل. في هذه الظروف الاستثنائية التي نتحدث عنها، هدف مصرف لبنان الأساسي والأول، هو الحفاظ على الاستقرار بالليرة اللبنانية وإمكاناتنا متوفرة لذلك.

وتابع: لدينا هدف أساسي أيضاً، وأخذنا التدابير من أجله، هو حماية المودعين، وحماية الودائع في لبنان. وهذا موضوع أساسي ونهائي. واتخذنا مما يقتضي من إجراءات لتجنيب المودِعين أي خسائر.

وأكد سلامة أنه «لن يكون هناك ما يسمّى بالـ «Haircut» على الودائع، وقال: هذا الأمر غير وارد، أولاً لأن مصرف لبنان ليست لديه صلاحية قانونية ليقوم بذلك، كما أنه لا يريد ذلك بالطبع، ولن يريد. وقال: الآلية التي وضعناها هي لحماية المودِع من خلال عدم تعريض أي مصرف للتعثّر.

أضاف: عندما نقول إنه لن يكون هناك مصارف متعثرة، نكون تلقائياً حمينا الودائع الموجودة في لبنان. من أجل ذلك، أعلمنا المصارف أن في إمكانها أن تستلف من مصرف لبنان حاجاتها من السيولة بالدولار الأميركي بفائدة 20 في المئة. لكن الأموال التي تستدينها المصارف من البنك المركزي غير قابلة للتحويل إلى الخارج. بل إنها أموال يحق لأي مودع أن يستعملها في لبنان وينقلها من مصرف إلى آخر أو استثمارها… إلخ، إنما لأنها أموال مصرف لبنان، لا يمكنه أن يحوّلها إلى الخارج.

وشرح أن «عملية التحاويل إلى الخارج تعود إلى العلاقة القائمة بين المصارف وزبائنها، وتتم من حساباتهم في الخارج. ولكن في الظروف الاستثنائية يجب أن تكون التحاويل حتى لو من أموال المصارف أن تلبّي الضرورات. وهنا طلبنا من المصارف تلبية العمليات الضرورية، لأن للوهلة الأولى وعندما فتحت المصارف أبوابها في ظروف صعبة حيث لا حلول للأزمات السياسية التي يعيشها لبنان، اتخذت المصارف قرارات متحفظة».

وتابع: هنا طلبنا من المصارف:

العودة إلى ممارسات تساوي بين الوضع الاستثنائي والضرورات وتلبية حاجات اللبنانيين ليس فقط في الداخل ولكن أيضاً في الخارج.

أن تدرس كل التسهيلات التي خفضتها منذ 17 تشرين وتعيد النظر فيها، وتعيدها تبعاً لدراستها إلى وضعها، وتلبي الشيكات المرتجعة الناتجة عن تخفيض تلك التسهيلات.

ألا تخفض التسهيلات عندما يكون هناك تسليف وتكون سقوف التسليف أقل.

الإبقاء على سقوف البطاقات الائتمانية وتلبية السيولة لهذا الغرض.

أن يستطيع اللبناني ولو بقروض التجزئة، أن يغطي دينه، وإذا كان بالدولار أن يغطيه بالليرة، لا أن يُطلب منه التوجّه إلى الصيارفة لتأمين الدولار من أجل تسديد القسط المستحق عليه.

وقال: نحن اليوم في وضع يُحكى فيه عن Capital Control أو «تقييد التحاويل» بشكل قانوني في لبنان. هذا الأمر غير وارد. أولاً إن مصرف لبنان لا يملك صلاحية في قانون النقد والتسليف أن يقوم بذلك، كما أنه لا يرغب فيه. لأن لبنان يعيش من التحاويل ويتموّل من تحاويل اللبنانيين غير المقيمين، ومن غير الطبيعي ألا يتمكن المحوّل من استعادة أمواله بحرية.

وفي ما يتعلق بالـBank Note قال: هناك شحن مرخص، ولا يحق لغير المرخص له أن يشحن، ومَن يريد رخصة عليه التقدم من مصرف لبنان للحصول عليها. لكن طلبنا من المصارف أيضاً أن يكون للمودع Debit Card لحمايته من التزوير أو السرقة، لكن ذلك يبقى اختيارياً للمودِعين في القطاع المصرفي.

جمعية مصارف تشيد بتطمينات الحاكم

وأشادت جمعية مصارف لبنان بتطمينات حاكم مصرف لبنان وتوجيهاته، مؤكدة الاستمرار في العمل المسؤول من أجل تأمين حاجات الناس الأساسية ، واعتبرت أن عودة الاستقرار السياسي ستساهم إلى حدّ كبير في عودة الأمور إلى طبيعتها».

وأشادت الجمعية بتطمينات سلامة في ما يخصّ عدم النيّة باعتماد آلية الـ»كابيتال كونترول» Capital control أو الـ»هيركات» Haircut . كما رحّبت بتوجيهاته في ما يخصّ التحويلات إلى الخارج، وضرورة أن تكون مرتبطة بحاجات الناس الضرورية وبما يتلاءم مع متطلبات الواقع والظروف الاستثنائية.

وأكدت الجمعية الاستمرار في العمل المسؤول من أجل تأمين حاجات الناس الأساسية، معتبرة أن عودة الاستقرار السياسي ستساهم إلى حدّ كبير في عودة الأمور إلى طبيعتها.

خير الدين

رأى الوزير الأسبق مروان خير الدين أنه يجب التنبه الى أن الأزمة المصرفية مختلقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكداً أن الملاءة متوفرة في المصارف ولا توجد أي حالات افلاس وجميع الودائع مضمونة ولا خوف عليها.

دعا خير الدين الى وقف حرب الشائعات وهلع المواطنين الذين يسحبون أموالاً أكثر من حاجتهم، معتبراً أن أعداء التغيير الآتي من جراء الثورة الشعبية يحاولون صرف انتباه اللبنانيين باتجاه الوضع المالي والمصارف.

وطالب السياسيين بالإسراع في تأليف حكومة جديدة واتخاذ إجراءات حازمة لتطمين المواطنين وامتصاص خوفهم بعد وقف الصراع على الحصص والمقاعد الوزارية، لافتاً الى أن الأحزاب فشلت على مدى عقود بتأمين أبسط المتطلبات الحياتية المعيشية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى