مستقبل ترامب على المحك.. واتهامات رسمية ضدّه
شهد الكونغرس الأميركي أمس، بداية رابع عملية عزل رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، حيث يتهم ترامب بسوء استغلال منصبه، واللجوء إلى حيل قذرة لتعزيز فرصه في الفوز بالانتخابات في العام المقبل.
دخل التحقيق بشأن مساءلة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بهدف عزله مرحلة حرجة أول أمس، عندما بدأ المشرعون أولى جلساتهم العلنية التي يبثها التلفزيون، إيذاناً ببدء مرحلة جديدة عالية المخاطر من الإجراءات التي قد تحدد مصير رئاسة ترامب.
وكانت رئيسة مجلس النواب، الديمقراطية نانسي بيلوسي، صرحت سابقاً، إن البيت الأبيض تحت إدارة ترامب يحتاج لبعض التأديب بسبب مستوى جديد وخطير من خرق القانون .
واستدعى الديمقراطيون الذين يقودون مجلس النواب ثلاثة دبلوماسيين أميركيين، كانوا قد عبروا كلهم خلال إفادات في جلسات مغلقة عن قلقهم من تعاملات ترامب مع أوكرانيا، لتقديم تفاصيل أكثر عن تلك المخاوف تحت تغطية إعلامية واسعة النطاق.
ويتابع عشرات الملايين تلك الجلسات، حيث يُدلي شاهدان هما وليام تيلور الدبلوماسي الأميركي الكبير في أوكرانيا و جورج كنت نائب مساعد وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية، بإفاداتهما أمام لجنة المخابرات التابعة لمجلس النواب الأربعاء بشأن إن كان ترامب ضغط على أوكرانيا لتحقيق منفعة سياسية شخصية.
ووصل تيلور وكنت بشكل منفصل وتحت حراسة مشددة. وسبق أن أدلى كلاهما بإفادات أمام المشرعين في جلسات مغلقة وجلسا على طاولة الشهود وقد أحاط بهما المصورون والصحافيون.
ووضع الجمهوريون الذين ينتمي إليهم ترامب، والذين سيتمكنون أيضاً من استجواب الشهود، استراتيجية دفاع ترتكز على أنه لم يرتكب خطأ عندما طلب من رئيس أوكرانيا الجديد التحقيق في أمر جو بايدن، نائب الرئيس السابق وأحد منافسيه الرئيسيين في انتخابات 2020 الرئاسية.
وقد تمهد جلسات هذا الأسبوع الطريق لأن يوافق مجلس النواب على توجيه اتهامات رسمية لترامب. وقد يؤدي هذا لمحاكمة في مجلس الشيوخ بشأن ما إذا كانت تنبغي إدانة ترامب في هذه التهم وعزله من منصبه. ولم يبد الجمهوريون الذين يسيطرون على مجلس الشيوخ أي تأييد يذكر لعزل ترامب.
بدوره، يقول ترامب إنه لم يسئ التصرف، ويصف إجراءات العزل بأنها عملية جنونية، ووهمية، ومدمرة، وحزبية جدا حسب قوله. كما أعلن البيت الأبيض أنه لن يتعاون في التحقيقات.
وقال ترامب خلال لقائه مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في واشنطن، أول أمس، بأنه لا يتابع جلسة الاستماع لأنه مشغول جداً ، ووصف التحقيق معه بأنه مطاردة الساحرات ، حسب تعبيره.
وخلال الاستماع إلى إفادات شهود العيان، قال القائم بأعمال السفير الأميركي لدى أوكرانيا، ويليام تايلور، إنه يعتبر طرق صياغة السياسات الأميركية تجاه أوكرانيا مضللة وغير طبيعية، موضحاً أنه تبين أن هناك قناتين لصياغة السياسات الأميركية وتطبيقها، إحداهما عادية والثانية مخالفة للقواعد إلى حد كبير .
وكشف تايلور عن بعض التفاصيل الجديدة المتعلقة بالقضية. وقال إن أحد موظفيه، الذي رافق السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند خلال زيارته لأوكرانيا، أبلغه بأن سوندلاند اتصل هاتفياً بالرئيس ترامب، وأن الرئيس سأله عن التحقيقات وأن سوندلاند أكد له استعداد الأوكرانيين للمضي قدما فيها .
وحسب إفادة تايلور، فإنه عندما سأل الموظف السفير سوندلاند ماذا يفكر ترامب في أوكرانيا، رد السفير أن ترامب يهتم بالتحقيقات مع بايدن أكثر مما يهتم بأوكرانيا.
وأكد تايلور، أنه، حسب تصوراته، تم تجميد حزمة مساعدات بقيمة 391 مليون دولار لأوكرانيا للضغط عليها حتى ترضخ لرغبة ترامب بالتحقيق مع بايدن .
بدوره، صرح نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأوروبية والأوراسية جورج كنت، بأنه لا ينبغي على الولايات المتحدة أن تطلب من دول أخرى إطلاق تحقيقات انتقائية ذات خلفيات سياسية مع المنافسين ، مضيفاً أن مثل هذه الأعمال تقوّض سيادة القانون .
وأعرب كينت عن قلقه إزاء جهود محامي ترامب، رودي جولياني، لممارسة الضغط على أوكرانيا، واتهمه بإطلاق حملة أكاذيب ضد السفيرة الأميركية السابقة لدى أوكرانيا ماري يوفانوفيتش التي تمت إقالتها من منصبها في مايو الماضي.
يرى الخبراء أن من الناحية القانونية، لا يتفق الجميع على أن يُعزل الرئيس لمجرد أنه طلب من قائد أجنبي التحقيق في مزاعم عن منافسيه.
ويقول مؤيدو ترامب إن المعارضة تحاول إضعاف فرصه في الانتخابات. فإجراءات العزل ستدمّر صورته بشدة.
وسيجري المشرعون تحقيقات من خلال مجموعات صغيرة، تسمّى لجان. وكل لجنة تتخصص في نقطة أو أمر قد يكون على صلة بالقضية، مثل لجان العلاقات الخارجية، أو العمليات المالية، أو العدل. وسيحضر شهود للشهادة في جلسات علنية. وإذا خلصت اللجان إلى ترجيح الاتهامات ضد الرئيس، يمكن أن يصوّت مجلس النواب على قرار العزل.
وبما أن الحزب الديمقراطي يمثل الأغلبية في مجلس النواب، تزيد احتمالات تفعيل إجراءات عزل ترامب فعلياً.
فالحزب الجمهوري يسيطر على 53 من أصل مئة مقعد في مجلس الشيوخ. ويتطلب عزل الرئيس نهائياً التصويت بأغلبية الثلثين.
فإذا لم يتخل عنه عدد من أعضاء حزبه حوالي 20 عضواً في هذه الحالة ، سيظل ترامب في منصبه. وحتى الآن، أثبت الجمهوريون ولاءهم له.