الحريري ينقلب على الصفدي ويُعيد اسمه مرشحاً من منصة الرؤساء السابقين الاستشارات النيابيّة والمصارف وفتح الطرقات معاً… والساحات تقول كلمتها
كتب المحرّر السياسيّ
يبدو الشهر الثاني للحراك الشعبي فاتحة مرحلة جديدة سيتم اختبار قواعد التساكن خلالها، بين صيغتين جديدتين لحضور الدولة والساحات، حيث فرضية بدء الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة يوم الاثنين تتقدّم، ومعها قرار حاسم للجيش والقوى الأمنية بمنع أي محاولة لقطع الطرقات في أي منطقة لبنانية. وفي ظل هذين التطورين تعود المصارف لفتح أبوابها مع تراجع عن إجراءاتها المتشددة وفقاً لطلب حكام المصرف المركزي من المصارف التجارية، الذي دعا للعودة بالعمل بالتسهيلات المالية للزبائن وإعادة النظر ببعض الإجراءات التي جففت قدرة الزبائن على الحصول على السيولة من المصارف. ومن المفترض في السياق نفسه عودة المدارس والجامعات، على أن يستعدّ المجلس النيابي الذي سيؤجل جلسته المقررة الثلاثاء لتزامنها المفترض مع الاستشارات النيابية، ليخلي المشهد لتحضيرات ولادة الحكومة الجديدة.
الحراك الشعبي من جهته سيكون مطالباً بالتأقلم والتساكن مع هذا الوضع الجديد، على قاعدة التخلي عن قطع الطرقات كواحدة من سمات حضوره التي شاعت نظرية اعتبارها وسيلة من وسائل التعبير السلمي بينما يؤكد كل رجال القانون أنها جريمة بحق الأملاك العامة وتمس حرية أساسية للمواطنين هي حرية التنقل. كما سيكون على الحراك الذي اتحذ شعار حكومة تكنوقراط عنواناً لتحركاته، وركز ضغوطه لتعجيل الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة، أن يقول كلمته عندما يحدّد موعد الاستشارات التي طالب بها، وبالتوازي يقول كلمته في نتائج هذا الطلب مع تبلور الترشيح الأبرز لرئيس الحكومة الجديدة، الذي بات واضحاً أنها تميل لصالح الوزير السابق محمد الصفدي الذي تعرّض لحملة اتهام بالفساد في ساحات الحراك واعتصاماته.
كل شيء وفقاً لمصادر متابعة يتوقف على الموقف الفعلي لرئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري الذي كان الجهة الأبرز لتسمية الوزير السابق محمد الصفدي كمرشح لتشكيل الحكومة الجديدة، وبعدما أبلغ الحريري كلاً من المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ووزير المالية علي حسن خليل تبنيه مع رؤساء الحكومات السابقين لتسمية الصفدي، عاد ليطرح اسمه كمرشح بديل من منصة رؤساء الحكومات السابقين الذين أعلنوا تبنيهم لترشيح الحريري وحده لتشكيل الحكومة الجديدة، وأوضح بلسانهم الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي أن المرحلة لا تحتمل غير الحريري لقيادتها.
تراجع الحريري عن تسمية الصفدي سيعني في حال ثبات الحريري عنده، احتمالاً كبيراً لتراجع الصفدي نفسه الذي يشترط طرح اسمه في التداول في حال عزوف الحريري عن الترشح لرئاسة الحكومة، والخشية عندها تتخطّى مجرد العودة إلى المراوحة في الملف الحكومي، للقلق على الخطوات المنتظرة في الملفات الأمنية والاقتصادية، سواء بعودة قطع الطرقات للظهور مجدداً، وتريّث المصارف في فتح أبوابها، ما سيترتّب على كل ذلك من مخاطر الدخول في نفق الفراغ والفوضى الذي حذّر منه الكثيرون، الذين يرون أن هناك مشروعاً مبرمجاً لأخذ لبنان نحو الفراغ والفوضى، ويحذرون من سيطرة هذا المشروع على ضفتي الحراك والسياسة، للتناوب في صناعة الخطوات المؤدية للخطر.
بعدما نجحت المشاورات بالتوافق بين الكتل النيابية الكبرى على اسم النائب محمد الصفدي لتأليف الحكومة تتكثف الاتصالات لتوفير ظروف نجاحه في التأليف، إن بأخذ ضمانة من الرئيس سعد الحريري بتسمية كتلته الصفدي في الاستشارات في بعبدا ومنح حكومته الثقة في المجلس النيابي وإن لجهة إقناع الشارع بهذا الخيار. وبانتظار اتضاح صورة المشاورات النهائية يتريث رئيس الجمهورية بحسب معلومات «البناء» بتحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة مع ترجيح مصادر بعبدا أن تنطلق مطلع الأسبوع المقبل. وكانت مصادر إعلامية تحدثت أن الحريري أبلغ الصفدي في آخر لقاء بينهما أنه سيدعمه حتى النهاية وسيضع فريق عمله في خدمة الصفدي، لكن موقف رؤساء الحكومات السابقين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام بإصرارهم على ترشيح الحريري يثير الريبة ويضفي نوعاً من الغموض ومناورة سياسية لإحراق الصفدي ومزيد من إشعال الشارع الذي ينظر للصفدي على أنه جزء من الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود. وبالتالي عودة الحريري كمنقذ للشارع وللأزمة السياسية في آن معاً.
علماً ان بيت الوسط سرب أمس الأول معلومات مفادها أن الاتفاق على اسم الصفدي تمّ بعد مشاورات بين الحريري ورؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى.
ولم يخرج موقف رسمي من الصفدي، لكن مصادره أكدت للـ»ال بي سي» أنه يريد أن يراعي الحراك والشارع، وشدّدت على أن الصفدي لا يريد أن يترأس الحكومة «كيف ما كان».
وتجمّع عدد من المحتجين أمام منزل الصفدي في محلة كليمنصو – بيروت، مرددين شعارات رافضة تكليفه تأليف الحكومة ومطالبة بـ شخصيات جديدة لتولي المسؤوليات .
الى ذلك استمر المتظاهرون في إغلاق بعض الطرق لا سيما إغلاق اوتوستراد جل الديب لبعض الوقت بسياراتهم على الطريق العام. فيما بادر الجيش الى فتح عدد كبير من الطرق بالقوة فيما سجّل تراجعاً في الحشود في الشارع.
وبعد عمليات الاعتداء على الجيش امس الأول، أكدت قيادة الجيش في بيان أنه أثناء قيام قوى الجيش بتنفيذ مهامها في فتح الطرقات في العديد من المناطق اللبنانية، عمد بعض المحتجين إلى التعرّض للعسكريين بتوجيه عبارات استفزازية ومحاولة الاعتداء عليهم، ما أدى إلى إصابة عدد منهم برضوض وجروح مختلفة، الأمر الذي دفع إلى توقيف المعتدين الذين بلغ عددهم 20 شخصاً وأحيلوا على التحقيق وتم إخلاء سبيل 9 منهم، وأبقي على 7 أشخاص رهن التحقيق بناءً لإشارة القضاء المختص، وأحيل 4 منهم بينهم سوري على الشرطة العسكرية بعدما ثبت تورطهم بمخالفات أخرى .
في غضون ذلك، بقيت أبواب المدارس مغلقة حتى إشعار آخر، الامر الذي يثير الاستغراب في ظل إصرار وزير التربية اكرم شهيب على قراره إقفال المدارس، علماً ان الجيش فتح طرقات عدة ما يسقط الخطر على سلامة الطلاب.
في موازاة ذلك، لا يزال اتحاد نقابات موظفي المصارف مستمر في الإضراب والتوقف عن العمل، بانتظار التدابير الأمنية التي ستطبق في مراكز العمل وآلية العمل الواجب تبنّيها مع العملاء، وكشفت مصادر مصرفية عن اجتماع مرتقب لمجلس إدارة جمعية المصارف من أجل درس كل هذه الأمور كي يتخذ القرار المناسب إن على صعيد المصارف نفسها، أو على صعيد الموظفين لأن سلامتهم تهمّنا أيضاً .
وأكد أن التعاون مستمر مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة لا سيما لجهة التدابير الاستثنائية التي اتخذتها المصارف لضبط الوضع فيها، كما أنها ستقوم بكل ما يسهّل العلاقة مع المودِعين ، لكنه لفت إلى تدابير بحاجة إلى مزيد من الدرس في ظلّ الأوضاع السياسية الضبابية .
على صعيد آخر، بينما أعلنت نقابة اصحاب محطات المحروقات أنها ستدعو الى جمعية عمومية للبت بالخطوات والخيارات بعد عدم تطبيق الحكومة الاتفاق بينهما، قالت وزيرة الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ندى بستاني أن الوزارة ستطرح مناقصة لشراء بنزين 95 أوكتان الشهر المقبل على سبيل التجربة، ما سيُغطي حوالى عشرة في المئة من الاحتياجات السنوية ، وقالت: النتائج ستحدّد ما إذا كانت الحكومة ستصبح مشترياً في الأمد الطويل .
وأشارت بستاني في حديثٍ لوكالة عالمية إلى أن المناقصة جرى الإعلان عنها بعد أن سعى مستوردون من القطاع الخاص لزيادة الأسعار بعدما تضرروا جراء ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية .